وزير شؤون حقوق الإنسان اللبناني: المطالب بقانون نسبي هدفها سياسي... ومن حقنا كموحدين دروز تفادي تهميشنا

شقير أكد لـ «الشرق الأوسط» أن السعودية كانت على الدوام خير داعم للبنان من دون أن تطلب مقابلاً

أمين شقير
أمين شقير
TT

وزير شؤون حقوق الإنسان اللبناني: المطالب بقانون نسبي هدفها سياسي... ومن حقنا كموحدين دروز تفادي تهميشنا

أمين شقير
أمين شقير

رأى وزير الدولة اللبناني لشؤون حقوق الإنسان، أيمن شقير، أن المواقف المهمة التي أُعلنت خلال زيارتَي رئيس الجمهورية ميشال عون إلى المملكة العربية السعودية وقطر، تطلق آمالا كبيرة باستعادة العافية للعلاقة بين لبنان ودول الخليج العربي، معربًا عن اعتقاده أن الأشهر المقبلة يمكن أن تشهد تطورات إيجابية لناحية علاقات لبنان مع دول الخليج.
وبينما عكست زيارة عون هذا الارتياح، لم تخلُ الملفات الداخلية اللبنانية من تباينات لجهة ملف استخراج النفط وقانون الانتخاب، حيث أكد شقير أن موقف كتلة «اللقاء الديمقراطي» البرلمانية برئاسة وليد جنبلاط بات واضحًا لجهة عدم السير بصيغة نسبية؛ لأن المشاريع المطروحة في هذا الشأن بذريعة ضمان حسن التمثيل هدفها مصلحة فئات معينة على حساب فئات أخرى.
هذه الملفات، تحدث عنها الوزير شقير بالتفصيل في حديث خاص مع «الشرق الأوسط». وهنا نصه.
* كيف تقرأ نتائج زيارتَي الرئيس ميشال عون إلى المملكة العربية السعودية وقطر؟
- لا شك أن المواقف المهمة التي أُعلنت خلال الزيارتين تطلق آمالا كبيرة باستعادة العافية للعلاقة بين لبنان والمملكة ومع دولة قطر. ما سمعناه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، عن أن السعودية ترغب في المحافظة على العلاقات التاريخية مع لبنان وتطويرها، وإيعازه إلى المسؤولين السعوديين كي يتم درس الموضوعات التي أثارها الرئيس عون اقتصاديا وأمنيًا وعسكريًا وسياحيا، وتبادل الزيارات مع نظرائهم اللبنانيين، هي مؤشرات ممتازة في هذا الاتجاه. وما من شك أن خادم الحرمين الشريفين قابل موقف الرئيس عون الحكيم والمسؤول بالإيجابية، حين أكد أن زيارته كانت للتأكيد على أن ما جمع بين اللبنانيين والسعوديين من علاقات تاريخية، سيستمر. وعلينا ألا نغفل أهمية التصريحات التي أدلى بها الرئيس عون بأن لبنان خارج المحاور. هذا يطمئن المملكة خلافا لمرحلة بدا فيها أن البلد يستخدم ضد السعودية، خلافا لمصالحه وانتمائه العربي. المهم الآن بعد استعادة حرارة العلاقة أن يتابع المسؤولون اللبنانيون اتصالاتهم مع نظرائهم الخليجيين لتنفيذ ما يكرس عودة العلاقات إلى طبيعتها. فالسعودية لم تكن يوما إلا خير داعم للبنان إزاء المحن التي مر بها، من دون أن تطلب منه مقابل.
* هل هناك تحول إيجابي برأيك سيحصل فعليًا في مسار علاقات لبنان بدول الخليج، ولا سيما مع السعودية؟
- المقاربة التي قدمها الرئيس عون بالعلاقة مع السعودية وسائر دول الخليج والتفهم الذي قوبل به، فتح الباب على هذا التحول. أعتقد أن الأشهر المقبلة يمكن أن تشهد تطورات إيجابية بالتدرج. وعلينا ألا ننسى أن الهجوم على المملكة انطلاقا من لبنان أسبابه إقليمية لا علاقة للبنان بها. علينا أن نقدم ضمانات بأن ساحتنا لن تستخدم ضد دول الخليج، عبر التزام التضامن العربي الذي جرى التعبير عنه مرات عدة مع أشقائنا الخليجيين في الجامعة العربية.
* ما الأسباب التي دفعتكم في «اللقاء الديمقراطي» للاعتراض على بلوكات النفط، ويقال إنكم كنتم في الأجواء في الحكومات السابقة والحكومة الحالية؟
- أولا، نحن لم نعارض مرسوم تحديد بلوكات النفط، ولم نعارض مبدأ التلزيم. أدلينا بملاحظات حول مرسوم دفتر الشروط ونموذج الاتفاقية مع الشركات التي سيجري تلزيمها الاستكشاف والتنقيب والحفر والإنتاج. هنا تكمن الأسئلة الكبرى الكثيرة في هذا الصدد. وإذا كانت الحجة أن الوزراء السابقين يعرفون ما يتضمنه المرسومان، فإن الوزراء الجدد ليسوا على اطلاع على التفاصيل ويبلغ عددهم زهاء 16 وزيرا عيّنوا للمرة الأولى، فضلاً عن أن بعض الوزراء القدامى طرحوا ملاحظات، فكيف بالوزراء الجدد؟ لذلك؛ طلبنا المزيد من الوقت لدراسة المرسوم، ولم نكن وحدنا في هذا الطلب. اعترضنا على عدم إنشاء الصندوق السيادي لتبقى عائدات النفط للأجيال اللاحقة، أسوة بالدول النفطية، في وقت ينص المرسوم على وجود صندوق تابع لوزارة الطاقة، والصلاحيات في شأنه محصورة بالوزير. واعترضنا على ربط شراكة الدولة مع الشركات بأرباح استخراج النفط، بينما الدول النفطية شريكة معها في الإنتاج. ورد وزير الطاقة بأن الشراكة هي في الإنتاج وليست في الأرباح، ومنصوص عنها في القانون الأساسي الصادر عام 2010. لكننا لاحظنا أن النص ملتبس في مرسوم نموذج الاتفاقية. ثم سألنا عن سبب انخفاض ما يسمى نسبة الإتاوات (royalties) التي تتقاضاها الدولة من الشركات. ففي الدول النفطية والمنتجة للغاز هي أعلى بنسبة لا بأس بها عن تلك الواردة في المرسوم. وسألنا عن سبب عدم لحظ إنشاء الشركة الوطنية للنفط التي يفترض أن تدير هذا القطاع المهم للاقتصاد اللبناني، بدل حصر الأمر بالوزارة. لم نحصل على أجوبة مقنعة فعارضنا؛ لأنه لا يجوز الإقدام على خطوات غير مضمونة من الآن. فأي ثغرة ستلزم لبنان مع الشركات لعقود من الزمن، ويجب الاحتياط لمصالح لبنان منذ الآن.
* تغريدات النائب وليد جنبلاط، هل هدفها التصويب على مقترحات قانون الانتخاب المتعلقة بالنظام النسبي؟ وماذا عن موقفكم بالنسبة للقانون؟
- موقفنا بات واضحا. نحن قررنا عدم السير بصيغة نسبية؛ لأن المشاريع المطروحة في هذا الشأن بذريعة ضمان حُسن التمثيل هدفها مصلحة فئات معينة على حساب فئات أخرى. والقصد ليس إصلاحيا، بل زيادة حجم أطراف على حساب آخرين، تارة بحجة قانون عصري، وأخرى بذريعة إزالة الغبن عن فريق. إذن، الهدف سياسي وليس تحديث القانون أو عصرنته أو إصلاحه. وبالتالي، من حقنا كفريق يمثل مكونا أساسيا في البلد هو طائفة الموحدين الدروز أن نتفادى تهميشنا عبر قانون الانتخاب. وإذا كانت الحجة أن الطائفة صغيرة فقصة العدد تنطبق على غيرنا ممن يسعى إلى زيادة حجمه.
* بعد موقف رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الإيجابي تجاه النائب جنبلاط، هل تتوقع إشارات أخرى مثل «التيار الوطني الحر»؟ ومتى يزور جنبلاط قصر بعبدا؟
- الدكتور جعجع يدرك، حسب اعتقادي، خصوصية الجبل ووجود الطائفة الدرزية فيه، والدور التاريخي للزعامة الجنبلاطية في المصالحة المسيحية الدرزية، والعمل الذي قام بها جنبلاط لطي صفحة الحرب الأهلية، والإصرار على العيش المشترك. ووعيه لهذه المسألة يعبر عن درجة عالية من المسؤولية، بحيث يسعى إلى تجنب تهميش مكون أساسي في البلد.
أما موقف «التيار الوطني الحر» فهو يتراوح بين الأخذ في الاعتبار اعتراضات جنبلاط وبين رفضها من قبل البعض. نحن منفتحون على الجميع لشرح موقفنا، ووفد «اللقاء الديمقراطي» سيشرح الأمر للكتل النيابية كافة كما تعرفون. نحن نرفض «النسبية» ولا نرى أن «المختلط» يفي بالغرض؛ لأن تطبيقه معقد، وندعو إلى اعتماد النظام الأكثري، أي «قانون الستين»، الذي سمح بدوره لبعض القوى المعترضة عليه الآن بأن تكون لديها كتل وازنة في المجلس النيابي. وفيما يخص اللقاء مع الرئيس عون لا مشكلة في ذلك. النائب جنبلاط منفتح على البحث في كل الأمور مع رئيس الجمهورية.
* هل بدأ «اللقاء الديمقراطي» الاستعداد للمعركة الانتخابية؟
- لا أعتقد. ما زلنا كغيرنا نراقب. البلبلة القائمة حول قانون الانتخاب أخّرت إطلاق تحضيرات الجميع.
* هل سيحصل تمديد للمجلس النيابي لعام كما يتردد؟
- الجميع ربط التمديد بالاتفاق على قانون جديد. موقفنا هو إجراء الانتخابات في موعدها في مايو (أيار) المقبل، على القانون النافذ حاليا.
* يقال إنك بصفتك وزيرا لشؤون حقوق الإنسان لا مكاتب لك ولا جهاز بشري، كيف ستدير الوزارة؟
- صحيح. هي المرة الأولى التي يكلف وزير دولة بهذه المهمة. وهذا تطور إيجابي وحضاري أن يخصص لبنان وزارة لهذه المهمة السامية. بلدنا مؤسس لشرعة حقوق الإنسان العالمية. وهذا العنوان متشعب وواسع جدا. البيان الوزاري نص على تأليف الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، وهو أمر سيكون على طاولة مجلس الوزراء. بدأت اتصالاتي منذ الأسبوع الأول لتحديد أولويات اهتماماتنا بالانسجام مع التزامات لبنان الدولية، ومع ما تحقق في هذا المجال حتى الآن، والأسابيع المقبلة ستوضح التوجهات التي سنسلكها. أما موضوع الهيكلية فقد ناقشت الرئيس سعد الحريري في شأن ما يمكن القيام به في هذا المجال. الأمر يحتاج إلى وقت واتفاق بين رئيسَي الجمهورية والحكومة.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.