اهتزاز كبير لهدنة جبهات الشمال السوري وفصائل المعارضة تتهم الروس بالتصعيد

طائرات النظام ترتكب مجزرة ضد المدنيين في ريف حلب الغربي

حافلة ثقل مدنيين ومسلحين تم إجلاؤهم من وادي بردى قرب دمشق أمس (رويترز)
حافلة ثقل مدنيين ومسلحين تم إجلاؤهم من وادي بردى قرب دمشق أمس (رويترز)
TT

اهتزاز كبير لهدنة جبهات الشمال السوري وفصائل المعارضة تتهم الروس بالتصعيد

حافلة ثقل مدنيين ومسلحين تم إجلاؤهم من وادي بردى قرب دمشق أمس (رويترز)
حافلة ثقل مدنيين ومسلحين تم إجلاؤهم من وادي بردى قرب دمشق أمس (رويترز)

تعرض وقف إطلاق النار لانتكاسة كبيرة على معظم الجبهات وخطوط التماس القائمة بين النظام والمعارضة في الشمال السوري، وجاء ذلك على خلفية اقتحام قوات نظام الأسد وحلفائها لمنطقة وادي بردى في محافظة ريف دمشق وتهجير سكانها، والقصف العنيف للطيران الروسي والسوري لمواقع فصائل المعارضة المعتدلة في أرياف محافظات حمص وحماه وإدلب، في حين لوّحت فصائل المعارضة في ريف حماه، بأن تحذو حذو «جيش العزة»، وتتخذ قرارًا بـ«الانسحاب من اتفاق وقف النار، والعودة إلى العمليات العسكرية».
هذا، وتعرضت مناطق واسعة في ريف محافظة حماه الشمالي لقصف من قبل الطائرات الحربية الروسية وتلك التابعة للنظام، حيث شنت غارات استخدمت فيها الصواريخ والرشاشات الثقيلة، على أطراف مدينتي كفرزيتا واللطامنة وبلدتي طيبة الإمام والزكاة، وذلك بعد ساعات من قصف الطائرات الروسية لمقرات تابعة لـ«جيش العزة» في مدينة اللطامنة. وأدت الغارات إلى سقوط ضحايا من المدنيين، ومقتل اثنين من مقاتلي الفصيل المذكور وإصابة سبعة آخرين في اللطامنة، وقد ردّت المعارضة بقصف معاقل النظام في مدينة سلحب ومحيطها وفي قرية الربيعة بريف حماه الغربي بقذائف المدفعية الثقيلة وصواريخ الـ«غراد».
إلى ذلك، اتهمت المعارضة النظام بارتكاب مجزرة بريف محافظة حلب الغربي، ذهب ضحيتها سبعة مدنيين. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «الطائرات الحربية التابعة للنظام شنت غارات على مناطق في منطقة المهندسين الواقعة بريف حلب الغربي، أدت إلى مقتل سبعة مدنيين، بينهم خمسة أطفال وسيدة من عائلة واحدة». وأشار إلى أن القصف «أدى إلى إصابة العشرات، بعضهم جروحهم خطرة، كما ألحق دمارًا في الممتلكات».
وكان تشكيل «جيش العزّة» الذي يقاتل تحت لواء الجيش السوري الحر في شمال غربي سوريا، أعلن يوم الأحد انسحابه من اتفاق وقف إطلاق النار في كل أنحاء سوريا «بسبب الخروق المستمرّة من جانب النظام وحلفائه»، مؤكدًا «عدم الالتزام بمفاوضات آستانة»، وعازيًا السبب إلى «عدم التزام روسيا كطرف ضامن لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إضافة إلى تقدم قوات النظام والميليشيات المساندة لها باتجاه وادي بردى بريف دمشق، وتهجير سكان القرى عن بيوتهم واستمرارها بسياسة التغيير الديموغرافي».
في هذه الأثناء، أوضح محمد رشيد الناطق باسم «جيش النصر» - أكبر فصائل المعارضة المسلّحة في ريف حماه - أن «الطيران الروسي دخل الآن طرفًا قويًا في معركة حماه، وهو يتقدم على النظام في خرق وقف النار». وأكد رشيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الغارات الروسية المكثّفة، أثبتت حقيقة أن موسكو كانت وما زالت طرفًا أساسيا في الحرب السورية، وليست طرفًا حياديا وراعيًا نزيهًا لوقف النار. ولذلك هم لا يريدون حلاً سياسيا، تمامًا كما هي رغبة النظام والإيرانيين». وأردف «نحن ذهبنا إلى آستانة لنسقط حجة الروس، لكن تبين أنهم أول من انقلب على هذا الاتفاق»، مضيفًا أن «الطيران الروسي يقصف مواقعنا بالقنابل الارتجاجية التي لها قوة تدمير رهيبة». ويتوقع المراقبون الآن أن يؤدي تخلّي الفصائل عن موجبات الالتزام باتفاق الهدن، إلى تعقيدات بالمعركة في الجزء الواقع تحت سيطرة المعارضة في الشمال الغربي في سوريا، حيث تتقاتل فصائل متشددة وأخرى معتدلة.
وفي السياق نفسه، يبدو أن الانسحاب من اتفاقية الهدنة لن يقتصر على «جيش العزة»، وفق ما رجّح محمد رشيد، الذي أشار إلى أن «المسؤولين في (جيش النصر) يتشاورون مع فصائل أخرى، وخلال ساعات سيصدر إعلان مهم»، وأضاف «إذا استمر القصف الروسي والتصعيد من قبل النظام، فإننا سنعلن سقوط الهدنة والعودة إلى العمليات من جديد». وبالفعل، اشتعلت جبهة ريف محافظة حمص الشمالي أيضًا، على أثر الغارات التي شنّتها طائرات النظام على بلدة الغنطو، الخاضعة لسيطرة المعارضة، وأدت إلى قتل وإصابة العشرات. وأكد مصدر محلي في البلدة أن الضحايا جميعهم من النازحين. في حين أفاد «مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن «حواجز النظام المحيطة ببلدة الغنطو، استهدفت القرية بقذائف المدفعية الثقيلة عقب غارات الطيران، ما أسفر عن أضرار مادية كبيرة بالمنازل والممتلكات، كما أعاق انتشال الضحايا من تحت الأنقاض».
ولم تلتزم قوات النظام المقاتلة في ريف حمص الشمالي، بوقف إطلاق النار الشامل في سوريا منذ دخوله حيز التنفيذ أواخر شهر ديسمبر، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي أكد أن القصف الجوي والمدفعي لقوات النظام طال (أمس) عددًا من المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة أبرزها مدينة الرستن، ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين، فضلا عن الدمار الواسع بالممتلكات.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».