كارثة بوسطن تؤول إلى بطولات متداولة

مارك وولبيرغ في «يوم المواطنين»
مارك وولبيرغ في «يوم المواطنين»
TT

كارثة بوسطن تؤول إلى بطولات متداولة

مارك وولبيرغ في «يوم المواطنين»
مارك وولبيرغ في «يوم المواطنين»

* الفيلم: Patriots Day
* إخراج: بيتر بيرغ‬
* دراما: الولايات المتحدة
ثاني تعاون بين المخرج بيتر بيرغ والممثل مارك وولر يأتي مباشرة بعد فيلمهما السابق «ديبووتر هورايزن» الذي عرض قبل أشهر قليلة. والفيلم الجديد، كسابقه، من النوع الكوارثي، ولو أن نوع الكارثة التي يتناولها يختلف، ومثله أيضًا في كونه مستوحى من أحداث حقيقية.
تناول الفيلم السابق كارثة التلوّث النفطية التي وقعت في سواحل الولايات المتحدة سنة 2010، الفيلم الجديد يدور حول كارثة العملية الإرهابية التي قام بها منفذون عرب عندما زرعوا قنبلتين عند خط وصول لاعبي الماراثون السنوي في مدينة بوسطن في عام 2013.
نقطتان إضافيتان من باب المقارنة: الفيلم السابق تكلف 110 ملايين دولار (وجلب خسارة)، والفيلم الحالي تكلف 45 مليونا، ومن المبكر الحديث عن نتيجته التجارية، لكن هذا الفيلم أفضل من سابقه وأقرب أحداثًا إلينا؛ إذ هي تتصل بما تعانيه الولايات المتحدة وباقي العالم من حوادث إرهابية.
الأحداث من القرب بحيث نذكرها جميعًا: بوسطن في منتصف شهر أبريل (نيسان) 2013، مئات الرياضيين كانوا انطلقوا في ماراثونهم السنوي التقليدية لكن في مكان آخر من المدينة كان هناك شقيقان (أحدهما في الفيلم أكثر شرًا من الآخر) يجهزان نفسيهما لعمل يعتبرانه نضاليًا مشروعًا، الأخوان تزارنييف سيضعان متفجرتين موقوتتين عند خط النهاية... يتم تفجير كل منهما على مسافة دقائق من الأخرى.
الخطّة نجحت، للأسف، وتساقط عشرات القتلى والجرحى في الواقع وكما نرى على الشاشة، لكن هذا لا يعني أن الفيلم تسجيل واقعي لما حدث. شخصية مارك وولبيرغ، ضابط شرطة يشرف، رغم عرجه نتيجة حادثة يبدأ بها الفيلم ولا تنتمي إلى ما سيحدث بعدها، هي خيالية. ليس أن الشرطة الأميركية لم تكن منتشرة على طول المسافة الفاصلة بين نقطتي الانطلاق والوصول وطوال الوقت، لكن السيناريو لا يتبنى شخصية فعلية بل يخلق واحدة ليكوّن من خلالها سببا دراميًا للمتابعة.
هذا السبب يمشي بموازاة أسلوب تقريري شاهدنا مثله في أفلام سابقة، لكن المخرج بيرغ يعالجه جيدًا هنا منتقلاً عبر «فورمات» مختلفة لتقديم الحالة في أوجها... هو بذلك، وعلى حسنته المذكورة، أشبه بمن وجد نفسه في وسط حادثة فأمسك الكاميرا وراح يصوّر لا يربطه بالدراما سوى شخصياته من الممثلين الوافدين ليتولوا بضع حوارات لا تزيد أو تنقص من الفيلم شيئا.
على تعدد الشخصيات، لا يجد المخرج بدا من جعل شرطيه تومي (وولبرغ) يتعامل مع الجميع على الرغم من أن وجود الإف بي آي (بقيادة كيفن باكون) يعني تحوّل كل التحقيقات إلى ذلك الجهاز، ما يجعل من رجال الشرطة مجرد تكملة العدد اللازم للمساعدة الأمنية والاستجابة للنداءات.
ينتابك الشعور طوال الفيلم بأن جميع صانعيه، بمن فيهم المخرج وبطله، إنما يريدون استحواذ الفرصة للإدلاء بشهادة حول الخير ضد الشر (وهناك خطبة في هذا الشأن على لسان وولبيرغ) وأن العمل، ككثير من تلك الأعمال الأميركية التي تناولت كوارث إرهابية، إنما يريد أن يحتفي بنفسه أكثر مما يريد أن يترك المشاهد أمام ما يستدعي التفكير والتحليل. ليس هذا الشعور مجرد إحساس عابر بل نتيجة خيارات الفيلم فيما يتطرق إليه وفيما يتهرب منه.



