نقابة العمال ترفض فتح مراكز لإيواء المهاجرين في تونس

نقابي سابق: من الضروري الفصل بين النضال النقابي والعمل السياسي

نقابة العمال ترفض فتح مراكز لإيواء المهاجرين في تونس
TT

نقابة العمال ترفض فتح مراكز لإيواء المهاجرين في تونس

نقابة العمال ترفض فتح مراكز لإيواء المهاجرين في تونس

عبر حسين العباسي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (رئيس نقابة العمال) المنتهية ولايته، خلال أشغال افتتاح المؤتمر الثالث والعشرين لكبرى نقابات العمال في تونس عن رفض المنظمة النقابية للعودة القسرية للمهاجرين إلى تونس، في إشارة إلى الطلب الألماني الملح بقبول مهاجرين على الأراضي التونسية.
وأكد العباسي رفض اتحاد الشغل فتح مراكز لإيواء المهاجرين في تونس، ودعا إلى التسريع بعقد المؤتمر الوطني لمكافحة الإرهاب لمحاربة هذه الآفة ولاستبعاد كل مساعي التبرير أو التخفيف من خطورة ظاهرة الإرهاب.
وفي تقييمه للوضع السياسي في تونس، قال العباسي إن «البلاد، وبعد نحو خمس سنوات من التغيير ومن المد الثوري الجارف وقوى الشد التي تحن إلى الماضي، مرت بشرعية انتخابية لم تستكمل شروط نضجها وبشرعية شعبية حريصة على استكمال أهداف الثورة» على حد تعبيره. وأكد على أن المشهد العام ما زال مهددا بالانخرام الاجتماعي والسياسي.
وانطلقت يوم أمس بقصر الرياضة بالمنزه (العاصمة التونسية) أشغال المؤتمر الانتخابي للاتحاد العام التونسي للشغل، تحت شعار «الولاء لتونس والوفاء لـ(الشهداء) والإخلاص للعمال». ومن المنتظر أن يفرز المؤتمر انتخاب قيادة جديدة وضبط برنامج عمله خلال الفترة المقبلة. وتتنافس قائمتان انتخابيتان للفوز بعضوية المكتب التنفيذي الجديد لاتحاد الشغل.
وحضر حفل الافتتاح الذي أراده النقابيون «مبهرا» نحو 7 آلاف نقابي، ونحو 120 من الضيوف القادمين من خارج تونس، من بينهم ممثلون للنقابات والمنظمات العمالية الدولية والإقليمية. كما شارك فيه بعض أبرز النقابيين الذين تقمصوا خطة الأمانة العامة لنقابة العمال في تونس، على غرار الطيب البكوش وعبد السلام جراد.
وحضر فعاليات افتتاح المؤتمر عبيد البريكي، وزير الوظيفة العمومية ومقاومة الفساد، وهو قيادي نقابي سابق، وبعض الوجوه السياسية الأخرى على غرار القيادي بحركة نداء تونس أنس الحطاب، وخليل الزاوية وزير الشؤون الاجتماعية السابق، فيما غابت الرئاسات الثلاث (الجمهورية والحكومة والبرلمان) التي لم توجه لها الدعوات للحضور حفاظا على تقليد أرسي منذ مؤتمر جربة 2001، حرصا على استقلالية نقابة العمال عن السلطة السياسية.
وعززت نقابة العمال إشعاعها النقابي ودورها الاجتماعي والسياسي بعد ثورة 2011، فكانت قوة ضغط واقتراح وتعديل لصالح طبقة العمال، واحتضنت مفاوضات التوافق السياسي سنة 2013 من خلال مشاركتها الفاعلة في الحوار الوطني بين الأحزاب والمنظمات، وهو ما رشحها لنيل جائزة نوبل للسلام.
وبشأن مآل العملية الانتخابية الحالية، قال بلقاسم حسن، نقابي سابق وعضو المكتب السياسي لحركة النهضة لـ«الشرق الأوسط» إن النقابيين وعموم التونسيين ينتظرون من القيادة النقابية الجديدة الحفاظ على الروح النقابية والوطنية المميزة لنقابة العمال والتي شعارها «تونس أولا». وأضاف حسن أن تمسك الاتحاد بمطالب منخرطيه ودفاعه عن حقوق العمال هو جوهر اختصاصه، وأن حرصه على الدفاع عن الحق النقابي وعلى تنفيذ الاتفاقيات وضرورة التفاوض لمعالجة المشاكل يدخل في صميم دوره. ولكن ذلك لم يمنعه أبدا طول تاريخه من الدفاع عن المصالح الوطنية العليا وعن المطالب الشعبية الكبرى في الحرية والعدالة والديمقراطية.
ودعا حسن القيادة النقابية التي سيفرزها المؤتمر إلى ترجمة الاعتبارات العامة في المشاركة الفاعلة في مسار الانتقال الاقتصادي، والتشجيع على الاستثمار، ومحاربة الفساد والتهريب، ودعم مجهودات التشغيل والتنمية في الجهات الفقيرة، وإرساء المجلس التونسي للحوار الاجتماعي، ودعم الوحدة الوطنية ضد الإرهاب، وضد كل المؤامرات التي تطال أهداف الثورة والتجربة الديمقراطية الوليدة.
وأكد حسن على أنه من الطبيعي أن يكون للنقابيين آراء ومواقف سياسية بل ومن حقهم ذلك، غير أن الرأي والموقف والانتماء السياسي لا يمكن أن يبرر لهم ممارسة القناعات السياسية باسم منظمة العمال ولذلك من الضروري أن يخرج المؤتمر الجديد لنقابة العمال بدعوة إلى رفض التوظيف السياسي، للابتعاد عن الصراعات السياسية بين القواعد النقابية وأكد على أن اتحاد الشغل هو «بيت الجميع»، على حد تعبيره.
في السياق ذاته، قال سامي الطاهري المتحدث السابق باسم نقابة العمال إن المؤتمر سيتواصل إلى غاية يوم الأربعاء المقبل وسيناقش التقرير الأدبي والتقرير العام والتقرير المالي للمكتب التنفيذي المتخلي ومشروع إعادة هيكلة الاتحاد.
وسيشهد كذلك نقاشا عاما حول مختلف القضايا النقابية وسيتم التصديق على التقارير الثلاثة ومشروع إعادة الهيكلة ولوائح المؤتمر في اليوم الثالث (الثلاثاء) ثم يتم إجراء انتخابات المكتب التنفيذي الجديد ولجنتي النظام الداخلي والمالية خلال نفس اليوم.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم