بصمة ترمب على البيت الأبيض... اللون الذهبي للستائر والإبقاء على تمثال لوثر كينغ

«اللغة الإسبانية» تختفي من الموقع الإلكتروني للرئاسة الأميركية وحساب «تويتر»

المستشارة بالبيت الأبيض كيليان كونواي تقف أمام تمثال لمارتن لوثر كينغ الذي جرى تغيير موقعه بعد تولي ترمب الرئاسة (رويترز)
المستشارة بالبيت الأبيض كيليان كونواي تقف أمام تمثال لمارتن لوثر كينغ الذي جرى تغيير موقعه بعد تولي ترمب الرئاسة (رويترز)
TT

بصمة ترمب على البيت الأبيض... اللون الذهبي للستائر والإبقاء على تمثال لوثر كينغ

المستشارة بالبيت الأبيض كيليان كونواي تقف أمام تمثال لمارتن لوثر كينغ الذي جرى تغيير موقعه بعد تولي ترمب الرئاسة (رويترز)
المستشارة بالبيت الأبيض كيليان كونواي تقف أمام تمثال لمارتن لوثر كينغ الذي جرى تغيير موقعه بعد تولي ترمب الرئاسة (رويترز)

بعد أيام قليلة على دخول دونالد ترمب البيت الأبيض، قرر إحداث تغييرات وإعادة تصميم بعض ديكورات البيت الأبيض، وإصدار نسخة جديدة لموقع البيت الأبيض الإلكتروني.
وتضمنت التغييرات لديكور المكتب البيضاوي تغيير الستائر الحمراء التي كانت موجودة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، إلى أخرى ذهبية اللون. كما قام الرئيس ترمب باستبدال سجادة الرئيس السابق أوباما الدائرية، والتي تحتوي على مقولات بعض القادة، منهم مارتن لوثر كينغ جونيور، والرؤساء السابقون. وأعاد الرئيس ترمب السجادة التي قامت لورا بوش بتصميمها، واستخدمها زوجها الرئيس السابق جورج بوش لبثها روحًا إيجابية في المكتب.
لكن الرئيس ترمب لم يزل تمثال مارتن لوثر كينغ جونيور النصفي كما ادعت بعض وسائل الإعلام، بل قام بتغيير محله في الغرفة ووضع مكانه تمثالاً نصفيًا لرئيس الوزراء البريطاني السابق وينستون تشرشل. واستبدل الرئيس ترمب أيضًا أرائك الرئيس السابق الرمادية، بأخرى ذهبية اللون.
كما أبقى الرئيس ترمب على مكتب الريسولوت الذي كان هدية من الملكة السابقة لبريطانيا فيكتوريا للرئيس السابق روثرفورد هيز عام 1880، حيث أعادت جاكي كينيدي زوجة الرئيس السابق جون كينيدي، هذا المكتب للمكتب البيضاوي خلال رئاسة زوجها ومنذ ذلك الوقت استخدمه الكثير من الرؤساء السابقين مثل جيمي كارتر، ورونالد ريغان، وبيل كلينتون، وجورج بوش، وباراك أوباما.
وكان من المتوقع استخدام الرئيس ترمب للون الذهبي في ديكور المكتب البيضاوي، وربما باقي البيت الأبيض، حيث إن منازله، كـ«ترمب تاور وترمب بينت هاوز»، ممتلئة بالديكورات والأثاث الذهبي. ليس الرئيس ترمب الوحيد في تفضيله للون الذهبي، بل الرئيسان السابقان بيل كلينتون وجورج بوش أيضًا وضعا ستائر ذهبية في المكتب البيضاوي.
تاريخيًا، تولت السيدة الأولى إدارة التغييرات لغرف المعيشة مع مصمم الديكور وتحت إشراف أمين البيت الأبيض. وقد قامت السيدة الأولى الجديدة ملانيا ترمب بمقابلة أمين البيت الأبيض هذا الشهر، ولكن السيدة الأولى ستبقى مع ابنها بارون في نيويورك على الأقل لمدة ستة أشهر قبل أن تنتقل إلى البيت الأبيض بشكل نهائي.
ولا يبدو أن الرئيس ترمب سيقوم بتغيير المزيد في البيت الأبيض، حيث صرح لمجلة «بيبول» قبل الانتخابات عندما سألته ما إذا كان البيت الأبيض سيصبح البيت الذهبي «إذا تم انتخابي، ربما سأقوم بوضع بعض اللمسات، لكن البيت الأبيض مكان مميز، لا تريد وضع الكثير من اللمسات».
من جهة أخرى، تفاجأ متحدثو اللغة الإسبانية حول العالم باختفاء خاصية اللغة الإسبانية من على الموقع الإلكتروني الجديد للبيت الأبيض والحساب الخاص للمكتب البيضاوي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».
اللغة الإسبانية في الولايات المتحدة يتحدثها نحو 50 مليون مواطن من أصول لاتينية، أغلبهم مهاجرون من القارة الجارة للولايات المتحدة، إضافة إلى أهمية هذه اللغة هناك والتي تعتبر اللغة الثانية في الولايات المتحدة بعد اللغة الإنجليزية، تحدثًا.
الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب كان حازمًا منذ بداية حملته الرئاسية عندما هاجم عددًا من مرشحي الرئاسة الذين يتحدثون باللغة الإسبانية، مثل جيب بوش والمرشح من أصل كوبي روبيو، والذين كان البعض منهم يتحدث لمؤيديه من الجاليات الإسبانية بهذه اللغة، خصوصًا أن جيب بوش يتحدثها بطلاقة؛ نظرًا لارتباطه بزوجة مكسيكية.
وتداولت وسائل الإعلام الإسبانية والأميركية خبر اختفاء اللغة الإسبانية بريبة شديدة، خصوصًا أن الرئيس الجديد وإدارته يبدو أنهم بدأوا في تنفيذ وعودهم بإلغاء عدد من قرارات الرئيس الأسبق أوباما، فقد قام الرئيس ترمب بمراجعة اتفاق «نافتا» التجاري مع المكسيك وكندا، وقام بإقرار عدد من المراسيم الجديدة فور وصوله إلى البيت الأبيض.
اللغة الإسبانية ليست وحدها التي اختفت من على موقع البيت الأبيض، بل أيضًا اختفت مشاريع الرئيس الأميركي الأسبق أوباما، مثل حملات التوعية للتغير المناخي، وقضايا المرأة، وحقوق المثليين في الولايات المتحدة.
ويرى محللون أن ترمب بالفعل بدأ في تنفيذ وعوده الانتخابية بعدم المضي في عدد من القرارات التي اتخذتها الإدارة السابقة، خصوصًا أن إدارة أوباما كانت تهتم بوجود اللغة الإسبانية والتغيرات المناخية وغيرها من القضايا التي تعتبرها إدارة الرئيس الأميركي الجديد ترمب غير مجدية، كما أن ترمب تعهد بأن تكون الولايات المتحدة للأميركيين، في إشارة إلى رفض سياسات الهجرة التي انتهجها أوباما، إضافة إلى اعتزازه بلغته الإنجليزية، ورغبته في أن تكون هي الأساس دون غيرها من اللغات.
وخلال الأيام القليلة المقبلة، سيلتقي الرئيس الجديد ترمب مع نظيره المكسيكي بينيا نييتو في الولايات المتحدة، في إطار إيجاد أرضية مشتركة للتفاهم، خصوصًا أن حملة الرئيس ترمب وتصريحاته تسببت في أضرار بالغة للأوضاع السياسية والاقتصادية في المكسيك أدت لانهيار عملة الـ«بيزو» المكسيكية. كما أصبحت هناك حالة من الضبابية السياسية في البلاد بعد إصرار ترمب على المضي قدمًا في سياسة إقامة الجدار العازل مع المكسيك الذي توعد ترمب بأن تدفع المكسيك تكلفته، وأن تعمل أيضًا على الحد من الهجرة والمهاجرين القادمين من أميركا اللاتينية.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.