الهند تدخل التاريخ بتعيينها ثلاث ضابطات بسلاح الطيران

تدربن على المناورات القتالية وإطلاق النار وسط 43 متدرباً من الرجال

ضابطات مقاتلات يقدن الطائرات في سلاح الطيران الهندي لأول مرة ({الشرق الأوسط})  -  عائشة فاروق أول قائدة طائرة مقاتلة في باكستان ({الشرق الأوسط})
ضابطات مقاتلات يقدن الطائرات في سلاح الطيران الهندي لأول مرة ({الشرق الأوسط}) - عائشة فاروق أول قائدة طائرة مقاتلة في باكستان ({الشرق الأوسط})
TT

الهند تدخل التاريخ بتعيينها ثلاث ضابطات بسلاح الطيران

ضابطات مقاتلات يقدن الطائرات في سلاح الطيران الهندي لأول مرة ({الشرق الأوسط})  -  عائشة فاروق أول قائدة طائرة مقاتلة في باكستان ({الشرق الأوسط})
ضابطات مقاتلات يقدن الطائرات في سلاح الطيران الهندي لأول مرة ({الشرق الأوسط}) - عائشة فاروق أول قائدة طائرة مقاتلة في باكستان ({الشرق الأوسط})

اقتحمت ثلاث فتيات في العشرينات من العمر، أفاني تشارفيدي وبهوان كانث وموهانا سينغ، مجالاً لطالما كان حكرًا على الرجال. واستطعن تبوؤ عالم الطيران الحربي إلى جانب الرجل، ليصبحن أول ضابطات مقاتلات يقدن الطائرات في سلاح الطيران الهندي. وعلى الرغم من أن السماح لهُنّ جاء على سبيل التجربة لخمس سنوات، فإن هذه الخطوة تعد بداية قوية لمنحى جديد لاستيعاب الفتيات في الجيش الهندي.
منذ 20 عامًا اتخذ سلاح الطيران الهندي خطوة مماثلة، عندما وافق على تعيين ضابطات بصفة قائدات لطائرات الهليوكوبتر.
ويبلغ عدد النساء في سلاح الطيران الهندي حاليًا 1500. منهنّ 94 طيارة و14 ملاحة جوية، إلا أنّ عملهن يقتصر حتى الآن على الأدوار غير القتالية مثل النقل وقيادة طائرات الهليكوبتر.
وبذلك تنضم الهند إلى الصين وباكستان، وإسرائيل، وفرنسا وتركيا واليونان والولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق الذي يعتبر أهم كل تلك الدول في هذا المجال.
وكان سلاح الطيران الباكستاني قد بدأ بالسماح بانضمام الفتيات لبرنامج إعداد الطيارات المقاتلات عام 2006. لتصبح بذلك أول دولة آسيوية تتخذ تلك الخطوة. وأصبح لباكستان في 2014. أول قائدة طائرة مقاتلة، تدعى عائشة فاروق التي حازت على شهرة عالمية بعد استهدافها لمعاقل طالبان شمال وزيرستان. وانتشرت صورة عائشة بغطاء رأسها الأخضر الذي ظهر أسفل خوذتها العسكرية، في وسائل الإعلام العالمية وكذلك في شبه القارة الهندية كدليل على إمكانية المرأة.
وفي مقابلة صحافية، علقت عائشة (26 سنة)، على زملائها الرجال بقولها «لا أشعر بأي فارق بيني وبينهم، فجميعنا نؤدي العمل نفسه».
وفي الهند المجاورة، تتلقى الفتيات الهنديات الثلاث، دورة تدريبية على المناورات القتالية وإطلاق النار، وسط 43 متدربا من الرجال. وسيحصلن على تدريبات في استخدام طائرة «هوكس» و«ميغ 21 إس»، و«سوخوي 30 إم كي أي إس» و«ميراج 2000».
