رام الله تتهم حماس بسرقة قطاع الكهرباء

القطاع يحتاج إلى 500 ميغاواط يوميًا يتوفر منها 212 فقط

حلاق في مخيم الشاطئ للاجئين يعمل على ضوء الشموع خلال انقطاع التيار الكهربائي (إ.ب.أ)
حلاق في مخيم الشاطئ للاجئين يعمل على ضوء الشموع خلال انقطاع التيار الكهربائي (إ.ب.أ)
TT

رام الله تتهم حماس بسرقة قطاع الكهرباء

حلاق في مخيم الشاطئ للاجئين يعمل على ضوء الشموع خلال انقطاع التيار الكهربائي (إ.ب.أ)
حلاق في مخيم الشاطئ للاجئين يعمل على ضوء الشموع خلال انقطاع التيار الكهربائي (إ.ب.أ)

هاجم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بشدة، حركة حماس بسبب ملف كهرباء قطاع غزة، واتهمها بسرقة قطاع الكهرباء ونهبه، وهو الأمر الذي يمنع إيجاد حل جذري للمشكلة المتفاقمة في القطاع.
وقال عباس أمس: «هناك الكثير من الأخطاء والخطايا تجري في هذا الموضوع، سواء في ما يتعلق بالنفط أو بتوزيع الكهرباء، أو جمع الاشتراكات، كلها فيها أخطاء كثيرة، من الشركة لحماس لغيرهما. لذلك نقول لهم: عندما تصحح كل الأمور، نحن جاهزون لأن نبذل كل ما نستطيع حتى نوفر الكهرباء، إنما قبل ذلك، عليهم أن يواجهوا الشعب، وأن يفهم الشعب أنهم هم المخطئون، وهم الذين يتلاعبون بمصير شعبهم، بخاصة خلال هذه الأيام الصعبة».
وأضاف: «لا بد من إصلاح الأمور بشكل جذري، بحيث تصل الكهرباء إلى أهلها بكل الشفافية والصدق، ونحن مستعدون لبذل كل جهد ممكن للنهوض بقطاع الكهرباء، أما أن تبقى تحت السرقة والنهب من قبل حماس، فهذا أمر غير مقبول».
وجاءت تصريحات عباس بعد أيام من الجدل وتبادل الاتهامات بين الحكومة الفلسطينية وحماس، إثر تفاقم المشكلة مع تقليص ساعات وصول الكهرباء إلى المنازل.
والأسبوع الماضي دخلت أزمة الكهرباء مرحلة جديدة، مع تفجر مواجهات بين متظاهرين غاضبين والقوات الأمنية التابعة لحماس، التي استخدمت الرصاص واعتدت بالضرب واعتقلت متظاهرين، في خطوة أثارت غضب الفصائل، قبل أن تسير حماس نفسها مسيرات، أحرقت خلالها صور عباس ورئيس وزرائه رامي الحمد الله.
ويعاني قطاع غزة، الذي يعيش فيه مليونا نسمة، منذ 10 سنوات، من أزمة كهرباء حادة، لكنها تطورت في الشتاء، إلى الحد الذي أصبح معه الغزيون ينعمون بها 3 ساعات في اليوم فقط.
ويحتاج القطاع إلى نحو 500 ميغاواط من الكهرباء، لا يتوفر منها إلا 212 ميغاواط، تقدم «إسرائيل» منها 120 ميغاواط، ومصر 32 ميغاواط، وشركة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة 60 ميغاواط.
وبعد سلسلة من الاتهامات المتبادلة بين الحكومة وحماس، وتبادل أرقام مختلفة حول نسب المشاركة في تغطية احتياجات الطاقة، أو «نهبها»، عرض الحمد الله على حماس تسليم كل المؤسسات والوزارات والمعابر، من أجل أن تتحمل الحكومة كامل مسؤولياتها، وردت حماس بقولها إنها مستعدة لذلك.
وأعاد عباس التأكيد أمس على أن «الحرص على مصالح أبناء شعبنا، يتمثل بانتهاء الانقسام وتحقيق مصالحة حقيقية، وبتمكين حكومة التوافق الوطني من أداء عملها لخدمة أبناء شعبنا في قطاع غزة».
وأضاف عباس: «لا يمكن الخضوع للابتزاز الذي تمارسه حركة حماس بإصرارها على السيطرة على القطاع، وعدم الاستجابة للجهود لإنهاء الانقسام الأسود، واستعادة الوحدة الوطنية، التي تشكل مطلبا جماهيريا ساحقا، ينطلق من مستوى الحرص والحس الوطني على القضية الفلسطينية التي تواجه أكبر التحديات في وقتنا الراهن. كما أنه لا يمكن الاستمرار في السكوت على ما يقوم به المتنفذون في قطاع غزة، بفرض مختلف أنواع الضرائب، وجباية الأموال وعائدات الكهرباء وغيرها لصالحهم، ويغرقون أبناء شعبنا في الأزمات المتلاحقة».
وتابع «أننا لن نتخلى عن واجباتنا تجاه أهلنا في قطاع غزة، وسنواصل بذل الجهود للتخفيف من معاناتهم، ورفع الحصار الظالم عن قطاع غزة، ومواجهة سياسات الاحتلال وممارساته، وبناء مؤسساتنا الوطنية، إلى جانب تعزيز سلطة القانون، وترسيخ الأمن والنظام والعدالة والإدارة الفاعلة، والنهوض باقتصادنا الوطني، انطلاقا من تصميمنا على المضي في خدمة شعبنا وتحقيق آماله وتطلعاته في التخلص من الاحتلال ونيل حريته واستقلاله، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس».
وردت حركة حماس على لسان الناطق باسمها، فوزي برهوم، على عباس، الذي قال إن «تصريحات الرئيس محمود عباس الأخيرة، بشأن أزمة الكهرباء في قطاع غزة، عرقلة واضحة لجهود حل الأزمة، ودليل على دور السلطة في افتعالها».
وأضاف برهوم أن «تصريحات الرئيس تكشف نياته الواضحة لعرقلة مساعي وجهود الجميع لحل أزمة الكهرباء، وإنهاء معاناة القطاع».
وذكر برهوم أن ذلك «يتطلب موقفًا واضحًا من لجنة القوى الوطنية والإسلامية، التي تبذل، مشكورة، جهودًا كبيرة ومسؤولة مع كل الجهات لإنهاء الأزمة».
وحتى الآن، لم تضع الأطراف حلا متفقا عليه حتى مع تدخل جميع الفصائل الفلسطينية لإيجاد حلول، باستثناء وعد قطري بتقديم منحة بقيمة 4 ملايين دولار شهريا ولمدة 3 أشهر، لتغطية المحروقات لمحطة توليد الكهرباء في قطاع غزة، ووعد تركي بمنحة بنحو 15 ألف طن من المحروقات لصالح محطة التوليد.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.