أهالي الموصل يدفنون موتاهم مرتين

أهالي الموصل يدفنون موتاهم مرتين
TT

أهالي الموصل يدفنون موتاهم مرتين

أهالي الموصل يدفنون موتاهم مرتين

أصبحت مدينة الموصل العراقية، رمزًا للمأساة، منذ أن سيطر عليها تنظيم داعش المتطرف، وعاث فيها فسادًا وخرابًا وإرهابًا.
وتعيش الموصل حالة حرب منذ مائة يوم تتخللها غارات تستهدف مواقع التنظيم الإرهابي، في أحد آخر أكبر معاقله بالعراق، بعد أن فقد السيطرة على معظم المناطق التي استولى عليها في يونيو (حزيران) 2014.
يقول عبد الرحمن رياض، الذي قُتِل والده ووالدته وشقيقه الأصغر في غارة جوية على الموصل: «دفنَّاهم تحت أشجار البرتقال» في الحديقة، بانتظار مواراتهم الثرى في مكان آخر.
ويضيف عبد الرحمن، وهو يشير إلى ثلاث أكوام ترابية مستطيلة: «هنا يرقد والدي وهنا والدتي وهنا أخي الصغير».
أفراد عائلة عبد الرحمن الثلاثة قضوا مع أهالي آخرين في الحي الزراعي شرق الموصل، في غارة جوية في السادس من يناير (كانون الثاني)، أدت إلى تدمير ثلاثة منازل.
وتخوض القوات العراقية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، معركة واسعة منذ 17أكتوبر (تشرين الأول) لاستعادة السيطرة على الموصل. وأعلنت القوات العراقية الثلاثاء سيطرتها على كامل الجانب الشرقي من ثاني مدن العراق.
ويستذكر عبد الرحمن الذي نجا مع شقيقه عدنان الذي يكبره بعامين ذلك اليوم، بقوله: «انهار كل شيء من حولي. رفعت الحطام ونهضت. ناديت أخي حتى أتأكد أنه لا يزال حيًا. كان مصابًا في ساقه».
وتابع عبد الرحمن: «بدأت بعدها بالبحث عن أخي الصغير وأمي وأبي وأنا أصرخ. لكن أحدًا لم يجب».
ويُرغَم الأخوانِ بسبب المعارك على دفن أفراد عائلتهم في حديقة منزل جدهما القريب من منزلهما.
وقال عبد الرحمن بألم: «كان علي أن أودع الثلاثة في يوم واحد. دفنت جزءًا من روحي معهم».
ويأمل الأخوان في أن يتمكنا من نقل رفاتهما إلى مقبرة العائلة في غرب المدينة حيث يرقد جدهما، لكن قد يتعين عليهم الانتظار طويلاً، لأن الأحياء الغربية لا تزال تحت سيطرة المتطرفين الذين يتوقع أن يبدوا مقاومة شرسة أمام تقدم القوات العراقية.
وفي مقبرة قوقجلي الواقعة في أحد الأحياء الأولى التي استعادتها القوات العراقية في شرق الموصل، يقول حفار القبور فالح محمد إن الأهالي يحضرون يوميًا نحو عشر جثث «لدفنها مرة ثانية».
ويضيف محمد، وهو يواصل عمله، إن «البعض منهم توجد مقبرة عائلتهم في الغرب، وهم سينقلون الجثامين مرة أخرى بعد استعادة الأحياء الغربية».
ويتابع، وهو ينظر إلى شواهد القبور الممتدة في خط طويل: «كانت الأمور سهلة في السابق. عندما يموت أحد يُدفَن مرة واحدة. الآن، الناس يُدفنون مرتين أو حتى ثلاث!».
في غضون ذلك، توقفت شاحنة صغيرة قرب حفرتين، وبحرص شديد حمل ابن جثة والده الملفوفة ببطانية وقماش أبيض عليه بقع من الدم، فيما اختلطت رائحة الموت الحادة برائحة التراب الرطب.
والقبران هما لشخصين قُتِلا قبل نحو ثلاثة أسابيع جراء سقوط قذيفة «هاون» قرب منزلهما، ودُفِنا في الحديقة.
ويقول الشيخ الذي يتلو صلاة الجنازة وسط صمت الجميع: «تذكر أيها الإنسان أنك من التراب وإلى التراب تعود».
ويقول رعد حسن أحد أقارب الضحيتين حزينًا: «دفنهما في المرة الأولى كان صعبًا، وهو في المرة الثانية أصعب بكثير».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.