«الخلافات الأسرية» تهدد استمرارية الشركات العائلية في الخليج

تشكل نحو 75 % من اقتصاد القطاع الخاص

«الخلافات الأسرية» تهدد استمرارية الشركات العائلية في الخليج
TT

«الخلافات الأسرية» تهدد استمرارية الشركات العائلية في الخليج

«الخلافات الأسرية» تهدد استمرارية الشركات العائلية في الخليج

تشكّل الشركات العائلية في الخليج التي استمرت أنشطتها إلى الجيل الثالث نحو 15 في المائة فقط من إجمالي الشركات العائلية في المنطقة، حيث تهدد الخلافات الأسرية استمرارية 60 في المائة منها، رغم أن 45 في المائة من كبرى الشركات في منطقة الخليج العربي شركات عائلية.
وفي هذا السياق، أكد المهندس صبحي بترجي، رئيس مجموعة مستشفيات السعودي الألماني، أن التجارب العالمية المختلفة في مجال حوكمة الشركات العائلية وإعدادها بالشكل والمنهج اللذين يحققان استمرار أعمال تلك الشركات وتوسعها، هو السبيل الوحيد لمنع انهيارها بعد الجيل الأول.
وقلل بترجي من انعكاس الدراسات المعروفة في المراحل والأجيال التي تمر بها الشركات العائلية على منطقة الخليج العربي، وقال: «استمرار الشركات العائلية في منطقة الخليج لما بعد الجيل الأول أمر نادر»، مشيرًا إلى أن معظم تلك الشركات انهارت بعد وفاة المؤسسين أو أحدهم، حيث نشبت النزاعات والصراعات الداخلية مباشرة بما يعلن انتهاء الشركة بعد الجيل الأول، بغض النظر عن حجم أعمالها وقوة استثماراتها سواء محليا أو من خلال الشراكات الدولية التي عملت عليها في مرحلة التشغيل في عهد المؤسسين لتلك الشركات.
وأشار بترجي إلى أن أساس أعضاء الشركات العائلية تجمعهم المحبة والعلاقات الأسرية لكونها تمثلهم أولا وأخيرا، إلا أن انفرادهم بالقرارات في أعمال تلك الشركات قد تعكره خلافات داخلية في العائلات بما ينعكس على أداء الشركات وقراراتها الاستراتيجية، إضافة إلى أن كثرة النقاش حول مقدار الصرف لكل أسرة داخل العائلة من شأنه إثارة مشكلات قد لا يكون لها أصل في عمل الشركة وحساباتها المالية، مبينًا أن انهيار الشركات العائلية يكون سريعا ولحظيا في بعض الأحيان مقارنة بالشركات الأخرى، وبخاصة حين يظهر الخلاف بين الشركاء لدى باقي الموظفين.
وشدد المهندس بترجي على أهمية حوكمة الشركات العائلية وأن استمرارها مرهون باستقطاب الكفاءات الإدارية من خارج العائلة لتشغل المناصب العليا، منوهًا بأهمية أن يتحول أفراد العائلة العاملون في الشركة إلى موظفين وتكون صلاحياتهم محدودة ضمن المناصب والمهام التي يتولونها دون أن يكون هناك تعارض في القرارات، إضافة إلى ضرورة جدولة اجتماعات دورية تتسم بالشفافية بين كبار الشركاء والأعضاء، وقال: «تفعيل لغة الحوار والتواصل بشكل مستمر وشفاف، ينهي معظم المشكلات قبل أن تتحول إلى عوامل هدم وتشكيك قد تعجل بالإطاحة بالشركة العائلية».
وأضاف بترجي أن أهمية الشركات العائلية ليس في الإطار المحلي، بل حتى في النطاق الإقليمي والعالمي، فالشركات التي تديرها العائلات في دول مجلس التعاون الخليجي تشكل نحو 75 في المائة من اقتصاد القطاع الخاص، وتوظف 70 في المائة من القوى العاملة في المنطقة، إضافة إلى أن الشركات العائلية في الولايات المتحدة الأميركية تمثل 60 في المائة من فرص العمل، و50 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، كما تشير التقارير فيها إلى أن الشركات العائلية تمثل 78 في المائة من الجهات المولدة لفرص العمل الجديدة في الولايات المتحدة الأميركية.
من جهته، أشار رئيس مجلس إدارة مجلس الشركات العائلية الخليجية، عبد العزيز الغرير، إلى أن الشركات العائلية في الخليج تواجه تحديات كبيرة، ورغم أنها كانت داعمًا كبيرًا للاقتصادات المحلية، فإن توسع الشركات داخليًا وخارجيًا والسوق المفتوحة، زادت من إشكالية إدارة الشركات، مشيرا إلى أهمية وضع أطر موحدة يتفق عليها المؤسس لإدارة وحوكمة الشركات والعائلات، وتنظيم الوضع القانوني لها، وفقًا للدراسة الشاملة التي أعدت في دول الخليج.
وأضاف الغرير أن استمرار دراسة وتقييم أعمال هذه الشركات، وحجم استعداداتها لتسليم دفة القيادة للجيل التالي، خصوصا أنّ كثيرا من الدراسات الدولية في هذا المجال تُشير إلى أنَّ 15 في المائة فقط من الشركات العائلية في العالم تتمكّن من الاستمرار والوصول إلى الجيل الثالث لها، مشيرا إلى أن إدارة الجيل الثاني والثالث للشركات حاليًا، وتوسيع الشركات خارج البلاد، تزيد من إشكالية الإدارة، لذلك أصبحت هناك معلومات وافية تم توزيعها على الشركات العائلية عبر كتيبات توضح مدى تطابق تلك الشركات مع المعايير؛ لخلق وعي جديد وتطبيق بعض المعايير؛ لضمان استمرارها وتجاوز التحديات.
من جهته، أوضح الدكتور عبد الله الفرج أن الشركات العائلية في أميركا الشمالية توفر نحو 60 في المائة من الوظائف، وتصل مساهمتها في الولايات المتحدة إلى 49 في المائة من الناتج القومي، أما في القارة الأوروبية فإن مساهمة الشركات العائلية في بعض بلدانها تصل إلى نحو 70 في المائة من الناتج القومي الإجمالي.
وأشار الفرج إلى أن الدور الذي تلعبه الأسرة والعائلة في السعودية ينعكس في الحياة الاجتماعية على المجال الاقتصادي، إذ إنه من بين أكبر مائة شركة سعودية هناك 45 شركة عائلية، أي بنسبة 45 في المائة، وهي نسبة لا بأس بها، ولكن هذا الدور العائلي في الاقتصاد ليس كافيًا ولا يوازي الدور الذي تلعبه العائلة والأسرة في المجتمع.
ونوه الفرج بأن هذا القصور لا تتحمله الشركات العائلية وحدها، حيث إن المشكلة عامة في الاقتصاد المحلي وليست في الاقتصاد العائلي والشركات العائلية فحسب، مشيرًا إلى تقديرات تؤكد مساهمة الشركات العائلية في توطين الوظائف بنحو مائتي ألف شخص، كما أن نسبة استثماراتها المحلية تتجاوز مائة مليار دولار.
وأضاف الفرج أن تنويع هيكل الاقتصاد ورفع مساهمة القطاع غير النفطي سيرفع مساهمة الشركات العائلية في إجمالي الناتج المحلي السعودي، إضافة إلى دور المراكز المتخصصة لهذه المنشآت العائلية في كل غرفة تجارية وصناعية في السعودية، ومشددا على دعم وتشجيع تحول الشركات العائلية إلى شركات مساهمة، وذلك للحيلولة دون انهيارها.



محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

TT

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)
ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)

قال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة ويوجد فرصاً غير مسبوقة، من خلال المحافظة على مستويات مستدامة من الدَّيْن العام واحتياطيات حكومية معتبرة، إضافةً إلى سياسة إنفاق مرنة تمكّنها من مواجهة التحديات والتقلبات في الاقتصاد العالمي.

وشدد ولي العهد، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الإصلاحات المالية التي نفّذتها المملكة انعكست إيجابياً على تصنيفاتها الائتمانية؛ نتيجة تبني الحكومة سياسات مالية تسهم في المحافظة على الاستدامة المالية وكفاءة التخطيط المالي.

وأشار محمد بن سلمان إلى أن ميزانية العام المالي 2025 تؤكد استهداف حكومة المملكة الاستمرار في عملية تنفيذ الإصلاحات التنظيمية والهيكلية وتطوير السياسات الهادفة إلى الارتقاء بمستوى المعيشة وتمكين القطاع الخاص وبيئة الأعمال، والعمل على إعداد خطة سنوية للاقتراض وفق استراتيجية الدّيْن متوسطة المدى التي تهدف إلى الحفاظ على استدامة الدّيْن وتنويع مصادر التمويل بين محلية وخارجية والوصول إلى أسواق الدين العالمية.

