الإعلام في جيبوتي يتجه لمزيد من التعريب

كبار المسؤولين يبحثون إعادة اللغة العربية لوكالة الأنباء الرسمية

مذيعة تقدم نشرة أخبار بالفرنسية في التلفزيون الجيبوتي («الشرق الأوسط»)
مذيعة تقدم نشرة أخبار بالفرنسية في التلفزيون الجيبوتي («الشرق الأوسط»)
TT

الإعلام في جيبوتي يتجه لمزيد من التعريب

مذيعة تقدم نشرة أخبار بالفرنسية في التلفزيون الجيبوتي («الشرق الأوسط»)
مذيعة تقدم نشرة أخبار بالفرنسية في التلفزيون الجيبوتي («الشرق الأوسط»)

يتجه الإعلام في جيبوتي إلى مزيد من التعريب، حيث يبحث كبار المسؤولين في هذه الدولة، العضو في الجامعة العربية والواقعة على القرن الأفريقي، إعادة اللغة العربية لوكالة الأنباء الرسمية التي تبث الأخبار باللغة الفرنسية. ويأتي هذا في إطار اهتمام عام بتطوير منظومة العمل الإعلامي في البلاد التي يبلغ عدد سكانها أقل قليلا من مليون نسمة. ويقول وزير الإعلام والاتصالات الجيبوتي، عبدي يوسف سجيه، لـ«الشرق الأوسط»: «أنشأنا لجنة وطنية للإعلام لتنظيم الصحافة المكتوبة والإعلام المرئي والمسموع».
ولعبت الصحافة التي كانت تصدر في البلاد باللغة الفرنسية، دورًا كبيرًا في الحراك السياسي الذي بدأ في جيبوتي بعد الحرب العالمية الثانية مثل صحيفة «اليقظة»، واستمر هذا حتى الإعلان عن الاستقلال من الاحتلال الفرنسي عام 1977. وتعد جريدة «القرن» أول صحيفة ورقية جيبوتية ناطقة باللغة العربية، وجاء تأسيسها عام 1997 بمبادرة من رئيس الدولة الحالي، إسماعيل عمر غيلة، حين كان رئيسًا لديوان الرئاسة في ذلك الوقت.
وتصدر صحيفة «القرن» عن وزارة الإعلام الجيبوتية. ويديرها طاقم محترف يتكون من عدد من الصحافيين الناطقين باللغة العربية، من بينهم ياسين بوح عبد الله، وجمال أحمد ديني. ويربط وزير الإعلام والاتصالات بين أعمال التطوير التي تشهدها البلاد، خصوصًا على الصعيد الاقتصادي، وطموحات لتحقيق نهضة في الإعلام. ويقول سجيه، إنه توجد مشاريع متنوعة لتطوير الصحف، و«نسعى منذ عدة سنوات لأن نجعل الإعلام يواكب التطور في المشروعات الاقتصادية والخدمية، انطلاقًا من أهمية موقع جيبوتي في المنطقة».
وفي هذا الإطار جرى إنشاء «لجنة وطنية للإعلام». ومن مهام هذه اللجنة، كما يقول الوزير، أن «تبدأ في وضع النظام للصحافة المكتوبة والقوانين والسلوكيات المهنية والجوانب التنظيمية الأخرى للإعلام المرئي والمسموع».
ويبدو أن هناك صعوبة في التواصل مع جيبوتي باللغة العربية من خارج البلاد، خصوصًا أن وكالة الأنباء الرسمية تبث باللغة الفرنسية فقط، رغم أن هذه الوكالة كانت في السابق تبث أيضًا باللغة العربية. ووفقا للمسؤولين هنا، توجد خطط لإعادة البث باللغة العربية للوكالة الرسمية، حيث جرى مخاطبة البرلمان لبحث هذه القضية والعمل على تعزيز وسائل الإعلام الناطقة بالعربية.
ومنذ رحيل الاستعمار الفرنسي تأسست في جيبوتي العشرات من المدارس الأهلية لتعليم اللغة العربية مقابل رسوم رمزية، مع العلم أن أول مدرسة أهلية عربية في جيبوتي ظهرت خلال فترة الاحتلال، إذ يعود ظهورها في البلاد إلى عام 1936. وزاد عدد هذه المدارس خلال السنوات الماضية إلى العشرات، إلى جانب المدارس الحكومية بطبيعة الحال.
ويقول الوزير سجيه إن جيبوتي بلد عربي، وفيها كثير من الخريجين ممن يتقنون اللغة العربية، «لكن معظم العرب من أبناء هذا البلد لا يفضلون العمل في وسائل الإعلام التي تتحدث باللغة العربية».
ويعتقد كثير من المتحدثين باللغة الفرنسية والإنجليزية أن العمل في وسائل إعلام غير ناطقة بالعربية يمكن أن يفتح لهم مجالات في الترقي أو التعاون مع وسائل إعلام دولية مستقبلا. من جانبه، يتابع الوزير موضحًا: «على سبيل المثال عرضنا فرص عمل في الفترة العربية بالإذاعة، على مذيعين غالبيتهم عرب من أصول يمنية.. لكنهم قالوا نحن نريد العمل في الفترة الإنجليزية أو الفترة الفرنسية». ويقول الوزير إن «مثل هذه الأمور سوف نعالجها في منتدى نعتزم عقده قريبًا».
وتعد العربية والفرنسية هما اللغتان الرسميتان لجيبوتي، مع وجود لغتين محليتين هما العفرية والصومالية. ومن السهل أن تلتقط عبر الأثير موجات إذاعية تبث الأخبار والبرامج الثقافية والترفيهية بهذه اللغات، سواء الرسمية أو المحلية. وتطبع الصحف باللغتين العربية والفرنسية. وتوجد مطبعة وطنية كبيرة تقوم أيضًا بطباعة الكتب المدرسية والكتب العامة. ويوجد مقر هذه المطبعة الأهم والأقدم في البلاد في شارع داودا في قلب العاصمة.
ويشير مصدر مسؤول آخر إلى أن الحكومة والبرلمان يتعاونان في الوقت الراهن لتعزيز وجود اللغة العربية في وسائل الإعلام الجيبوتية بأكثر مما عليه الآن. ويتابع معظم المسؤولين الجيبوتيين أحداث العالم باللغتين الفرنسية والعربية. ومن جانبه يقول الوزير سجيه عن أهم الصحف والمواقع الإخبارية التي يحب أن يطالعها صباحا: «أبدأ بالصحيفتين المحليتين صحيفة (الأمة) وصحيفة (القرن). ثم أتجول بين القنوات التلفزيونية، إلى أن أتوقف على قناة العربية».



تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)
TT

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)

تحدثت شركة «غوغل» عن خطتها لتطوير عملية البحث خلال عام 2025، وأشارت إلى تغييرات مرتقبة وصفتها بـ«الجذرية»؛ بهدف «تحسين نتائج البحث وتسريع عملية الوصول للمعلومات»، غير أن الشركة لم توضح كيفية دعم الناشرين وكذا صُناع المحتوى، ما أثار مخاوف ناشرين من تأثير ذلك التطوير على حقوق مبتكري المحتوى الأصليين.

الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، قال خلال لقاء صحافي عقد على هامش قمة «ديل بوك» DealBook التي نظمتها صحيفة الـ«نيويورك تايمز» خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نحن في المراحل الأولى من تحول عميق»، في إشارة إلى تغيير كبير في آليات البحث على «غوغل».

وحول حدود هذا التغيير، تكلّم بيتشاي عن «اعتزام الشركة اعتماد المزيد من الذكاء الاصطناعي»، وتابع أن «(غوغل) طوّعت الذكاء الاصطناعي منذ عام 2012 للتعرّف على الصور. وعام 2015 قدّمت تقنية (رانك براين) RankBrain لتحسين تصنيف نتائج البحث، غير أن القادم هو دعم محرك البحث بتقنيات توفر خدمات البحث متعدد الوسائط لتحسين جودة البحث، وفهم لغة المستخدمين بدقة».

فيما يخص تأثير التكنولوجيا على المبدعين والناشرين، لم يوضح بيتشاي آلية حماية حقوقهم بوصفهم صُناع المحتوى الأصليين، وأشار فقط إلى أهمية تطوير البحث للناشرين بالقول إن «البحث المتقدم يحقق مزيداً من الوصول إلى الناشرين».

كلام بيتشاي أثار مخاوف بشأن دور «غوغل» في دعم المحتوى الأصيل القائم على معايير مهنية. لذا، تواصلت «الشرق الأوسط» مع «غوغل» عبر البريد الإلكتروني بشأن كيفية تعامل الشركة مع هذه المخاوف. وجاء رد الناطق الرسمي لـ«غوغل» بـ«أننا نعمل دائماً على تحسين تجربة البحث لتكون أكثر ذكاءً وتخصيصاً، وفي الأشهر الماضية كنا قد أطلقنا ميزة جديدة في تجربة البحث تحت مسمى (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews، وتعمل هذه الميزة على فهم استفسارات المستخدمين بشكل أفضل، وتقديم نتائج بحث ملائمة وذات صلة، كما أنها توفر لمحة سريعة للمساعدة في الإجابة عن الاستفسارات، إلى جانب تقديم روابط للمواقع الإلكترونية ذات الصلة».

وحول كيفية تحقيق توازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين البحث وضمان دعم مبتكري المحتوى الأصليين وحمايتهم، قال الناطق إنه «في كل يوم يستمر بحث (غوغل) بإرسال مليارات الأشخاص إلى مختلف المواقع، ومن خلال ميزة (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews المولدة بالذكاء الاصطناعي، لاحظنا زيادة في عدد الزيارات إلى مواقع الناشرين، حيث إن المُستخدمين قد يجدون معلومة معينة من خلال البحث، لكنهم يريدون المزيد من التفاصيل من المصادر والمواقع».

محمود تعلب، المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي بدولة الإمارات العربية المتحدة، رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن التغييرات المقبلة التي ستجريها «غوغل» ستكون «ذات أثر بالغ على الأخبار، وإذا ظلّت (غوغل) ملتزمة مكافحة المعلومات المضللة وإعطاء الأولوية لثقة المُستخدم، فمن المرجح أن تعطي أهمية أكبر لمصادر الأخبار الموثوقة وعالية الجودة، والذي من شأنه أن يفيد مصادر الأخبار الموثوقة».

أما فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فقال لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «التغيير من قبل (غوغل) خطوة منطقية». وفي حين ثمّن مخاوف الناشرين ذكر أن تبعات التطوير «ربما تقع في صالح الناشرين أيضاً»، موضحاً أن «(غوغل) تعمل على تعزيز عمليات الانتقاء للدفع بالمحتوى الجيد، حتى وإن لم تعلن بوضوح عن آليات هذا النهج، مع الأخذ في الاعتبار أن (غوغل) شركة هادفة للربح في الأساس».