قائد عسكري في الموصل: سنستخدم أسلحة ذكية لتحرير الجانب الأيمن

أكد قرب انطلاق المرحلة الثالثة... و«هيومن رايتس ووتش» تتهم الحشد باحتجاز فارين

قائد عسكري في الموصل: سنستخدم أسلحة ذكية لتحرير الجانب الأيمن
TT

قائد عسكري في الموصل: سنستخدم أسلحة ذكية لتحرير الجانب الأيمن

قائد عسكري في الموصل: سنستخدم أسلحة ذكية لتحرير الجانب الأيمن

قال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول، إن المرحلة الثانية من عملية تحرير الموصل تمت بنجاح، من خلال تحرير الجانب الأيسر، والمباشرة بعملية مسك الأرض من قبل قوات الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب وشرطة نينوى، إضافة إلى مباشرة الهندسة العسكرية في عملية رفع المخلفات التي تركها «داعش»، كالعبوات الناسفة والعجلات المفخخة، إلى جانب بدء عملية التفتيش عن عناصر «داعش» المختبئين بين المدنيين.
وأضاف العميد يحيى في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن التحضيرات للمرحلة الثالثة المتعلقة بتحرير الجانب الأيمن «اكتملت من جميع النواحي، العسكرية واللوجيستية والاستخبارية، وسنستخدم فيها لأول مرة أسلحة ذكية».
وقال عن عملية القصف التي يقوم بها عناصر «داعش» للجانب الأيسر: «نعم، ما زالوا يسيطرون على ضفة النهر الغربية، ويقومون بالقصف العشوائي على الجانب الأيسر، لكني أطمئن الجميع بأن المعالجات موجودة، طيران الجيش والتحالف يقومان بواجبهما، وسنتمكن من دحر التنظيم في القريب العاجل». وكان المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة العقيد جون دوريان توقع في مؤتمر صحافي عقده أمس، خوض معركة «عنيفة» ضد تنظيم داعش في الساحل الأيمن لمدينة الموصل، وأشار إلى سيطرة القوات العراقية على 60 في المائة من مساحة المدينة الكلية، معتبرًا أن «قادة (داعش) الحاليين الموجودين في الساحل الأيمن هم الأقل خبرة وفاعلية من القيادات التي قتلت في إطار العمليات العسكرية».
إلى ذلك، ذكر شهود عيان من داخل مدينة الموصل أن الأوضاع الإنسانية، خصوصًا في الجانب الأيمن، آخذة في التفاقم، وأن عشرات الأسر في الجانب الأيسر نزحت إلى المناطق البعيدة، نتيجة عمليات القصف العشوائي الذي يقوم به تنظيم داعش من الضفة الغربية لنهر دجلة، ويقول أحد سكان الجانب الأيسر واسمه منهل كلاك لـ«الشرق الأوسط»: «(داعش) يقوم باستهداف الناس عن طريق القصف بالهاونات والطائرات المسيّرة، الأمر الذي دفع الناس بالنزوح إلى مناطق بعيدة».
ويضيف منهل كلال، الذي لم يخرج من مدينة الموصل منذ سيطرة «داعش» عليها في 9 سبتمبر (أيلول) 2014، واعتقل لمدة ثلاثة أسابيع من قبل عناصر التنظيم... «تصلني أخبار كثيرة عن طريق أقاربي في الجانب الأيمن، أوضاع الناس معقدة وكارثية هناك، موجة البرد الشديد فاقمت الأمور، وأضحى برميل النفط يُباع بسعر مليوني دينار عراقي، وعمد فقراء الناس إلى قطع أغلب الأشجار في الحدائق والجزرات الوسطية لأغراض التدفئة».
وينقل منهل الكلاك أحاديث يتداولها الموصليون حول «المغزى من محاصرة الجانب الأيمن من جميع الجوانب... وبالتالي عدم إعطاء فرصة لعناصر التنظيم في الهرب لتفادي استماتتهم في القتال، وذلك ينعكس سلبًا على أوضاع الناس»، ويتابع: «كثير من المواطنين يعتقدون أن معركة الجانب الأيمن سياسية أكثر منها عسكرية، فبعض الجهات لا تسمح بخروج عناصر (داعش) بذريعة القضاء التام عليهم، ومن يطالب بفتح معابر محددة لخروجهم من أجل إنقاذ حياة المواطنين العاديين يُتهم بمولاة التنظيم».
من جهة ثانية، اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، أمس، قوات الحشد الشعبي «باحتجاز فارين من الموصل في مراكز غير معلنة».
وذكرت المنظمة في بيان (حسب وكالة الأنباء الألمانية) أن جماعات من الحشد تفحص أمنيًا الرجال المشتبه بتورطهم مع تنظيم داعش، ولكن «نظرًا لافتقار هذه الجماعات للتدريب على الفحص، والطبيعة الاستثنائية لأعمال الفحص والاحتجاز هذه، وعدم تواصل المحتجزين بالعالم الخارجي، أصبح الرجال المحتجزون عرضة لخطر كبير بالتعرض للانتهاكات، التي تشمل الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري».
وحثت المنظمة السلطات العراقية على أن تسمح فقط للجهات المكلفة بالفحص الأمني أن تفحص الأفراد وتضمن إيداع أي مُحتجز في مركز معروف ومُتاح للمراقبين الخارجيين دخوله، وأن تمنحهم حقوقهم الخاصة بالإجراءات القانونية السليمة المكفولة بموجب القانونين الدولي والعراقي. كما طالبتها بضمان معرفة أهالي المحتجزين بأماكنهم، وأن تكشف علنا المعلومات الخاصة بعدد المحتجزين.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.