صندوق النقد: تراجع قيمة الجنيه المصري فاق توقعاتنا

توقع تسليم القاهرة الشريحة الثانية من القرض مارس المقبل

قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه ساهم في خلق بيئة تشغيلية جيدة (إ.ب.أ)
قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه ساهم في خلق بيئة تشغيلية جيدة (إ.ب.أ)
TT

صندوق النقد: تراجع قيمة الجنيه المصري فاق توقعاتنا

قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه ساهم في خلق بيئة تشغيلية جيدة (إ.ب.أ)
قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه ساهم في خلق بيئة تشغيلية جيدة (إ.ب.أ)

أقدم صندوق النقد الدولي على نشر وثائق برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري وتفاصيل القرض المقدم من الصندوق بنحو 12 مليار دولار لمصر وتقييم خبراء الصندوق لمعاملات تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي التزمت به الحكومة المصرية، في حين أعلن كريس جارفيس، رئيس بعثة صندوق النقد إلى مصر في مؤتمر صحافي صباح أمس الأربعاء، عن تسليم الشريحة الثانية من القرض بقيمة 1.25 مليار دولار في شهر مارس (آذار) المقبل بالتزامن مع اجتماعات الصندوق والبنك الدولي، بينما تقوم بعثة من صندوق النقد بزيارة مصر نهاية فبراير (شباط) المقبل لتقييم مسار الإصلاحات ومدى التزام الحكومة المصرية بتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وخلال المؤتمر الصحافي صباح أمس، أبدى مسؤول صندوق النقد تفاؤله بإمكانية أن يحقق التنفيذ السليم للإصلاحات الاقتصادية والهيكلية والسياسات المخططة، دفعا لمعدلات النمو في مصر إلى 6 في المائة على المدى المتوسط (وهو ما يضاهي معدلات النمو في مصر في الفترة من 2005 إلى 2010) وخلق وظائف لاستيعاب الشباب الداخلين لسوق العمل وإمكانية خفض معدلات البطالة من 12.7 في المائة إلى 10 في المائة مع نهاية برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وتوقع رئيس بعثة صندوق النقد لمصر انخفاضا في معدلات التضخم المرتفعة بحلول منتصف العام الحالي تماشيا مع التزام الحكومة المصرية بخفض الدين العام من 95 في المائة من إجمالي الناتج القومي المحلي إلى 86 في المائة في عامي 2018 و2019 ونحو 78 في المائة بحلول عام 2020.
وعند سؤاله عن القيمة العادلة لسعر صرف الجنيه أمام الدولار، أشار جارفيس إلى أن سعر الصرف الحالي (الذي يتراوح ما بين 18.8 إلى 20 جنيها مقابل الدولار) هو تقييم السوق للعملة المحلية، وأن قرار البنك المركزي بتعويم العملة بالكامل ساهم في خلق بيئة تشغيلية جيدة، وتابع أن صندوق النقد لا يقوم بتنبؤات حول سعر الصرف، لكن ما شهدته العملة المصرية من انخفاض كان أكبر من التوقعات، وقال: «من المحتمل أن يكون هذا الانخفاض خلال المرحلة الأولية وأن يحدث تحسن في زيادة النقد الأجنبي ونمو الودائع لدى القطاع المصرفي وبذلك فإن التراجع الحالي في سعر الصرف لن يستمر طويلا»، وأشاد جارفيس بقرار تعويم الجنيه قائلا: «أحد أهم الإنجازات أنه لا يوجد الآن سعر صرف ثابت».
وأشار جارفيس إلى أن مصر تواجه ثلاث مشكلات مترابطة تتعلق باختلال ميزان المدفوعات وارتفاع الدين العام (بما يبلغ 95 في المائة من الناتج القومي الإجمالي)، إضافة إلى انخفاض معدلات النمو وارتفاع معدلات البطالة، موضحا أن الهدف من خطة الإصلاح إصلاح هذه المشكلات ومساعدة المصريين على اجتياز مرحلة التحول الاقتصادي الصعبة.
