واقع السينما الفلسطينية

واقع السينما الفلسطينية
TT

واقع السينما الفلسطينية

واقع السينما الفلسطينية

* هناك أخبار متواردة حول فيلم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي الجديد «فلسطين ستيريو» مفادها أنه انتهى من التصوير تمامًا لكن ما يحتاجه الآن هو حسب منتجه التونسي حبيب عطية استكمال مرحلة ما بعد التصوير المعروفة بـPost Production... يقول: «نتطلع إلى الربع الباقي من الميزانية لاستكمال عمليات البوست برودكشن وما نعمل عليه الآن هو وضع نسخة أولى لعرضها على صناديق ومؤسسات الدعم»
* رشيد مشهراوي من بين المخرجين الفلسطينيين الذين برزوا في العقود الثلاثة الأخيرة بوصفه أحد الأصوات السينمائية العاملة بنشاط... خلال تلك الفترة تعامل مع النوع الروائي والنوع غير الروائي على نحو متواصل وسيرته المهنية تحتوي على ما لا يقل عن 15 فيلما عرضت في شتى المهرجانات العربية والعالمية من «حتى إشعار آخر» (أول أفلامه الطويلة سنة 1994) وصولاً إلى «رسائل من اليرموك» (2014)
* فيلمه الجديد الذي يدور حول لجوء عدّة فلسطينيين إلى منزل رجل مسن وزوجته للاحتماء من القصف الإسرائيلي لا يتناول في حكايته تنفيسا نقديًا للهجوم الإسرائيلي على غزة خلال الحرب الأخيرة فقط بل يظهر انقسام المجتمع الفلسطيني وسط تبعثر الغايات السياسية والصدام القائم بين المتطرفين والمعتدلين من الفلسطينيين
* يضيف المنتج التونسي في حديث له لمجلة «سكرين» البريطانية أنه أحد أغلى الأفلام الفلسطينية من حيث كلفته حتى الآن... فميزانيته بلغت مليون و500 ألف دولار وبذلك تقارب تلك التي صرفت على فيلم «يا طير الطاير» لهاني أبو أسعد وهو الفيلم الذي مثّل فلسطين في المرحلة المبكرة من مسابقة أوسكار أفضل فيلم أجنبي
* هذان المخرجان وسواهما من المخرجين الفلسطينيين في الحقلين الروائي والتسجيلي يواجهان دومًا صعوبة الانتقال السريع من مشروع لآخر بسبب البحث الدائم عن التمويل الصحيح... صناديق دعم إماراتية وقطرية تسهم لكن الداخل الفلسطيني سواء في قطاع غزة أو في الضفّـة الغربية منشغل دومًا بالمواجهات السياسية بعيدًا عن محاولات دفع عجلات الصناعات المحلية وتشجيعها والسينما من بينها
* القطاع الفلسطيني الخاص أنجز ما لم تكترث المؤسسة الرسمية به عندما وقف وراء فيلمي أبو أسعد الأخيرين «عمر» و«يا طير الطاير» حيث قام المخرج بتأمين نحو 95 % من التمويل من مصادر فلسطينية خاصة عندما قام قبل ثلاث سنوات بتصوير «عمر»
* ونتيجة عدم وجود أسواق عربية تعرض الأفلام الفلسطينية إلا بمقادير محدودة (أبو أسعد الأكثر حظًا في هذا الإطار حتى الآن) وهو جزء من المشكلة الكبيرة التي تحيط بكل السينما العربية خارج الإطار التجاري البحت... فلا صالات سينما مهتمّة ولا محطات التلفزيون مكترثة ما يبقي عوز المخرجين للتمويل الشغل الشاغل لهم عوض الانصراف إلى تحقيق أفلامهم على نحو متواصل



هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.