حزام الأزمات يخنق السوريين... وشتاء يخلو من الأدوية

بعد التدفئة بالحطب... اقتراحات بالعودة لطب الأعشاب

تحضير أخشاب لاستعمالها للتدفئة في دمشق بدل الوقود الذي بالكاد يتوفر في أسواق سوريا منذ اندلاع الحرب (إ.ب.أ)
تحضير أخشاب لاستعمالها للتدفئة في دمشق بدل الوقود الذي بالكاد يتوفر في أسواق سوريا منذ اندلاع الحرب (إ.ب.أ)
TT

حزام الأزمات يخنق السوريين... وشتاء يخلو من الأدوية

تحضير أخشاب لاستعمالها للتدفئة في دمشق بدل الوقود الذي بالكاد يتوفر في أسواق سوريا منذ اندلاع الحرب (إ.ب.أ)
تحضير أخشاب لاستعمالها للتدفئة في دمشق بدل الوقود الذي بالكاد يتوفر في أسواق سوريا منذ اندلاع الحرب (إ.ب.أ)

مع تواصل أزمة المياه الحادة في دمشق التي توجت حزمة الأزمات المعيشية، اقترح عضو «جمعية حماية المستهلك» بدمشق الاستعانة بالطب البديل والمعالجة بالأعشاب ووصفة الأعشاب لمعالجة انعكاس الأزمات على الحالة النفسية، واللجوء للطب البديل كحل مؤقت لمشكلة الدواء، وذلك بعد أن أعلنت الجمعية أن «كثيرًا من الأدوية غير متوفر في الصيدليات، وأنها اتفقت على إرسال كتاب إلى نقابة الصيادلة ووزارة الصحة لبيان حقيقة وضع الصناعة الدوائية وأسعارها وجودتها، وضرورة أن توفر الحكومة جميع مستلزمات الإنتاج الداخلة في صناعة الدواء، وإعفائها من الرسوم والضرائب للحيلولة دون رفع الأسعار».
كانت نقابة صيادلة سوريا قد حذرت مطلع الشهر الحالي من النقص الشديد في عدد من الزمر الدوائية في السوق المحلية، بالإضافة إلى ارتفاع تسعيرة الدواء محلي الصنع، وعدم وجود مندوب للنقابة في لجنة التسعير. وكشفت النقابة عن أن التقارير الدورية الأسبوعية التي تصل من عدد من المحافظات تشير إلى «نقص حاد في المضادات الحيوية وخافضات الحرارة وشرابات الأطفال ومضادات الاحتقان والرشح والسعال، بالإضافة إلى زمرة مضادات الجراثيم اللاهوائية».
يشار إلى أن كثيرًا من الأدوية غير متوفرة، وسعر البديل الأجنبي 10 أضعاف سعر الدواء المحلي، إضافة إلى أنه غير مضمون، ناهيك بالمعاناة الشاقة في تأمين هذا الدواء.
وبحسب مصادر طبية في النظام، فإن نسبة فقدان شرابات السعال والمضادات الحيوية للأطفال بلغت نحو 90 في المائة. وبحسب المصادر ذاتها، فإن أزمة الدواء جاءت بعد فشل خطة التسعير التي وضعتها وزارة الصحة في حكومة النظام، إذ لم تحقق الخطة غايتها في ضبط أسعار الدواء، ووضع سعر يتناسب مع الدخل قدر الممكن وهامش الربح للصيدلي المصنع والبائع. وترد المصادر سبب الفشل في خطة وزارة الصحة إلى أنها استفردت بوضع الخطة، حيث لم يتم تمثيل نقابة الصيادلة التي ترى أن مسألة ضبط أسعار الدواء تتم من خلال لجان رقابة صيدلانية متخصصة، فثمة أدوية خاسرة يمكن رفع سعرها وأدوية أخرى لا تحتمل رفع السعر.
صيدلاني يعمل في منشأة صيدلانية قال إن أسعار المواد الأولية ترتفع يوميًا بسبب ارتفاع سعر الصرف وهبوط قيمة الليرة، وبالتالي فإن تكاليف صناعة الدواء ترتفع، وهذا لا تنظر فيه وزارة الصحة، لافتًا إلى أن بعض المصنعين يضطرون إلى استخدام مواد أولية أرخص أو أقل فعالية، الأمر الذي انعكس سلبًا على فعالية الدواء المحلي، وبدأ يفقد الثقة. أما افتقاد الأدوية في السوق، فيرده الصيدلاني إلى أن موزعي الأدوية يخفون المواد في مخازنهم، بانتظار وضع تسعير عادل للأدوية، مؤكدًا على أن معالجة وزارة الصحة لمشكلات التسعير أدت إلى اضطراب إنتاج وتسويق الدواء. كما أدى أيضًا إلى نشاط تهريب الأدوية من دول الجوار التي تكلف أضعاف سعرها المحلي.
رامي أب لأربعة أطفال يقول إن كل أسبوع يدفع عشرين ألف ثمن أدوية لأطفاله لمعالجة أمراض الشتاء، وغالبيتها «أدوية أجنبية لأن الأدوية المحلية، وإن وجدت، فهي بلا فعالية»، مشيرًا إلى أن الطبيب وصف لأحد أطفاله تناول متممات غذائية وفيتامينات لمدة 3 أشهر، وهي أدوية أجنبية كلفته مائة وخمسين ألف ليرة سورية؛ ما يعادل 300 دولار، بينما لا يتجاوز دخل رامي كما يقول المائة ألف ليرة سورية شهريًا.
من هنا يبدو اقتراح عضو جمعية حماية المستهلك بدمشق بالاستعانة بالطب البديل والمعالجة بالأعشاب حلاً ينسجم مع الحلول البدائية التي تعود عليها السوريون لمواجهة مجموع الأزمات التي تعترضهم يوميًا على مدار 5 سنوات، وفق ما عبرت عنه رانيا مدرسة تاريخ وجغرافية في إحدى ثانويات دمشق: «عدنا للطبخ على الحطب والجلة (روث الحيوانات المجفف) والتدفئة على الشمس والتداوي بالأعشاب، نأكل الأطعمة الجافة ونتيمّم لعدم وجود الماء». ثم تتساءل: ماذا بقي من أركان الحياة البدائية لم نعد إليه، هل هناك من يصدق أن السوري سليل الحضارات الموغلة بالقدم يعيش في القرن الحادي والعشرين بمثل هذه الظروف؟ لا أحد يصدق، ولا نحن أيضًا يمكننا أن نصدق ما يجري في بلدنا، دمشق التي بنت حضارتها على الماء اليوم عطشى «إذًا لا عجب أننا بلا دواء».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.