لأول مرة من جيامبيرو بودينو... 3 ساعات تُجسد مفهوم الترف والسرية

قد يكون من الصعب نطق اسمه، وقد يكون غير معروف بالنسبة للعامة، لكن جيامبيرو بودينو بالنسبة لمتذوقي الترف والعارفين في عالم المجوهرات الرفيعة، أشهر من نار على علم. فرغم أنه فضل العمل في الظل لسنوات مديرًا فنيًا في مجموعة «ريتشمون»، فإنه يُعتبر قوة محركة لها صوت عالٍ ووجود لا يمكن تجاهله في كثير من تصاميم بيوت عريقة، مثل «فان كليف أند أربلز» و«كارتييه» و«بياجيه»، حيث كان إلى عام 2002 المشرف على معظم إصداراتها. لهذا إذا داعبك أحيانًا شعور ما بأن هناك قواسم مشتركة بين بعض التصاميم فإنك بلا شك تتطلعين على تصميم كانت لجيامبيرو بودينو يد فيه.
وتجدر الإشارة إلى أن لمساته في «ريتشمون» لم تقتصر على الجواهر الرفيعة فحسب، بل شملت أيضًا الساعات المعقدة، حيث كانت له مساهمات في كثير من إصدارات «بانيراي» و«آي دبليو سي» وغيرها من شركات الساعات التي تنضوي تحت جناحي المجموعة.
نظرًا لشخصيته الهادئة، كان خروجه من الظل أخيرًا مفاجئًا ومُنعشًا في الوقت ذاته، لأنه كان بمثابة رد اعتبار لجندي مجهول حقق عدة بطولات يستحق أن يعرف بها عالم الترف حتى يعترف بجميله عليه، وهو ما كان بالنظر إلى الحفاوة التي تُستقبل بها تصاميمها.
تركيزه في البداية كان على الجواهر المنحوتة بالأحجار الكريمة، واليوم وتزامنًا مع أسبوع الـ«هوت كوتير» بباريس، يكشف لأول مرة في فندق الريتز عن 3 ساعات فريدة لن يُصدر غيرها، وكأنه يريد أن يجس بها نبض المرأة العارفة. هذا العدد القليل جدًا مقارنة بما يطرحه غيره، لا يزيد من أهمية الحدث فحسب، بل أيضًا من قيمة كل ساعة بالنسبة للمرأة التي تريد التميز، وفي الوقت ذاته امتلاك قطعة فنية رسمها فنان بالمعادن والأحجار الثمينة. غني عن القول أيضًا إنها ساعات صب فيها كل ما يُتقنه من تعقيدات وتقنيات، ومن حس فني في تصميم الجواهر، مما يجعلها تنبض بالحركة. نظرة واحدة إليها تجعلك تتأكد أنها فعلاً ثمرة حب جيامبيرو بودينو للأشكال الهندسية وفن العمارة وشغفه بكل ما له علاقة بالطبيعة المتفتحة، ومن هنا كانت العناوين التي أطلقها على كل واحدة: «موزاييكو»، و«بريمافيرا» و«روزا دي فانتي».
ساعة «بريمافيرا» مثلاً تُجسد بساطة الورد في تصميم ثلاثي الأبعاد تُعززه أشكال بتلات من الماس والسافير الوردي، إضافة إلى أحجار ماسية رمادية كان الهدف منها تعزيز تأثير الضوء على الظلال والحجم. بمجرد الضغط برفق على البُرعم تتفتح الزهرة الأكبر لتكشف عن ساعة محجوبة تحتها، بينما يحيط بمينائها المرصع بالألماس أغصان متشابكة أيضًا من الألماس البني، إضافة إلى أوراق من الزمرد.
أما ساعة «روزا دي فانتي» فتأتي على شكل زنبقة ماء ناعمة تتوسطها زمردة غير مصقولة من عيار 11.49 قيراط من زامبيا، يستتر تحتها ميناء مرصوف بالألماس مع عقارب مُروسة من الذهب الأبيض. يحيط بالميناء أحجار متجانسة تنبض بألوان زاهية تنبعث من السافير الأزرق البيضاوي الشكل والزمرد الأخضر غير المصقول والياقوت الدائري. قد تكون أكثر ساعة هنا مرصعة بطريقة تقليدية، حيث يعلو المعدن المحيط بالحجر الحواف بعض الشيء فيُرسخ الأحجار في مكانها ويحميها.
ساعة «موزاييكو» في المقابل، هندسية الشكل تتميز بفسيفساء من الدوائر المتشابكة يميزها التباين بين أحجار الألماس المرصعة على حجر السبينل الأبيض والذهبي والأسود. تظهر الساعة السرية بالضغط على زر خفي يكشف عن ميناء مرصع بالماس أيضًا على الشكل نفسه للدوائر الموجودة في السوار.
تخرج من فندق الريتز الذي شهد في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي عرض «شانيل» للـ«ميتييه داغ»، العرض الذي يحتفل بالأيادي الناعمة وما تعكسه من حرفية عالية ومهارات يدوية، وشعور غامر بأن الساعات الثلاث من «ميزون بودينو» تعكس المفهوم نفسه، إن لم نقل أكثر، كونها تُجسد مفهوم التفرد والترف بلغة تنبض بالشاعرية والجرأة، كما بروح الاستثمار. لكننا نتذكر أن بودينو ابن عصره ويعرف أنه من الضروري ألا يأتي الاستثمار على حساب العصرية، بمعنى أخذ اتجاهات الموضة بعين الاعتبار. فساعة «موزاييكو» مثلاً بلونيها الأبيض والأسود تستحضر صورة امرأة مستقلة وواثقة تتألق في «توكسيدو» أسود وقميص أبيض، بينما تستحضر «روزا دي فانتي» بسوارها المنقوش على شكل زنبقة صورة امرأة تضج بالأنوثة في فستان سهرة طويل وناعم، كذلك «بريمافيرا» التي رُصعت بالزمرد وبتلات وردية وبيضاء من الماس.