ويقول قائد القوات الجوية جي بي سنغ: «سواء كان رجلا أم امرأة، في حال فشل الضابط في اجتياز المرحلة الأخيرة من التدريبات، فلن يكون مهيأ للقتال».
لم يكن قرار انتساب النساء في مجال قيادة الطائرات الحربية سهلاً، فلطالما كان سلاح الطيران الهندي متحفظًا إزاء هذا الأمر. ففي مارس (آذار) 2014، قال المارشال أروب راها، قائد سلاح الطيران الهندي السابق، إنّ النساء لن يتلقين معاملة تفضيلية بعد انخراطهن في الحياة العسكرية وأنّهنّ سيكلّفن بالمهام التي يطلبها سلاح الطيران كغيرهن من الطيارين الحربيين. وأضاف: «فيما يخص خطط سلاح الطيران، العمل ينطوي على الكثير من التحدي. فالنساء نظرًا لطبيعتهن الجسمانية، لا يستطعن الطيران لساعات طويلة، خصوصًا في أشهر الحمل، أو إذا عانين من أي مشكلات صحية أخرى». وعلى الرغم من الإجماع المتزايد على المساواة بين الجنسين في جميع المجالات، فهل يجب أن يأتي ذلك على حساب الكفاءة في المهام العسكرية؟ لكنّه عاد ليغيّر رأيه لاحقًا وصرح بأن سلاح الطيران يعتزم قبول طيارات مقاتلات «ليحقق آمال النساء الهنديات».
شكّل قرار السماح للنساء بدخول سلاح الطيران مثار جدل كبير، ففي أفغانستان على سبيل المثال، أصبحت نيلوفار رحماني أول سيدة في البلاد تقود طائرة حربية ولم تتخطَ عامها الـ21. بيد أنّها تلقت تهديدات بالقتل من حركة طالبان، ناهيك عن المعارضة الشديدة من عائلتها التي عارضت بقوة طبيعة عملها في مجال الطيران الحربي الذي يهيمن عليه الرجل.
تخرجت أفاني تشاترفيدي من كلية الهندسة وكان أفراد عائلتها في الجيش، مصدر الإلهام لها لتلتحق بسلاح الطيران. «كل إنسان يحلم بالطيران، فعندما تمشي على الأرض تنظر إلى السماء وتنظر إلى الطيور، وتتمنى لو أنك تستطيع التحليق مثلها. وحلمي هو أن أصبح قائدة طائرة حربية جيدة، وأن يستطيع قادتي الاعتماد علي في العمليات الجوية. أريد أن أقود أفضل الطائرات المقاتلة وأن أتعلم أكثر وأكثر كل يوم».
وعند الحديث عن الرحلة الثانية التي قامت بها بمفردها، قالت تشاترفيدي إنّه في هذه المهنة كثيرًا ما تصبح مطالبًا باتخاذ قرار خلال «جزء من الثانية»، واستشهدت بلحظة أحسّت فيها أن قلبها على وشك أن يقفز من حلقومها وكان عليها أن تنهي رحلتها الثانية قبل الإقلاع بدقائق. وأضافت: «عندما درت بالطائرة على الأرض تمهيدًا للإقلاع بالقرب من أول علامة، سمعت تحذيرًا صوتيًا، وارتبكت عند إعلان حالة الطوارئ، غير أن التدريبات التي تلقيتها علمتني اتخاذ القرار في الحال، وأنهيت الرحلة وأوقفت الطائرة بأمان على المدرج. أدركت في ذلك اليوم أنّ اتخاذ القرار في جزء من الثانية ربما يساعدك على السيطرة على الوضع، وأنني لو تأخرت في قرار إنهاء الرحلة وانطلقت بالطائرة، لجاءت العواقب وخيمة».
