اتفاق روسي ـ تركي ـ إيراني في آستانة على آلية ثلاثية لمراقبة وقف إطلاق النار

تنشر أبرز ما ورد في الورقة التي تقدّمت بها المعارضة السورية

وفد المعارضة السورية في آستانة برئاسة محمد علوش (أ.ب)
وفد المعارضة السورية في آستانة برئاسة محمد علوش (أ.ب)
TT

اتفاق روسي ـ تركي ـ إيراني في آستانة على آلية ثلاثية لمراقبة وقف إطلاق النار

وفد المعارضة السورية في آستانة برئاسة محمد علوش (أ.ب)
وفد المعارضة السورية في آستانة برئاسة محمد علوش (أ.ب)

انتهت مباحثات آستانة التي انعقدت في عاصمة كازاخستان يومي الاثنين والثلاثاء بهدف تثبيت وقف إطلاق النار في سوريا والتمهيد لانعقاد مؤتمر جنيف في الثامن من الشهر المقبل، إلى اتفاق روسي - تركي - إيراني على إنشاء آلية ثلاثية لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار. غير أنه تعذّر ضمان استمرار الهدنة، التي أمكن التوصل إليها في أنقرة بوقت سابق، في ظل تأكيد ممثل النظام السوري في آستانة مواصلة النظام والميليشيات الحليفة حملتهما العسكرية على وادي بردى بذريعة تأمين مياه الشرب للعاصمة دمشق.
وفي حين حاول وفد النظام إلى آستانة مغازلة الروس بوصفه المباحثات بـ«الناجحة»، وإعلانه دعمه للبيان المشترك الذي صدر عن روسيا وإيران وتركيا، أعرب محمد علوش، رئيس وفد المعارضة السورية، عن تحفظات عن بعض ما جاء في البيان. وأوضح علوش للصحافيين أن وفد المعارضة قدم اقتراحا منفصلا لوقف إطلاق النار، وينتظر جوابا من موسكو عليه في غضون أسبوع. وتابع بعد انتهاء المحادثات أن «الروس انتقلوا من مرحلة كونهم طرفا في القتال، ويمارسون الآن جهودا كي يصبحوا أحد الضامنين، وهم يجدون عقبات كثيرة من جماعة حزب الله وإيران والحكومة السورية». وحمّل علوش في وقت لاحق النظام السوري وإيران مسؤولية الإخفاق في إحراز «تقدم يذكر» في هذه المباحثات، مشترطا تثبيت وقف إطلاق النار للمشاركة في اجتماعات جنيف المرتقبة الشهر المقبل.
* ورقة المعارضة
هذا، وتمكنت «الشرق الأوسط» من الحصول على الورقة التي تقدمت بها المعارضة في إطار رؤيتها لوقف إطلاق النار، وهي تضمنت 27 بندًا جاء في أبرزها إحالة الاتفاق إلى مجلس الأمن لتحويله إلى قرار دولي، وسحب القوات والميليشيات الأجنبية من كامل سوريا في مدة أقصاها شهران من تاريخ توقيع الاتفاق تحت إشراف لجنة مراقبة وجهات دولية ضامنة، وتشكيل ونشر قوة حفظ سلام دولية متعددة الجنسيات. كذلك تنص ورقة المعارضة على «تنفيذ عمليات قتالية ضد (داعش) بعد موافقة لجنة مراقبة وقف إطلاق النار» وإطلاق سراح جميع السجناء المدنيين والسياسيين والعسكريين الذين تم احتجازهم منذ الأول من شهر يناير (كانون الثاني) من عام 2011.
وفي السياق نفسه، قال هشام مروة، عضو «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» المعارض وأحد أعضاء الوفد الاستشاري إلى آستانة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن ما حصل في كازاخستان «خطوة على الطريق، وكان من الممكن أن يكون الوضع أفضل لو كان هناك إرادة حقيقية لدى الطرف الآخر بالوصول إلى اتفاق. لكن بخلاف ذلك أصر النظام ومع دخولنا إلى الاجتماع على تصعيد حملته العسكرية على وادي بردى ومناطق سورية أخرى». وتابع مروة: «مشكلتنا الحقيقية هي بمحاولة فرض إيران أحد الأطراف الضامنة لوقف إطلاق النار وهي عمليا الطرف الذي يخرق الهدنة».
وأكد مروة، ردا على سؤال، ما أعلنه رئيس الوفد الروسي إلى اجتماع آستانة، عن تسليم موسكو وفد المعارضة مشروع الدستور الجديد لسوريا الذي أعده الخبراء الروس، إذ قال: «صحيح وزعوا علينا أوراقا متعددة، بينها مسودة الدستور، لكننا لم نهتم لما تضمنته لأننا لسنا في كازاخستان للبحث في هذا الموضوع. بل إن وفدنا من العسكريين ويبحث فقط بوقف إطلاق النار». ثم أردف: «على كل حال هذه المسودة قديمة ويتم التداول بها من أكثر من 6 أشهر».
