الرئاسة الفلسطينية تسعى إلى لجم «الاستيطان المستعر» بعد إطلاق ثالث مشروع في 10 أيام

ناطق باسم عباس يطلب تدخل الإدارة الأميركية التي التزمت الصمت إلى الآن

اشتباكات بين الجيش الإسرائيلي ومستوطني عمورة شمال شرقي رام الله أمس (أ.ف.ب)
اشتباكات بين الجيش الإسرائيلي ومستوطني عمورة شمال شرقي رام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

الرئاسة الفلسطينية تسعى إلى لجم «الاستيطان المستعر» بعد إطلاق ثالث مشروع في 10 أيام

اشتباكات بين الجيش الإسرائيلي ومستوطني عمورة شمال شرقي رام الله أمس (أ.ف.ب)
اشتباكات بين الجيش الإسرائيلي ومستوطني عمورة شمال شرقي رام الله أمس (أ.ف.ب)

بينما طالبت الرئاسة الفلسطينية الإدارة الأميركية بالتدخل من أجل لجم سياسة الاستيطان الإسرائيلية، اتهم مسؤولون فلسطينيون آخرون إدارة الرئيس دونالد ترمب بتشجيع هذه السياسة الإسرائيلية عبر التزامها الصمت. وتأتي ردود الفعل كمؤشر واضح حول التباين الفلسطيني في طريقة التعاطي مع الإدارة الأميركية الجديدة التي لم تفتح أي قنوات اتصال بعد مع القيادة الفلسطينية.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أمس إن القيادة الفلسطينية تسعى للعمل مع إدارة ترمب التي لم تقم بفتح أي قنوات اتصال مع القيادة الفلسطينية حتى الآن ولم ترد حتى على رسائل فلسطينية. وأضاف أن «القيادة لا تريد إغضاب الإدارة الجديدة في وقت مبكر، وتفضل عدم الاستعجال في اتخاذ خطوات أممية مثل التوجه إلى مجلس الأمن أو الجنايات الدولية في هذا الوقت، لكنها أيضا لا يمكن أن تبقى صامته تجاه الاستيطان المتزايد». وتابعت المصادر: «ثمة ضغط كبير على القيادة وحيرة كذلك بشأن الخطوة المقبلة».
ولم تشر الرئاسة الفلسطينية أمس إلى خطوات محددة ردا على إعلان إسرائيل بناء 3 آلاف وحدة استيطانية جديدة، كثالث إعلان من نوعه من غضون 10 أيام، لكنها طلبت من الإدارة الأميركية «ضرورة لجم هذه السياسة التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية والتي من شأنها تدمير عملية السلام».
من جانبه، أدان الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، «الحملة الاستيطانية الشرسة التي تقوم بها حكومة الاحتلال الإسرائيلية متحدية بذلك قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي». وقال أبو ردينة، «إننا بدأنا مشاورات عاجلة من أجل دراسة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة الحملة الاستيطانية».
وفي حين تحدث أبو ردينة عن مشاورات لاتخاذ إجراءات لم يحددها وطلب من الأميركيين التدخل، هاجمت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د.حنان عشراوي، الإدارة الأميركية واتهمتها بتشجيع الاستيطان.
وجاء في بيان لعشراوي «إن صمت الإدارة الأميركية الجديدة بما فيها أولئك الرسميون الجدد المعينون في البيت الأبيض والذين يدعمون الاستيطان ماديا وسياسيا ومعنويا، دفع نتنياهو لتفسير هذا الدعم والصمت باعتباره موافقة على هذه التصعيد الاستيطاني وتشجيعا له».
وأضافت: «إن هذا التصعيد الاستيطاني المحموم وغير الشرعي يقود بشكل سريع وممنهج إلى زوال حل الدولتين نهائيا».