«هوليوود» تقتل نجومها بمسلسلات ورسوم

بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)
بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)
TT

«هوليوود» تقتل نجومها بمسلسلات ورسوم

بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)
بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)

عندما يتساءل البعض أين هم النجوم الكبار؟ فهناك أكثر من جواب.

إذا كان السؤال عن عمالقة التمثيل في الفن السابع، أمثال مارلون براندو، وكلارك غيبل، وباربرا ستانويك، وجاك نيكلسن، وصوفيا لورِين، وجوليانو جيما، وهمفري بوغارت، وجيمس ستيوارت، وكاثرين دينوف، وأنتوني كوين، وعشرات سواهم، فإن الجواب هو أن معظمهم وافته المنية ورحل عن الدنيا. القلّة الباقية اعتزلت أو تجهدُ لأن تبقى حاضرة. المثال الأبرز هنا، كاثرين دينوف (81 سنة) التي شوهدت خلال عام 2024 في 3 أفلام متعاقبة.

أما إذا كان السؤال مناطاً بنجوم جيل الثمانينات والتسعينات ممن لا يزالون أحياء، أمثال سيلفستر ستالون، وأرنولد شوارتزنيغر، وسيغورني ويڤر، وسوزان ساراندون، وأنتوني هوبكنز، وميل غيبسن، وجيسيكا لانج، وكيم باسنجر، وغلين كلوز، وهاريسون فورد، وستيفن سيغال، وروبرت دي نيرو، وآل باتشينو وسواهم من الجيل نفسه، فحبّهم للبقاء على الشاشة مثالي يدفعهم للظهور إمّا في أدوار مساندة أو في أفلام صغيرة معظمها يتوفّر على منصات الاشتراكات.

أما بالنسبة للزمن الحالي، فإن الأمور مختلفة، فعلى الأقل تمتّع من ذُكروا أعلاه بأدوارٍ خالدة لا تُنسى في أنواع سينمائية متعدّدة (أكشن، دراما، كوميديا، ميوزيكال... إلخ).

الحال أنه لم يعد هناك من ممثلين كثيرين يستطيعون حمل أعباء فيلمٍ واحدٍ من نقطة الانطلاق إلى أعلى قائمة النجاح. أحد القلّة توم كروز، وذلك بسبب سلسلة «Mission‪:‬ Impossible» التي قاد بطولتها منفرداً، ولا تزال لديه ورقة واحدة من هذا المسلسل مفترضٌ بها أن تهبط على شاشات السينما في مايو (أيار) المقبل.

بطولات جماعية

بكلمة أخرى: لم يعد هناك نجوم كما كان الحال في زمن مضى. نعم هناك توم هانكس، وروبرت داوني جونيور، وجوني دَب، وسكارليت جوهانسون، ودانيال كريغ، ونيكول كيدمان، لكن على عكس الماضي البعيد، عندما كان اسم الممثل رهاناً على إقبالٍ هائل لجمهور لا يفوّت أي فيلم له، لا يستطيع أحد من هؤلاء، على الرغم من ذيوع اسمه، ضمان نجاح فيلمٍ واحدٍ.

ما يُثبت ذلك، هو استقراءُ حقيقة سقوط أفلامٍ أدّى المذكورة أسماؤهم أعلاه بطولاتها منفردين، لكنها أثمرت عن فتورِ إقبالٍ كما حال توم هانكس، وجنيفر لورنس، وجوني دَب، وروبرت داوني جونيور.

الحادث فعلياً أن «هوليوود» قضت على نجومها بنفسها.

كيف فعلت ذلك؟ وما المنهج الذي اتبعته ولماذا؟

الذي حصل، منذ 3 عقود وإلى اليوم، هو أن هوليوود أطلقت، منذ مطلع القرن الحالي، مئات الأفلام ذات الأجزاء المتسلسلة بحيث بات اهتمامُ الجمهور منصبّاً على الفيلم وليس على الممثل الذي لم يَعُد وحده في معظمها، بل يؤازره ممثلون آخرون من حجم النجومية نفسها.

كثير من هذه المسلسلات يضعُ ممثلين مشهورين في البطولة كما حال سلسلة «The Avengers»، التي ضمّت روبرت داوني جونيور، وسكارليت جوهانسن، وجوينيث بالترو، وصامويل ل. جاكسون، ومارك رافالو، وكريس إيڤانز تحت مظلّتها.

في مسلسل «كابتن أميركا»، وإلى جانب داوني جونيور، وسكارليت جوهانسون، وإيڤنز، أيضاً تناثر بول رود، وتوم هولاند، وإليزابيث أولسن. كلُ واحدٍ منهم قدّم في هذا المسلسل وسواه من أفلام الكوميكس والسوبر هيروز نمرته، وقبض أجره ومضى منتظراً الجزء التالي.

أيّ فيلم خارج هذه المنظومة مرجّح فشله. بذلك تكون «هوليوود» قد ساهمت في دفن نجومها عبر توجيه الجمهور لقبولهم الجميع معاً على طريقة «اشترِ اثنين واحصل على الثالث مجاناً».

ولا عجب أن أعلى الأفلام إيراداً حول العالم كسرت إمكانية تعزيز العودة إلى أيامٍ كان اسم ممثلٍ كبيرٍ واحدٍ، (لنقل كلينت إيستوود أو أنتوني هوبكنز)، كفيلاً بجرِّ أقدام المشاهدين إلى صالات السينما بسببه هو.

الأفلام العشرة التي تقود قائمة أعلى الأفلام رواجاً حول العالم، تتألف من 4 أفلام من «الأنيميشن» هي، «Inside Out 2»، و«Despicable Me 4»، و«Moana 2»، و«Kung Fu Panda 4».

بعض هذه الأفلام جاءت بممثلين مجهولين، وأُخرى جلبت بعض الأسماء المعروفة. في «إنسايد آوت 2»، اعتُمد على عددٍ من الممثلين غير المعروفين أمثال مايا هوك، وليزا لابيرا، وتوني هايل، ولويس بلاك.

في «مونا 2»، استُعين باسم معروف واحد هو، دواين جونسون الذي تقاضى 50 مليون دولار وأُحيط بممثلين مجهولين. نعم الإقبال على هذا الفيلم أثمر عن 441 مليونَ دولارٍ حتى الآن (ما زال معروضاً)، لكن ليس بسبب اسم بطله جونسون، بل بسبب تطبيع جمهور مستعدٍ لأن يرى الفيلم حلقةً مسلسلةً أكثر مما يهتم لو أن جونسون أو دنزل واشنطن قام بالأداء الصوتي.

سقوط وونكا

أحد الأفلام العشرة كان من بطولة وحشين كاسرين هما غودزيللا وكينغ كونغ. معهما من يحتاج لممثلين معروفين، أشهر المشتركين كانت ريبيكا هول، أما الباقون فهم مجموعة جديدة أخرى لم يعد باستطاعة كثيرين حفظ أسمائهم.

يتمتع الفيلم الخامس في القائمة «Dune 2»، بوجود ممثلين معروفين أمثال تيموثي شالامي، وزيندايا، وخافيير باردم. لكن الكل يعرف هنا أنه لو لم يكن شالامي أو زيندايا أو باردم لكان هناك آخرون لن يقدّموا أو يؤخّروا نجاح هذا الفيلم، لأن الإقبال كان، كما كل الأفلام الأخرى، من أجله وليس من أجل ممثليه.

لهذا نجد أنه عندما حاول شالامي تعزيز مكانته ببطولة منفردة في «Wonka»، سقط الفيلم وأنجز أقلَّ بكثيرٍ ممّا وعد به.

ما سبق يؤكد الحالة الحاضرة من أن نظام إطلاق أفلام الرُّسوم والمسلسلات الفانتازية أثمر عن إضعاف موقع الممثل جماهيرياً. غداً عندما ينتهي كروز من عرض آخر جزءٍ من «المهمّة: مستحيلة» سينضمُّ إلى من أفُلَت قوّتهم التجارية أو كادت. سينضم إلى جوني دَب، مثلاً، الذي من بعد انقضاء سلسلة «قراصنة الكاريبي» وجد نفسه في وحول أفلام لا ترتفع بإيرادها إلى مستوى جيد.