اتفاق تركي ـ روسي على مشاركة واشنطن في مؤتمر آستانة بجانب التفاهم مع طهران

وسط تسارع الاجتماعات مع المعارضة السورية

اتفاق تركي ـ روسي على مشاركة واشنطن في مؤتمر آستانة بجانب التفاهم مع طهران
TT

اتفاق تركي ـ روسي على مشاركة واشنطن في مؤتمر آستانة بجانب التفاهم مع طهران

اتفاق تركي ـ روسي على مشاركة واشنطن في مؤتمر آستانة بجانب التفاهم مع طهران

تسارع أمس الجمعة في العاصمة التركية أنقرة، إيقاع الاجتماعات بين الجانب التركي وممثلي فصائل المعارضة السورية المسلحة والسياسية، وذلك لوضع اللمسات الأخيرة على تشكيل وفد المعارضة المقرر أن يشارك في مفاوضات آستانة للحل السياسي للأزمة السورية يوم 23 من يناير (كانون الثاني) الحالي، بحسب ما ذكرت مصادر قريبة من الاجتماعات. يأتي ذلك بينما واصلت أنقرة اتصالاتها مع مختلف الأطراف، ولا سيما موسكو وطهران، من أجل ضمان عدم حدوث ما يعرقل عقد مفاوضات آستانة، بعدما وافقت روسيا على انضمام الولايات المتحدة للمفاوضات الهادفة رسم مستقبل سوريا السياسي، بحسب ما أكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط».
ونقلت وسائل الإعلام التركية عن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، أمس الجمعة، قوله في تصريحات عقب انتهاء جولة مفاوضات خاصة بقبرص في جنيف: «يجب بالتأكيد أن تتم دعوة الولايات المتحدة، وهذا ما اتفقنا عليه مع روسيا». وكانت موسكو وأنقرة، إثر توصلهما إلى اتفاق جديد لوقف القتال في أنحاء سوريا، بدأ سريانه منتصف ليل 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهو أول اتفاق يتم برعاية تركية مباشرة، قد أعلنتا أن مفاوضات بين الأطراف السورية ستعقد في آستانة عاصمة كازاخستان يوم 23 يناير، لبحث التسوية السياسة للأزمة في سوريا.
وشدد جاويش أوغلو على أنه «يجب أن نحافظ على وقف إطلاق النار؛ فهذا ضروري من أجل مفاوضات آستانة»، لافتا إلى أن الدعوات للمفاوضات يجب توجيهها على الأرجح الأسبوع المقبل (هذا الأسبوع)، وأن واشنطن يجب من ثم أن تحضرها.
ثم تابع إنه «لا يمكن لأحد أن ينكر دور الولايات المتحدة، وهذا موقف مبدئي بالنسبة إلى تركيا، كما أن أولئك الذين ساهموا أو يجب أن يساهموا، من الواجب أن يكونوا هنا، وليس فقط من أجل أن يظهروا في الصورة، أنتم تفهمون ما أريد قوله»، في إشارة إلى أن واشنطن لن تكون موجودة في آستانة فقط من أجل تسجيل حضورها.
ويفترض أن تلي مفاوضات آستانة، مفاوضات أخرى تعقد في جنيف بسويسرا يوم 8 فبراير (شباط) برعاية الأمم المتحدة.
وعلى صعيد الاتصالات التي تجريها أنقرة لتأمين انعقاد المفاوضات في آستانة، وبعدما أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اتصالا هاتفيا مع نظيره الروسي، الخميس، أجرى اتصالا آخر في المساء مع الرئيس الإيراني حسن روحاني. وقالت مصادر رئاسة الجمهورية التركية، إن إردوغان أكد خلال اتصاله مع روحاني، أن أنقرة وطهران تتحملان أعباء كبيرة في المنطقة، وينبغي عليهما تعزيز تعاونهما أكثر لوضع حد للتوتر. وشدد الرئيس التركي على ضرورة التعاون المشترك للقضاء على «الجماعات الإرهابية في المنطقة»، وأشار إلى قرار وقف إطلاق النار في سوريا ومفاوضات السلام السورية المرتقبة في آستانة، قائلا: «على الجميع السعي لإقرار دعائم وقف إطلاق النار في سوريا». ومعروف أن أنقرة تطالب موسكو بالضغط على رئيس النظام السوري بشار الأسد، لوقف قواته والميليشيات الموالية له خروق وقف إطلاق النار في وادي بردى بريف دمشق، وغيرها من المناطق، كما تسعى لدى إيران للضغط على الميليشيات التابعة لها.
