باحث سياسي: «الحوثية» جندت الأطفال في حروبها الست

طفل يمني يحمل سلاحًا في تجمع للموالين للحوثي وصالح بصنعاء (رويترز)
طفل يمني يحمل سلاحًا في تجمع للموالين للحوثي وصالح بصنعاء (رويترز)
TT

باحث سياسي: «الحوثية» جندت الأطفال في حروبها الست

طفل يمني يحمل سلاحًا في تجمع للموالين للحوثي وصالح بصنعاء (رويترز)
طفل يمني يحمل سلاحًا في تجمع للموالين للحوثي وصالح بصنعاء (رويترز)

يقول الدكتور نجيب غلاب، الباحث والكاتب السياسي اليمني، إن الحوثية اعتمدت خلال حروبها الست السابقة على تشكيل نواتها، وهؤلاء القيادات الذين يجندون الأطفال، تم تشكيلهم وتوزيعهم عبر مجموعات من المشرفين انتشروا في الأرياف، وقد جند كثير من الأطفال وبخاصة في مناطق القبائل، بعضهم لم يكونوا داخل المدارس ولم يتلقوا أي تعليم، ولاحقا اخترقت المدارس وجرى تجنيد كثير من الطلبة من داخل المدارس، وهو ما شكل الكتلة الميليشياوية التي تم إعادة تعبئتها ودفعها إلى الحروب... كثير من هؤلاء الأطفال خلال الحروب الست تربوا وتشكل وعيهم داخل بنية الحركة الحوثية، وهم ما تم دفع جزء كبير منهم بالمشاركة في الحروب.
ويضيف الباحث السياسي اليمني: «قبل دخول الحوثية إلى صنعاء، كان كثير من المسلحين الذين اندفعوا إلى القتال في صفوف الحوثية أثناء دخول صنعاء... وكان يلاحظ سكان صنعاء في أغلب نقاط التفتيش بعد دخول صنعاء وجود الأطفال، وكانت صدمة للمجتمع اليمني داخل العاصمة صنعاء حتى إن بعض كبار السن كانوا يحملون بعض الهدايا ويسلموها لهم في نقاط التفتيش نوعا من الرشوة».
ولاحقا بعد أن تمكنت الحوثية من اليمن، يقول غلاب: «كثفت أعمال تجنيد الأطفال ودفتعهم إلى المحافظات والجبهات والحدود السعودية، وكانت الحوثية تهدف من ذلك الحفاظ على قوام نواتها الصلبة، وبعدما تفرغت قياداتها للسيطرة على مؤسسات الدولة، كانت في حاجة إلى مقاتلين جدد، لذلك دخلت إلى المدارس وأدت عملية تعبوية وتحشيد، كما عمدت إلى خطف من أسرهم ومن الحواري والقرى وإغرائهم بالمال والأسلحة وإعطائهم تطمينات بأنهم لن يذهبوا إلى الجبهات ونقاط التفتيش، ثم خدعتهم لاحقا بالدفع بهم إلى المعارك والجبهات، وهو ما يفسر أن أغلب الضحايا والأسرى من الأطفال».
ويعتقد غلاب أن «هناك وحدة متخصصة لتجنيد الأطفال وتعبئتهم وإعادة تنظيمهم لتنفيذ مهام لصوصية في المدن، وهدف أساسي أيضا من هذا التجنيد لزيادة عدد الضحايا من صغار السن لخلق حالة ثأرية من المجتمع مع الشرعية، ناهيك عن حماية نواتهم الصلبة والتضحيات بالمجندين الجدد وأغلبهم من صغار السن»، مضيفا أن «الحوثية قامت بتشكيل ميليشيات من صغار السن داخل الأرياف وسلحتهم وكلفت في كل مديرية من بعض المديريات مشرفين لتدريبهم وإعدادهم للفترة المقبلة... يبدو أن الحوثية تخطط لحرب أهلية واسعة النطاق هدفها الثأر من الدولة والمجتمع وخلق عنف مستدام وهو ما يتطابق كليا مع المخططات الإيرانية لتهديم الدول الوطنية العربية ونشر الفوضى والخراب في اليمن».
ويستطرد قائلا: «هناك تقارير كثيرة من منظمات دولية ومحلية وشكوى واسعة النطاق من الأسر اليمنية لكن لا سياسيات واضحة لمواجهة عملية تجنيد الأطفال من قبل الحوثيين، ولا ردود فعل مجتمعية منظمة لحماية الأطفال من هذه الجريمة».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.