اللجنة الإدارية للاتحاد الاشتراكي المغربي المعارض تكلف رسميا أمين عام الحزب رئاسة فريقه النيابي

لشكر يطالب رؤساء الفرق البرلمانية بألا يتدخلوا في الشأن الداخلي لهيئته السياسية

إدريس لشكر
إدريس لشكر
TT

اللجنة الإدارية للاتحاد الاشتراكي المغربي المعارض تكلف رسميا أمين عام الحزب رئاسة فريقه النيابي

إدريس لشكر
إدريس لشكر

طوى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي المعارض صفحة الأزمة الداخلية الناتجة عن التباين الحاصل بشأن من يكلف مهام رئاسة فريقه النيابي، بعدما زكت اللجنة الإدارية (برلمان) للحزب اليساري، إدريس لشكر، الأمين العام للحزب لشغل منصب رئيس الفريق النيابي. كانت اللجنة الإدارية قد قررت في وقت سابق تعيين النائبة حسناء أبو زيد رئيسة للفريق.
وحصل لشكر على أغلبية أعضاء اللجنة التي عقدت اجتماعها مساء أول من أمس مع امتناع سبعة أعضاء ومعارضة عضو واحد.
وكشف لشكر في كلمة له أمام أعضاء اللجنة الإدارية أن حزبه فرض على رشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب تأجيل جلسات رؤساء الفرق النيابية إلى حين الحسم في رئاسة فريق حزبه بشكل داخلي. وحذر لشكر النواب الممتنعين عن التوقيع على اللائحة التي يرأسها بأنهم «سيجدون أنفسهم خارج الحزب».
وعد لشكر أن «رياحا غريبة هبت ضد إرادة الحزب في استعادة فريقه، وضد القرار الحزبي القاضي تكليف حسناء أبو زيد رئاسة الفريق النيابي»، مشيرا إلى «وجود مخطط مرسوم لإجهاض مسار استعادة الفريق إلى أحضان أجهزة الحزب».
ورفض لشكر اتهام حزبه بالوقوف وراء الأزمة الدستورية جراء تعطيل عمل البرلمان بسبب النزاع حول رئاسة الفريق النيابي الاتحادي، محملا الحكومة مسؤولية تعطيل المؤسسة التشريعية بسبب تقاعسها عن تفعيل الدستور، بعدما عملت على تهميش البرلمان، وجعله مجرد غرفة تسجيل.
من جهتها، عدت النائبة أبو زيد أن تكليف الأمين العام للحزب رئاسة الفريق النيابي، بمثابة «مخرج من ورطة وليس حلا». ودافعت أبو زيد المقربة من لشكر عن أداء الفريق النيابي في عهد أحمد الزايدي. وقالت: إن الفريق مر بلحظات تميز عال، كما أقرت بحدوث مجموعة من الاختلالات، ولحظات الضعف، وعزت ذلك لأسباب موضوعية وأخرى مرتبطة بالارتباك.
وأكدت النائبة أبو زيد، خلال كلمة لها في اجتماع اللجنة الإدارية، أنها كانت «محاميا شرسا للفريق داخل المكتب السياسي للحزب»، مشيرة إلى أنها «حاولت قدر الإمكان تجاوز أثر الصراع الذي طبع العلاقة بين المكتب السياسي والفريق النيابي» موضحة أن إيمانها بلم الشمل «كان ولا يزال دافعها الأساسي لتقديم ترشيحها وانخراطها في مشروع تهيئ ظروف أكثر إيجابية في علاقة الحزب بالفريق».
في غضون ذلك، تسببت ملاسنات بين عبد الله بوانو رئيس الفريق النيابي للعدالة والتنمية ولشكر في توقيف أول اجتماع لرؤساء الفرق النيابية عقد أمس الخميس، وخصص لوضع اللمسات الأخيرة على لوائح الفرق النيابية وممثليها في أجهزة مجلس النواب قبل الإعلان الرسمي عنها في الجلسة العامة التي سيعقدها المجلس اليوم (الجمعة).
واعترض لشكر وفق مصادر «الشرق الأوسط» على ملاحظات أدلى بها بوانو حول تشديده على ضرورة احترام لائحة الاتحاد الاشتراكي لمقتضيات النظام الداخلي، وهو ما أثار حفيظة لشكر الذي طالب من رؤساء الفرق بألا يتدخلوا في الشأن الداخلي للاتحاد الاشتراكي، وسن قواعد الاحترام المتبادل، قبل أن يضطر الطالبي العلمي لتوقيف الاجتماع بعد اتساع رقعة المشادات الكلامية بين بوانو ولشكر.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.