عاصفة تصريحات وتلميحات من ترامب عن روسيا و«الأطلسي» قبل تنصيبه

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب
TT

عاصفة تصريحات وتلميحات من ترامب عن روسيا و«الأطلسي» قبل تنصيبه

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب

اعتبر الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) «عفا عليه الزمن»، متهمًا دولاً أعضاء في الحلف بأنها لا تدفع حصتها في إطار عملية الدفاع المشتركة بالاتكال على الولايات المتحدة، وذلك في مقابلة أجراها مع صحيفتي «تايمز» و«بيلد» الصادرتين أمس (الأحد).
وقال ترامب: «قلت منذ زمن بعيد إن الحلف الأطلسي لديه مشكلات. هو (منظمة) عفا عليها الزمن لأنها أنشئت بالدرجة الأولى منذ سنوات».
وأضاف: «وبالدرجة الثانية، فإن الدول (الأعضاء في الحلف) لا تدفع ما يتوجب عليها». وتابع: «يجب أن نقوم بحماية هذه الدول، لكن بلدانًا كثيرة من بينها لا تدفع ما يتوجب عليها، وهذا غير عادل بحق الولايات المتحدة إلى حد كبير».
وأشار إلى أن وصفه «الحلف الأطلسي» بأنه منظمة عفا عليها الزمن، مرده إلى أن الحلف «لم يهتم (بموضوع) الإرهاب». لكن ترامب قال لصحيفة «بيلد» إنه إذا تم استثناء كل مكامن الضعف هذه، فإن الحلف «يبقى في نظري مهمًا جدًا»، على حد تعبيره.
وحول موضوع المهاجرين، اعتبر ترامب أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ارتكبت «خطأ كارثيًا» بفتح حدود بلادها أمام اللاجئين، قائلاً: «أعتقد أنها (ميركل) ارتكبت خطأ كارثيًا يتمثل باستقبال جميع اللاجئين غير الشرعيين وجميع الناس من أينما أتوا».
وتوقع الرئيس الأميركي المنتخب نجاح عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، معربًا عن رغبته في أن يوقع اتفاقًا تجاريًا مع لندن بشكل سريع.
وتتناقض تصريحات ترامب مع سلفه باراك أوباما الذي اعتبر سابقًا أنه إذا غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي فستجد نفسها «في آخر الصف»، قبل أن تتمكن من توقيع اتفاقات تجارية مع الولايات المتحدة.
وأعلن ترامب أنه سيلتقي «على عجل»، بعد تسلمه مهماته الجمعة المقبل، برئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، كاشفًا أنها بعثت إليه رسالة تطلب فيها لقاءه وأنها أرسلت له هدية هي نسخة من خطاب ونستون تشرشل إلى الشعب الأميركي بعد الهجوم الياباني على بيرل هاربور.
وخلال هذا اللقاء الصحافي الذي استمر على مدى ساعة في برج ترامب، قال الرئيس الأميركي المنتخب: «أنا أحب بريطانيا»، مذكرًا بأن والدته تتحدر من اسكتلندا، وفق ما نقلت عنه صحيفة «تايمز».
واعتبر ترامب أن «بلدانًا أخرى ستغادر» الاتحاد الأوروبي بسبب أزمة الهجرة، لتسير بذلك على خطى بريطانيا. وأوضح: «أعتقد حقًا أنه لو لم تكن (بلدان الاتحاد الأوروبي) مجبرة على استقبال جميع اللاجئين، مع كل المشكلات التي رافقت ذلك، لما كان (بريكست) ليحصل». وتعليقًا منه على تصويت بريطانيا لصالح «بريكست»، قال: «الشعوب والناس يريدون هوياتهم، وبريطانيا أرادت هويتها الخاصة». ويقيم الرئيس الأميركي المنتخب علاقات ممتازة مع زعيم حزب «يوكيب» البريطاني المعادي لأوروبا نايغل فاراج الذي كان أحد المسوقين لـ«بريكست».
وكان فاراج قدم الدعم لترامب خلال حملته الانتخابية. وأثار ترامب إمكان التوصل إلى اتفاق مع موسكو لتقليص الأسلحة النووية في مقابل رفع العقوبات عن روسيا.
وقال: «هناك عقوبات ضد روسيا. لنرى إذا كان بالإمكان القيام باتفاقات جيدة مع موسكو. أعتقد أنه يجب تقليص الأسلحة النووية بشكل ملحوظ». وأضاف الرئيس المنتخب الذي لا يخفي إعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن «العقوبات سيئة للغاية بالنسبة إلى روسيا، لكن أعتقد أنه يمكن التوصل إلى شيء ما يكون مفيدًا لكثيرين».
وفيما يتعلق بالعراق، قال إن «غزوه (في 2003) قد يكون أسوأ قرارات أميركا على الإطلاق».
وأضاف: «كل ذلك ما كان يجب أن يحدث»، مشددًا على القول إنه «كان واحدًا من أسوأ القرارات، وربما أسوأ قرار اتخذ في تاريخ بلادنا على الإطلاق (...) أطلقنا العنان... إنه أشبه برمي أحجار على خلية نحل، إنها واحدة من (لحظات) الفوضى العارمة في التاريخ».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.