توضيح ونفي من نائب رئيس الوزراء التركي لكلامه عن شرط رحيل الأسد

تأكيدات جديدة بتوجه «درع الفرات» إلى الرقة بعد الباب

سوري يحمل ابنه أمس حيث يظهر جانب من الدمار الذي خلفته الحرب في أحد احياء شرق مدينة حلب (أ ب)
سوري يحمل ابنه أمس حيث يظهر جانب من الدمار الذي خلفته الحرب في أحد احياء شرق مدينة حلب (أ ب)
TT

توضيح ونفي من نائب رئيس الوزراء التركي لكلامه عن شرط رحيل الأسد

سوري يحمل ابنه أمس حيث يظهر جانب من الدمار الذي خلفته الحرب في أحد احياء شرق مدينة حلب (أ ب)
سوري يحمل ابنه أمس حيث يظهر جانب من الدمار الذي خلفته الحرب في أحد احياء شرق مدينة حلب (أ ب)

أثارت تصريحات نائب رئيس الوزراء التركي محمد شيمشيك لغطًا أمس (الجمعة) حول موقف أنقرة من رئيس النظام السوري بشار الأسد، مفادها أن بلاده لم تعد تصر على اتفاق في سوريا من دون الأسد. ونفى بيان صادر عن مكتب شيمشيك في أنقرة، أنه قال ذلك في رده على سؤال حول المسألة السورية في منتدى دافوس الاقتصادي المنعقد حاليًا في سويسرا.
وذكر في بيان، أنه قال «الأسد سبب المأساة في سوريا، ولا يمكن قبول حل يكون الأسد جزء منه». وأضاف خلال مشاركته في ندوة بعنوان «إنهاء النزاع في سوريا والعراق» أن الولايات المتحدة لم تقم بما يقع على عاتقها، وتمكنت روسيا وإيران من تغيير الوضع في الميدان. ومن ثم أشار إلى «ضرورة التركيز بعد الآن على الحفاظ على أرواح الناس عبر اتفاق وقف إطلاق النار المعلن منذ منتصف ليل 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ولاحقا، قال شيمشيك لوكالة أنباء «الأناضول» الرسمية «ما قلته هو أنه إذا كان هناك مسؤول عن المأساة والظلم في سوريا فهو الأسد، ولا يمكن قبول وجوده في أي دولة، لكن بعض الدول مثل الولايات المتحدة لم تقم بما وقع على عاتقها حينها، وجاءت دول مثل إيران وروسيا وغيّرت الواقع في الميدان».
ولفت البيان إلى أن وكالة «سبوتنيك» الروسية عملت على خلق تصور عبر إخراج حديث نائب رئيس الوزراء التركي عن سياقه، والزعم بأنه قال لم تعد تركيا تصر على اتفاق من دون الأسد. وأكد أن «شيمشيك لم يذكر بأي شكل من الأشكال ما ذكرته الوكالة، وأن ما ذكرته يعكس رأيها الخاص». وتابع: «ليس لدي أي تصريح يتعلق بالأسد، وما ذُكر محرّف تماما، وهو رأي خاص لوكالة أنباء دولية.. يجب الاجتهاد كثيرًا من أجل استخراج هذا المعنى من كلامي».
ولكن خلال النقل التلفزيوني للندوة في دافوس سمع شيمشيك يقول: «علينا أن نكون واقعيين وبرغماتيين.. فالوقائع على الأرض تغيرت بشكل كبير». وأردف «لم يعد بوسع أنقرة أن تصرّ على تسوية الصراع في سوريا من دون الأسد». وكانت تركيا قد قطعت علاقاتها مع حكومة النظام في سوريا، وفرضت عقوبات اقتصادية عليها في أواخر عام 2011. بعد انطلاق الثورة السورية بثمانية أشهر، على خلفية مواصلة النظام الخيار العسكري ورفض الأسد التنحي. ومن ثم، دعمت فصائل عسكرية تابعة لـ«الجيش السوري الحر» في مواجهة قواته.
بعد ذلك، خفت حدة المواقف التركية من نظام دمشق، ففي يوليو (تموز) الماضي قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إنه «متأكد من عودة علاقات بلاده مع سوريا إلى طبيعتها على غرار ما قمنا به مع روسيا وإسرائيل». وأوردت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» أن أنقرة ستقبل بوجود الأسد لمرحلة انتقالية تمتد ستة أشهر عقب التوصل إلى حل سياسي، وأنها ستتخلى عن شرط المطالبة برحيله الفوري عن السلطة.
وجاءت التفاهمات مع موسكو التي أسفرت في النهاية عن اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة حلب وإخراج المسلحين منها، ثم اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا في نهاية ديسمبر الماضي، وصولا إلى مفاوضات آستانة التي تبدأ بعد غد (الاثنين)؛ لتوحي بأن أنقرة ما عادت متمسكة بشرط رحيل الأسد، مفضلة ترك مصيره ليقرره الشعب السوري والتركيز على إحلال السلام في سوريا.
على صعيد آخر، جدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، عزم تركيا على إنشاء «منطقة آمنة» في شمال سوريا، وقال إن ذلك يمثّل دفاعًا عن اﻷمن القومي والمصالح التركية. وأقر إردوغان بطول مدة العملية العسكرية للسيطرة على مدينة الباب، إحدى المعاقل المهمة لتنظيم داعش في ريف محافظة حلب، قائلاً إن تركيا تدرك جيدًا الأسباب وراء طولها إلى هذا الحد، دون أن يوضِح ماهية تلك اﻷسباب، مؤكّدًا أنها كانت من الممكن أن تنتهي خلال فترة قصيرة جدًّا. وشدد الرئيس التركي على أن بلاده مستمرة في حصار منطقة الباب، ومصرة على مكافحة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري.
من جهة أخرى، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية نشرت أمس: إن بلاده ستتجه بعملية «درع الفرات» نحو مدينة الرقّة بعد الانتهاء من تحرير الباب، مؤكدا أنها ستوجّه ضربات لحزب الاتحاد الديمقراطي في حال تقابلهما وجها لوجه. أما رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم فقال: إن موقف الولايات المتحدة الأميركية من عملية «درع الفرات» ومكافحة تنظيم داعش الإرهابي بدأ يأخذ منحى إيجابيا في الآونة الأخيرة. وأضاف يلدريم في مقابلة تلفزيونية «واشنطن تريد التعاون معنا فيما يخص دعم عملية وقف إطلاق النار في سوريا التي تم اتخاذها من قبل تركيا وروسيا ودور إيران النسبي أواخر ديسمبر الماضي».
أما بالنسبة للوضع الميداني، فأعلن الجيش التركي في بيان أمسن أن 5 من جنوده قتلوا وأصيب 9 آخرون في انفجار سيارة ملغومة نفذته عناصر في منطقة السفلانية، قرب مدينة الباب بمحافظة حلب. كذلك، أعلن الجيش التركي أمس مقتل 23 إرهابيًا وتدمير 224 هدفًا لـ«داعش» بشمال سوريا، في إطار عملية «درع الفرات» التي انطلقت في 24 أغسطس (آب) الماضي. كما قصفت طائرات روسية مواقع لـ«داعش» إلى الجنوب من الباب في إطار التفاهم بين أنقرة وموسكو، بحسب الجيش التركي. ووفق الجيش التركي في بيان آخر، فإن «درع الفرات» أسفرت الآن عن مقتل ألف و940 إرهابيًا من «داعش»، و315 من الميليشيات الكردية منذ انطلاق العملية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم