«سكياباريللي» تلعب مع الكبار... وماريا غراتزيا تعيش الحلم في «ديور»

أسبوع «الهوت كوتور» لربيع وصيف 2017... آمال وأمنيات

من عرض «ديور»
من عرض «ديور»
TT

«سكياباريللي» تلعب مع الكبار... وماريا غراتزيا تعيش الحلم في «ديور»

من عرض «ديور»
من عرض «ديور»

إنه موسم مغزول بالأحلام، ويبيع هذه الأحلام بأغلى الأسعار لكل من استطاعت إليها سبيلاً. هذا تحديدًا ما أكدته ماريا غراتزيا تشيوري يوم الاثنين في أول عرض «هوت كوتور» تقدمه لدار «ديور». فقد أخذتنا إلى عالم الأساطير والقصص الرومانسية بعد أن حولت متحف «رودان» إلى حديقة مسحورة تسكنها جنيات يتخايلن بأزياء ساحرة. بسعر قد يتعدى الـ100 ألف دولار لفستان سهرة والـ20 ألف دولار لقميص أو بنطلون، فإن الغالبية منا لن تسنح لها الفرصة أبدًا لدخول نادي الـ«هوت كوتور» النخبوي، لكن هذا لا يمنعنا من متابعة أخبارها بنهم عبر شاشات التلفزيون وصورها على صفحات المجلات. كما لا يمنع المصممين من اختبار أفكار جديدة واستعراض قدراتهم بذوق رفيع يعرفون أنه الطريق الوحيد لجيب امرأة متذوقة ومتطلبة في الوقت ذاته. ولم لا تكون متطلبة وهي تتمتع بإمكانيات هائلة تُحرك السوق وتُغذي الحلم. غالبًا ما يأخذنا هذا الحلم إلى الزمن الجميل، في الخمسينات من القرن الماضي حين كانت الـ«هوت كوتور» في عزها، وكانت الحياة أقل تعقيدًا.
بالنسبة للغالبية التي لا تسمح لها إمكانيات بشراء قطعة صغيرة، فإنها يمكن أن تستقي من العروض أفكارًا توظفها في حياتها، بطريقتها وحسب إمكانياتها. حتمًا لن يكون الخيار الأول القبعات الغريبة وإكسسوارات الرأس السريالية ولا الماكياج الجريء، فهي لمجرد الإبهار، لا أكثر ولا أقل.
وبما أننا لن نستطيع الحصول على قميص أو بنطلون لأن العين بصيرة واليد قصيرة، فإنه لا شيء يمنعنا من متابعة أحداث الموسم للتعرف على خطوط وألوان الموسم على الأقل. الطريف أن السؤال الذي لم يشبع البعض من طرحه منذ سنوات هو: هل يكفي الحلم وحده لاستمرار هذا القطاع النخبوي؟ والجواب حسب الخبراء وما عرضته بيوت الأزياء المشاركة هذا الأسبوع من «سكياباريللي» و«شانيل» و«ديور» وغيرها، هو: «نعم وبكل تأكيد». فهو القطاع الوحيد المضاد للموضة السريعة، والوحيد أيضًا الذي لا يزال يخاطب الموسم الذي تُعرض فيه الأزياء. فبالنسبة للأزياء الجاهزة يلزم الانتظار ستة أشهر قبل وصولها من منصات العرض إلى المحلات، كان هذا طبعًا قبل استراتيجية العرض اليوم والبيع غدًا التي استُحدثت في العام الماضي فقط. زبونة الـ«هوت كوتور» في المقابل تخرج من العرض لتقدم طلبها من المصمم مباشرة، بعد ذلك تبدأ بإجراء البروفات على مقاسها وما شابه من خطوات يتطلبها فستان فريد من نوعه. صحيح أنها لن تحصل عليه في اليوم ذاته، لكنها تضمن أنه سيصل إليها قبل المناسبة التي ستحضرها، والأهم من هذا أنه لا واحدة من قريناتها ستحصل على فستان مماثل، الأمر الذي يجنِّبها الحرج. وهذا تحديدًا ما يُشكل عنصر الجذب في هذا الخط بالنسبة للمخمليات والثريات الباحثات، إما عن التفرد أو يتطلعن للانتساب للنادي النخبوي بأي ثمن.