وتابعت: «إن إسرائيل قد قضت نهائيا على أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة على الأراضي التي احتلت عام 1967، متحدية القرارات والقوانين الدولية بما فيها القرار 2334 وميثاق روما الأساسي الذي بموجبه يعتبر الاستيطان جريمة حرب وانتهاكا مباشرا للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية».
وأرجعت عشراوي هذه الهجمة الاستيطانية إلى «تهجير الفلسطينيين وفرض مشروع إسرائيل الكبرى على فلسطين التاريخية».
وتابعت، «الجميع مطالبون بالوقوف عند التزاماتهم واتخاذ خطوات جدية وفعلية على الأرض لضمان تنفيذ قرارات مجلس الأمن وآخرها القرار 2334، وتحمل مسؤولياتهم القانونية والإنسانية، ووضع حد لتمادي إسرائيل ونظامها القائم على استباحة جميع حقوق وأراضي وموارد شعب بأكمله بحيث تشمل المساءلة تدابير للمحاسبة وفرض عقوبات صارمة قبل فوات الأوان».
وحذرت عشراوي «إنه من دون قيام دولة فلسطينية متواصلة وقابلة للحياة لن يكون هناك سلام واستقرار، وسوف يقود هذا التصعيد الإسرائيلي الممنهج إلى انفجار المنطقة برمتها وإغراقها بمزيد من التطرف والعنف والفوضى».
وضمت وزارة الخارجية الفلسطينية صوتها لعشراوي، واتهمت الأمم المتحدة ودول العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة بتوفير الغطاء وإعطاء الضوء الأخضر لليمين الحاكم في إسرائيل لتسريع قراراته وتنفيذ مخططاته الاستيطانية على الأرض، عبر استخدام سياسة الصمت.
حيث قالت الخارجية إن المصادقة على بناء نحو 6 آلاف وحدة استيطانية في غضون أسبوعين، إنما يتزامن مع خطة ضخمة أقرها وزير المواصلات الإسرائيلي «يسرائيل كاتس» وبدأ بتنفيذها في أكثر من مكان في الضفة، وتهدف إلى ربط المستوطنات بعضها ببعض، في إطار إقامة «القدس الكبرى»، وتأسيس دولة للمستوطنين في الضفة، وفي ذات الوقت يحقق حالة من التآكل واسعة النطاق في الأرض الفلسطينية المحتلة، وبشكل خاص الأراضي المصنفة «ج»، بحسب ذكرها.
ولم تعقب الولايات المتحدة على إعلان البناء الإسرائيلي الأول والثاني كذلك، ولم تصدر موقفا فوريا من الإعلان الثالث.
بدوره، قال أمين سر منظمة التحرير صائب عريقات متحدثا مع مجلة «نيوزويك» إن «الإدارة الأميركية تثير قلق الفلسطينيين».
وأضاف عريقات أنه إذا كان الأسبوع الأول للرئيس الأميركي دونالد ترمب مؤشرا على طريقة سير الأمور في المستقبل «فليكن الله في عوننا، فليساعد الله العالم بأسره».
وإعلان إسرائيل خططا لبناء 3 آلاف منزل جديد في مستوطنات بالضفة الغربية المحتلة، هو ثالث إعلان منذ تولي ترمب السلطة في الولايات المتحدة، وجاء بعد إعلان خطة لبناء 2500 وحدة في الضفة كذلك، وإعلان بناء 560 وحدة أخرى في القدس.
وقال بيان لوزارة الجيش الإسرائيلي: «القرار جاء كجزء من عودة انتظام الحياة الطبيعية في الضفة الغربية وتلبية للاحتياجات اليومية المتعلقة بالمسكن».
وستضم خطة البناء الجديدة 700 منزل في مستوطنة ألفيه منشيه (قلقيلية)، و650 في بيتار عيليت (بيت لحم)، و650 في بيت أرييه (سلفيت)، و200 في نوفيم (سلفيت)، و150 في نوكديم وهي المستوطنة التي يقيم فيها ليبرمان في بيت لحم، و100 في شيلو (نابلس)، و100 في كارني شومرون (طولكرم).
يذكر أن الإعلان الإسرائيلي جاء في محاولة - كما يبدو - من الحكومة لتهدئه غضب المستوطنين الذين تم إخلاؤهم أمس من مستوطنة عامونا، وهو الأمر الذي وصفه مسؤولون فلسطينيون بأنه خدعه لأنه يخلي بعض بيوت ويبني آلافا مؤلفة أخرى.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.