حكومة السراج تقلل من أهمية استيلاء الغويل على الوزارات

إيطاليا تنفي هرب رئيس استخباراتها من طرابلس... والفريق حجازي يلتقي كوبلر

حكومة السراج تقلل من أهمية استيلاء الغويل على الوزارات
TT

حكومة السراج تقلل من أهمية استيلاء الغويل على الوزارات

حكومة السراج تقلل من أهمية استيلاء الغويل على الوزارات

قال أحمد معيتيق، نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي لحكومة الوفاق الوطني، إن الحكومة التي يترأسها فائز السراج، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، ما زالت مستمرة في تأمين مقراتها في العاصمة الليبية طرابلس، معتبرا في المقابل أن دخول رئيس حكومة الإنقاذ السابق خليفة الغويل إلى هذه المقرات، وعقد مؤتمر صحافي فيها لا يعني أنها تابعة له، أو أنه أحكم سيطرته عليها.
وقال معيتيق في مؤتمر صحافي، عقده مساء أول من أمس بمقر حكومته في طرابلس، إن حكومته مستمرة في تقديم خدماتها للمواطنين، وتباشر أعمالها من المقرات التابعة لها، وأنها ستعمل جاهدة للوصول بليبيا إلى بر الأمان، ورأى أن استئناف عدد من السفارات العمل من طرابلس، يعد رسالة واضحة للمجتمع الدولي للتأكيد على أن الحكومة ما زالت مستمرة في إنجازاتها.
وبعدما قال إن «المصالحة هي أساس عمل حكومة الوفاق»، دعا معيتيق كل الأطراف التي شاركت في العمل السياسي منذ 2011 للآن، إلى وضع مشروع حقيقي يبعث رسائل طمأنة لكل الليبيين من أجل بناء الدولة، كما حث الليبيين الموجودين في الخارج للعودة إلى ليبيا، والتنسيق مع وزارة الداخلية لرفع أسماء الممنوعين من دخول ليبيا، باستثناء الأشخاص الصادر في حقهم قرارات من النائب العام. كما شدد معيتيق على التصدي لظاهرة تهريب الوقود التي استفحلت بين من وصفهم بـ«ضعاف النفوس»، مؤكدًا أن هناك تعليمات صارمة ستصدر للجهات ذات العلاقة باستهداف أي ناقلة أو سيارة تقوم بتهريب الوقود للخارج، الذي تخصص له خزينة الدولة 4 مليارات دينار سنويا.
وأوضح معيتيق، أن مصرف ليبيا المركزي لديه الكثير من المقترحات لحل أزمة السيولة الراهنة، والتي ستشهد انفراجا خلال الفترة المقبلة، حسب قوله، مضيفا أن هناك خطة لتأمين المصارف بالتنسيق مع وزارة الداخلية.
كما أشاد بالإنجازات التي حققتها حكومته خلال الأشهر الماضية، ومنها القضاء على تنظيم داعش في مدينة سرت، والتضحيات التي قدمتها الميلشيات الموالية لها في إطار عملية «البنيان المرصوص» لتحرير المدينة،
مشددا القول على أن بلوغ إنتاج النفط إلى أكثر من 750 ألف برميل في اليوم سيسهم في انتعاش الاقتصاد الليبي، ودعم ميزانية العام الحالي، التي تقدر بـ37 مليار دينار؛ مما سيسهم في الاستقرار المالي والإداري للدولة.
من جهة أخرى، نفت مصادر أمنية برلمانية إيطالية اضطرار رئيس وكالة أمن المعلومات والأمن الخارجي (Asie)، ألبرتو مانينتي، مغادرة العاصمة الليبية طرابلس، إثر سيطرة ميليشيات موالية لحكومة الغويل على مقرات لحكومة السراج.
ونقلت وكالة «آكي» الإيطالية للأنباء عن جاكومو ستوكي، رئيس اللجنة البرلمانية للأمن، أن الخبر المتناقل «غير موثوق به تماما»، مضيفا أنه «حسب معلوماتي فإن مانينتي لم يكن أصلا متواجدا في طرابلس».