ويشير المراقبون إلى أن أغلب زبونات اليوم ينتمين لأسواق جديدة مثل الصين والهند وأذربيجان وروسيا والشرق الأوسط. وقد اعترفت كل من «ديور» و«شانيل» و«فالنتينو» وغيرهم، بأنهم أصبحوا يحققون أرباحًا من هذا القطاع في السنوات الأخيرة أكثر من أي وقت مضى، بفضل زبونات هذه الأسواق.
فبعد أن تعالت في العقد الماضي أصوات متشائمة تنعى الـ«هوت كوتور»، وتتساءل: عن جدوى الموسم ككل، كان لا بد من فتح الأبواب للأسواق الجديدة، لا سيما بعد تقلص عدد الزبونات الأميركيات بسبب الأزمة الاقتصادية التي جعلتهن يفكرن عشر مرات قبل شراء عشرة فساتين، كما كان حالهن في السابق. المؤسف أن هذا التقلص لم يقتصر على الزبونات بل امتد إلى عدد بيوت الأزياء المتخصصة في هذا المجال؛ فبعد أن كان الأسبوع يشهد في منتصف القرن الماضي مشاركة المئات تقلص العدد إلى عشرات فقط في السنوات الأخيرة، فقد تم إغلاق بيوت مثل «كريستيان لاكروا» في 2009 بعد أن أعلن المصمم إفلاسه، كما اكتفت بيوت أخرى بجانب الأزياء الجاهزة والإكسسوارات، لأن «الهوت كوتور» في يوم ما كانت مجرد «بريستيج» يبيع مستحضرات التجميل والإكسسوارات. فقط أخيرًا أصبحت لها شخصية مالية مستقلة عكستها الأرباح المتزايدة. لحسن الحظ أن أمثال جيامباتيستا فالي وإيلي صعب وجيورجيو أرماني نجحوا في استقطاب شريحة الشابات من ثريات المجتمع المخملي.
بدورها اجتهدت «لاشومبر سانديكال» الجهة المسؤولة عن حماية الـ«هوت كوتور» من الدخلاء أن تضخ الأسبوع بدماء وأسماء جديدة في كل موسم، غالبًا بالتعامل معهم كضيوف قبل أن تُدرجهم في برنامجها الرسمي.
هذا العام، أدخلت كل من «سكياباريللي» والفرنسي جوليان فورنييه، واللبناني جورج حبيقة، إلى اللائحة، وقبلهم بُشرى جرار التي التحقت بدار «لانفان» في العام الماضي، وأغلقت دارها الخاصة للتفرغ لعملها الجديد.
المهم أن المتابع لأسبوع باريس لربيع وصيف 2017 الذي انتهى مساء أمس يخرج وهو مطمئن على مستقبل هذا القطاع، لأن ما تم تقديمه كان بمثابة لوحات فنية أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها متعة للعين وللحواس، وذكَّرَتنا إلى حد كبير بالزمن الجميل. فقد صب فيها المصممون كل مهاراتهم مستعينين بحرفيين من ورشات متمركزة في عواصم مختلفة، نفذوا كل تفاصيلها باليد على مدى أيام إن لم نقل أسابيع.
