«نسمان»... الأرجنتين لا تزال في انتظار إجابات

تنظيم فعاليات إحياءً للذكرى السنوية لوفاة المدعي العام

«نسمان»... الأرجنتين  لا تزال في انتظار إجابات
TT

«نسمان»... الأرجنتين لا تزال في انتظار إجابات

«نسمان»... الأرجنتين  لا تزال في انتظار إجابات

بعد مرور عامين على وفاة ممثل الادعاء العام الأرجنتيني ألبرتو نسمان، لا تزال البلاد في انتظار إجابات؛ ليس فقط عن ملابسات وفاته، بل أيضًا عن نتائج التحقيق الذي فتحه في تفجير المركز اليهودي عام 1994 في بوينس آيرس. وقد أسفر ذلك التفجير عن مقتل 85 شخصا، وإصابة أكثر من 300 شخص، فيما يعد أكبر هجوم تشهده الأرجنتين. مع ذلك، حتى هذه اللحظة لم يمثل أي مشتبه فيه في قضية وفاة نسمان، أو قضية التفجير، أمام محاكم الأرجنتين.
وخلص تحقيق سابق في التفجير، تم إجراؤه عام 2006، إلى قيام الحكومة الإيرانية بالتخطيط للهجوم، وقيام إرهابيين على صلة وثيقة بالنظام الإيراني و«حزب الله»، بتنفيذه. وعند إعادة فتح التحقيق، أملا في التمكن من معاقبة المسؤولين عن ارتكاب الجريمة، تم اختيار نسمان، ممثل الادعاء العام، ليقود التحقيق.
بعدها بفترة وجيزة تم العثور على نسمان ميتًا في شقته منذ عامين في الوقت الذي كان قد أوشك فيه على الانتهاء من التحقيق في الهجوم، وقبل سويعات من توضيحه سير التحقيق أمام البرلمان الأرجنتيني؛ وقبل ذلك بأسبوع كان نسمان قد نشر تقريرًا عن التفجير المذكور، اتهم فيه كريستينا فيرنانديز دي كيرشنر، الرئيسة الأرجنتينية آنذاك، بالتغطية على تورط إيرانيين يزعم مسؤوليتهم عن ارتكاب تلك الجريمة.
ومنذ وفاة ممثل الادعاء «القاضي نسمان» تزداد الأسئلة المحيطة بملابسات الوفاة، لكن دون أجوبة، ولا تزال بعض الحقائق؛ مثل توقيت الوفاة، غير واضحة. ويشك الشعب الأرجنتيني فيما إذا كانت وفاة نسمان انتحارًا أم قتلاً، في حين لم يقدم النظام القضائي أي إجابة حاسمة قاطعة في هذا الشأن.
وما أثار الشكوك المحيطة بملابسات وفاة نسمان أن توقيتها جاء أثناء تحقيقه في تورط مواطنين ومسؤولين إيرانيين في التفجير. وكان هذا الرابط المحتمل ليتسبب في إحراج كبير لحكومة كريستينا فيرنانديز التي وقعت اتفاقية مثيرة للجدل مع إيران.
وبحسب صحيفة «لاناسيون»، أكبر وأعرق الصحف الأرجنتينية، التي حصلت على 176 تسجيلا من أصل 40 ألفا تمثل جزءا من الأدلة التي جمعها نسمان، فإنه مع توقيع مذكرة التفاهم «الأرجنتينية - الإيرانية» حاولت حكومة كريستينا فيرنانديز منح حصانة لإيرانيين مشتبه فيهم، حسب نسمان.
وتعد مذكرة التفاهم، التي تم التوقيع عليها عام 2013، من أكثر قرارات السياسة الخارجية إثارة للجدل التي اتخذتها الأرجنتين، حيث نصت على توافق الطرفين على تحقيق البلدين في حادث تفجير المركز اليهودي، واستجواب محققين أرجنتينيين لأي مشتبه فيه إيراني في طهران. مع ذلك، لم تحقق المذكرة أيًا من أهدافها، حيث لاقت معارضة كبيرة، بخاصة من جانب عائلات الضحايا. ووقع أحمدي نجاد، الرئيس الإيراني حينها، على ذلك الاتفاق، لكن لم يصدق عليه البرلمان، بينما تم اعتباره غير دستوري في الأرجنتين.
ولم يضع توقيع الاتفاق نهاية للجدل، فقد قال التحقيق الذي أجراه نسمان، المكون من 300 صفحة، وتم تقديمه إلى قاض أرجنتيني، إن إدارة كيرشنر قد منحت مشتبها فيهم حصانة مقابل اتفاق بين الحكومتين يقضي بتوريد إيران النفط للأرجنتين مقابل الحصول على السلع الأرجنتينية. ورغم عدم حدوث ذلك التبادل التجاري، فإن الإشارة إلى استعداد الحكومة لمنح حصانة للمشتبه في ارتكابهم تلك الجريمة، تسببت في فضيحة.
وكانت أولى الخطوات التي اتخذتها الرئاسة الأرجنتينية الجديدة، عام 2015، هي التخلي عن ذلك الاتفاق.
وتم تنظيم بعض الفعاليات الشعبية إحياءً للذكرى السنوية الثانية لوفاة نسمان، ودعا الرئيس ماكري إلى الاستمرار في التحقيق، والتوصل إلى نتيجة سريعًا. ورغم إلغاء الاتفاق، فإن التحقيق لا يزال مستمرًا، وكذلك لا يزال الأمل بتحقيق العدالة في قضية التفجير، وقضية وفاة نسمان، باقيًا.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.