الجزائر: جدل حول التهديد بإلغاء الأحزاب المقاطعة لانتخابات البرلمان

حزب بن فليس يحتج على المساس بحق اختيار خط سياسي

الجزائر: جدل حول التهديد بإلغاء الأحزاب المقاطعة لانتخابات البرلمان
TT

الجزائر: جدل حول التهديد بإلغاء الأحزاب المقاطعة لانتخابات البرلمان

الجزائر: جدل حول التهديد بإلغاء الأحزاب المقاطعة لانتخابات البرلمان

احتج حزب علي بن فليس، رئيس الوزراء الجزائري سابقا، على تصريحات لوزير الداخلية نور الدين بدوي جاء فيها أن السلطات ستسحب الترخيص من كل أحزاب المعارضة التي ستقاطع انتخابات البرلمان المرتقبة عقابا لها. ووصف موقف الوزير بأنه «انحراف خطير ومساس بحق الأحزاب في اختيار خطها السياسي».
وصرح أحمد عظيمي، المتحدث باسم «طلائع الحريات» الذي يقوده بن فليس، للصحافة بأن تصريحات بدوي التي أطلقها أول من أمس «عبرت عن النظرة الأبوية للمعارضة، التي تتميز بها السلطة القائمة وعن تصورها الطفيلي للممارسة السياسية، وعن ذهنية المتاجرة بالانتخابات المتجذرة فيها. كما تنم هذه التصريحات عن الإرادة التي تحدو النظام السياسي القائم، في قطع شوط جديد في بسط هيمنته الكاملة على الحياة السياسية في البلاد».
وقال عظيمي، وهو ضابط عسكري متقاعد، «لا يحق ولا يصح الاستغراب أو التعجب من مثل هذه التصريحات لأنها آتية من نظام سياسي لا يقوى ابتكاره، ولا يغزر إلهامه، ولا يتنوع إبداعه إلا في قمع الحريات وتقويض الحقوق السياسية والمدنية، وإفراغ التكثيرية السياسية من معناها، ومن علة وجودها».
وهاجم وزير الداخلية الأحزاب التي أعلنت مقاطعة الاستحقاق السياسي، بحجة أن نتيجته محسومة للأحزاب الموالية للحكومة. ومن أهم المقاطعين «طلائع الحريات» و«جيل جديد». ورافع بدوي ضد «المشككين في نزاهة الانتخابات»، التي ستجري في مايو (أيار) المقبل، واتهم المقاطعين بـ«السعي لتغيير النظام على طريقة الربيع العربي»، الذي يرمز بالنسبة للحكومة إلى الخراب والفوضى.
وأضاف عظيمي: «حبذا لو تم توظيف هذه القدرات الإبداعية والابتكارية لإخراج البلد من الانسداد السياسي، الذي يتخبط فيه ولتقديم الحلول التي يطول انتظارها للأزمة الاقتصادية المتفاقمة، ولتبديد المخاطر المحدقة بالوطن من جراء التوترات الاجتماعية المتصاعدة»، وتابع موجها انتقاداته للسلطات: «إذا كان النظام السياسي القائم لا يلفت الأنظار، ولا يثير الإعجاب برشد ونجاعة حكامته، فإنه يتقن فن البحث عن كبش الفداء، ويفقه في تحميله مسؤولية فشله وإخفاقه.. ويتوجب على حكامنا العودة إلى صوابهم، والتيقن من أن الاستحقاق التشريعي القادم، الذي يمثل الكثير بالنسبة إليهم، هو استحقاق لا يرقى إلى المستويات من الأهمية التي يولونه إياها، لدى كل من هم قلقون ومنشغلون أكثر بالتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تهدد الدولة الوطنية وتستفحل دون رد مقنع، ودون تصد يبعث على التفاؤل والأمل في المستقبل».
وتبدي الحكومة حساسية حادة ضد خطاب المعارضة، الذي يطعن في مصداقية إصلاحات دستورية أطلقها بوتفليقة عام 2011، وانتهت مطلع 2016 بتعديل الدستور. وهي ترى أن الهدف منها هو «ضمان استمرار النظام»، وبأنها لا توفر شروط تداول حقيقي على الحكم.
وأوضح عظيمي أن «براعة النظام السياسي القائم، لا تظهر إلا في التهديد والوعيد، لكنهما لا يكفيان لإخراج الانتخابات في بلدنا من دائرة الجدل والتشكيك، والطعن في صدقها ومصداقيتها. أما بخصوص إشكالية الانتخابات هذه فهناك حقائق دامغة ومعروفة لدى كل الجزائريات والجزائريين منذ زمن طويل؛ من بينها أن إنشاء الأحزاب السياسية ليس صدقة تمن بها الإدارة على المواطنة أو المواطن، وإنما هي حق دستوري وحق التزمت الجزائر باحترامه في تعهداتها الدولية، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يمثل أول اتفاقية دولية انضمت إليها الدولة الجزائرية المستقلة»، مضيفا أن «معضلة المشاركة من عدمها في الاستحقاقات الانتخابية تعد بمثابة مرض مزمن تعاني منه المنظومة السياسية الوطنية؛ وهذه الظاهرة لا يستعصى تفسيرها على أحد؛ ومردها هو التدليس السياسي والتزوير الانتخابي المفضوحان اللذان يطالان بصفة ممنهجة ومستديمة سائر المسارات الانتخابية».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».