قدمت دار «سكياباريللي»، صباح يوم الاثنين الماضي، عرضًا كان مزيجًا بين البساطة والفخامة، ولفتة احترام قوية لمؤسِّسة الدار إلسا سكياباريللي. فقد ترجم المصمم برتراند غيون شغفها بالفن، من خلال تطريزات وإيحاءات تستحضر علاقاتها بفناني عصرها، من أمثال دالي وجون كوكتو وبيكاسو ممن تعاملت معهم في الثلاثينات من القرن الماضي. لكن المصمم لم يكتفِ بالغرف من الماضي، وأكد أنه ابن عصره حيث استعمل «البوب آرت» في بعض التصاميم، مثل صورة سرطان بحر تسللت إلى جانب تنورة، فضلاً عن ترجمته العصرية لشفاه بالأحمر القاني زينت ظهر أو كتف جاكيت مفصل، وهكذا. كل هذا ترجمه المصمم في تصاميم منسدلة أحيانًا، وهندسية أحيانًا أخرى، لكن القاسم المشترك بينها كان دائما تلك الخطوط الانسيابية البسيطة والتفاصيل الفنية. صحيح أنها كانت بجرعات خفيفة متناثرة هنا وهناك، لكنها كانت كافية لتُدخل أية قطعة لأجمل المناسبات وأفخمها، ولتذكرنا بتاريخ الدار، لا سيما أن العرض أقيم في الدار التي كانت إلسا تعمل فيها وتنام في طابقها العلوي أيضًا.
رغم أن التشكيلة لم تتعد الـ31 قطعة، فإنها تنوعت ما بين القطع المنفصلة، الـ«سموكينغ» والفساتين المستوحاة من فن العمارة، التي خففت من صرامتها الأقمشة المنسدلة، أو من الكيمونو الياباني والهانفو الصيني، وهما قطعتان كانت إلسا سكياباريللي تلبسهما في أوقات فراغها، عندما كانت تتوخى الراحة والاسترخاء، لكن المصمم قدمهما لنا للنهار من خلال جاكيتات وتنورات يربطهما حزام سميك.
لم يضاهِ هذا التنوع سوى الألوان التي تباينت بين الوردي المتوهج والأصفر والبرتقالي والأحمر إضافة إلى الأسود والأبيض. جدير بالذكر أن هذه التشكيلة لربيع وصيف 2017 تكتسب أهميتها ليس من التصاميم المبتكرة والأنيقة فحسب، بل أيضًا من كون الدار تدخل برنامج الـ«هوت كوتور» بشكل رسمي لأول مرة. نعم، شاركت في الأسبوع لعدة مواسم منذ إعادة إحيائها في عام 2013، إلا أنها كانت مجرد ضيفة على الهامش قبل أن تعيد لها لاشومبر سانديكال، وهي المنظمة المسؤولة عن «الهوت كوتور» اعتبارها وحقها المشروع في اللعب مع الكبار.
يوم الاثنين كان الموعد أيضًا مع أول تشكيلة «هوت كوتور» تقدمها ماريا غراتزيا تشيوري لـ«ديور». أقيم العرض في متحف «رودان» الذي تحول إلى متاهة إذا وجدت طريقك فيها تدخل حديقة مسحورة تتحقق بين أحضانها وتحت أشجارها الوارفة كل الأحلام والأمنيات. تصميم هذه المتاهة لا بد أنه كلف كثيرًا، واستغرق وقتًا لا بأس به لتنفيذها، لكن كل هذا لا يهم في موسم لا يتحدث فيه أحد عن الأرقام، ويطمح فيه الكل لفتح جدل فكري وفني بقدر الإمكان.
