انقسامًا حادًا في «هيئة التشاور» جراء الاستحقاق البرلماني في الجزائر

رئيس «هيئة الانتخابات» يشدد على اهمية إجرائها في مايو المقبل

انقسامًا حادًا في «هيئة التشاور» جراء الاستحقاق البرلماني في الجزائر
TT

انقسامًا حادًا في «هيئة التشاور» جراء الاستحقاق البرلماني في الجزائر

انقسامًا حادًا في «هيئة التشاور» جراء الاستحقاق البرلماني في الجزائر

استنكر أهم تكتل حزبي معارض في الجزائر «التصريحات الرسمية التي تضيق على الرأي المخالف، وتمنع الأحزاب المقاطعة للانتخابات التعبير عن مواقفها»، في إشارة إلى تهديد وزير الداخلية بإلغاء رخص الأحزاب التي ترفض المشاركة في انتخابات البرلمان، المرتقبة في مايو (أيار) المقبل.
وذكرت «هيئة التشاور والمتابعة للمعارضة»، أمس، عقب لقاء جمع قياداتها بالجزائر، أنها ترفض التهديدات الصادرة عن وزير الداخلية نور الدين بدوي، الذي يبدي حساسية شديدة من الدعوة إلى العزوف عن صندوق الاقتراع، ولم يتردد في وصف هذه الدعوة بأنها «تصب في مصلحة خصوم الجزائر»، وأن «الخصم» لا يعدو كونه «بعبعا»، تلوح به الحكومة عندما تواجه أزمة حادة. وبحسب بدوي، تعد «الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات»، التي جاء بها التعديل الدستوري الذي تم مطلع 2016 «ضمانة أكيدة على نزاهة الانتخابات»، في إشارة إلى مخاوف أحزاب المعارضة من تزوير محتمل.
وتضم «هيئة التشاور» «حركة مجتمع السلم»، و«حركة النهضة»، و«جبهة العدالة والتنمية»، وهي أحزاب أعلنت كلها مشاركتها في الانتخابات، كما تضم أحزابا أخرى رفضت دخول المعترك الانتخابي، مثل «جيل جديد» و«طلائع الحريات»، الذي يرأسه رئيس الوزراء سابقا علي بن فليس. وقد أحدث الموقف من الانتخابات شرخا بين هذه الأحزاب، ويصب ذلك في مصلحة الحكومة التي تراهن على عدم استجابة الناخبين لدعوة مقاطعة الاستحقاق.
وصرح عبد الوهاب دربال، رئيس «هيئة مراقبة الانتخابات»، بمناسبة بدء أعمالها رسميا، أول من أمس، بأنه يعتزم تنظيم «انتخابات نظيفة في كنف الهدوء واحترام قوانين الجمهورية»، وقال أمام عدد كبير من رجال السياسة والمجتمع المدني إننا «نؤكد لكم نيتنا الصادقة وعزمنا الراسخ، وإرادتنا القوية من أجل تنظيم انتخابات نظيفة، لذا أطلب العون والدعم والمؤازرة من الجميع لإنجاح الموعد الانتخابي المقبل».
وتحدث دربال، وهو وزير سابق، عن الحرب الأهلية التي عاشتها البلاد في تسعينات القرن الماضي، فقال إن المأساة الوطنية «كادت تعصف بالبلاد كلها، قبل أن يحل الوئام المدني ثم المصالحة الوطنية لتبدأ مسيرة التنمية والبناء، وتسترجع بلادنا مكانتها اللائقة بها في كل المحافل الدولية على المستويين الإقليمي والدولي». و«الوئام» (1999) و«المصالحة» (2006) مشروعان سياسيان، يقترحان عفوا عن المسلحين المتطرفين في مقابل التخلي عن السلاح.
وتتألف «الهيئة» من 410 أعضاء، نصفهم قضاة والنصف الآخر نشطاء بالجمعيات. وتقول المعارضة إنها لا تثق في قدرة دربال على تنظيم انتخابات حرة ما دامت هيئته مرتبطة بالرئاسة، وأعضاؤها اختارهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وبحسب دربال، فإن الهيئة «تشكل إطارا دستوريا وصمام أمان لتثمين الفعل الانتخابي، وحماية حق الاختيار فضلا عن مراقبة عمليات الاقتراع، بما يوفر للمواطن مناخا يساعده ويشجعه على اختيار ما يراه مناسبا، لتمثيله بكل حرية ودون إكراه»، وأضاف موضحا أن «الهيئة تستمد شرعيتها وقوتها ومصداقيتها من الدستور، لأنها الإطار السياسي والقانوني الأمثل لضمان شفافية ونزاهة الانتخابات وتأمين خيار الناخب».
وأشاد دربال بـ«ورشات الإصلاح الكبرى التي باشرتها الجزائر، في قطاعات القضاء والتعليم وإدارة الشأن العام، وتوجت بإصلاحات سياسية دستورية عميقة، كان من ثمارها ميلاد هذه الهيئة الفتية الواعدة»، وترى المعارضة أن ما تسميه الحكومة «إصلاحات دستورية»، هي بمثابة هروب إلى الأمام لتفادي التغيير الذي يطالب به قطاع من الطبقة السياسية.
وشدد دربال على أن «حياد الهيئة، من حيث استقلالها القانوني والمالي، وعدم انتماء أعضائها لأي حزب سياسي، سيجسد بالتأكيد استقلاليتها وممارستها مهامها بمنأى عن كل أشكال الضغط المعنوي والمادي»، وتابع أن الرئيس بوتفليقة «يحرص شخصيا على توفير المناخ الملائم، وجميع الشروط المادية والمعنوية والقانونية كي تقوم الهيئة بمهامها في أحسن الظروف، وفق المقاييس المعمول بها دوليا، وهذا يؤكد رغبة السلطات العليا في البلاد في مواصلة مسار الإصلاحات، وكذا إضفاء مزيد من الشفافية في تسيير الشأن العام، وتوفير المطلوب من الضمانات السياسية والقانونية، وتكريس المثل التي تبعث على الثقة والارتياح، في تأدية الواجب الانتخابي».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.