تشكيل القوة الجوية السعودية... من (ويستلاند وابيتي) إلى (إف 15 إس آي)

المقاتله السعودية ( النسر المقاتل) التي دشنها الملك سلمان في الرياض أمس ( تصوير : علي العريفي)
المقاتله السعودية ( النسر المقاتل) التي دشنها الملك سلمان في الرياض أمس ( تصوير : علي العريفي)
TT

تشكيل القوة الجوية السعودية... من (ويستلاند وابيتي) إلى (إف 15 إس آي)

المقاتله السعودية ( النسر المقاتل) التي دشنها الملك سلمان في الرياض أمس ( تصوير : علي العريفي)
المقاتله السعودية ( النسر المقاتل) التي دشنها الملك سلمان في الرياض أمس ( تصوير : علي العريفي)

أمام مبنى قيادة القوات الجوية الملكية السعودية، تظهر عبارة تحتفظ بمكانها وعمق رسالتها منذ أكثر من ربع قرن: «دولة من دون طيران قوي لا تستطيع أن تحمي شعبها ولا تحمي جيشها»، مقولة لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد (رحمه الله) في عام 1992. والراحل أحد قادة البلاد الذين حرصوا على تسليح القوات العسكرية منذ الملك المؤسس للكيان السعودي.
القوات الجوية السعودية، تأسست نواتها قبل إعلان اسم «المملكة العربية السعودية» في العام ذاته الذي بدأ فيه تشكيل نواة الجيش السعودي، بوصف قوات برية لاحقا في مدينة الطائف، وكان اسمها «قوة الطيران الحجازية النجدية» في عام 1925. وفي ذلك العام بدأ الاهتمام من قبل قيادة الملك عبد العزيز، فتم خلال تلك السنوات شراء 4 طائرات من بريطانيا من نوع (ويستلاند وابيتي مارك 2)، وكانت طائرة تدريبية وعسكرية في الوقت ذاته، وتم تخصيص مدرج مطار دارين بالمنطقة الشرقية لها، الذي يعد أول مطار سعودي.
انطلقت حينها خطوات أخرى في مجال التهيئة لقطاع الطيران السعودي، وكانت معنية بالطيران المدني أيضا. وتأسس بعد إعلان توحيد البلاد تحت مسمى «المملكة العربية السعودية» سلاح الطيران الملكي السعودي، بمسمى جديد وإدارة مستقلة، وتم بعدها ابتعاث عدد من السعوديين لدراسة الطيران في عدد من الدول كان أبرزها بريطانيا وإيطاليا.
وعلى مسارين، في تشكيل النسور السعودية المدربة لقيادة الطائرات، كانت البلاد تتجه إلى الحصول على التقنيات الجيدة حينها، فكانت الطائرات القاذفة (بي 26) أحد العناصر الجديدة للقوة الجوية بعدد يسير، تبعتها لاحقا طائرات (تي 33) ومن ثم الانتقال إلى طائرات (دي هافيلاند فامباير).
وتم انضمام القوات الجوية السعودية، إلى أفرع القوات المسلحة قبل أكثر من 4 عقود، لتبدأ خطة التطوير الأخرى في مراحل متقدمة، بمشروعات تطويرية عدة، وبمئات الطائرات المتطورة، مع بريطانيا وأميركا على وجه التحديد. وكانت طائرات (إف 5) إحدى التقنيات المتطورة والحديثة في تاريخ الطيران الحربي العالمي، وقد التحقت بالمنظومة الجوية الدفاعية إبان أزمات محيطة بالمنطقة، قبل 40 عاما.
إضافة إلى التطور التسليحي للقوة، كانت المنظومات التدريبية الجوية على إيقاع الخطوات التطويرية الشاملة، فاتجهت إلى التدريب المحلي ومن ثم الابتعاث إلى الدول الأخرى وجذب أبرز الطائرات التدريبية لهذا الغرض، ومنها كلية الملك فيصل الجوية، ومعهد الدراسات الفنية بالظهران.
طائرات أصبحت تحمل شعار وعلم السعودية، كان أبرزها طائرات (إف 15) وكذلك طائرات (التورنيدو) البريطانية، وجميعها تعمل تحت الخدمة، وشاركت في حروب دفاعية، أبرزها حرب الخليج الثانية لتحرير الكويت، والحرب على الحوثيين دفاعا عن الشرعية اليمنية.
وخلال الأعوام القليلة الماضية، أبرمت وزارة الدفاع السعودية، عقود تسلح لشراء مائة طائرة من طراز «تايفون» التي تعد أقوى الطائرات التي أنتجتها أوروبا، ولا تملكها سوى 6 دول حاليا، منها السعودية كأول دولة في الشرق الأوسط، حيث تعد الطائرة ذات فاعلية في المراقبة الجوية وحفظ السلام، وحتى المعارك المحتدمة، وذلك نظرًا لمرونتها الفائقة وقدرتها على التكيف. كما أن قدرات الطائرة المتنوعة ومقدرتها على تغيير الأدوار يوفر أوسع نطاق ممكن من المهام، سواء «الجو – جو»، أو «الجو – أرض».
ومؤخرا، كان العقد التسليحي للقطاع العسكري الجوي، بانضمام متطور للطائرة القتالية (إف 15 إس آي) التي توصف بالنسر المقاتل. وهي نسخة خاصة من مقاتلة التفوق الجوي الأفضل، وتم تصنيعها خصيصا للسعودية، في صفقة كبرى تتضمن شراء 84 مقاتلة، وهي تشابه في الشكل بشكل كبير الطائرات الشهيرة (إف 15) لكن بتعديلات صاروخية أكبر تستطيع حملها، وأنظمة رادارية محسنة، وتعد أبرز وأحدث المقاتلات التي انضمت حديثا لأسراب القوة الجوية.
وتتمتع طائرة «النسر المقاتل» بهيكل قوي، يقدر عمره الافتراضي بأكثر من الضعفين مقارنة بالطرازات السابقة، ويتوقع لها أن تظل في الخدمة حتى عام 2025. وتضمنت الاتفاقية التي أبرمتها السعودية مع الولايات المتحدة شراء مقاتلات متطورة من هذا الطراز الخاص، وتحديث طائرات أخرى موجودة حاليًا لدى القوات الجوية الملكية السعودية.
وتملك القوات الجوية الملكية السعودية حاليًا أكثر من 1100 طائرة مقاتلة، إضافة إلى طائرات أخرى للإنذار المبكر وطائرات الإنقاذ السريع، وطائرات النقل الجوي والإمداد الجوي، وتتضمن تشكيلات القوات الجوية السعودية، 38 سرب طيران، موزعة جغرافيا ضمن 7 قواعد عسكرية جوية، كان آخرها قاعدة الملك سعود الجوية بمدينة حفر الباطن، حيث وضع حجر أساسها الملك سلمان العام الماضي، أثناء تمرين «رعد الشمال».
وتقوم القوات الجوية بعمليات الإسناد بالإمدادات للقوات البرية، والقيام بعمليات البحث والإنقاذ في السلم والحرب، وإخلاء الجرحى عن طريق الجو، ونقل القوات المحمولة جوا وتمويناتها إلى منطقة الهدف، والقيام بعمليات استخباراتية، والمحافظة على المكتسبات الوطنية بحماية أجواء السعودية من أي اعتداء. إضافة إلى مساهمتها بشكل كبير، مع مختلف قطاعات الدولة بفاعلية، أثناء الكوارث الطبيعية.



