الخرطوم تنفي أي دور لإسرائيل في مفاوضات رفع العقوبات

الخارجية السودانية: موقفنا من الحريات ديني وأخلاقي ولم نتعرض لضغوط بشأنها

الخرطوم تنفي أي دور لإسرائيل في مفاوضات رفع العقوبات
TT

الخرطوم تنفي أي دور لإسرائيل في مفاوضات رفع العقوبات

الخرطوم تنفي أي دور لإسرائيل في مفاوضات رفع العقوبات

نفت الحكومة السودانية بشدة وجود أي دور لدولة إسرائيل في مفاوضات رفع العقوبات الأميركية عنها، وبدت مطمئنة على اجتياز فترة الستة أشهر التي نص عليها الأمر التنفيذي بالرفع الكامل عن العقوبات، وقطعت بأن قضايا حقوق الإنسان والحريات لم تكن ضمن ملفات التفاوض على رفع العقوبات، وأنها لم تواجه أي ضغوط متعلقة بالحريات الصحافية والحريات العامة، وحقوق الإنسان من الإدارة الأميركية.
وقال كمال إسماعيل، وزير الدولة بوزارة الخارجية، في مؤتمر صحافي، عقد لمراسلي أجهزة الإعلام الأجنبية بالخرطوم، أمس، إن حكومته مطمئنة لرفع العقوبات كليا بنهاية فترة الستة أشهر المنصوص عليها بالأمر التنفيذي، الذي أصدره الرئيس الأميركي باراك أوباما، ومنحت بموجبه رخصة عامة للتبادل التجاري بين الخرطوم وواشنطن، وتابع موضحا: «نحن لا نبيع تحت الطاولة، والسودان اتخذ موقفه وفقًا لمبادئه، وليس من السهولة عكس عجلة التحرك الآن خلال فترة الستة أشهر، وكل المؤشرات تشير إلى أن مهلة الستة أشهر ستمر بسهولة».
وبدا إسماعيل مطمئنًا لخطوات إدارة الرئيس الأميركي الذي تبدأ دورته الرئاسية غدًا، لأن حكومته تتعامل مع المؤسسة السياسية الأميركية وليس الأفراد، وقال في هذا السياق: «بشأن ترامب نحن لا نتعامل مع أفراد بل مع المؤسسات الأميركية»، موضحا أن دولاً في الإقليم، وبينها دول عربية وأفريقية وعلى رأسها السعودية ودول الخليج، لعبت دورًا مهمًا في رفع الحصار عن حكومته، ولكنه نفى أن تكون دولة إسرائيل قد لعبت دورًا مساندًا لموقف بلاده بشأن رفع الحصار، وقال إجابة على سؤال حول دور إسرائيل في مفاوضات رفع الحظر «إسرائيل... لا».
يشار إلى أن وسائل إعلام إسرائيلية نقلت أن تل أبيب طلبت من الإدارة الأميركية تحسين علاقتها مع الخرطوم، بعد أن قطعت الأخيرة علاقتها مع طهران وأوقفت تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، واقتربت من محور الدول السنية المعتدلة. ونقلت صحيفة «هآرتس» أن الحكومة الإسرائيلية طلبت كذلك من حكومات إيطاليا وفرنسا ودول أوروبية أخرى مساعدة السودان ورفع العقوبات عنه، ودراسة إعفائه من الديون الخارجية.
وبشأن الأرصدة السودانية المجمدة لدى الحكومة الأميركية التي فك تجميدها مؤخرًا، قال إسماعيل إن «الأرصدة السودانية المجمدة ليست كبيرة ومحدودة جدًا، وليست ذات قيمة اقتصادية».
وقطع إسماعيل بأن مفاوضات رفع الحظر لم تشترط حقوق الإنسان والحريات العامة والصحافية للرفع النهائي للعقوبات بالقول إن «العلاقات بين الدول لا تقوم على الحريات وحرية الصحافة وحقوق الإنسان، وما يدير علاقات الدول هو مصالحها، ولا توجد دولة تربط بين التعامل السياسي وحقوق الإنسان»، وإجابة على سؤال حول الحريات الصحافية، قال إن حكومته لم تواجه أي ضغوط متعلقة بحقوق الإنسان والحريات، لكنها في الوقت ذاته تعتبرها جزءًا من سياساتها العامة، وزاد موضحا: «نحن مطالبون دينا وشرعًا وخلقًا باحترام حقوق الإنسان، ونحن لم نواجه ضغوطا بشأنها، وأؤكد لكم أن الدولة ستحترم حقوق الإنسان».
ونفى الوزير أن يكون للسودان دور في زعزعة أمن الإقليم، أو أنه كان طرفًا في النزاعات، وأوضح أن العالم يعرف أن استقرار السودان يعني استقرار الإقليم، وانهياره سيؤدي لانهيار دول الإقليم واحدة تلو الأخرى، وقطع بأن الخرطوم ظلت تلعب دور الوسيط في صراعات الإقليم، وليست طرفًا فيها.
من ناحيته، أكد وكيل وزارة الإعلام السودانية، ياسر الخضر، للصحافيين، وجود محاذير لكل الدول تتعلق بأمنها واستقرارها، وأن الحكومة لن تسمح للإعلام وغيره بزعزعتها، بالقول إن «للحرية حدودا، وللدولة في أي مكان محاذير، وكل دولة عندها محاكم وسجون ومشانق»، وأضاف في رده على سؤال حول الحريات الصحافية ومصادرة الصحف ومنع صحافيين من الكتابة، أن هناك جهات معنية لن تسمح بأي موقف يتعارض مع سياسات الدولة، وعلى أي صحيفة أن تراعي المصالح الوطنية.
ووصف الخضر مصادرة الصحف بأنها «تقدير أمني»، وقال بهذا الخصوص: «لكننا لم نوقف تصديق أي صحيفة، ولم نقصف قلما، لكن لن نلغي دور المؤسسة المعنية بحماية أمن البلاد».
يشار إلى أن جهاز الأمن السوداني صادر في الآونة الأخيرة عددا من الصحف بعد طباعتها، وأمر بعضها بوقف صحافيين وكتاب عن الكتابة دون إبداء أي أسباب، بيد أن المراقبين يربطون بين مصادرة الصحف، والعصيان المدني الذي نظمته جماعات على وسائط التواصل الاجتماعي ودعمته قوى المعارضة، وقللت من تأثيره الحكومة.



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.