وأكد أن كل المشكلات الاقتصادية التي تواجه مصر قابلة للحل، وأن الإجراءات والإصلاحات التي قامت بها الحكومة المصرية بتطبيق ضريبة القيمة المضافة وتعويم الجنيه وتخفيض الدعم على الوفود ستؤدي إلى تخفيف الأعباء على المصريين على المدى الطويل، وستساعد تلك الإصلاحات الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل عن طريق زيادة النمو وخلق فرص العمل.
وركز جارفيس بشكل كبير على أهمية حماية محدودي الدخل وتجنيب الفقراء الآثار الاقتصادية الصعبة للإصلاح، مشيرا إلى التكلفة العالية للواردات، نظرا لارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه وارتفاع أسعار الوقود بعد تخفيض الدعم، وقال: «الحكومة المصرية وصندوق النقد عازمان على تخفيض التكلفة للفئات الأقل قدرة على احتمالها ولهذا تلتزم الحكومة باتفاق ما لا يقل عن 33 مليار جنيه (أي 1 في المائة) من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لزيادة الإنفاق الاجتماعي ومساعدة محدودي الدخل من خلال برامج لزيادة الدعم الغذائي (عن طريق رفع قيمة الدعم في بطاقات التموين الذكية من 12 جنيها (نصف دولار) إلى 21 جنيها (دولار وعشرة سنتات) وإصلاحات في ميزانية معاشات الضمان الاجتماعي والتوسع في برنامج تكافل وكرامة ليغطي 1.7 مليون أسرة و7.3 مليون مستفيد وزيادة معاشات التقاعد.
وتشمل برامج مساعدة محدودي الدخل، وفقا لمسؤول صندوق النقد، زيادة الوجبات المدرسية المجانية لطلبة المدارس والتوسع في توصيل الغاز للمناطق الفقيرة وزيادة الدعم المقدم على ألبان الرضع وأدوية الأطفال ومواصلة التدريب المهني للشباب، إضافة إلى زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل وإنفاق 250 مليون على دور الحضانة العامة وجعل المواصلات العامة أكثر أمانا وسهولة في الاستخدام للنساء.
وشدد جارفيس على أهمية تحقيق التوازن ما بين تنفيذ الإصلاحات الصعبة وحماية الفقراء، مشيرا إلى أن خفض عجز الموازنة من الأمور الصعبة، لكنه ضروري، بحيث لا يؤدي إلى زيادة معدلات التضخم وإيذاء طبقات كبيرة من الشعب المصري وبصفة خاصة الفقراء.
وأشارت وثائق صندوق النقد التي نشرت أمس، إلى أن الحكومة المصرية أعدت برنامجا شاملا للإصلاحات لدفع معدلات النمو وإجراء التوازن المالي لضمان احتواء الدين العام وتحرير سوق الصرف وإعادة بناء الاحتياطي النقدي واتخاذ سياسات نقدية لخفض معدلات التضخم المرتفعة بالتزامن مع تقوية شبكات الأمان الاجتماعي وزيادة الإنفاق الموجه لحماية الفقراء ومحدودي الدخل من الآثار السلبية للإجراءات الإصلاحية. وأشارت الوثاق إلى أن برنامج الإصلاح المصري يواجه فجوة في التمويل تصل إلى 35 مليار دولار نصفها يرجع إلى ضرورة إعادة بناء الاحتياطي الأجنبي، وقد طلبت مصر قرضا من الصندوق بمبلغ 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات وأبدت التزامها بتنفيذ الخطوات المطلوبة للإصلاحات المالية والنقدية والهيكلية.
وشملت الوثائق خطاب النوايا من محافظ البنك المركزي طارق عامر ووزير المالية عمرو الجارحي ومذكرة السياسات الاقتصادية والمالية التي تلتزم بها الحكومة المصرية والإجراءات الإصلاحية التي تتخذها حتى نهاية يونيو (حزيران) 2017، وتشير الوثائق إلى اعتزام الحكومة المصرية خفض دعم الطاقة من نسبة 6.5 في المائة من الناتج القومي الإجمالي إلى 1.75 في المائة خلال العام الحالي ثم إلى 0.5 في المائة من الناتج القومي الإجمالي مع بداية العام المقبل.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).