ولي العهد السعودي يطلق الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر

الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي (الشرق الأوسط)
الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي (الشرق الأوسط)
TT

ولي العهد السعودي يطلق الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر

الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي (الشرق الأوسط)
الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي (الشرق الأوسط)

أطلق الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر، الهادفة لحماية النظام البيئي للبحر الأحمر، وتعزيز أطر التعاون لاستدامته، وتمكين المجتمع ودعم التحول إلى اقتصاد أزرق مستدام، بما يحقق التنوع الاقتصادي، ويتماشى مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، والأولويات الوطنية لقطاع البحث والتطوير والابتكار التي أُطلقت مسبقاً، وأهمها استدامة البيئة والاحتياجات الأساسية.

وقال ولي العهد: «تستمر المملكة العربية السعودية في إطلاق العنان لإمكاناتها الاقتصادية والجغرافية والثقافية، وجهودها الرائدة في مجالات الاستدامة والحفاظ على البيئة. ومن خلال هذه الاستراتيجية تعزز المملكة مكانة الاقتصاد الأزرق كركيزة أساسية لاقتصادها، وتطمح لأن تصبح منطقة البحر الأحمر مرجعاً لأفضل ممارسات الاقتصاد الأزرق، وأن تصبح المملكة رائداً عالمياً في مجال البحث والتطوير والابتكار في الاقتصاد الأزرق، كما تؤكد المملكة التزامها بمستقبل مستدام للبحر الأحمر، ونتطلع من الجميع للتعاون لحماية سواحلنا على البحر الأحمر، والطبيعة والمجتمعات المعتمدة عليه».

ويعد البحر الأحمر أحد أكثر مناطق المملكة تميزاً وتنوعاً بيولوجياً، فهو منطقة طبيعية تبلغ مساحتها 186 ألف كيلومتر مربع، وخط ساحلي بطول 1800 كيلومتر، ورابع أكبر نظام للشعاب المرجانية في العالم، وموطن لـ6.2 في المائة من الشعاب المرجانية في العالم، وأرخبيل يحتضن مئات الجزر.

وتضع الاستراتيجية إطاراً وطنياً شاملاً يوضح كيفية الحفاظ على الكنوز الطبيعية في البحر الأحمر وإعادة إحيائها، بما يضمن استمتاع المواطنين والمقيمين والزوار بها، واستدامتها لأجيال قادمة.

وتوضح الاستراتيجية إسهام حماية البيئة الطبيعية في إطلاق الإمكانات الاقتصادية للمنطقة، والبدء في التحول إلى الاقتصاد الأزرق، مما يوجد فرصاً استثمارية للشركات المبتكرة في مختلف القطاعات البحرية، بما في ذلك السياحة البيئية، ومصايد الأسماك، والطاقة المتجددة، وتحلية المياه، والشحن البحري، والصناعة.

ولدعم الاقتصاد الوطني، تستهدف الاستراتيجية بحلول عام 2030 زيادة تغطية المناطق المحمية البحرية والساحلية، من 3 في المائة إلى 30 في المائة، ودعم وصول مساهمة الطاقة المتجددة إلى 50 في المائة من مزيج الطاقة المستهدف، وتوفير آلاف الفرص الوظيفية المتعلقة بأنشطة الاقتصاد الأزرق، وحماية استثمارات المملكة في المشاريع السياحية بالمناطق الساحلية، مما يسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي.

وتستند الاستراتيجية على 5 أهداف، هي: الاستدامة البيئية، والتنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، والسلامة والأمن، والحوكمة والتعاون، وتضم 48 مبادرة نوعية جرى تطويرها لتحقيق طموحات المملكة في الاقتصاد الأزرق والأنشطة المتعلقة به.

ويوضح إعلان الاستراتيجية الدور المحوري الذي تقوم به المملكة في حماية الموارد الطبيعية، في ظل التحديات البيئية والمناخية التي يعيشها العالم اليوم، ويرسم مساراً جديداً يجمع بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية.