العالم يشهد ظاهرة فلكية نادرة اجتمع فيه نوعان من الكسوف الحلقي والكلي

الرياض تابعت آخر كسوف للشمس في 2013

كسوف الشمس كما شوهد في مدينة صيدا جنوب لبنان (رويترز)
كسوف الشمس كما شوهد في مدينة صيدا جنوب لبنان (رويترز)
TT

العالم يشهد ظاهرة فلكية نادرة اجتمع فيه نوعان من الكسوف الحلقي والكلي

كسوف الشمس كما شوهد في مدينة صيدا جنوب لبنان (رويترز)
كسوف الشمس كما شوهد في مدينة صيدا جنوب لبنان (رويترز)

شهدت سماء العاصمة السعودية الرياض ظاهرة فلكية تمثلت في كسوف جزئي للشمس، هو الكسوف الأخير في العام الحالي، حيث بدأ الكسوف في تمام الساعة 4:19 عصرا، واستمر حتى مغيب الشمس الساعة 5:12 مساء، فيما سجل جنوب غربي البلاد أعلى نسبة في اختفاء قرص الشمس قدرت بنحو 60 في المائة.
وقال الدكتور عمر المسند، رئيس المركز الوطني للفلك بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، إن «كسوف الشمس في مدينة الرياض، ووصل ذروته الساعة 5:11 مساء، وأخفى نحو 45 في المائة من قرص الشمس. واستمر إلى ما بعد غروب الشمس»، أي أن الشمس تغرب قبل أن ينجلي الكسوف، موضحا أن بداية الكسوف في السعودية كانت من الشمال الغربي في الساعة 4:12، وفي الساعة 4:14 بمكة المكرمة، أما في الرياض فكانت عند الساعة 4:18.
وبين المسند أن أهم ما يميز هذا الكسوف هو قربه من وقت غروب الشمس في المملكة، وتزامنه مع ترائي هلال شهر المحرم لعام 1435هـ، موضحا أن المهتمين برؤية الهلال سيتمكنون من رؤيته بشكل واضح؛ في حال كانت السماء خالية من الغيوم والعوالق الترابية، لافتا إلى التمكن من رؤية جرم القمر أثناء اقترانه بالشمس بدلا من رؤية هلال الشهر الجديد.
وأوضح المسند: أن «الكسوف لا يصاحب جميع حالات الاقتران إلا في حالات نادرة، فلا تحدث هذه الظاهرة الفلكية إلا 2 - 5 مرات في السنة الواحدة، ويرجع هذا إلى تفاوت ميل مستوى مدار القمر حول الأرض على مستوى مدار الأرض حول الشمس (الدائرة الكسوفية) بزاوية قدرها (0 - 5 درجات)، ولولا هذا التفاوت لحدث الكسوف مع كل اقتران في نهاية كل شهر قمري، ولحدث الخسوف أيضا منتصف كل شهر قمري».
وبحسب مصادر فلكية، فإن الكسوف الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط يعد من نوع «كسوف هجين»، أي يظهر الكسوف في بعض المناطق كليا وفي بعض المناطق يشاهد حلقيا، بينما يشاهد الكسوف في مناطق أخرى جزئيا، ويرجع سبب تلك الظاهرة إلى أن القمر يحجب كامل قرص الشمس في المناطق التي يمر ظل القمر من خلالها، بينما يشاهد الكسوف جزئيا في المناطق القريبة من مواقع الكسوف الكلي.
وتعد تلك الظاهرة فلكية نادرة الحدوث، حيث تجمع بين نوعين من الكسوف الشمسي، يبدأ ككسوف حلقي وينتهي ككلي، ومن دلائل غرابته أنه سيكون كسوفا كليا عند خط الاستواء وخط غرينتش، والذي يمر بمدينة غرينتش القريبة من العاصمة البريطانية لندن، ويقسم الكرة الأرضية إلى قسمين شرقي وغربي.
يذكر أن كسوف الشمس هو ظاهرة فلكية تحدث عندما توضع الأرض والقمر والشمس على استقامة واحدة تقريبا، ويكون القمر في المنتصف، أي في وقت ولادة القمر الجديد عندما يكون في طور المحاق مطلع الشهر القمري، بحيث يلقي القمر ظله على الأرض، وفي هذه الحالة إذا كنا في مكان ملائم لمشاهدة الكسوف يمكن رؤية قرص القمر المظلم يعبر قرص الشمس المضيء.
وفي بنغازي شهدت السماء الليبية بعد ظهر الأحد كسوفا جزئيا نادرا للشمس تمكن سكان مختلف مناطق البلاد من رؤيته بالعين المجردة وذلك وفقا لأحد مراسلي وكالة أنباء الصحافة الفرنسية.
وبدا الكسوف الجزئي النادر للشمس نحو الساعة الثالثة ظهرا بالتوقيت المحلي لليبيا (13.00 ت.غ)، وتمت مشاهدة اختفاء الجزء السفلي من قرص الشمس تدريجيا، في حين خيم ظلام طفيف خلال فترة الكسوف.
وقال مدير مكتب الفلك بالمركز الليبي للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء منصور أشقيفة لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «هذا الكسوف يسمى بالهجين أو المختلط نظرا لأنه يحدث بنوعين من الكسوف يبدأ بالحلقي ثم كلي، ويعود بعدها حلقيا من جديد إلا أنه في ليبيا يرى جزئيا بنحو 17 في المائة».
وحدث آخر كسوف كلي للشمس في ليبيا في الـ29 من شهر مارس (آذار) في عام 2006، حيث وقع رصده في عدد من مناطق جنوب البلاد بحضور مراكز ومؤسسات دولية متخصصة بعلوم الفضاء.
وفي القاهرة ذكر الدكتور حاتم عودة رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفزيقية – طبقا لما بثته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية، أن غرابة الكسوف الحالي ترجع إلى أنه كليا عند خطي الاستواء وغرينتش وأن آخر كسوف يمر بخط غرينتش كان عام 1466.
وقد بدأ الكسوف في مصر الساعة الثالثة وثماني دقائق بالتوقيت المحلي وبلغ ذروته بداية من الساعة الرابعة و46 دقيقة عصرا حيث سيغطي قرص القمر 15 في المائة من قرص الشمس.
وأضاف أن «معظم الدول العربية ستتمكن من رؤية كسوف الشمس جزئيا وكذلك جزء من الأميركيتين وجنوب أوروبا ومعظم دول أفريقيا، أما سكان سواحل المحيط الأطلنطي وجنوب ساحل العاج وغانا والصومال فستكون لديهم فرصة جيدة لمشاهدة مرحلتين أو المراحل الثلاث للكسوف المختلط».
وتجدر الإشارة إلى أن الكسوف الحلقي يحدث عندما يكون مدار القمر في أبعد نقطة عن الأرض وأقرب إلى الشمس الأكبر حجما. ويسمح هذا الوضع للقمر بحجب أكثر من 90 في المائة من أشعة الشمس عندما يصبح الجرمان على خط مستقيم في الفضاء.
ويحدث الكسوف الكلي للشمس عندما يتحرك القمر بين الشمس والأرض ويحجب الشمس عن المناطق الواقعة في ظل القمر. ومن دون ضوء الشمس تظلم السماء بما يكفي يظهور النجوم ويصنع الغلاف الخارجي للشمس هالة حول القمر.
وهذا هو الكسوف الأخير للشمس هذا العام.
وكانت أول منطقة شاهدت الكسوف هي جنوب الولايات المتحدة قبل أن يتجه شرقا عبر المحيط الأطلنطي والقارة الأفريقية.
وذكرت وكالة الفضاء الأميركية ناسا أن الكسوف الكلي الشامل وقع فوق المحيط الأطلنطي.
وطبقا لتقرير لهيئة «الإذاعة البريطانية» فإن أفضل أماكن مشاهدة الكسوف كانت في شمال كينيا حيث نظمت الشركات السياحية رحلات لمشاهدة الكسوف الكلي للشمس حيث ساد الظلام المنطقة.
أما الكسوف الجزئي فكان فوق شرق أميركا الشمالية وجنوب أوروبا.
وقد بدأ الكسوف حلقيا على بعد ألف كيلومتر شرق مدينة جاكسونفيل في ولاية فلوريدا الأميركية، ومع تحرك ظل القمر شرقا تحول الكسوف من حلقي إلى شامل. وكان الكسوف الشامل أكثر وضوحا في المحيط الأطلنطي على بعد 330 كيلومترا جنوب غربي ليبريا واستمر أكثر من دقيقة. واستمر الكسوف عبر أفريقيا إلى الكونغو إلى أن عبر شمال أوغندا وكينيا، وانتهى في جنوب إثيوبيا والصومال. وشاهدت المناطق الواقعة على جانبي خط الاستواء كسوفا جزئيا بما في ذك شمال شرقي أميركا وشمال جنوبي أميركا وجنوب أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)