البنك الدولي يساهم في تمويل مشروعات تنموية في السودان

نصف مليار دولار من وديعة إماراتية للخرطوم

يأمل السودان أن يدعمه البنك الدولي بمساعدات فنية ومالية ولوجستية (غيتي)
يأمل السودان أن يدعمه البنك الدولي بمساعدات فنية ومالية ولوجستية (غيتي)
TT

البنك الدولي يساهم في تمويل مشروعات تنموية في السودان

يأمل السودان أن يدعمه البنك الدولي بمساعدات فنية ومالية ولوجستية (غيتي)
يأمل السودان أن يدعمه البنك الدولي بمساعدات فنية ومالية ولوجستية (غيتي)

وافق البنك الدولي على ضخ تمويل في مشاريع تنموية في السودان وتمويل جزء من احتياجات القطاع الخاص، وذلك خلال لقاء تم أول من أمس في الخرطوم بين السيد اكسافير فيرتاتو ممثل البنك ووزير المالية والاقتصاد الدكتور بدر الدين محمود.
ووفقا لاكسافير، سيتم بدء إجراءات الاستثمار وفقا للفرص المتاحة، التي سيحددها المديرون التنفيذيون للبنك بعد سريان القرار الأميركي الأخير برفع الحظر، والذي تم منذ السابع عشر من الشهر الجاري. وفي أبوظبي تم صباح أمس التوقيع على اتفاقية وديعة مصرفية بقيمة 500 مليون دولار، بين صندوق أبوظبي للتنمية ومحافظ بنك السودان المركزي الجديد، حازم عبد القادر أحمد.
من جهته، أعرب الدكتور بدر الدين محمود عن بالغ سعادته بالخطوة التي تمت أول من أمس مع السيد اكسافير فيرتاتو ممثل البنك الدولي، وقال «نأمل أن يدعمنا البنك بمساعدات فنية ومالية ولوجستية خلال الأشهر الستة الأولى بعد القرار»، موجها دعوة لممثل البنك الدولي لاستقطاب الاستثمارات الأميركية للقطاعات الإنتاجية، وبناء شراكات مباشرة مع القطاع الخاص السوداني.
وفي الخرطوم، التي تشهد حركة دؤوبة من كافة القطاعات الاقتصادية في البلاد، للاستعداد لمرحلة ما بعد رفع الحظر، المفروض على البلاد منذ 1979، أعلنت وزارة المالية والاقتصاد عن تلقيها أمس اتصالات من شركات أميركية للاستثمار في قطاعي النفط والتعدين، اللذين تمتلك منهما البلاد احتياطات ضخمة بأكثر من نحو 1.6 مليار برميل نفط، فيما يصل احتياطي الغاز الطبيعي إلى 6.5 مليار متر مكعب.
وبلغ إنتاج الذهب حتى منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي 93 طنًا، يتوقع أن يرتفع بنهاية العام الجاري إلى 100 طن، ليصبح السودان الثاني أفريقيا بعد جنوب أفريقيا، كما أعلنت الوزارة عن اعتزام عد من البنوك استعادة علاقاتها مع السودان.
كذلك شهدت الخرطوم أمس زيارات لمديرين عامين ومسؤولين في بنوك أفريقية لديها مقرات في السودان، حيث بحث الدكتور علي عمر المختار رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمجموعة مصرف الساحل والصحراء الذي يزور الخرطوم هذه الأيام، مع الدكتور عبد الرحمن ضرار وزير الدولة بوزارة المالية، الإسراع في إجراءات تمويل المشروعات التنموية في السودان، التي أعلن البنك عن استعداده لها، واعتزامه مشاركة السودان في النهوض بكافة مشاريع التنمية، التي تأخر إنجازها، والاستفادة من موارده الغنية، وموقعه الجغرافي، في ظل قرار رفع العقوبات الأميركية عنه.
وتوقّع د. عبد الرحمن ضرار وزير الدولة بوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي في حديث لـ«الشرق الأوسط» عقب لقائه وفد مصرف الساحل والصحراء، أن يكون للمصرف دور أكبر في تمويل المشروعات التنموية في السودان، مستعرضًا للوفد، الآثار الإيجابية المتوقعة لرفع العقوبات على القطاعات الاقتصادية والخدمية على النقد الأجنبي وسعر الصرف وأسعار السلع وتمويل مشروعات التنمية، التي انخفض تمويلها في السابق بفعل العقوبات.
وأكد ضرار في حديثه أهمية إسهام مصرف الساحل والصحراء في النهوض بتلك المشاريع، مؤكدًا استمرار علاقات السودان الخارجية مع الشركاء، مبينا أن رفع العقوبات والعلاقات المتجددة مع أميركا، لا يعنيان أن تتخلى السودان عن الآخرين، مؤكدا تلقي الوزارة عروض خارجية لتمويل القطاع الخاص السوداني بالإضافة لطلبات من بعض الجهات الخارجية لفتح فروع لها بالبلاد.
من جهته، أكد الدكتور سيدي ولد التاه، المدير العام للمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا، سعيهم الجاد لبحث إمكانية الاستفادة من برامج المصرف المختلفة والمتاحة لتعزيز دور المصرف في ا لمساهمة في تمويل برامج التنمية لدول تجمع الساحل والصحراء، وذلك بهدف مزيد من تطوير أداء المصرف، والمساهمة في تعزيز الشراكة الاقتصادية بين بلدان تجمع الساحل والصحراء، وعلى رأسها السودان.
إلى ذلك خاطب بنك السودان المركزي البنوك المركزية حول العالم أمس بخصوص قرار رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، وأبلغ محافظ بنك السودان قبيل سفره إلى أبوظبي صباح أمس لتوقيع وديعة الـ500 مليون دولار من صندوق أبوظبي للتنمية، مديري البنوك الوطنية والعاملة في السودان (نحو 40 بنكا)، بالاتصالات التي تمت مع البنوك المركزية.
كما أبلغ المحافظ اتحاد أصحاب العمل السوداني في اجتماع ضمهم مساء أول من أمس بحضور وزير المالية.
وفي حديث لوسائل الإعلام المحلية قال بدر الدين محمود وزير المالية، أن المرحلة المقبلة ستشهد انفراجًا حقيقيًا واتساع تدفقات الاستثمارات وفتح فرص القروض والمنح من المؤسسات الاقتصادية الدولية، مشيرًا إلى أنه بموجب هذا القرار يمكن للسودان الاستفادة من أي قروض، كما يمكنه الحديث عن الإعفاء من سداد جزء من الديون البالغة نحو 40 مليار دولار، وإجراء المعاملات البنكية مع كل بنوك العالم الراغبة في التعاون معه، بما في ذلك البنوك الأميركية إضافة إلى فك تجميد الأرصدة السودانية في الولايات المتحدة.
ودعا وزير المالية عقب اجتماع تنويري موسع مع اتحاد أصحاب العمل أول من أمس بالخرطوم وبحضور محافظ بنك السودان ورجال الأعمال إلى مزيد من الجهد في التنسيق بين وزارات القطاع الاقتصادي والقطاع الخاص لتهيئة البيئة الجاذبة للاستثمار، داعيًا لإحداث تغيرات حقيقية تستوعب تدفق وجذب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية، للإسراع فورا في عمليات الإنتاج وتوفير فرص العمل والانتعاش الاقتصادي، وتأمين احتياجات البلاد من السلع الاستراتيجية. وانخفض أمس سعر صرف الدولار مقابل الجنية في السوق الموازي، إلى 17 جنيها من 19 بينما سعره في البنوك التجارية لم يتحرك من مؤشر 15.8 جنيه، وهو السعر المسمى دولار الحافز.
وتشهد أروقة الأجهزة الحكومية السودانية والقطاع الخاص منذ الجمعة الماضي، حالة استنفار قصوى، لمرحلة ما بعد سريان فك الحظر الأميركي، تزامنت مع حركة دولية من قبل شركات أميركية وأوروبية وخليجية، أجرت اتصالات بمسؤولين ووزراء ورجال أعمال سودانيين لإعادة طرح مشاريعهم التي عرضوها قبل سنين، ورغبتهم في العودة والدخول للسودان، بعد سريان فك الحظر أمس. كما تم عقد اجتماعات وتكوين لجان في معظم الوزارات لإعادة ترتيب البيت من الداخل، كما أعلن مستثمرون من السعودية وخليجيون ومن العراق والكويت، رغبتهم في إقامة مشاريع زراعية ونفطية.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.