كابل... انفتاح على العالم الخارجي والتصدي للتطرف بعد إطاحة الفكر المتشدد

في جولة لـ «الشرق الأوسط» بالعاصمة: مظاهر اجتماعية متقدمة والطرب حاضر في المطاعم

منظر عام للعاصمة الأفغانية كابل (رويترز)
منظر عام للعاصمة الأفغانية كابل (رويترز)
TT

كابل... انفتاح على العالم الخارجي والتصدي للتطرف بعد إطاحة الفكر المتشدد

منظر عام للعاصمة الأفغانية كابل (رويترز)
منظر عام للعاصمة الأفغانية كابل (رويترز)

على الرغم من انخفاض درجة الحرارة ما دون الصفر، يقف رجال الأمن الأفغان من مختلف القطاعات، مدججين بالسلاح أمام عدد من المباني الأمنية والحكومية والتجارية، وكذلك المصارف البنكية، لحماية أفغانستان من الإرهاب الخارجي، وذلك بعد سنوات من إطاحة حركة طالبان الإسلامية المتشددة من الحكم في أفغانستان، أصبحت كابل أكثر انفتاحًا على العالم الخارجي، وانتشرت الكثير من المظاهر الاجتماعية المتقدمة، في العمل والتعليم، بعيدًا عن التطرف، بين المجتمع المحافظ، وأصبح الطرب حاضرًا في زوايا بعض المطاعم العاصمة الأفغانية، إضافة إلى محال تعنى ببيع وصيانة بعض الآلات الموسيقية.
أكدت الدكتورة نسرين أوريا خيل، وزيرة العمل، الشؤون الاجتماعية الأفغانية، أن هناك تنسيقًا يجري بين البلدين بشأن المواطنين الذين يذهبون للعمل في السعودية؛ ولذلك لجهة التخصص المطلوب وسلامة السجل من السوابق الأمنية الخطيرة.
وأضافت أن عدد العمالة الأفغانية في السعودية يزيد على 600 ألف شخص، لافتة إلى أن غالبيتهم يعملون بشكل نظامي، في حين يجري تصحيح أوضاع الباقين ومنحهم جوازات، وهذه كانت من أولويات الرئيس التنفيذي الدكتور عبد الله عبد الله، حين زار السعودية مؤخرًا.
وقالت «نلمس قلة الجرائم أو المشكلات التي يتورط فيها الأفغان في دول الخليج، وبعد تصحيح أوضاع المخالفين ستقل المشكلات أكثر».
وأشارت إلى أن الوضع الأمني في أفغانستان جعل الوضع الاقتصادي ضعيفا والبطالة تزيد؛ ولذلك يغادر بعض أبناء البلاد للبحث عن عمل في دول كثيرة، من بينها الخليج العربي، ويتجه غالبيهم إلى السعودية التي تفتح أبوابها لاستقبالهم، كما أن بعض المواطنين الأفغان يضطرون إلى الهجرة إلى دول أوروبية عبر البحار.
ولفتت إلى أن الحكومة الأفغانية تجتهد لتطوير قدرات أبنائها قبل سفرهم إلى دول أخرى للعمل؛ إذ يوجد شركات تعمل في أنحاء البلاد، ولها مندوبون موجودون في دول عدة، من بينها دول الخليج العربي، وغيرها من الدول الأخرى، للتنسيق حول المهن التي تحتاج إليها تلك البلاد واستخراج التأشيرات وتسهيل أمور سفر المواطنين الأفغان إليها.
وتطرقت إلى وجود حركة معاكسة من العمال الأفغان الذين يعملون في باكستان؛ إذ بدأوا يعودون إلى أفغانستان، موضحًا أن نسبة البطالة بين العمال الأفغان كانت 22.2 في المائة عام 2014. وبعد ذلك زاد العدد، ربما إلى 40 في المائة؛ وذلك لأنه في الأعوام السابقة كان يوجد شركات وقوات لدول أخرى في أفغانستان، وكان المواطنون الأفغان يشتغلون معهم، لكن بعد خروجهم، ارتفعت البطالة وزاد الضغط على الدولة.
وتابعت: «الدولة كذلك ليس في يدها شيء كثير كي تقدمه لجميع العمال الآن، لكن بعد ثلاثة أعوام نتوقع أن ينقص هذا العدد؛ لأنّا بدأنا العمل على الموضوعات الكبيرة، مثل خط القطار وغيره من المشروعات التي يمكن أن تحسن وضع العمل».

