الأمين العام للأمم المتحدة يؤكد أن لا تحسن في وصول المساعدات للمحتاجين بسوريا

التقرير هو الثاني الذي يسلمه لمجلس الأمن الدولي

الأمين العام للأمم المتحدة يؤكد أن لا تحسن في وصول المساعدات للمحتاجين بسوريا
TT

الأمين العام للأمم المتحدة يؤكد أن لا تحسن في وصول المساعدات للمحتاجين بسوريا

الأمين العام للأمم المتحدة يؤكد أن لا تحسن في وصول المساعدات للمحتاجين بسوريا

اكد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، في تقرير سلمه أمس (الاربعاء) الى مجلس الامن الدولي، ان "وصول المساعدات الانسانية الى من هم بأمس الحاجة اليها في سوريا لا يسجل تحسنا".
وبعد شهرين من تبني مجلس الأمن قرارا يدعو اطراف النزاع في سوريا الى السماح بدخول المساعدات الانسانية ورفع الحصار الذي يفرضونه على العديد من مدن البلاد، خلص الأمين العام في تقريره الى أن "أيا من أطراف النزاع لم يحترم مطالب المجلس". وأضاف ان "المدنيين ليسوا محميين والوضع الأمني يتدهور".
وشدد التقرير على ان "آلاف الأشخاص ليس متاحا لهم الحصول على الرعاية الصحية، بما فيها تلك الحيوية، التي يحتاجون اليها"، مؤكدا ان هذا الامر يشكل "انتهاكا فاضحا للقوانين الانسانية والدولية".
وأكد كي مون في تقريره انه "يجب على مجلس الامن ان يتحرك لمعالجة هذه الانتهاكات الفاضحة للمبادئ الاساسية للقانون الدولي".
واشار الامين العام للأمم المتحدة، الى انه "يطلب بإلحاح مجددا من الاطراف المعنيين ولا سيما الحكومة السورية، احترام واجباتهم المنصوص عليها في القوانين الانسانية الدولية والتحرك فورا". مؤكدا "انه يجب على النظام السوري والمعارضة المسلحة ان يسهلا ايصال مواد الاغاثة الاساسية الى المدنيين الذين يحتاجون اليها، لا سيما في المناطق التي يعتبر الوصول اليها أكثر صعوبة". مذكرا بأن 3.5 مليون شخص هم - بحسب الامم المتحدة - محرومون من الخدمات الاساسية بسبب النزاع.
واعتبر كي مون انه "من المعيب" ان يكون هناك حوالى ربع مليون شخص لا يزالون محاصرين على الرغم من صدور قرار عن مجلس الامن يطلب رفع هذا الحصار عن المدن السورية وبينها حمص (وسط). موضحا "ان 197 ألف شخص هم حاليا عالقون في مناطق تحاصرها القوات الحكومية ولا سيما في حمص وغوطة دمشق وفي مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، في حين ان هناك 45 ألف شخص موجودون في مناطق تحاصرها المعارضة المسلحة".
ودعا بان كي مون مجددا اطراف النزاع الى "التعاون مع الامم المتحدة لابرام اتفاقات مستديمة" تتيح لقوافل الاغاثة الانسانية عبور خطوط التماس وايصال المساعدات لمحتاجيها.
وطلب الامين العام من نظام الرئيس السوري بشار الاسد رفع العراقيل الادارية لأن هناك "مدنيين يموتون يوميا بلا سبب" من جراء بطء ايصال المساعدات الانسانية.
وقال التقرير ان "القصف العشوائي للمناطق المأهولة يتواصل بما في ذلك بواسطة البراميل المتفجرة".
ويقع تقرير الامين العام للأمم المتحدة في حوالى 20 صفحة، وهو يفصل العراقيل التي تواجهها وكالات الاغاثة الانسانية والمنظمات غير الحكومية العاملة في سوريا، ويؤكد ان ما تم احرازه في مجال ايصال المساعدات الانسانية ليس إلا مجرد "خطوات متواضعة".
وهذا ثاني تقرير يقدمه كي مون الى مجلس الامن منذ ان أصدر الاخير بالاجماع القرار 2139 في 22 فبراير (شباط). وكان التقرير الاول خلص الى ان ايصال المساعدات الانسانية الى محتاجيها في سوريا لا يزال "شديد الصعوبة".
ومن المقرر ان يدرس مجلس الأمن هذا التقرير في 30 بريل (نيسان) الحالي.
يذكر ان القرار رقم 2139 الذي صدر باجماع اعضاء المجلس الـ15 بمن فيهم روسيا حليفة نظام الرئيس السوري بشار الاسد، لا ينص على فرض عقوبات تلقائية على الجهة التي لا تلتزم بمفاعيله، إلا انه بالمقابل ترك الباب مفتوحا أمام امكانية أخذ إجراءات ردعية. ولكن هذه الاجراءات تستلزم صدور قرار جديد وهو ما قد يصطدم مجددا بالفيتو الروسي.
وبهدف الضغط على نظام الاسد يعكف العديد من اعضاء مجلس الامن الدولي الغربيين (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا واستراليا ولوكسمبورغ) اضافة الى الاردن، على تحضير مشروع قرار دولي يطلب من المحكمة الجنائية الدولية ان تضع يدها على الوضع في سوريا، وبالتالي يمنحها القدرة على معاقبة الانتهاكات التي وقعت في هذا البلد من كلا المعسكرين.
ويعتبر تجويع المدنيين ومنعهم من الحصول على المساعدات الانسانية من الاعمال التي يمكن ان ترقى الى جرائم حرب، وبالتالي تقع تحت سلطة المحكمة الجنائية الدولية.
والاربعاء اطلق مسؤولون عن خمس وكالات تابعة للامم المتحدة نداء في جنيف الى اطراف النزاع في سوريا ناشدوهم فيه رفع العراقيل التي تحول دون ايصال المساعدات الى محتاجيها.
وهناك 9.3 مليون سوري بحاجة للمساعدة! بينهم 3.5 مليون نسمة محرومون منها.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.