تقارير عن «تفاهم» روسي ـ تركي حول دخول قوات النظام إلى الباب

تقارير عن «تفاهم» روسي ـ تركي حول دخول قوات النظام إلى الباب
TT

تقارير عن «تفاهم» روسي ـ تركي حول دخول قوات النظام إلى الباب

تقارير عن «تفاهم» روسي ـ تركي حول دخول قوات النظام إلى الباب

رجح خبراء معنيون بالملف السوري وجود تفاهم روسي – تركي يقضي بالسماح لقوات النظام السوري بدخول مدينة الباب في محافظة حلب، بشمال غربي سوريا، وذلك بعد نحو شهر من فشل قوات المعارضة المدعومة من أنقرة باختراق تحصينات تنظيم داعش عند مشارف المدينة.
الخبراء يرجحون أن يكون هذا التفاهم جزءًا من سلسلة التفاهمات والتنازلات المتبادلة بين أنقرة وموسكو التي مهّدت لمباحثات آستانة، ويتحدثون عن «تقاطع مصالح» بين تركيا والنظام السوري للتصدي لتمدد ميليشيات الأكراد في مناطق الشمال السوري. وفي سياق يدعم هذا «السيناريو» واصلت قوات النظام والميليشيات الحليفة يوم أمس تقدمها باتجاه المحور الجنوبي الغربي لمدينة الباب بعد سيطرة هذه القوات والميليشيات على عدد من القرى في ريف محافظة حلب الشرقي. ووفق رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» فإنه «بعد فشل الأتراك طوال شهر كامل في تحقيق أي تقدم يُذكر في الباب، باتت قوات النظام هي التي تضغط عسكريًا للوصول إلى المدينة بعد حصولها على غطاء روسي – تركي سيؤمن لها إما الدخول إليها أو ممارسة ضغوط على داعش لإجباره على الخروج منها».
وأشار عبد الرحمن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه «وبالتزامن مع توقف هجوم القوات الموالية لأنقرة، ومنها (الجيش السوري الحر)، وكذلك الميليشيات الكردية باتجاه الباب، وسيطرة قوات النظام في الساعات القليلة الماضية على قريتين بريف الباب، لا تزال المدينة تتعرض لغارات من مصادر متنوعة، باعتبار أنه جارٍ قصفها من الطيران الأميركي، وأيضًا، من الطيرانين التركي والروسي إضافة لطيران النظام».
من ناحية ثانية، رجّح ماريو أبو زيد، الباحث السياسي والخبير الاستراتيجي اللبناني، لـ«الشرق الأوسط» أن يكون الاتفاق الروسي - التركي على موضوع الباب «جزءًا من الاتفاق الأوسع بينهم أو الذي أدّى لإطلاق مفاوضات آستانة». وأردف أن قوات النظام «تتمتع اليوم بضوء أخضر يسمح لها بالتقدم باتجاه المدينة، خاصة أنه لا مصلحة تركية حالية بالدخول إليها باعتبار أن جزءًا كبيرًا من الهدف الذي وضعته أنقرة نصب عينيها قبل الانخراط في المعركة السورية، قد تحقق فعليا بالحد من تقدم الأكراد على الشريط الحدودي التركي – السوري».
وتابع أبو زيد قائلا: «الطرفان التركي والروسي وغيرهما من الأطراف قدموا تنازلات كبيرة قبل انطلاق مباحثات آستانة، لكن يبقى تقاطع المصالح هو الأساس في مدينة الباب وفي الشمال السوري»، لافتا إلى «اتفاق ضمني مصلحي بين أنقرة ودمشق بتنسيق روسي على وقف التمدد الكردي شمال البلاد وقطع الطريق على (ميليشيا) قوات سوريا الديمقراطية التي كانت من الراغبين في دخول الباب».
في المقابل، يعي الانفصاليون الأكراد تمامًا أن التطورات الميدانية التي يشهدها الشمال السوري، وبشكل خاص موافقة أنقرة على دخول قوات النظام إلى الباب، تندرج بإطار المعركة المفتوحة من أكثر من طرف بوجههم.
وهو ما عبّرت عنه نوروز كوباني، المسؤولة في المكتب الإعلامي لـ«وحدات حماية المرأة» الكردية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بقولها «خسارة كبيرة تعرض لها الأتراك على مشارف الباب، خاصة في ظل غياب دعم التحالف الدولي الذين كانوا يعوّلون عليه».
وأضافت: «الآن ذهبوا إلى حضن روسيا وإيران الموجودة بقوة كبيرة قرب الباب... كل ما يهم أنقرة هو أن لا تسيطر الوحدات الكردية على المدينة ولا يعنيهم إذا سيطر عليها النظام». وأضافت: «على كل الأحوال، الأمور لا تزال غير واضحة تمامًا بشأن الباب، خاصة بعد تولي (الرئيس الأميركي دونالد) ترمب مقاليد الحكم... نحن أيضا ننتظر سياسة الإدارة الأميركية الجديدة لنبني على الشيء مقتضاه».
في هذه الأثناء، جاء في تقرير مفصّل أعده «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن التطورات في مدينة الباب، أفاد بأنّه خلال الساعات الفائتة «اقتربت قوات النظام والمسلحون الموالون لها لمسافة تقل عن 15 كلم من المحور الجنوبي الغربي لمدينة الباب، بعد تمكنها من فرض سيطرتها على قرية صوران». وأوضح التقرير أن هذه القوات تسعى أيضا إلى «قضم مناطق سيطرة التنظيم وإبعاده بشكل أكبر عن مدينة حلب وأطرافها، وتوسيع نطاق سيطرتها على المنطقة، بالإضافة إلى تشتيت تنظيم داعش الذي يقاتل في حلب على جبهات ثلاث، إحداها مع مجلس منبج العسكري والأخرى مع القوات التركية و(درع الفرات) والثالثة مع قوات النظام، بالإضافة للجبهات المفتوحة مع ميليشيا (قوات سوريا الديمقراطية) في ريفي محافظة الرقّة الشمالي والغربي، ومع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في الريف الشرقي لمحافظة حمص».



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.