«بوظة بشير» نكهة لبنانية مثلجة من بكفيا إلى باريس

حكاية تعبق بأصالة مذاق يعود إلى 80 عامًا

محلات «بوظة بشير» في باريس ارتدت لونيها الأحمر والأبيض تمامًا كمجمل فروعها في لبنان - صناعتها خلطة سرّية تجمع ما بين المثلّجات الإيطالية والعربية
محلات «بوظة بشير» في باريس ارتدت لونيها الأحمر والأبيض تمامًا كمجمل فروعها في لبنان - صناعتها خلطة سرّية تجمع ما بين المثلّجات الإيطالية والعربية
TT

«بوظة بشير» نكهة لبنانية مثلجة من بكفيا إلى باريس

محلات «بوظة بشير» في باريس ارتدت لونيها الأحمر والأبيض تمامًا كمجمل فروعها في لبنان - صناعتها خلطة سرّية تجمع ما بين المثلّجات الإيطالية والعربية
محلات «بوظة بشير» في باريس ارتدت لونيها الأحمر والأبيض تمامًا كمجمل فروعها في لبنان - صناعتها خلطة سرّية تجمع ما بين المثلّجات الإيطالية والعربية

بعدما برهن لبنان عن ازدهار مطبخه، واستطاع نشر أكلاته الشهيرة إلى العالم، تأتي مبادرة افتتاح محلات «بوظة بشير» فرعًا لها في العاصمة الفرنسية لتطال عالم المثلجات أيضًا.
فبعد انتشار مطاعم لبنانية عدة في باريس، بينها «العجمي» و«نورا» و«بيروت» و«ليزا» وغيرها، ها هي المثلّجات اللبنانية تشق طريقها إلى العالمية، من خلال أحد أهم روّادها إيلي بشير. فهذه الصناعة التي تندرج تحت عنوان البوظة العربية على الطريقة اللبنانية، وصلت مدينة باريس حاملة معها اسم بلد الأرز مطعّمًا بنكهة مثلّجات تعدّ الأولى من نوعها في بلد أوروبي.
فمحلّات «بوظة بشير» التي يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1936، عندما انطلقت من مدينة بكفيا (مسقط رأس مؤسسيها الأخوين موريس وإدوار)، قرّر أبناء جيلها الجديد إيصالها إلى مختلف أصقاع العالم، مستهلّة مشوارها من باريس، ومن شارع رامبيتو بالتحديد، مقابل «مركز بومبيدو» الثقافي.
«الهدف من افتتاح محل لنا في باريس يصبّ في بناء لبنان أينما وجدنا، فنحن لم نحمل من خلال هذه الخطوة المثلّجات فقط، بل بلدنا لبنان الذي يسكن في قلوبنا الدافئة»... هكذا عبّر إيلي بشير عن فرحته بهذا الإنجاز الذي استغرق التحضير له نحو السنة والنصف، مضيفًا: «هي فكرة جيل الشباب من عائلتنا، راودت أبنائي الذين درسوا في العاصمة الفرنسية، فقرروا القيام بهذه المغامرة علّهم بذلك يخفّفون من شعور الحنين الذي ينتاب شريحة لا يستهان بها من اللبنانيين الموجودين في باريس، فهؤلاء يفتقدون لبنان في يومياتهم، ويتحايلون على شعورهم هذا من خلال جلوسهم في مطعم لبناني، أو تذوّقهم فنجان قهوة عربية، أو لقائهم أحد مواطنيهم في جلسة بيتوتية، ونحن قدّمنا لهم (بوظة بشير) علّها تواسيهم في غربتهم، فتثلج قلوبهم».
لم يمض بعد 15 يومًا على افتتاح محلات «بوظة بشير» في باريس، ومع ذلك فهو يشهد زحفًا من اللبنانيين الذين توافدوا إليه بالمئات ليستعيدوا ذكرياتهم من خلاله... «منهم من جاء مع أفراد عائلته، وآخرون زارونا مع أصدقائهم الفرنسيين وقد تملّكهم الشعور بالفرح كوننا افتتحنا فرعًا لمحلّاتنا هناك».