وضمن برنامج المؤتمر تلا وزير خارجية كازاخستان خيرت عبد الرحمنوف البيان الختامي للمباحثات، فقال إنه تقرر «تأسيس آلية ثلاثية لمراقبة وضمان الامتثال الكامل لوقف إطلاق النار ومنع أي استفزازات وتحديد كل نماذج وقف إطلاق النار»، مشددا على أنه «لا يوجد حل عسكري للنزاع، وأنه من الممكن فقط حله عبر عملية سياسية تعتمد على تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254 بشكل كامل». وأكد البيان أن وفود البلدان الثلاثة «يعيدون التأكيد على تصميمهم محاربة داعش والنصرة بشكل مشترك»، كما أنهم «يعبرون عن قناعتهم بأن هناك حاجة ملحة لتصعيد جهود إطلاق عملية مفاوضات وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254».
أما المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا فاعتبر خلال مؤتمر صحافي عقده في ختام المباحثات أن «الهدنة ستساهم في تأسيس الأجواء لمشاركة سياسية لجميع المكونات السورية، وهذه قفزة نوعية لبداية المفاوضات الشاملة في جنيف الشهر المقبل»، مشددا على ضرورة «عدم تضييع الوقت في تعزيز الهدنة، بل استثماره لإطلاق العملية السياسية». ومن الجانب الروسي، دعا ألكسندر لافرينتيف، رئيس الوفد الروسي، جميع أطياف المعارضة للمشاركة في مفاوضات جنيف الشاملة للتسوية بسوريا، وقال إن روسيا وتركيا وإيران اتفقت على إنشاء فرقة عمل مشتركة لمراقبة وقف إطلاق النار في سوريا، على أن تبدأ عملها في أستانا في أوائل فبراير (شباط) المقبل. وشدد لافرينتيف على أن محادثات كازاخستان حول سوريا ليست بديلا للتفاوض في جنيف.
* تحفظات المعارضة
بحسب «المكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية» فإن المعارضة سجلت سلسلة تحفظات على البيان الختامي للمؤتمر أبرزها، رفض وجود إيران كعضو في «آلية مراقبة وضمان وقف إطلاق النار»، والتحفّظ عنى مصطلح «علمانية الدولة» والفقرة الملحقة بها «سوريا دولة قومية متعددة الأعراق»، مبررة ذلك بأنّه يفتح الباب على موضوع التقسيم و«الفيدرالية». وفي حين حذر أسامة أبو زيد، عضو وفد المعارضة السورية إلى آستانة، روسيا من أن اتفاق وقف إطلاق النار الهش في البلاد سيتم «تدميره» إذا ما سيطرت قوات النظام على وادي بردى (شمال غربي دمشق) بعد انتهاء المحادثات في العاصمة الكازاخية، قال المتحدث باسم فصيل «صقور الشام» وممثله في مؤتمر آستانة إن «البيان المشترك الذي صدر لا يخص وفد المعارضة، وليست طرفًا موقعًا عليه، وأنّ المعارضة لديها تحفظات، وهي غير معنية بالبيان، ولكنه سيحسب عليها».
ولم يستغرب محمد سرميني، مدير مركز «جسور» للدراسات، من جهته، في حوار مع «الشرق الأوسط»، النتائج المحدودة التي توصل إليها مؤتمر آستانة، إذ قال إن سقف التطلعات كان أصلا غير مرتفع لأسباب عدة أبرزها انعدام رغبة النظام وإيران في إنجاحه باعتبار أنّهما أتيا تحت الضغوط الروسية إلى كازاخستان. وتابع سرميني: «المعارضة قامت بأداء مميز في المؤتمر من خلال تماسكها ووحدة رؤيتها ومطالبها»، مشيرًا إلى أن «إدخال طهران كطرف ضامن لوقف إطلاق النار يزيد الوضع تعقيدًا، خاصة بعد رفع الأعلام الإيرانية يوم أمس في مناطق جنوب دمشق».
أخيرًا، لفت أمس مع أعلنه جهاد مقدسي، أحد المعارضين المنتمين إلى «مجموعة القاهرة»، في حديث لوكالة «سبوتنيك» الروسية عن تلقي منصات الرياض وموسكو والقاهرة للمعارضة السورية دعوة لعقد لقاء مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوم 27 يناير. وأوضح مقدسي أن الاجتماع في موسكو سيكون تشاوريًا، وأوضح أن الهدف منه عرض وجه نظر المعارضة حول السبيل الأفضل لإنجاح جولة المفاوضات المقبلة في جنيف.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.