لا مكان للعازبات في قلب مومباي مدينة الأحلام

وصلت سانجيتا شارما، 25 عامًا، إلى مدينة مومباي، مدينة أحلامها، تاركة وراءها بلدة صغيرة تقع في شمال الهند، حيث يسألها أقاربها باستمرار «لماذا لم تتزوجي حتى الآن؟». في البداية، أقامت شارما مع عمتها، ثم انتقلت إلى نزل للنساء العاملات. وبعد سنوات قليلة، حين حصلت على وظيفة بأجر جيد في شركة لتنظيم الفعاليات، قررت شارما الحصول على شقة خاصة بها.
كانت شارما تعرف أن الحصول على شقة لن يكون بالأمر الهين، فمشكلة قلة الشقق السكنية مزمنة في العاصمة المالية للهند، التي يبلغ تعداد قاطنيها 4.12 مليون نسمة، وتعد العقارات فيها من أغلى العقارات في العالم. وتشهد المدينة انتقال 450 شخصًا جديدًا لها كل يوم.
ويعرف عن ملاك العقارات في مومباي أنهم لا يؤجرون شققهم بسهولة إلى أي شخص، فبعضهم يؤجر لمن يتبعون نظامًا غذائيًا نباتيًا، والبعض الآخر لا يؤجر للمسلمين، وتأتي النساء العازبات اللاتي ترغبن في الحصول على غرفة بمفردهن في كثير من الأحيان في ذيل هذه القائمة.
ولكن ما لم تكن شارما مستعدة له هو الأسئلة التي وجهها لها الملاك، والتي كانت تبدأ غالبًا بـ«أنت غير متزوجه؟! لماذا؟»، و«هل تعودين في وقت متأخر من الليل؟ هل يزورك رجال؟». تقول شارما إنهم «كانوا مثل الأقارب المحافظين الذين هربت منهم. وقد أدركت بعد أن بدأت مشاركة بعض الملاحظات مع أصدقاء أن هذا الأمر يعد شيئًا روتينيًا في مومباي، هذه المدينة التي نعتقد أنها متقدمة وعالمية».
وقد عانت المخرجة شيخة ماكن، 35 عامًا، من «المقابلات المحبطة مع ملاك للعقارات» نفسها، عندما انتقلت إلى مومباي من دلهي عام 2006، وقررت منذ أكثر من عامين تقريبًا أن تقدم فيلمًا وثائقيًا عن العنصرية التي تتعرض لها النساء العازبات والمتحررات اللاتي ترغبن في استئجار شقة في مومباي.
تقول إحدى الفتيات المشاركات في فيلم ماكن الذي يحمل عنوان «فتيات البكالوريوس»: «إن الحلم سرعان ما أصبح كابوسًا»، وتضيف أن رد الفعل المعتاد الذي سمعته من الملاك هو: «هل أنت عازبة؟ ابتعدي أو ارحلي». وتحكي الممثلة المعروفة كالكي كويتشلن معاناتها في الحصول على منزل بعد انفصالها عن زوجها، قائلة: «إنهم الملاك وسماسرة العقارات؛ يريدون أن يلتقطوا صورًا معك، ويحصلوا على توقيعك، ولكنهم لا يريدون أن تسكني معهم!».
والحياة لا تصبح سهلة، حتى إذا تيسر الحصول على شقة، فالنساء العازبات في فيلم ماكن يروين تجاربهن المؤلمة، واحدة تلو الأخرى. فبدلاً من أن يقوم حراس المنازل بواجبات الحماية تجاه السكان، يقومون بالنظر بطريقة شهوانية، ويتلفظون بتعليقات بذيئة عند عودة إحدى الفتيات إلى شقتها في وقت متأخر من الليل، بل وجهت إلى فتاة أخرى اتهامات بأنها تدير ماخورًا بسبب استضافتها لرجال في شقتها، بينما تعاني فتاة أخرى من جيران يطرقون الباب عليها في ساعات متأخرة من الليل. النساء في فيلم ماكن نساء ناجحات متحررات مستقلات ماليًا، فمنهن من يعمل في بنوك ومديريات تنفيذيات لشركات، ومنهن متخصصات في تكنولوجيا المعلومات وممثلات وسيدات أعمال، إلا أن هناك جانبًا مشتركًا يجمع بينهن، وهو أنهن ما زلن عازبات، والمجتمع الهندي لا يزال يجد صعوبة في التكيف مع هذا الأمر.
تقول ماكن إن الآباء يريدون لبناتهم أن يتعلمن، ويصبحن أقوياء، ويكسبن قوت يومهن، «لكن بمجرد تحقيق هذا، يريدون من الفتاة أن تتزوج، وتصبح أما، وتقيم في المنزل».
وتقول ميجنا بوس، مدرسة في مومباي، إنها شعرت أن لديها خيارات كثيرة عندما بدأت في البحث عن شقة بعد أن تزوجت.
وتضيف ماكن: «إن المرأة حققت الكثير عندما يتعلق الأمر بتشكيل هوية الأنثى في الهند، ولكن لا يزال كثير من الناس متمسكين بطريقة تفكير متخلفة للغاية عندما يتعلق الأمر بالجنسين».
ووفقًا لماكن، فإن الفيلم يتمحور حول كيفية تعامل الناس مع بعضهم بعضًا في المجتمع، وكيف يمكن أن يتحول الجنس إلى لعبة سلطة. وقد قدمت ماكن الفيلم للتنفيس عن بعض مما تعانيه من إحباط، وكي تثير نقاشًا قد يساعد في تسريع عملية التغيير في المواقف.
وتتابع ماكن: «عندما بدأت في البحث، عثرت على المزيد من القصص التي تظهر أن التحيز الجنسي لا يزال قويًا، حتى في بومباي، كما كانت تعرف مومباي سابقًا، التي من المفترض أن تكون المدينة الأكثر ليبرالية في الهند».
وقد طرح الفيلم في عروض خاصة في جميع أنحاء الهند، وأسفر ذلك عن سيل متدفق من التعليقات والحوارات، وأشارت ماكن إلى أن رد الفعل على الفيلم كان أكثر مما كانت تتوقع.