أصداء حديث بارزاني لـ«الشرق الأوسط» تتردد في بغداد

أصداء حديث بارزاني  لـ«الشرق الأوسط» تتردد في بغداد
TT

أصداء حديث بارزاني لـ«الشرق الأوسط» تتردد في بغداد

أصداء حديث بارزاني  لـ«الشرق الأوسط» تتردد في بغداد

ليس من مزايا نائب رئيس الجمهورية العراقي الحالي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، التزام الصمت حيال التصريحات التي يطلقها ضده خصومه السياسيون من مختلف الاتجاهات السياسية، فالرجل عرف بمزاجه الحاد وتصريحاته النارية التي تغدو في أحيان كثيرة مادة مثيرة تتداولها وسائل الإعلام المختلفة، غير أن ذلك لم يحدث حتى الآن بشأن التصريحات التي أطلقها رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ضده في المقابلة التي أجرتها معه «الشرق الأوسط» ونشرتها أول من أمس، وقال فيها: «في اللحظة التي يتولى فيها المالكي رئاسة الوزراء سأعلن استقلال كردستان ومن دون الرجوع إلى أحد وليكن ما يكون».
ويرى مراقبون، أن عدم استعجال المالكي بالرد لا يعني بالضرورة أن الرجل آثر «صمت الحكماء» على الدخول مجددًا في معمعة التصريحات العدائية مع إقليم كردستان عمومًا وبارزاني على وجه الخصوص، ولا يستعبدون أن يعمد المالكي في غضون الساعات المقبلة إلى إصدار بيان متشدد يكسر صمته غير المعتاد حيال بارزاني.
ويعتقد المحلل السياسي الدكتور عصام الفيلي، أن تصريحات بارزاني الأخيرة «هدفها سد الباب أمام أي خيار مستقبلي بشأن عودة المالكي إلى السلطة» ويرى أن المالكي يسعى إلى ذلك عبر «طرحه لموضوع حكومة الأغلبية السياسية، أو استبدال النظام البرلماني القائم اليوم بآخر رئاسي».
أما عالية نصيف، النائبة عن ائتلاف «دولة القانون» الذي يتزعمه المالكي، فترى أن بارزاني «مصاب بفوبيا المالكي». وتعلل النائبة المقربة من زعيم «دولة القانون»، ذلك قائلة: «لم يستطع أحد الوقوف في وجه نزعة بارزاني التسلطية والانفصالية، سوى المالكي، لذلك هو يخشى عودته».
بدوره، يرى النائب عن ائتلاف «الوطنية» حامد المطلك، أن «موضوع التصريحات يخص السيد بارزاني»، لكنه يعتقد أن «الخلافات وتغليب المصلحة الخاصة هي من أدى إلى مثل هذه التشنجات، ومن حق السيد بارزاني التكلم بما يريد، لأن لديه قناعة بأن السيد المالكي تسبب في بعض الأمور التي أوصلت البلاد إلى هذا المستوى».
ويعيد التشنج الأخير في العلاقة بين بارزاني والمالكي إلى الأذهان العلاقة المتوترة التي تنامت بين الرجلين على خلفية «اتفاق أربيل» عام 2011 الذي اتفق بارزاني بموجبه مع زعيم القائمة العراقية إياد علاوي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وزعامات سنية مختلفة على طرح الثقة بالمالكي الذي كان رئيس الوزراء حينها، بعد أن اتهموه بالديكتاتورية والتفرد بالسلطة، لكن ظروفًا مختلفة، منها معارضة رئيس الجمهورية آنذاك جلال طالباني، حالت دون إطاحة المالكي. ومنذ ذلك التاريخ تقريبًا، حكمت علاقة بارزاني – المالكي عوامل خلافية واتهامات متبادلة بين الجانبين، وصلت ذروتها حين قام المالكي في ديسمبر (كانون الأول) 2012 بتحشيد قوات عسكرية على مشارف مدينة طوزخورماتو في محافظة كركوك لمجابهة النفوذ المتنامي لقوات البيشمركة الكردية، ثم قام بقطع المخصصات المالية عن إقليم كردستان بحجة عدم التزام الإقليم بتسليم عائدات النفط إلى بغداد. وما زالت العلاقة المتوترة بين المالكي وبارزاني تلقي بظلالها القاتمة على العلاقة بين بغداد وأربيل حتى مع وجود رئيس الوزراء حيدر العبادي على سدة السلطة، حيث ما زالت مشكلات النفط وأموال الموازنة الاتحادية ومرتبات البيشمركة الكردية عوامل نزاع قابلة للانفجار. ولعل ذلك بمجمله يذكر بالتوتر المتواصل الذي طبع العلاقة بين حكومات بغداد المتعاقبة والكرد في تاريخ العراق المعاصر.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».