الأمن التركي يوقف 3 أشقاء عراقيين من خبراء المتفجرات في «داعش»

ضبط 11 امرأة أجنبية على صلة بهجوم «رينا»

الأمن التركي يوقف 3 أشقاء عراقيين من خبراء المتفجرات في «داعش»
TT

الأمن التركي يوقف 3 أشقاء عراقيين من خبراء المتفجرات في «داعش»

الأمن التركي يوقف 3 أشقاء عراقيين من خبراء المتفجرات في «داعش»

ألقت قوات مكافحة الإرهاب التركية القبض على 3 أشقاء عراقيين من المنتمين إلى تنظيم داعش في مدينة سامسون، شمال تركيا، تبين أنهم من المتخصصين في تصنيع المتفجرات المستخدمة في تفخيخ السيارات في التنظيم الإرهابي.
وقالت مصادر أمنية إن تحقيقات النيابة العامة في مدينة سكاريا (غرب تركيا) بشأن عناصر تنظيم داعش في البلاد، حددت 3 أشقاء عراقيين على صلة بالتنظيم، كانوا ضمن فريقه المتخصص في تصنيع المتفجرات التي تستخدم في السيارات المفخخة.
وأوضحت المصادر أن مديرية أمن سكاريا رصدت دخول الأشقاء الثلاثة من مدينة الموصل، في شمال العراق، إلى تركيا، ومن ثم توجهوا إلى سامسون، وأنهم كانوا يزودون عناصر التنظيم الإرهابي بالمتفجرات التي يتم تصنيعها في العراق.
وألقت قوات مكافحة الإرهاب القبض على الأشقاء العراقيين الثلاثة في مداهمة لمنزل في سامسون، وتم نقلهم إلى مديرية أمن سكاريا. وخلال التحقيقات التي أجريت معهم في شعبة مكافحة الإرهاب في مديرية أمن سكاريا، تبين أنهم كانوا يديرون مصنعًا تم تأسيسه لتصنيع المتفجرات في الموصل، خصوصًا تلك المستخدمة في العمليات الانتحارية. كما تبين أنه تم إرسالهم إلى سامسون للإشراف على العمليات التي يقوم بها التنظيم في تركيا، وتمت إحالتهم إلى المحكمة، أمس (الجمعة)، للنظر في أمرهم.
في الوقت نفسه، أعلنت الشرطة التركية أن قوات مكافحة الإرهاب في محافظة إزمير، غرب تركيا، ألقت القبض على 11 امرأة يحملن جنسيات أجنبية، في حملة نفذت في إطار التحقيقات الحالية في الهجوم المسلح على نادي رينا الليلي في منطقة أورتاكوي، في إسطنبول، الذي نفذه الداعشي الأوزبكي عبد القادر مشاريبوف، المكنى بـ«أبو محمد الخراساني»، في الساعات الأولى من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، أثناء احتفالات رأس السنة الميلادية الجديدة، والذي خلف 39 قتيلاً و65 مصابًا، غالبيتهم من العرب والأجانب. وقبض على مشاريبوف، ومعه عراقي وسنغالية وصومالية ومصرية، في شقة في حي أسنيورت المزدحم بالأجانب، في غرب إسطنبول، بعد 15 يومًا من تنفيذه الهجوم.
وقالت مصادر الشرطة التركية، أمس (الجمعة)، إنها ضبطت 41 جواز سفر و15 تصريح إقامة للسوريين وأجانب مزورة بحوزة الإرهابيات اللاتي تبين أنهن كن يخططن للقيام بعمليات إرهابية تستهدف المناطق السياحية في إزمير.
ولفتت المصادر إلى أن الموقوفات الإحدى عشرة اللاتي تم ضبطهن في حملة في إزمير، في الرابع من يناير الحالي، هن من بين 21 امرأة صدرت مذكرة توقيف بحقهن، وأن البحث لا يزال جاريًا عن العشر نساء الأخريات، موضحة أنه يعتقد أنهن جميعًا كن يقمن في مدينة كونيا، وسط تركيا، مع منفذ هجوم النادي الليلي في رأس السنة في إسطنبول، الأوزبكي عبد القادر مشاريبوف.
وأكد مسؤول بالشرطة التركية، رافضًا التصريح باسمه لوسائل الإعلام، أن هؤلاء النساء (21 امرأة) كن على علاقة مع مناطق الصراع التي يسيطر عليها تنظيم داعش في سوريا، وأن الإحدى عشرة امرأة اللاتي قبض عليهن كن يتظاهرن بأنهن يعشن حياة طبيعية مع عائلاتهن في إزمير، بعد أن استأجرن منزلاً هناك، وأضاف أنه تم العثور على أجهزة رؤية ليلية ومنظار قناص وحزام ذخيرة ومعدات عسكرية أخرى أثناء مداهمة قوات الأمن للمنزل الذي كن يقمن فيه.
وفي سياق مواز، ضبطت قوات الأمن التركية إيرانيين اثنين خلال قيامها بعمليات رصد في محافظة ماردين، جنوب شرقي تركيا، لصالح حزب العمال الكردستاني.
وقالت مصادر أمنية إن فرق الأمن أوقفت الإيرانيين، «حسن ب.» و«ساجاد جاهان ف.»، أثناء قيامها بدورية على طريق ميديات - ماردين.
ولدى فحص محتويات الهواتف الجوالة التي كان يحملها الموقوفان، تبين وجود خرائط للمنطقة، وصور تعود لمبان تابعة للأمن وولاية ماردين. كما ألقت الشرطة القبض على شخصين في مدينة ماردين، يشتبه بصلتهما بالمواطنين الإيرانيين، ولدى تفتيش منزليهما عثر رجال الأمن على وثائق تعود لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ووحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول التركية الرسمية.
وقررت المحكمة حبس المواطنين الإيرانيين بتهمة «الانتماء لمنظمة إرهابية»، فيما أخلت سبيل المشتبه بهما الآخرين مع إخضاعهما للمراقبة القضائية. وفي سياق متصل، ذكر بيان لرئاسة هيئة أركان الجيش التركي، أمس (الجمعة)، أن 57 من عناصر العمال الكردستاني قتلوا، وأصيب عدد آخر كبير بجروح في قصف لمقاتلات تركية في 13 و14 يناير الحالي على معاقل العمال الكردستاني، في شمال العراق.
وأوضح البيان أن الغارات استهدفت مقرات ومواضع أسلحة ومخابئ ومغارات يستخدمها عناصر الحزب، مما أدى إلى تدميرها.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