وحسب ماريا غراتزيا تشيوري، فإن الفكرة من هذه المتاهة هي خلق شعور بالخطر من المجهول، لكنه خطر مثير لأنه مشوب بالأمل بأن لكل شيء نهاية ومخرجًا، وهو ما يمكن اعتباره رسالة مبطنة لما نعيشه في الوقت الحالي، بينما شبهه البعض بالمتاهة التي وجدت المصممة، التي لا تتقن اللغة الفرنسية، نفسها فيها، بدخول أرشيف السيد كريستيان ديور ومحاولاتها فك طلاسمها وقراءة تاريخها، فضلاً عن تعاملها شبه اليومي مع الأنامل الناعمة التي قد لا يتكلم بعضها سوى الفرنسية.
افتتح العرض بمجموعة استحضرت رموز الدار الأيقونية بتصاميمها المشدودة عند الخصر وترجمتها المصممة بأسلوب عصري حاولت فيه أن يتحدى الزمن. صحيح أن الأسود كان صادمًا في البداية ونشازًا مع الأجواء المغطاة بالأخضر، إلا أنه كان مجرد مقدمة، سرعان ما تلتها مجموعات تتلون بدرجات فاتحة ومتفتحة بأزهار وورود زرعتها المصممة في أماكن استراتيجية من فستان طويل من الحرير أو الموسلين مثلا، وغطتها أحيانا بالتول وكأنها تريد حمايتها من الذبول وعوامل الطبيعة الأخرى. إلى جانب مجموعة غنية من التصاميم الناعمة تميز بعضها ببليسيهات منحتها خفة وحركة، كانت هناك أيضًا فساتين تستحضر ماري أنطوانيت بتنوراتها المنفوخة، فيما ذكرتنا أخرى بأن المصممة تؤمن بالتعويذات والطالع و«التاروت» أو أنها فقط تقدم تحية لكريستيان ديور، الذي كان يؤمن بها ولا يخطو أي خطوة مهمة من دون استشارة العرافات.
هذه التعويذات ظهرت في بعض الأزياء كما في الإكسسوارات. ورغم أن المصممة غطت احتياجات المرأة لأزياء خاصة بالنهار فإن فساتين السهرة والمساء كانت هي الأقوى، إذ نجحت تشيوري فيها في أن تحافظ على مفهوم الحلم، كونه أكثر ما يُشكل شخصية الموسم، وبالتالي فإن مهمتها تتلخص في الإبقاء عليه حيًا، إضافة إلى تأجيج الرغبة في الشراء.
بعد نهاية العرض، تخرج من المتاهة وتساؤلات كثيرة تدور على البال، أغلبها كيف لم تفكر «ديور» في تسليم مقاليدها لامرأة من قبل رغم أنها دار مبنية أساسًا على الرومانسية والأنوثة؟ تجد نفسك تُبرر وتجيب بأن «كل شيء في وقته حلو». شكك البعض في اختيار ماري غراتزيا تشيوري في الموسم الماضي، رغم أن الأغلبية رحبت به وهللت له. فما قدمته في مجال الأزياء الجاهزة، أثار آراء متباينة بين معجب وغير معجب، حيث عانقت ثقافة الشارع من خلال «تي - شيرتات» كتبت على بعضها رسائل سياسية ثورية نسقتها مع تنورات من التول طويلة مطرزة، إضافة إلى أسلوب رياضي طاغ. ما يشفع لها آنذاك أنه لم يكن لديها وقت كافٍ لكي تتشرب رموز الدار، إذ أنجزت التشكيلة في خمسة أسابيع فقط.
هذه المرة كان لديها وقت أطول لكتابة فصلها الأول في مجال الـ«هوت كوتور» بهدوء. ثم لا ننسى أن هذا الخط يفتح كل الإمكانيات لنسج قصص أكثر إثارة وإبهارًا، والمنبر الذي ينفش فيه المصمم ريشه ويستعرض خياله. ورغم أن المصممة الإيطالية لم تنفش ريشها كثيرًا، فإنها نجحت في فك كثير من ألغاز الدار الفرنسية بعد موسم واحد.



ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
TT

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)

ما الذي يمكن أن يجمع دوقة ساسكس، ميغان ماركل وكايلي جينر، صُغرى الأخوات كارداشيان؟ فالأولى ترتبط بالعائلة المالكة البريطانية بحكم زواجها من الأمير هاري، والثانية تنتمي إلى عائلة بَنَتْ شهرتها على تلفزيون الواقع. خبراء الموضة يجيبون بأن هناك فعلاً مجموعة من القواسم المُشتركة بينهما؛ فإلى جانب الجدل الذي تثيرانه لدى كل ظهور لإحداهما، بسبب ما تُمثلانه من ثقافة يرفضها بعض الناس ويدعمها بعضهم الآخر، فإن تأثيرهما على صناعة الموضة من الحقائق التي لا يختلف عليها اثنان. ما تلبسه ميغان يتصدر العناوين وصفحات المجلات البراقة وقد ينفد من المحلات، وما تنشره كايلي جينر على صفحاتها ينتشر انتشار النار في الهشيم، في دقائق، ويلهب رغبة متابعاتها في الشراء.

كايلي في فستان «فريز» من «غالفان» (خاص) وميغان في حفل بلوس أنجليس (أ.ب)

وهذا ما يجعل المصممين لا يمانعون ظهورهما بتصاميمهم، بغض النظر عما إذا اتفقوا مع الثقافة التي ترتبط بهما أم لا، على أساس أنه مهما وصلت نسبة الجدل والانتقادات؛ فهي نافعة تعود عليهم بالربح. أو، على أقل تقدير، تسلِّط الضوء عليهم.

في عام 2018، ظهرت كل منهما بفستان مستوحى من «التوكسيدو» باللون نفسه، ومن الماركة النيوزيلندية نفسها، ماغي مارلين. ظهرت به ماركل في زيارتها الرسمية لأستراليا ونيوزيلندا رفقة زوجها الأمير هاري، من دون أكمام، بعد أن طلبت من المصممة تعديله خصيصاً لها. كايلي، وبعد مدة قصيرة، ارتدته كما هو بأكمام، الأمر الذي يشي بأنها اشترته جاهزاً. في الحالتين، أسعدتا المصممة ماغي هيويت، التي تغنَّت بهما على صفحتها بالصورتين معبرة عن إعجابها بالشخصيتين؛ خصوصاً أن المبيعات زادت بشكل ملحوظ.

الجانب التجاري

لكن هناك أيضاً اختلافات بينهما؛ فكايلي تستفيد مادياً وترويجياً، لأنها تتلقى مبالغ طائلة لقاء منشور واحد، على العكس من ميغان التي لا تستطيع ذلك، لحد الآن على الأقل، لدواعي الحفاظ على صورة راقية تعكس لقبها كدوقة بريطانية، مع العلم بأن هذا اللقب لم يمنعها من دخول مضمار أعمال تجارية لم تحقق النجاح الذي تطمح إليه.

تغريدة واحدة من كايلي جينر تحقق ما لا يحققه عرض بكامله من ناحية تسليط الأضواء (رويترز)

في المقابل، فإن كايلي جينر، ورغم سنها الغضة، تجاوزت في فترة من الفترات حاجز المليار دولار لتُصبح واحدة من أصغر سيدات الأعمال بفضل علامتها «كاي (KHY)» لمستحضرات التجميل والعناية بالبشرة. أكدت، منذ بدايتها، أن الحس التجاري يجري في دمها؛ إذ شقت لنفسها خطأً مختلفاً عن أخواتها، ربما لأنها كانت تعرف أن منافستهن صعبة. ما نجحت فيه أنها استغلَّت اسم العائلة وشهرة أخواتها لتخاطب بنات جيلها بلغة تُدغدغ أحلامهن وطموحاتهن. وسرعان ما أصبحت نجمة قائمة بذاتها على وسائل التواصل الاجتماعي. تغريدة واحدة منها يمكن أن تغير مسار علامة تماماً.

زِيّ من ماركة «ألتوزارا» الأميركية ظهرت بها خلال مناسبة خاصة بالصحة النفسية والعقل اعتبره كثيرون غير مناسب للمكان والزمان (رويترز)

ميغان ماركل، رغم استثماراتها ومغازلتها صُنَّاع الموضة، لا تزال تستمد بريق صورتها من ارتباطها بالأمير هاري. على المستوى الربحي، لم تنجح في أن تنتقل من رتبة مؤثرة إلى درجة سيدة أعمال، كما لم تنجح في كسب كل القلوب، وهذا ما يجعل شريحة مهمة ترفض وصفها بأيقونة موضة، وتصف اختياراتها بـ«غير الموفقة». هذه الشريحة تستشهد إما بارتدائها تصاميم بمقاسات أكبر أو أصغر من مقاسها الحقيقي، أو تصاميم من ماركات عالمية لا تناسب شكلها أو طولها، وهلمّ جرّا.

