أول مهمة لاستخراج المعادن النفيسة من القمر ومركبة دوارة لاستقبال سياح الفضاء

شركات خاصة تنافس الدول الكبرى

رسم تخيلي لسفينة «مون إكسبريس» لاستكشاف القمر
رسم تخيلي لسفينة «مون إكسبريس» لاستكشاف القمر
TT

أول مهمة لاستخراج المعادن النفيسة من القمر ومركبة دوارة لاستقبال سياح الفضاء

رسم تخيلي لسفينة «مون إكسبريس» لاستكشاف القمر
رسم تخيلي لسفينة «مون إكسبريس» لاستكشاف القمر

في حدثين منفصلين أعلنت شركة أميركية أنها تعتزم إرسال سفينة فضائية لاستكشاف القمر والتنقيب عن المعادن الثمينة فيه العام الحالي، بينما تتوجه شركة أميركية أخرى لإرسال نموذج لأول مركبة فضائية للقطاع الخاص تدور في محور حول الأرض خلال 3 أعوام، ستكون الأولى من نوعها لاستضافة سياح الفضاء.
وقال مسؤولون في شركة «مون إكسبريس» إحدى الشركات الناشئة في وادي السليكون إنها حصلت العام الماضي على موافقة الحكومة الأميركية للتخطيط لمهمة على القمر، وإنها نجحت في جذب استثمارات بقيمة 45 مليون دولار لتنفيذها.
وتهدف المهمة القمرية التي يتوقع تنفيذها نهاية العام إلى الحصول على «الهيليوم3» والذهب والبلاتينيوم بهدف زيادة الاستثمار وخلق ما وصفته بأنه «مجتمع متعدد الكواكب». والهيليوم - 3 هو نظير غير مشع للهيليوم، وهو نادر الوجود على الأرض ويتوفر أكثر في الكون. وأكثر من 99 في المائة من الهيليوم على الأرض هو الهيليوم - 4. ويستخدم الهيليوم في تقنيات التبريد العميق على وجه الخصوص.
ونقلت قناة «سي إن بي سي» الإخبارية عن نافين جاين رئيس الشركة أن المهمة «ستكون روبوتية تهدف إلى استكشاف الموارد الطبيعية للقمر... إلا أن الهدف النهائي هو توظيف تلك الموارد الغنية لصالح البشرية». وأضاف أن ذلك يشمل جلب مواد الهيليوم3 والمعادن النفيسة المشابهة للبلاتين إلى الأرض، كما يشمل توظيف الموارد بهدف العيش على القمر». وقال جاين إن شركته ستصبح بعد تنفيذ مهمتها أول شركة من نوعها في العالم تهبط على القمر وستحتل منزلة «رابع دولة عظمى» تصل إليه، بعد الولايات المتحدة ووسيا والصين.
وتطمح «مون إكسبريس» إلى أن تندرج ضمن سلسة صغيرة متنامية من الشركات الرائدة التي تحاول سد الفراغ في التوظيفات الحكومية للتقنيات المتقدمة في استكشاف الفضاء أو تطوير السيارات الكهربائية أو شبكات النقل المتطورة.
على صعيد آخر قالت شركة «أكسيوم سبايس»، ومقرها في هيوستن، إنها تتوجه لصنع مركبة فضائية دوارة على أسس تجارية، وإن أول نماذجها ستعرض عام 2020. ويرأس الشركة مايك سفرديني الذي كان يشغل منصب المسؤول عن إدارة برنامج محطة الفضاء الدولية الحالية على مدى 10 أعوام. وقد أعلن أن مركبته الخاصة ستخلف المركبة الحالية، لاحقا.
وسوف تستضيف المركبة الفضائية التجارية من «أكسيوم سبايس» رواد الفضاء، إضافة إلى الرحالة والمستكشفين الفضائيين من أفراد الجمهور، والسياح الفضائيين.
وكانت دراسة أجرتها الشركة قد أشارت إلى أن مشروع هذه «المدينة الفضائية» سيحصل على حصة كبيرة من السوق تصل في قيمتها إلى 37 مليار دولار عام 2030. وتتباحث الشركة مع 20 دولة للتدقيق في أولى الجهات التي ستستفيد من قدرات المركبة في الأبحاث والإنتاج. وتجدر الإشارة إلى أن تمويل محطة الفضاء الدولية الحالية سيتوقف بحلول عام 2024.
وستبدأ الشركة تدريب رواد الفضاء لديها، هذا العام لإرسالهم إلى المحطة بعد عامين من الآن. وأشارت إلى أن تكاليف الإنفاق على كل رائد ستكون أقل من مركبة الفضاء الحالية. ووافقت وكالة الطيران والفضاء الأميركية «ناسا» على خطة الشركة لربط وحدة المركبة التجارية بمحطة الفضاء الدولية بنهاية عام 2020 على أن تنفصل عنها بعد 4 أعوام من ذلك.
من جهة ثالثة، كان من المتوقع مرور كويكب صغير بحجم حافلة لنقل الركاب بين الأرض والقمر ليلة أمس، إذ قال العلماء إن الكويكب «2017 بي إس 32» الذي لم يكتشفوه إلا يوم 30 يناير (كانون الثاني) الماضي، يفترض أن يكون قد اقترب مسافة 161 ألفا و280 كلم من الأرض. وهو يتكون من الصخور ويقدر طوله بين 11 و25 مترا.
ويمثل هذا الكويكب واحدا من أربعة كويكبات اقتربت من الأرض أخيرا، اقترب الأول في الثامن من الشهر الماضي بنحو 203 آلاف كلم والثاني في 24 منه - 261 ألف كلم وفي 30 منه - 65 ألف كلم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».