ونوه بالدور المحوري للمملكة في دعم الاستقرار الاقتصادي والمالي إقليمياً وعالمياً، انطلاقاً من متانة اقتصادها القادر على تجاوز التحديات.

وأوضح أن الحكومة ملتزمة مواصلة دعم النمو الاقتصادي من خلال الإنفاق التحولي مع الحفاظ على الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل، وتواصل الحكومة تعزيز دور القطاع الخاص وتمكينه ليصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي من خلال توفير البيئة الاستثمارية المحفّزة، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكوين قطاع عمل قوي وواعد يعزز قدرات الكوادر البشرية في المشاريع المختلفة، ويُمكّن الحكومة من مواصلة العمل على تعزيز نموها الاقتصادي بما يحقق للاقتصاد استدامةً مالية، واستمرارية المشاريع ذات العائدَين الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى مواصلة العمل على تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات المتعلقة بتطوير البنية التحتية، ورفع جودة الخدمات الأساسية المقدَّمة للمواطنين والمقيمين والزائرين.

وقال ولي العهد: «إن الاقتصاد السعودي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، ويتأثر بالتطورات العالمية كأي اقتصاد آخر؛ وهذا ما يدعونا إلى مواصلة العمل على مواجهة أي تحديات أو متغيرات عالمية عبر التخطيط المالي طويل المدى للاستمرار على وتيرتنا المتصاعدة نحو تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات، مع الالتزام بكفاءة الإنفاق، والتنفيذ المتقن والشفاف لجميع البنود الواردة في الميزانية، وإتمام البرامج والمشاريع المخطط لها في برامج (رؤية السعودية 2030) والاستراتيجيات الوطنية والقطاعية».

وقال إن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل "رؤية 2030"؛ إذ يقدر أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى خلال العام القادم عند 4.6 في المائة، مدفوعة باستمرار ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية والتي بلغت مستوى قياسياً جديداً لها خلال العام 2024 عند 52 في المائة، وانخفض معدل بطالة السعوديين إلى مستوى قياسي بلغ 7.1 في المائة حتى الربع الثاني وهو الأدنى تاريخياً، مقترباً من مستهدف 2030 عند 7 في المائة.

كما ارتفع معدل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل ليصل إلى 35.4 في المائة حتى الربع الثاني متجاوزاً مستهدف الرؤية البالغ 30 في المائة، وبلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي 21.2 مليار ريال (5.6 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الجاري، ويعكس ذلك اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بجميع فئات المجتمع.

ولفت ولي العهد إلى الدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني والصناديق التنموية التابعة له في دعم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة، كما يمثل الصندوقان قوة فاعلة لتنويع الاقتصاد والاستثمار في المملكة بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وأضاف: «إن المملكة تسير على نهجٍ واضح، وهدف حكومتها -بقيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين- في المقام الأول هو خدمة المواطنين والمقيمين، والمحافظة على مكتسباتنا التنموية، والاستمرار في أعمالنا الإنسانية في الداخل والخارج، التزاماً بتعاليم ديننا الحنيف، ومواصلة العمل بكل الموارد والطاقات لتحقيق أهدافنا، مستعينين بالله -عز وجل- ومتوكلين عليه، وواثقين بطاقات وقدرات أبناء وبنات هذه البلاد الذين تسابقوا على الابتكار والإنتاج والإسهام في تحقيق رؤيتنا للوصول إلى مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح».

كان مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد قد أقرَّ ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال (315.7 مليار دولار)، ونفقات بقيمة 1.285 تريليون ريال (342.6 مليار دولار)، وعجزاً بقيمة 101 مليار ريال (26.9 مليار دولار) الذي يمثل انخفاضاً نسبته 14.4 في المائة عن العجز المتوقع لهذا العام.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد وجّه الوزراء والمسؤولين، كلاً فيما يخصه، بالالتزام بتنفيذ ما تضمنته الميزانية من برامج واستراتيجيات ومشاريع تنموية واجتماعية ضمن رحلة «رؤية 2030».

وتتوافق الأرقام مع البيان التمهيدي لميزانية العام المقبل الذي كان وزارة المالية قد أصدرته في سبتمبر (أيلول) الماضي.