ميغان ماركل رغم تأثيرها تثير كثيراً من الجدل بين رافض ومعجب (كارولينا هيريرا)

بيد أن قوتها، بالنسبة للمعجبات بها، كانت، ولا تزال، تكمن في عيوبها؛ فلأنها لا تتمتع بمقاييس عارضات الأزياء، ولا تشبه «كنَّتها»، أميرة ويلز، كاثرين، رشاقةً وطولاً، فإنها تُعبِّر عنهن. كل فتاة أو امرأة، بغض النظر عن عيوبها ومقاييسها، ترى نفسها في إطلالاتها. فعندما ظهرت بصندل من شركة «كاستنر» الإسبانية مثلاً ارتفعت مبيعاتها بنسبة 44 في المائة مباشرة، لأنها خاطبت شرائح من الطبقات المتوسطة، نظراً لأسعارها المعقولة. علامات محلية كثيرة لم تكن معروفة اكتسبت عالمية بمجرد أن ظهرت بها، لا سيما في السنوات الأولى من زواجها، حين كانت بالنسبة للبعض بمثابة «سندريلا» معاصرة. ساهمت أيضاً في تسليط الضوء على علامة «Club Monaco»، بعد ظهورها بفستان مستوحى من القميص، أي بإزار من الصدر إلى الأسفل، حين ظهرت به أول مرة خلال زيارتها الرسمية لجنوب أفريقيا.

لم يكن التصميم ثورياً أو جديداً، لكنه فتح عيون المرأة عليه، ليزيد الإقبال عليه بنسبة 45 في المائة وينفذ من الأسواق خلال 24 ساعة. كان لها نفس التأثير الإيجابي على علامات مثل «جي كرو» و«جيفنشي» و«ستيلا ماكارتني» وغيرهم. منصة «ليست»، وهي أيضاً شركة تسوُّق أزياء عالمية تربط العملاء بتجار تجزئة الأزياء رشحتها «كأهم مؤثرة لعام 2018». بيد أن تأثيرها ظلَّ مستمراً حتى بعد خروجها من المؤسسة البريطانية في عام 2020، وإن خفَّ وهج صورتها بعض الشيء.

البحث عن الجاكيت الذي ظهرت به ميغان في ألمانيا لدى حضورها ألعاب «إنفيكتوس» عطل موقع «جي كرو» (رويترز)

موقع «جي كرو» مثلاً تعطَّل في سبتمبر (أيلول) 2023، بسبب البحث عن سترة بيضاء ظهرت بها لدى مرافقتها زوجها، الأمير هاري، إلى ألمانيا، لحضور ألعاب «إنفيكتوس».

ولأنها باتت تَعرِف قوة تأثيرها على الموضة، استثمرت مؤخراً في علامة «سيستا كوليكتيف»، وهي علامة حقائب تصنعها نساء من رواندا، وتكتمل تفاصيلها في إيطاليا، لتحمل صفة «صُنع باليد». قالت إنها اكتشفتها بالصدفة وهي تقوم بعملية بحث عبر الإنترنت على حقائب مستدامة. ظهرت بالحقيبة أول مرة في مايو (أيار) من عام 2023 لدى حضورها حفل عشاء مع كل من غوينيث بالترو وكاميرون دياز في لوس أنجليس.

عروض الأزياء العالمية

ومع ذلك، لم نرَ ميغان ماركل بأي عرض أزياء في نيويورك أو في باريس أو ميلانو حتى الآن، باستثناء حضورها في عام 2018 حفل توزيع جوائز الموضة البريطانية ضيفةَ شرفٍ لتقديم جائزة العام لمصممة فستان زفافها، كلير وايت كيلر، التي كانت مصممة «جيفنشي» آنذاك. لكن كان هذا حفلاً وليس عرض أزياء.

اختتمت عرض «كوبرني» كسندريلا في فستان من التافتا أسود (رويترز)

كايلي جينر، ورغم رفض الثقافة التي تمثلها هي وأخواتها من قبل شريحة مهمة، أصبحت في السنوات الأخيرة وجهاً مألوفاً في عروض باريس. تُستقبل فيها استقبال نجمات الصف الأول. في الموسم الماضي، وخلال «أسبوع باريس لربيع وصيف 2025»، سجَّلَت في 3 ظهورات لها فقط ما يوازي ما قيمته أكثر من 20.3 مليون دولار، حسب بيانات «إنستغرام» وحده، إذا أخذنا أن «لايك» واحداً يساوي دولاراً.

لهذا ليس غريباً أن يتهافت عليها المصممون. نعم، هي مثيرة للجدل وأسلوبها لا يروق لكل الزبونات، لكنها في آخر المطاف توفر المطلوب من ناحية تسليط الضوء عليهم. ففي عالم الموضة والتجارة «أي دعاية حتى وإن كانت سلبية هي دعاية مجدية وأفضل من لا شيء». لم يقتصر حضورها في الموسم الباريسي ضيفةً فحسب، بل عارضة في عرض «كوبرني» المستلهم من عالم «ديزني». كانت هي مَن اختتمته في فستان من التافتا بإيحاءات قوطية تستحضر صورة «سندريلا».

تأثير إيجابي

3 مقاطع فقط من فيديو العرض، ولقطات من خلف الكواليس حققت 14.4 مليون مشاهدة؛ ما جعل علامة «كوبرني» تحقق 66 في المائة من إجمالي قيمة التأثير الإعلامي. كانت مشاركتها مخاطرة، لكنها أعطت ثماراً جيدة حسب تصريح الدار. تجدر الإشارة إلى أن «كوبرني» لمست تأثيرها القوي في عام 2022، عندما ظهرت في دعاية لمستحضرات التجميل الخاصة بها، وهي تحمل حقيبة من «كوبرني». ما إن نُشرت الصور، حتى زادت مبيعات الحقيبة بشكل كبير. في عرض الدار لخريف وشتاء 2023. لم تتمكن كايلي من الحضور إلى باريس، لكنها لم تغب؛ إذ نشرت صورة لها في زي من التشكيلة المعروضة، شاهدها الملايين من متابعيها، وحقَّقت ما لم يحققه العرض بالكامل من ناحية المشاهدات و«اللايكات».

كايلي جينر لدى حضورها عرض «سكاباريلي» بباريس (سكاباريلي)

وإذا كان الشك لا يزال يراود البعض على مدى تأثيرها على أساس أن علامة «كوبرني» لها شعبيتها الخاصة التي تستمدها من قدرة مصمميها على الإبداع وخلق الإثارة المسرحية أمام الضيوف، فإن تأثيرها الإيجابي على علامة «أتلين» الفرنسية الناشئة تُفند هذه الشكوك. وجودها في عرضها لربيع وصيف 2025 كان له مفعول السحر؛ حيث حققت لها ما يوازي 11.6 مليون دولار من المشاهدات واللايكات. طبعاً لا ننسى حضورها عرض «سكاباريلي» بتصميمٍ أثار انتباه العالم لغرابته وسرياليته.

رغم محاولاتها أن تُصبح أيقونة موضة لا تزال ميغان تستمد بريقها وقوة تأثيرها من ارتباطها بالأمير هاري (أ.ف.ب)

«كايلي» لا تقوم بأي حركة أو فعل من دون مقابل. حتى عندما تختار علامات ناشئة للتعاون مع علامتها الخاصة «كاي (Khy)»؛ فهي تؤمن بأنه لا شيء بالمجان. وهذا تحديداً ما يجعلها تتفوق على ميغان ماركل من ناحية التأثير التجاري حسب الأرقام والخوارزميات. الفضل يعود أيضاً إلى نجاحها في استقطاب شريحة مهمة من بنات جيلها تخاطبهن بلغة تُدغدغ أحلامهن. ماركل في المقابل لم تنجح لحد الآن في الخروج من جلباب لقبها كدوقة ساسكس.