أما بالنسبة لكانيث، (24 سنة)، فهي من عائلة ذات خلفية مدنية، لكنّها كانت ترغب في الانضمام للجيش لخدمة بلادها في سن صغيرة. لم يتمكن والدها من تحقيق حلمه بالانضمام إلى الجيش بسبب رفض الجد، لكنّه شجعها لتحقيق حلمها. وتابعت: «أحلم بأن أكون ضمن الفرق القتالية وأن أحارب دفاعًا عن بلادي عندما يناديني الواجب».
ولدى سؤالها عن أول رحلة فردية قامت بها، أجابت كانيث: «على ارتفاع 2000 قدم بدأ الشك يساورني، ماذا لو أنّ عطلا ما حدث في الطائرة؟ وطافت الأسئلة في ذهني، ماذا لو أن الطائرة لم تستجب لأوامر الأزرار». فقالت لنفسها: «إن لم أنجح في مهمتي الآن فسأستمر على حالة الخوف إلى الأبد. حاولت الهبوط بالطائرة، وكانت المفاجأة أنّ مقبض الهبوط لم يعمل، أو هكذا ظننت. لكنّ المقاتل الطيار في داخلي نفّذ ما تعلمته في المحاضرات، وتصرف بالشكل الصحيح والسريع وزال العطل وعادت الثقة إلى نفسي مجدّدًا».
كانت والدة بهوانا تخاف عليها كثيرًا من شدة التدريبات ومن عدم قدرتها على التحمل، ناهيك عن هيمنة الرجل على هذا المجال الذي شكل أمامها عائقا آخر. لكن ما أظهرته الابنة من جلد ومثابرة جعل الأم تطمئن، وباتت اليوم سعيدة بابنتها وفخورة بإنجازاتها.
أما موهانا سينغ، فهي تندرج من عائلة من القوات الجوية، ولم يكن التحاقها بسلاح الجو محل استغراب، فوالدها كان ضابط صف بسلاح الطيران وجدّها كان مدفعي طائرات بـ«مركز أبحاث الطيران»، فانضمت للطيران بعد أن أصبحت مهندسة.
أضافت موهانا: «أريد أن أواصل مسيرة العائلة في خدمة البلاد وأكون من المدافعين عنها، وليس هناك أفضل من سلاح الطيران لكي أؤدي هذه المهمة. وتتطلع موهانا إلى قيادة أفضل طائرات في سلاح الطيران، لكي تكون مصدر فخر لعائلتها».
كانت رحلة موهانا الأولى، الأكثر رعبًا بين رحلات زميلاتها. فالطقس كان عاصفًا وكان هناك رعد وبرق، فلم تستطع أن تميز بين النجوم في السماء والوميض الصادر عن الأضواء على الأرض، مشيرة إلى أن أسوأ تجاربها كانت دومًا لدى الطيران في الليل، مضيفة أن «الطيران الليلي كان جديدًا بالنسبة لي، لكنّه لاحقا أصبح طيراني المفضل بعد قيادتي لطائرات كيران. لا زلت أتذكر الألعاب النارية تحت الطائرة بمسافة نحو 1000 قدم، كنت أحدق إليها من الأرض في سعادة عندما كنت طفلة. أثناء الهبوط كنت أخشى الضباب لم أكن قادرة على التمييز بين ما تظهره الأجهزة على الشاشة أمامي وما أراه بعيني من حولي. لكنني استرجعت ما قاله لي معلمي: لا تحركي رأسك كثيرًا من دون داع، وانتبهي للشاشة، وثقي في الأجهزة. ترددت هذه الكلمات في رأسي، وتغاضيت عما أراه بعيني، وواصلت الهبوط اعتمادًا على الأجهزة، وبمجرد أن شاهدت الأرض تقترب، عادت لي الطمأنينة وهبطت بالطائرة بسلام».
من دون شك، فإن هؤلاء الطيارات سيمثلن نماذج تحتذي بها الأجيال القادمة من الفتيات العازمات على تحقيق حلمهن المستحيل.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».