الجعفري يترأس وفد النظام إلى «آستانة»... و«أحرار الشام» تحسم قرارها اليوم

فرنسا تؤكد أن المحادثات تحتاج إلى تمثيل حقيقي وموسع للمعارضة

رجل من سكان دمشق العطشى بسبب معارك وادي بردى منذ 22 ديسمبر الماضي، يملأ قنينة من الشارع، أول من أمس (أ.ب)
رجل من سكان دمشق العطشى بسبب معارك وادي بردى منذ 22 ديسمبر الماضي، يملأ قنينة من الشارع، أول من أمس (أ.ب)
TT

الجعفري يترأس وفد النظام إلى «آستانة»... و«أحرار الشام» تحسم قرارها اليوم

رجل من سكان دمشق العطشى بسبب معارك وادي بردى منذ 22 ديسمبر الماضي، يملأ قنينة من الشارع، أول من أمس (أ.ب)
رجل من سكان دمشق العطشى بسبب معارك وادي بردى منذ 22 ديسمبر الماضي، يملأ قنينة من الشارع، أول من أمس (أ.ب)

شكّل النظام السوري وفده إلى مؤتمر آستانة، برئاسة سفيره لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، في وقت من المتوقع أن تحسم اليوم حركة أحرار الشام قرارها النهائي بشأن المشاركة في المؤتمر إلى جانب الفصائل أو عدمه، بحسب ما أشار القيادي أبو الحسن، ممثل الحركة في مفاوضات أنقرة، مكتفيا بالقول لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «الحركة وإن قرّرت عدم إرسال ممثل لها إلى كازاخستان فهي لن تعطّل المفاوضات». ورجّح المعارض سمير نشار عدم موافقة «أحرار الشام» على المشاركة، لافتا إلى أن تردّد قياديي «الأحرار» يعود إلى الحذر من «فخ روسي» في آستانة.
يأتي ذلك، في وقت عبّر فيه المستشار الروسي لمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، فيتالي نومكين، أنه ما زال يعتبر محادثات جنيف بشأن الصراع الدائر في سوريا مجدية، وأن فرص نجاح مفاوضات جنيف لم تنته بعد، آملا أن تتمكن محادثات آستانة من تكريس وقف إطلاق النار على الأقل، فيما أعلنت فرنسا على لسان المتحدث باسم وزير الخارجية، رومان نادال، دعمها التوصل إلى وقف إطلاق نار في آستانة، مؤكدة في الوقت عينه، أن المحادثات تحتاج إلى تمثيل حقيقي وموسع للمعارضة. وأشار إلى أن المفاوضات يجب أن تتم في إطار قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم «2254» وميثاق جنيف بما يؤدي إلى انتقال سياسي.
ويوم أمس، أكّدت وكالة «سبوتنيك» الروسية، نقلا عن مصدر مطّلع، ما أعلنته صحيفة «الوطن» التابعة للنظام، أن الجعفري سيترأس وفده إلى آستانة، إضافة إلى شخصيات عسكرية وقانونية، وهو ما وجدت فيه المعارضة، خصوصا لجهة الإبقاء على الجعفري، محاولة روسية لاستبدال «آستانة» بـ«جنيف»، وهذا ما عبّر عنه بشكل واضح رئيس تحرير صحيفة «الوطن»، المحسوبة على «النظام السوري»، وضاح عبد ربه، في افتتاحية الجريدة، أمس، قائلا: «لا يتوهم أحد أن دمشق ذاهبة إلى آستانة للبحث في وقف للعمليات القتالية، أو لتثبيت ما سمي وقف لإطلاق النار، بل ذاهبة في إطار رؤيتها لحل سياسي شامل للحرب على سوريا، ولإعادة فرض هيمنة وسيادة الدولة على كامل الأراضي السورية». ويأتي ذلك، في وقت لا تزال فيه موسكو، تؤكد أن مؤتمر آستانة، يهدف إلى تثبيت وقف إطلاق النار. وفي هذا الإطار، أشار نشار، إلى أن المخاوف هي من اتفاق روسي - تركي يفرض على المعارضة حلا سياسيا. وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «أصبحت أنقرة تميل إلى الرؤية الروسية للحلّ، وهو ما قد يحاولون فرضه في كازاخستان عبر تشكيل مجلس عسكري من النظام والفصائل لتثبيت وقف إطلاق النار ومحاربة الإرهاب، والعمل على حلّ سياسي، عبر تشكيل هيئة حكم ذات مصداقية شاملة غير طائفية، أو قد يترجم عبر حكومة انتقالية إنما بقيادة رئيس النظام بشار الأسد». وسأل نشار: «إذا كان وقف إطلاق النار هو الهدف لماذا لم يتم تنفيذه قبل الذهاب إلى جنيف؟».
وفي حين لفت نشار إلى اختلافات ليس فقط بين «أحرار الشام» والفصائل الأخرى حول موقف المشاركة في آستانة، إنما بين الفصائل نفسها، متوقعا أن يزداد وقعها في المرحلة المقبلة، حمّلت الهيئات والفعاليات المدنية في وادي بردى في بيان لها، «الفصائل العسكرية الموقعة على اتفاقية وقف إطلاق النار، ومن يقف وراءها ومعها، والدول الضامنة للاتفاق تركيا وروسيا مسؤولية كل (شهيد) سقط في وادي بردى».
ويوم أمس تداولت بعض المواقع وسائل إعلام لائحة 17 مشاركا من قبل المعارضة برئاسة محمد علوش، القيادي في «جيش الإسلام»، وهو فصيل نافذ في ريف دمشق، تسعة منهم من الفصائل، وثمانية من مستشارين سياسيين وقانونيين من الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة في المعارضة السورية.
والفصائل الممثلة في الوفد هي: «جيش الإسلام، فيلق الشام، لواء شهداء الإسلام، الجبهة الشامية، ولواء سلطان مراد».
ويبدو الاختلاف في تركيبة وفدي النظام والمعارضة هامشيا، مقارنة مع التباين حيال رؤيتهما مضمون المحادثات بحد ذاتها. ويقول أحمد رمضان، وهو قيادي في الائتلاف السوري المعارض، لوكالة الصحافة الفرنسية: «جدول الأعمال الرئيسي بالنسبة إلينا يتضمن تثبيت وقف إطلاق النار، وقف التهجير القسري، بالإضافة إلى إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة».
ومع تأكيد رمضان أن «تفاصيل العملية السياسية متروكة لمفاوضات جنيف» التي تأمل الأمم المتحدة استئنافها في الثامن من فبراير (شباط)، تريد دمشق بحث «حل سياسي شامل» في آستانة.
ويرى رمضان أن «محاولة النظام القول إن المحادثات ستجري بينه وبين تركيا، دليل على مدى توتره وتناقض ما دأب على المطالبة به في جنيف لناحية أن يكون الحوار سوريا سوريا»، مضيفا: «هذا الكلام غير واقعي إطلاقا».
ويتحدث بإسهاب عن «إشكاليات تحيط بخمس نقاط أساسية، من بينها أن الضمانات التي تقدم للمعارضة شفهية، إضافة إلى عدم تسلم جدول أعمال رسمي بعد، عدا أن مرجعية الاتفاق ليست معروفة».
ويشرح في هذا الإطار أن «المقصود بالإشكالية الأخيرة هو في حال حدوث خلاف حول تفصيل معين، إلى من وماذا سيحتكمون؟»، مذكرا بأن القرارات الدولية بشأن سوريا شكلت مرجعية أساسية لمحادثات جنيف.
كما يشير إلى نقطتين إشكاليتين تتعلقان «بغياب أي تصور حول مخرجات الحوار، وكذلك بشكل المحادثات، بمعنى هل ستكون مباشرة أم لا».
ولا يبعث حجم الهوة القائمة بين الطرفين وحلفائهم حيال مضمون المحادثات آمالا بإمكانية تحقيق تقدم في آستانة، خصوصا أن عدم التوافق على جدول الأعمال في جنيف أعاق إمكانية تحقيق تقدم في المفاوضات التي بقيت في المربع ذاته.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.