وكان حزب «خمس نجوم» المعارض قد طالب الحكومة الإيطالية بتفسيرات حول حقيقة فرار رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية من طرابلس عندما كان في اجتماع مع بعض مسؤولي حكومة السراج.
وقالت مصادر ومواقع إلكترونية ليبية إن ألبرتو مانينتي، رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية، قام بزيارة سرية إلى العاصمة الليبية عبر مطار معيتيقة، رفقة مسؤول الترتيبات الأمنية في بعثة الأمم المتحدة الجنرال باولو سيرا، قبل أن يغادرها في وقت لاحق، وذلك بعد التحرك العسكري للميلشيات الموالية لحكومة الغويل.
إلى ذلك، اجتمع أمس في القاهرة الفريق محمود حجازي، رئيس أركان حرب الجيش المصري ورئيس اللجنة المصرية المعنية بليبيا، مع مارتن كوبلر، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا.
وقال بيان للناطق الرسمي باسم الجيش المصري إنه جرى إطلاع المبعوث الدولي على نتائج اللقاءات التي تمت بالقاهرة مع الأطراف الليبية الفاعلة حتى الآن، وبحث المستجدات على الساحة الليبية، وآليات العمل لتحقيق الوفاق الليبي حول الشواغل الليبية للتطبيق العملي للاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات، وفقًا لمخرجات اللقاءات الليبية التي تمت بالقاهرة، وبخاصة الصادرة في بيان القاهرة الشهر الماضي.
وطبقا للبيان، فقد أعرب كوبلر عن التقدير الخاص للجهود المصرية المبذولة في الفترة الأخيرة لتحقيق التقارب في وجهات النظر بين الأطراف الليبية، التي تشكل خطوة مهمة للتوصل إلى توافق يضمن سرعة استعادة الأمن والاستقرار، وبناء هياكل مؤسسات الدولة الليبية.
ومن المقرر، حسب إذاعة الكونغو نقلا عن وزير الخارجية الكونغولي جون كلود غاكوسو، أن تستضيف حكومة بلاده قمة لرؤساء الدول والحكومات الأفارقة في 25 من يناير (كانون الثاني) الحالي في برازافيل حول الأزمة الليبية؛ بهدف مساهمة أفريقيا في حل النزاع الذي يمزق هذا البلد منذ عام 2011.
ووصل فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، إلى مالي لحضور اجتماعات قمة أفريقيا - فرنسا التي انطلقت في العاصمة باماكو، التي تعقد تحت عنوان «الشراكة والسلام»، بمشاركة أكثر من 30 من رؤساء الدول والحكومات.
وقال المكتب الإعلامي للسراج إنه «سيطرح على القمة قضية التنسيق بين الدول الأفريقية لمكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وكيفية التعاون من أجل خلق برامج ومشروعات اقتصادية مشتركة، والتركيز على التنمية المكانية للمساهمة في مواجهة هذه الظواهر».
ميدانيا، قالت قوات الخاصة (الصاعقة) التابعة للجيش الوطني الليبي إنها اقتربت من حسم معركة بوصنيب في غرب مدينة بنغازي بشرق البلاد، وبسط السيطرة عليها بالكامل.
وقالت الصاعقة في بيان مقتضب بثته عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إنه لم يتبق إلا القليل، بعد تقدم وحدات القوات الخاصة بقيادة العميد ونيس بو خمادة، مشيرة إلى أنها سيطرت على مراصد العدو بالكامل، وحرق آلياتهم وهربهم من ميدان المعركة من دون أي خسائر.
كما شنت قوات الجيش هجوما أمس باستخدام قوات برية وسلاح الطيران على منطقة قنفوذة، آخر المعاقل الحصينة للجماعات الإرهابية، التي استولت على المدينة قبل نحو أربع سنوات.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.