يقول إيلي بشير إن نسبة لا يستهان بها من الفرنسيين والسيّاح الأجانب والعرب أقبلوا على تذوّق «بوظة بشير» ملتقطين صورًا تذكارية أمام واجهاته التي تحمل اسمه بالفرنسية (Bashir).
أكثر من 30 نكهة اشتهر بها طعم مثلّجات «بوظة بشير» على مرّ الزمن في لبنان. فكما المانغو والفراولة والشوكولاته، عرف أيضًا بنكهة الحليب بالسحلب والكابتشينو والتوت والشمام والمشمش وغيرها. أما طريقة صنعها، فهي لا تشبه غيرها من المثلّجات الموجودة في لبنان، ويوضح إيلي بشير: «هي خلطة خاصة بنا، جمعنا فيها ما بين المثلّجات الإيطالية والعربية واللبنانية، الأمر الذي يميّزنا عن غيرنا. وفي باريس، أضفنا تطوّرًا جديدًا على صناعتنا هذه، بحيث لجأنا إلى صناعتها في معمل حيوي (Bio)، يقوم على آلات وماكينات متطوّرة جدًا تصنع المثّلجات بمكوّنات طبيعية أشرفت عليها وزارة الصحة الفرنسية التي تابعتنا بشكل دقيق إلى حدّ جعلها ترسل بخبرائها إلى البلد المستوردة منه بعض مكوّنات منتجنا».
وأوضح أنهم يستوردون أفضل المكوّنات من بلد المنشأ المشهورة فيه، كنوع المستكة المستخدم في بوظة القشدة المستوردة من إحدى الجزر اليونانية، والسحلب المستورد من تركيا، والكاكاو الذي يزرع في مناطق أفريقية تعرف بجودة الشوكولاته المصنوعة منها.
أصعب المراحل التي واجهت آل بشير في هذه الخطوة، كانت إيجاد معمل حيوي في باريس يقوم بمهمّة صناعة المثلّجات هذه. وقد درس أولاد إيلي بشير (إدوار وماري لين وكارولين وجيسي) السوق الفرنسية والمنتجات الأخرى المشابهة التي يمكن أن تنافسهم. كما حدّدوا أسعارًا مقبولة، بحيث يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد منها 24 يورو، مقابل 17 ألف ليرة (نحو 10 دولارات) في لبنان. وبذلك، يبلغ سعر كرتين منها (2 boules) 4 يورو ونصف، مقابل 3 آلاف ليرة (دولارين) في لبنان.
وتبلغ مساحة محلات «بوظة بشير» في باريس نحو 70 مترًا، يزيّنها ديكور يتألّف من الأحمر والأبيض، وهما اللونان المتّبعان في جميع فروعه في لبنان. وحرص آل بشير على استقدام عمّال من لبنان لينضمّوا إلى أفراد طاقم العمل في باريس، فيكونوا خير من يعرّف عن منتجهم هناك. واللافت أن إيلي بشير ما زال يقوم شخصيًا بخلطة مثلّجات «بوظة بشير»، وهو يعلّق: «وصلت لتوي من باريس، حيث أشرفت على تحضير الخلطة، وهو سرّ المهنة التي أمارسها منذ 50 عامًا، وقد علّمته بدوري لأولادي، فنكهة وطعم مثلّجاتنا لم تتبدّل منذ 80 عامًا حتى اليوم، وما زال زبائننا يرددّون التعليقات الإيجابية نفسها في كلّ مرّة تذوقوها، ولو بعد طول غياب».
وعمّا إذا كان هناك من ينافس «بوظة بشير» في باريس، أجاب: «طبعا هناك دائمًا من ينافسنا، إن في لبنان أو في باريس، ومهمّتنا تكمن في الحفاظ على المذاق نفسه الذي اشتهرنا به منذ عام 1936 حتى اليوم».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.