اجتماع دول جوار ليبيا بالقاهرة يؤكد استمرار دعم السراج واتفاق الصخيرات

مارتن كوبلر: العام الحالي سيكون حاسمًا لإنهاء الأزمة الليبية

جانب من اجتماع دول الجوار الليبي في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من اجتماع دول الجوار الليبي في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

اجتماع دول جوار ليبيا بالقاهرة يؤكد استمرار دعم السراج واتفاق الصخيرات

جانب من اجتماع دول الجوار الليبي في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من اجتماع دول الجوار الليبي في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)

أكد البيان الختامي للاجتماع الوزاري العاشر لدول جوار ليبيا، الذي احتضنته القاهرة أمس، دعم هذه الدول للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، والتي يترأسها فائز السراج.
ودعا الوزراء المجلس الرئاسي إلى تكوين حكومة وفاق وطني، تمثل كل القوى السياسية الليبية، وحثوا مجلس النواب على الاجتماع لمناقشتها ومنحها الثقة، وفقًا لبنود الاتفاق السياسي الليبي الذي تم توقيعه نهاية العام قبل الماضي في مدينة الصخيرات المغربية لمباشرة مهامها.
وجدد الوزراء رفضهم القاطع للحل العسكري للأزمة الليبية، لما له من تداعيات سلبية على أمن واستقرار ليبيا بشكل خاص، ودول الجوار الليبي بشكل عام، مشددين على أن الحوار السياسي الشامل بين الأطراف الليبية هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة.
وأعربوا عن رفضهم لأي تدخل عسكري أجنبي، وأن مكافحة الجماعات الإرهابية في ليبيا يجب أن تكون في إطار الشرعية الدولية، وأن العمليات التي ستتم بهذا الخصوص يجب أن تكون بناء على طلب من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، وفقًا للشرعية الدولية وأحكام القرار رقم 2259 المعتمد من مجلس الأمن في 23 ديسمبر (كانون الأول) عام 2015 وميثاق الأمم المتحدة.
وقال البيان إن الوزراء بحثوا ما وصفوه بالوضع البالغ الخطورة، الذي يعيشه الشعب الليبي جراء الأزمات السياسية والأمنية وتداعياتها المتعددة، حيث أعربوا عن القلق من استمرار وجود التنظيمات الإرهابية في بعض المناطق الليبية، لما يمثله ذلك من خطر حقيقي على الشعب الليبي ومستقبل عمليته السياسية. وأشاد الوزراء بالنجاحات التي تحققت في مواجهة الإرهاب في مختلف المناطق الليبية، خاصة في مدينتي بنغازي وسرت، مشيرين إلى أهمية ملاحقة العناصر الإرهابية التي تخرج من المدينتين حتى لا تعيد تمركزها في مناطق أخرى في ليبيا وفي دول الجوار.
وبعدما أعرب الوزراء عن انشغالهم بالوضع الإنساني المتردي الذي تعاني منه ليبيا، والظروف المعيشية الصعبة للمواطنين الليبيين، أكدوا على أهمية قيام المجتمع الدولي بالتنسيق مع السلطات الشرعية الليبية لتنفيذ خطة للاستجابة للاحتياجات الإنسانية في ليبيا خلال العام الحالي، خاصة وأن الشعب الليبي يعاني من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية داخل المستشفيات والمنشآت الصحية.
كما طالب البيان بإلغاء قرار تجميد الأموال الليبية في البنوك الأجنبية، بحيث يتم تخصيصها لمواجهة احتياجاته الوطنية، في الوقت الذي يراه المجلس الرئاسي مناسبًا.
ومن المقرر أن يعقد الاجتماع الوزاري الحادي عشر لوزراء خارجية دول جوار ليبيا في الجزائر، على أن يتم تحديد الموعد لاحقًا عبر التشاور المسبق، كما اتفق الوزراء على إبقاء آلية دول الجوار في حالة انعقاد مستمر لمتابعة التطورات في ليبيا.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قد أعلن أن بلاده تعمل من أجل التوصل إلى حل سياسي في ليبيا، إثر لقاءات مع كبار المسؤولين الليبيين من مختلف المؤسسات المتنازعة على السلطة.
وقال شكري لدى افتتاح اجتماع القاهرة إن «الهدف من هذه الزيارات بحث إمكانية التوصل إلى أرضية مشتركة ومواقف توافقية تتيح تجاوز المنعطف الحالي للأزمة الليبية»، مبرزًا أن هناك «رفضًا قاطعًا لكل صور التدخل الأجنبي في الشؤون الليبية»، وأنه «على الرغم من النجاحات التي تحققت في بنغازي وسرت وغيرهما من المناطق الليبية، فإن آفة الإرهاب لا يمكن استئصالها بشكل نهائي في ليبيا إلا من خلال التسوية السياسية».
من جهته أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، التزام الجامعة بتحمل مسؤولياتها تجاه ليبيا، وتعهد بالاستمرار في العمل من أجل تشجيع التوصل إلى تسوية شاملة للخروج من المأزق الراهن.
وشدد أبو الغيط، خلال جلسة العمل المغلقة لدول الجوار الليبي، التي عقدت بحضور المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، على دعم الجامعة العربية لأي مسار سياسي للاتفاق على الخطوات التوافقية، مؤكدًا أن الجامعة ستواصل مساندتها للدولة الليبية ومؤسساتها الشرعية من أجل تجاوز التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية التي تواجهها. كما أشار إلى أنه بعد مرور أكثر من عام على توقيع اتفاق الصخيرات «أصبحنا أمام حالة شبه أزمة متجذرة من الانشقاق في ليبيا، والتي حالت دون التوافق على الخطوات المطلوبة التي تفضي إلى المصالحة المنشودة وتحافظ على مقدرات الدولة الليبية ووحدة أراضيها»، مشددًا القول على أن الجامعة العربية ستظل منفتحة ومستعدة لاستضافة ورعاية أي اجتماعات تتوافق الأطراف الليبية على الانخراط فيه، طالما أنها تهدف إلى إعلاء المصلحة الوطنية للدولة.
من جانبه قال مارتن كوبلر، المبعوث الأممي إلى ليبيا، إن هناك صراعات من أجل السيطرة على مصادر الطاقة، لكن رغم ذلك يجب بذل الجهود لخلق توافق بين الليبيين، مضيفًا أن العام الحالي يجب أن يكون عام القرارات بشأن الأزمة الليبية، وناشد دول الجوار بأن تدعم ليبيا، وأن القرار لا بد أن يكون لليبيين أنفسهم.
في السياق نفسه، أوضح عبد القادر مساهل، الوزير الجزائري للشؤون المغاربية والاتحاد الأفريقي، أن الأزمة الليبية لم تعد تهدد أمن وسلامة ليبيا فقط، بل أصبحت تهدد دول الجوار أيضا، وقال إن حل الأزمة يجب أن يتم بأيدي الليبيين أنفسهم ودون تدخل خارجي، موضحا أن الاتفاق السياسي يوفر إطارا لتسوية الأزمة من منطلق التوافق، الذي يستجيب توسيعه ليشمل كل من له تأثير حقيقي في تسيير حل الأزمة.
كما أكد سامح شكري، وزير الخارجية المصرية، التزام مصر بضمان سيادة ليبيا ودعم مؤسساتها الشرعية ورفض التدخل في شأنها الداخلي، كاشفًا عن أن كل الأطياف الليبية تجري مشاورات مع القاهرة في محاولة لإيجاد حلول سلمية للأزمة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».