«محكمة الحريري» تستدعي صحافيين لبنانيين لاتهامهما بـ«التحقير وعرقلة سير العدالة»

يمثلان في 13 مايو على خلفية نشر معلومات عن شهود سريين مزعومين

«محكمة الحريري» تستدعي صحافيين لبنانيين لاتهامهما بـ«التحقير وعرقلة سير العدالة»
TT

«محكمة الحريري» تستدعي صحافيين لبنانيين لاتهامهما بـ«التحقير وعرقلة سير العدالة»

«محكمة الحريري» تستدعي صحافيين لبنانيين لاتهامهما بـ«التحقير وعرقلة سير العدالة»

استدعت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الصحافيين اللبنانيين إبراهيم الأمين، رئيس تحرير صحيفة «الأخبار» اللبنانية، وكرمى خياط، نائبة مديرة الأخبار في تلفزيون «الجديد»، للمثول أمامها في 13 مايو (أيار) المقبل، وذلك لاتهامهما بالتحقير وعرقلة سير العدالة، بموجب المادة 60 مكرر، الفقرة «ألف» من القواعد في المحكمة، وتتعلق جميعها بقضية المتهمين باغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، والمعروفة بقضية «عياش وآخرين».
وتنص المادة 60 مكرر على أنه «يجوز للمحكمة، عند ممارستها للمهام المنوطة بها، أن تدين بجرم التحقير كل من يعرقل، عن علم وقصد، سير العدالة»، موضحة أن هؤلاء هم «أي شخص يتم استجوابه من قبل أحد الفريقين أو نيابة عنه في ظروف لا تنص عليها المادة 152 يدلي عن وعي وإرادة بإفادة يعلم أنها كاذبة ويعلم أنها قد تستعمل كدليل في إجراءات أمام المحكمة»، و«أي شاهد مدعو أمام قاض أو غرفة يرفض أو يتخلف عن الإجابة عن سؤال دون أي عذر مقبول»، و«أي شخص يكشف عن معلومات متصلة بالإجراءات وهو يعلم أن في ذلك انتهاكا لأمر صادر عن قاض أو غرفة»، و«أي شخص يتخلف، دون أي عذر مقبول، عن الاستجابة لأمر بالمثول أو بإبراز مستندات أمام قاض أو غرفة»، و«أي شخص يهدد شاهدا محتملا أو شاهدا يدلي بشهادته أو أدلى بها أو سيدلي بها»، كذلك «أي شخص يهدد قاضيا أو أي موظف في المحكمة أو يخيفه أو يشهر به علنيا عبر تصريحات كاذبة يتنافى نشرها وحرية التعبير المنصوص عليها في المعايير الدولية لحقوق الإنسان».
وأعلنت المحكمة، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني أمس، أن هذه التهم تأتي عقب تحقيق في ثلاثة أحداث أجراه صديق للمحكمة اسمه ستيفان بورغون، وكان قد عينه رئيس قلم المحكمة بناء على طلب من القاضي الناظر في قضايا التحقير، وهو القاضي ديفيد باراغواناث. واستنتج القاضي باراغواناث، عقب تلقيه تقارير مقدمة إليه من صديق المحكمة، أن هناك أدلة أولية في اثنين من هذه الأحداث تبرر قيام إجراءات دعوى التحقير، بينما يستمر التحقيق في الحدث الثالث.
وأوضحت المحكمة أن «شركة تلفزيون الجديد» وكرمى محمد تحسين الخياط متهمتان بـ«عرقلة سير العدالة عن علم وقصد ببث و/ أو نشر معلومات عن شهود سريين مزعومين»، و«عرقلة سير العدالة عن علم وقصد بعدم إزالتهما من موقع تلفزيون الجديد و/ أو موقع قناة تلفزيون (الجديد) على (يوتيوب)، معلومات عن شهود سريين مزعومين». كما اتهمت المحكمة «شركة أخبار بيروت» والصحافي إبراهيم محمد الأمين بـ«عرقلة سير العدالة عن علم وقصد من خلال نشر معلومات عن شهود سريين مزعومين في قضية عياش وآخرين».
وأوضح القاضي الناظر في قضايا التحقير في قراره أن نشر أسماء شهود مزعومين قد يشكل عرقلة لسير العدالة، لأنه يقلل من ثقة الشهود الفعليين والجمهور العام في قدرة وعزم المحكمة على حماية شهودها.
وأشارت المحكمة إلى أن القاضي باراغواناث «تنحى عن النظر في إجراءات الدعوى»، لافتة إلى أن القاضي نيكولا لتييري «سينظر في هذه الدعوى»، كما سيتولى صديق جديد للمحكمة مباشرة الدعوى ضد المتهمين.
وكتب القاضي باراغواناث في قراره عن المبادئ الأساسية لحرية التعبير، ومنها حرية الصحافة وحسن سير العدالة. وأكد القاضي باراغواناث أن أهمية الصحافة «باعتبارها الوسيلة التي تتيح للمجتمع أن يرى، ويسمع، وينطق، تبلغ أوجها عندما تتواجه مع سلطة صانعي القرارات العامة، مثل القضاة». غير أنه أكد في القرار ذاته أنه «كما يجب على القضاة، يجب على سائر المجتمع ووسائل الإعلام الامتثال للقانون». وبالنسبة إلى سيادة القانون، أضاف: «لا شيء أهم من عدم عرقلة سير العدالة عن قصد»، مشددا على أن «هذه المبادئ لا تمس بقدرة الصحافة على التعليق على عمل المحكمة، بما في ذلك انتقادها».
وكانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، المكلفة النظر في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري و23 آخرين، بدأت سير محاكماتها في 16 يناير (كانون الثاني) الماضي. ووجهت التهم إلى خمسة عناصر في حزب الله للاشتباه بضلوعهم في التخطيط وتنفيذ عملية اغتيال الحريري في 14 فبراير (شباط) 2005.
وأرجأت المحكمة، أواخر فبراير الماضي، جلسات المحاكمة إلى شهر مايو المقبل، كي تتيح لمحامي الدفاع عن المتهم الخامس في حزب الله حسن مرعي وقتا كافيا للتحضير للمحاكمة وإجراء تحقيقاتهم.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.