الأردن يرفع أسعار المشتقات النفطية

استقصاء محلي: 5 عوامل طاردة لرؤوس الأموال من البلاد

الأردن يرفع أسعار المشتقات النفطية
TT

الأردن يرفع أسعار المشتقات النفطية

الأردن يرفع أسعار المشتقات النفطية

أعلنت الحكومة الأردنية، أمس، رفع أسعار المشتقات النفطية بداية من اليوم الأربعاء، 1 فبراير (شباط)، بنسب تصل إلى 8.6 في المائة، وذلك ضمن إجراءات الإصلاح المالي.
وحسب لجنة تسعير المشتقات النفطية، فقد تم رفع أسعار البنزين «أوكتان 90» إلى 665 فلسا للتر الواحد، بدلا من 620 فلسا، بنسبة زيادة 7.3 في المائة، بما في ذلك زيادة بمقدار 30 فلسًا تكلفة «دعم خزينة» لدعم العجز في الموازنة العامة للدولة.
كما تم رفع سعر بنزين «أوكتان 95» إلى 880 فلسا للتر، بدلاً من 810 فلوس للتر، بنسبة 8.6 في المائة، بما فيها زيادة بمقدار 70 فلسا «تكلفة دعم خزينة».
كما تم رفع سعر السولار والجاز إلى 480 فلسا للتر، بدلاً من 465 فلسا، بنسبة 3.2 في المائة، «وهي نسبة تعكس الارتفاع العالمي في سعر هاتين السلعتين دون وضع أي دعم للخزينة على المادتين»، بحسب بيان للحكومة.
وكانت الحكومة اتفقت مع مجلس النواب على وضع دعم للخزينة بعد انتهاء فصل الشتاء في نهاية أبريل (نيسان) المقبل.
ووفق البيان، فقد أبقت لجنة التسعير على سعر أسطوانة الغاز المنزلي عند 7 دنانير، على الرغم من ارتفاعها إلى 8 دنانير ونصف الدينار (الدينار الأردني يعادل 1.41 دولار)؛ كما أبقت على سعر الكيلوواط من الكهرباء عند 10 قروش.
وتعتمد لجنة التسعير الشهرية، أسعار المشتقات مضافًا إليها تكاليف ثابتة تشمل: عمليات النقل والتأمين والنقل الداخلي والتخزين ونسبة الفاقد؛ بالإضافة إلى تكاليف أخرى منها ارتفاع تكلفة التأمين بسبب الأوضاع السياسية التي تشهدها المنطقة.
على صعيد آخر، مثلت «الحاجة للوصول إلى أسواق أكبر» أحد أبرز الأسباب التي تستدعي خروج رأس المال من الأردن، بالإضافة إلى الضرائب المرتفعة، وعدم ثبات التشريعات التنظيمية، ومحدودية فرص الحصول على التمويل، فضلاً عن القيود المفروضة على رؤوس الأموال.
فقد أعرب 74 في المائة من المشاركين في استقصاء لمنظمة «إنديفر الأردن» بعنوان: «هجرة الشركات الأردنية»، عن أن السبب الرئيسي للانتقال بأعمالهم من الأردن، يتمثل في الحاجة للوصول إلى أسواق أكبر.
وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة رشا مناع، في لقاء أمس للإعلان عن تفاصيل الاستقصاء الذي انتهى في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي: «طرحنا السؤال التالي على رواد الأعمال: إذا أتيحت لك الفرصة لتبدأ عملك من جديد الآن، فهل ستبدؤه في الأردن؟ وقد أجاب من نسبتهم 60 في المائة منهم بالنفي، الأمر الذي أثار دهشتنا». وأضافت: «نواصل بحثنا عن رواد أعمال من ذوي التأثير العالي لضمهم إلى شبكتنا والذين يديرون مشاريع أعمال مبتكرة وواسعة النمو، ويمتلكون القدرة على توفير الثروة المادية وخلق فرص العمل في الأردن... ويمثل ذلك بالنسبة لنا تحديًا بارزًا، فكثير من مؤسسي الشركات التي تنطبق عليها هذه المعايير إما أنهم قد انتقلوا بالفعل من الأردن، أو يفكرون بشكل جدي في الانتقال إلى أسواق أكثر ملاءمة لأعمالهم».
وأوضحت أنه شارك في الاستقصاء نحو 125 شركة أردنية مختلفة من حيث حجم الأعمال والقطاعات، و«عند سؤال أصحاب هذه الشركات حول ما إذا كانوا يفكرون بنقل أعمالهم إلى الخارج أم لا، أبدى 72 في المائة منهم رغبتهم في الانتقال، في حين أشار 45 في المائة من هؤلاء إلى أنهم لن يكتفوا بنقل مقراتهم الرئيسية فحسب، بل أيضًا عملياتهم بشكل كامل».
وقالت إن 15 في المائة فقط من رواد الأعمال العاملين في القطاع التكنولوجي لا يفكرون بالانتقال، علما بأن الردود الصادرة عن الشركات التابعة لقطاع التكنولوجيا شكّلت نحو نصف الردود التي جمعها الاستقصاء.
وحول الأسباب التي تدفع أصحاب الشركات للبقاء في الأردن، وجد الاستقصاء أن السبب الرئيسي وراء ذلك يتمثل في أن «الأردن هو الوطن»، فيما أوضح ثلث المشاركين أن أحد الأسباب وراء اختيارهم البقاء هو كون الأردن مكانا مناسبا لاختبار وتجربة أعمالهم، كما أشار نحو ربع المشاركين (معظمهم من قطاعي التكنولوجيا والخدمات المالية) إلى أن انخفاض تكلفة رأس المال البشري هو أحد الأسباب التي تستدعيهم للبقاء.
وأوضحت منّاع: «في ضوء ارتفاع الأسعار، وازدياد هجرة العقول والكفاءات العلمية والفنية إلى الخارج، يخسر الأردن بشكل متسارع ما كان يعد في يوم من الأيام ميزته التنافسية... ومن خلال هذا الاستقصاء، تبين لنا أن المشاركين استبعدوا إمكانية تحسّن الأوضاع الاقتصادية وتطوير قطاع ريادة الأعمال في الأردن على المدى القصير، حيث أشار أكثر من 36 في المائة منهم إلى أن الأوضاع الاقتصادية تحتاج إلى أكثر من 5 سنوات لتبدأ بالتحسّن، كما قال 27 في المائة من المشاركين أنهم لا يتوقعون أن تشهد الأوضاع أي تحسن قبل 10 سنوات من الآن».
وتابعت: «يتطلب إجراء أي تحسينات على بيئة ريادة الأعمال الحالية الدعم والجهود الجماعية والالتزام طويل الأجل من قبل كل الأطراف المعنية في القطاعين العام والخاص، فضلاً عن وجود استراتيجية حكومية شمولية تُنفذ وفق أطر وسياسات متوافقة. وعندها فقط، سنتمكن من تعزيز ثقة رواد الأعمال والمستثمرين وتطوير قدراتهم لإنشاء شركات تتخذ من الأردن نقطة انطلاق لأعمالها».



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.