وأكد إردوغان خلال اتصاله مع روحاني، عزم بلاده على تطوير التعاون مع إيران في جميع المجالات، قائلا إن العلاقات الراسخة بين البلدين شديدة التأثير في تسوية قضايا المنطقة، وإن الحكومة التركية تشدد على دفع الحوار الثنائي والإقليمي وديمومته. كما قدم الرئيس التركي تعازيه لإيران، حكومة وشعبا، في رحيل آية الله هاشمي رفسنجاني.
بدوره، أعرب روحاني عن أمله في أن يسهم تعاون إيران وتركيا في القضاء على الإرهاب لتحقيق الاستقرار في المنطقة. وفي المقابل، شدد روحاني على ضرورة تطوير التعاون بين البلدين، خدمة لمصالح المنطقة طويلة الأمد، وأعرب عن ارتياحه للتعاون الوثيق بين أنقرة وطهران وموسكو لإقرار السلام في هذه المنطقة، كما أعرب عن ارتياحه إزاء إقرار وقف إطلاق النار في سوريا، وقال إن على الجميع أن يسعى لاستمرار وقف إطلاق النار، مؤكدا أن جميع الجماعات الإرهابية في المنطقة هي «عدو مشترك».
على صعيد آخر، قال وزير الدفاع التركي فكري إيشيك، في تصريحات أمس الجمعة، إن بلاده وقّعت مع روسيا مذكرة تفاهم لضمان سلامة الطيران خلال العمليات في سوريا، ولتفادي وقوع أي حادث غير مرغوب فيه.
ولفت إلى أن المذكرة «تتضمن التنسيق مع روسيا، حيث جرى بموجبها اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع حدوث مواجهة بين العناصر الجوية لتركيا وروسيا والنظام السوري في سوريا». وكانت رئاسة هيئة الأركان التركية، قد أعلنت ليل الخميس، توقيع مذكرة تفاهم مع الجانب الروسي، لتنسيق الطلعات الجوية لكلا البلدين فوق الأراضي السورية، بهدف ضمان سلامة الطيران ومنع وقوع حوادث غير مرغوب فيها.
وأوضح بيان صادر عن رئاسة الأركان، أن القوات المسلحة التركية عقدت سلسلة اجتماعات مع روسيا، حول تنسيق الطلعات الجوية فوق الأراضي السورية، مؤكدا أنه في ختام الاجتماعات، وقّع وفدا رئاسة أركان البلدين، مذكرة تفاهم في العاصمة الروسية موسكو في هذا الإطار، أول من أمس الخميس. وشدد البيان على أن «الهدف من مذكرة التفاهم، هو تحديد آليات التعاون، وتنسيق سلامة الطيران للمقاتلات التابعة للقوات المسلحة التركية والروسية، أثناء قيامهما بهجمات ضد أهداف إرهابية». وكانت العلاقات بين أنقرة وموسكو قد توترت على خلفية إسقاط مقاتلات تركية طائرة روسية من طراز سوخوي «سو 24» على الحدود السورية في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، إلى أن تم البدء في تطبيع العلاقات بينهما مجددا، بعد اعتذار الرئيس إردوغان لنظيره الروسي.
وشهدت الأشهر الأخيرة تقاربًا تركيًا روسيًا مكثفًا على الصعيدين السياسي والعسكري، بخصوص الأزمة السورية.
في سياق آخر، أعلن الجيش التركي، أمس الجمعة، أن قواته تمكنت من تدمير 187 هدفًا تابعًا لتنظيم داعش الإرهابي، وقتل 41 مسلحًا من عناصر التنظيم، في إطار المعارك الدائرة حول مدينة الباب في محافظة حلب، بشمال سوريا، في إطار عملية «درع الفرات» التي انطلقت في 24 أغسطس (آب) الماضي. ولفت البيان إلى أن مقاتلات تابعة للقوات الجوية التركية استهدفت أيضًا 10 أهداف تابعة للتنظيم الإرهابي، في قريتي سفلانية وبزاغة بريف محافظة حلب، ما أسفر عن تدمير عدد من مباني وآليات التنظيم.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.