35 جامعة حكومية في أفغانستان و300 ألف طالب جامعي
أوضح الدكتورة فريدة مومند، وزيرة التعليم العالي في أفغانستان، أن وضع التعليم في البلاد يتطور بشكل مضطرد في الفترة الأخيرة، خصوصًا التعليم العالي، سواء بالنسبة لجذب الطلبة للجامعات، أو لجلب الأكاديميين والأساتذة، وأن هناك حاليًا 170 ألف طالب يدرسون في الجامعات الحكومية، و130 ألف طالب في الجامعات الخاصة غير الحكومية، موزعون على 35 جامعة حكومية، إضافة إلى 127 جامعة خاصة على مستوى البلد، مشيرة إلى أن الجامعات الخاصة تحت سقف وزارة التعليم العالي.
وأكدت، أن الازدياد الملاحظ في عدد الطلبة، وازدياد الجامعات الخاصة، خصوصًا الجامعات الخاصة، وازدياد الجامعات الحكومية كان بناء على تحسن الأوضاع في أفغانستان؛ إذ إن كثيرًا من الطلبة الذين كانوا محرومين من التعليم دخلوا إلى ساحة التعليم، وازداد عدد الطلبة بشكل ملحوظ.
وتطرقت إلى ما شهدته أفغانستان من حروب، أثّر على توفر حملة الدرجات العليا من الماجستير والدكتوراه؛ ولذلك فإن الوزارة عملت على برنامج ابتعاث لحملة البكالوريوس للحصول على درجات الماجستير والدكتوراه، ليعودوا إلى خدمة أبناء الوطن.
وذكرت أن الوزارة تعمل على زيادة عدد الطلبة، لكن عقبات تواجهها في هذا المجال، مثل المباني الموجودة التي لا تتسع لعدد أكبر من هؤلاء الطلبة، وخصوصًا في المحافظات البعيدة؛ ما يضطر الحكومة إلى استئجار مبان، إضافة إلى نقص المكتبات، كما أن الحرب أثرت في تطور النظام التعليمي. وتابعت: «في كثير من الأوقات كنا ندرس للطلبة نظاما غير متطور، بسبب فرار عدد كبير من الأفغان، ومنهم المتخصصون وأساتذة الجامعات».
وأكدت عدم وجود تدخل لدول خارجية في المناهج الدراسية الأفغانية، لوجود إجراءات مشددة في هذا الخصوص سواء في الجامعات الحكومية أو في الجامعات غير الحكومية، مشيرة إلى وجود تعاون مع دول لتجديد وتطوير النظام التعليمي، ومنها ألمانيا واستونيا.

العلاقات مع السعودية
وأكدت الدكتورة فريدة مومند، وزيرة التعليم العالي في أفغانستان، أن مباحثات جرت بين مسؤولين أفغان وسعوديين كان من ثمرتها توقيع مذكرة تفاهم بين وزارتي التعليم في البلدين للتعاون الثنائي في المجال العلمي وفي المجال الثقافي، إضافة إلى اتفاقية لابتعاث الطلبة الأفغان إلى الجامعات السعودية.
وشددت مومند على أن بلادها لا تخشى من محاولة تغلغل أي دولة عبر المناهج التعليمية، موضحًا أن أي دعم من أي دولة لا يمكن أن يفرض أجندة تلك الدولة على النظام التعليمي في أفغانستان. وتابعت: «أفغانستان دولة مستقلة ولا تسمح لأي دولة أو أي جهة أجنبية تتدخل في الشؤون الأفغانية، والدولة قادرة على ذلك ولا نقبل مساعدات مشروطة من أي جهة».
وذكر أن الحكومة الإيرانية قدَّمت بعض الكتب لجامعات أفغانستان، وقبل أن تصل تلك الكتب للجامعات جرى فحصها؛ حتى لا يكون فيها شيء مخالف لقيم وعادات وتقاليد المجتمع، وتبين أن هذه الكتب علمية بحتة، وليس لها أي علاقة بالمسائل الأخرى، وجرى توزيع الكتب على جامعات.
أيام في كابل
وفي وسط العاصمة كابل، خلال جولة لـ«الشرق الأوسط»، أصبح التشديد الأمني من قبل الأمن الأفغاني، وكذلك الحراسات الشخصية لبعض المسؤولين في الحكومة، أو كانوا سابقًا وخرجوا منها، أصبح جزءا مهما من النسيج الاجتماعي في العاصمة كابل؛ إذ كما هو المعتاد في الجهات الأمنية والحكومية، يكون هناك حراسات أمنية، لكن طالت الحراسات الأمنية من الحكومة، ووصلت إلى المصارف البنكية والفنادق ومحال الأغذية العائلية (سوبر ماركت)، حيث أصبح سلاح الكلاشنيكوف متواجدا أمام كل موقع مهم، وصافرة رجل الأمن تصدح في دوارات بوسط كابل، لتنظيم حركة السير.
وتكون التنقلات داخل المدينة، لبعض المسؤولين، أو الشخصيات ذات القيمة الاجتماعية، عبر سيارات مصفحة، يرافقهم أشخاص مسلحون، وسائقون يحملون تصاريح مع جهات أمنية، تمنحهم التسهيلات مع نقاط التفتيش، وسلك بعض الطرقات المختصرة التي تقطع كابل من الوسط، وتجعلك تصل إلى بعض الجهات الحكومية والأمنية والسفارات الدول، خلال فترة دقائق.
وبدأت الحياة الاجتماعية للانفتاح أكثر بعيدًا عن مظاهر التشدد، الذي صوّرت بعض المجتمعات صورة غير صحيحة عن المجتمع الأفغاني؛ إذ بدأ مظاهر البساطة بين الشعب من الجنسين، في مشاغل الحياة اليومية، حيث يرتدي الرجل الأفغاني البدلة الرسمية، وربطة العنق، دون الالتزام بالزي الرسمي للدولة، وهو عبارة عن قميص طويل إلى الركبة، وسروال فضفاض، بينما تسير المرأة بالطرقات وترتدي معظمهن الحجاب، ويجتمعن مع الرجال في بعض الأعمال التي تتطلب وجودهن معًا، مثلاً في المطار.
وتناغم صوت الفن، وأصبح حاضرًا في معظم المطاعم، من خلال تواجد فرقة موسيقية في أركان المطعم، أو عبر المكبرات، بصوت منخفض، لأغاني أشهر الفنانين هناك، وهو المغني والشاعر أحمد ظاهر، الذي توفي في حادث دهس في 1979، إضافة إلى تواجد في أحد أركان المطعم، خدمة لبعض مرتادي النرجيلة ذات النكهات المختلفة، وأحيان يقدم التبغ المعسل، في فخار وقيمته 10.5 دولار، أو داخل فاكهة التفاح أو الأناناس بقيمة 15 دولارا.



جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
TT

جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)

قُتلت 85 ألف امرأة وفتاة على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنحاء العالم عام 2023، معظمهن بأيدي أفراد عائلاتهنّ، وفقاً لإحصاءات نشرتها، (الاثنين)، الأمم المتحدة التي رأت أن بلوغ جرائم قتل النساء «التي كان يمكن تفاديها» هذا المستوى «يُنذر بالخطر».

ولاحظ تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في نيويورك أن «المنزل يظل المكان الأكثر خطورة» للنساء، إذ إن 60 في المائة من الـ85 ألفاً اللاتي قُتلن عام 2023، أي بمعدّل 140 كل يوم أو واحدة كل عشر دقائق، وقعن ضحايا «لأزواجهن أو أفراد آخرين من أسرهنّ».

وأفاد التقرير بأن هذه الظاهرة «عابرة للحدود، وتؤثر على كل الفئات الاجتماعية والمجموعات العمرية»، مشيراً إلى أن مناطق البحر الكاريبي وأميركا الوسطى وأفريقيا هي الأكثر تضرراً، تليها آسيا.

وفي قارتَي أميركا وأوروبا، يكون وراء غالبية جرائم قتل النساء شركاء حياتهنّ، في حين يكون قتلتهنّ في معظم الأحيان في بقية أنحاء العالم أفرادا من عائلاتهنّ.

وأبلغت كثيرات من الضحايا قبل مقتلهنّ عن تعرضهنّ للعنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي، وفق بيانات متوافرة في بعض البلدان. ورأى التقرير أن «تجنّب كثير من جرائم القتل كان ممكناً»، من خلال «تدابير وأوامر قضائية زجرية» مثلاً.

وفي المناطق التي يمكن فيها تحديد اتجاه، بقي معدل قتل الإناث مستقراً، أو انخفض بشكل طفيف فقط منذ عام 2010، ما يدل على أن هذا الشكل من العنف «متجذر في الممارسات والقواعد» الاجتماعية ويصعب القضاء عليه، بحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، الذي أجرى تحليلاً للأرقام التي استقاها التقرير من 107 دول.

ورغم الجهود المبذولة في كثير من الدول فإنه «لا تزال جرائم قتل النساء عند مستوى ينذر بالخطر»، وفق التقرير. لكنّ بياناً صحافياً نقل عن المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، شدّد على أن هذا الواقع «ليس قدراً محتوماً»، وأن على الدول تعزيز ترسانتها التشريعية، وتحسين عملية جمع البيانات.