رئيس الأركان اليمني: انتصاراتنا الأخيرة ستفرض معادلة عسكرية جديدة

قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن باب المندب بات تحت حماية «الشرعية»

اللواء الركن محمد المقدشي
اللواء الركن محمد المقدشي
TT

رئيس الأركان اليمني: انتصاراتنا الأخيرة ستفرض معادلة عسكرية جديدة

اللواء الركن محمد المقدشي
اللواء الركن محمد المقدشي

أكد اللواء الركن محمد المقدشي رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة اليمنية، أن الانتصارات التي تحققت للشرعية حديثًا، ستفرض معادلة جديدة على الواقع العسكري في اليمن، بعد تحرير أحد أهم الممرات الملاحية، مشيرًا إلى أن هذا التغير سينعكس بشكل كبير على الجبهات، خصوصًا مع سيطرة الجيش على سلسلة الجبال في جبهة نهم.
وأضاف اللواء المقدشي، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية لعب دورًا مهمًا في تسليح الجيش اليمني وتزويده بكل احتياجاته، الأمر الذي مكن الجيش من التقدم في جميع الجبهات، وتدمير غالبية منصات الصواريخ التي يمتلكها الانقلابيون...
وفي ما يلي نص الحوار:
* ما انعكاس الانتصارات الأخيرة على الوضع العسكري في اليمن؟
- الانتصارات الأخيرة لها تأثيرات متعددة وكثيرة، منها قطع الإمدادات عن العدو من الناحية البحرية تمامًا، وهذا يعني سيطرة الجيش اليمني على أهم الممرات الدولية وانتزاعها بشكل كامل من قبضة الانقلابيين، وبذلك أصبح مضيق باب المندب تحت الحماية اليمنية.
* هل ستدفع هذه الانتصارات الجيش اليمني لإرسال ألوية جديدة إلى الجبهات؟
هذا التقدم للجيش الوطني، سيفرض معادلة عسكرية جديدة تعمل القوات المسلحة بالتنسيق مع القطاعات كافة على تطبيقها، بما يتوافق مع قدرات الجيش الكبيرة، والتي تزداد يومًا عن يومًا، وسيكون هناك دعم مباشر لكل الجبهات ولن تتوقف المعارك على أي جبهة، وهذا الدعم مرهون بعدة عوامل عسكرية يصعب الإفصاح عنها.
* ماذا عن جبهة نهم ومتى سيكون فيها الحسم؟
- جبهة نهم من الجبهات المهمة التي واجهنا فيها جملة من الصعوبات المتعلقة بطبيعة الأرض الجبلية، ووجود أكثر من محافظة في تلك المواقع، إضافة إلى أن الانقلابيين كعادتهم يعمدون إلى نشر ألغام بشكل كبير وواسع في المناطق التي يخرجون منها، وهذا كان عائقًا كبيرًا أمام تقدم الجيش في وقت سابق، أما الآن مع سيطرة الجيش الوطني على بعض المرتفعات الجبلية المهمة ودخوله إلى المنطقة السابعة ليصبحوا في آخر سلسلة جبلية، سيكون التقدم نحو صنعاء مسألة وقت.
* كيف سيتعامل الجيش مع منصات الصواريخ؟
- معظم منصات الصواريخ التي تعتمد عليها ميليشيا الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي صالح في ضرب أهداف للجيش جرى تدميرها، وهناك بعض المنصات التي لا تشكل أي تأثير مباشر على القوات المسلحة والمقاومة الشعبية في الجبهات ولا تعطل الجيش عن تنفيذ الخطط العسكرية.
* هل هناك تأثير على الحدود السعودية من هذه المنصات؟
- القوات السعودية تمتلك كل المقومات العسكرية والقتالية ولديها القدرة على تنفيذ أي عمل، واستطاعت خلال الفترة الماضية تحجيم دور منصات الصواريخ التي يمتلكها الانقلابيون والتي كانت تستهدف الأراضي السعودية، ونجحت في تدمير أكثر من 90 في المائة من هذه المنصات، وفي اعتقادي أن الانقلابيين الآن لا يمتلكون هذه القدرة العسكرية.
* كيف يتعامل الجيش مع تحول الانقلابيين في هذه الفترة واعتمادهم على المقاتلين الأفارقة؟
- في البداية لا بد أن نوضح أن أكثر من مليوني شخص من جنسيات أفريقية متعددة موجودون الآن في اليمن، وموزعون في كل المناطق، وهذا العدد الكبير صعب أن نحكم عليهم أنهم جميعهم مشاركون في الأعمال القتالية، ولكن هناك أفارقة يستغلهم الحوثيون وحلفاؤهم في الأعمال اللوجيستية مثل عمليات الحفر وأعمال النقل المتنوع.
ويعتمد الانقلابيون في جلب هؤلاء واستغلالهم على الإغراء بالأموال، وليس الأفارقة فقط هم من يستغلون بسبب الوضع الاقتصادي، بل إن من أبناء اليمن غير المتعلمين الذين تفرض عليهم الظروف الانخراط مع الانقلابيين في الجبهات مقابل راتب شهري يدفع من مؤسسات الدولة التي تسيطر عليها الميليشيا.
* ما الاستراتيجية التي سيتبعها الجيش لوقف عمليات تهريب السلاح؟
- قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، تقف بحزم وقوة لمنع دخول الأسلحة المهربة من خلال فرض سيطرتها على كل الممرات التي قد تدخل الأسلحة منها، ولا بد أن ندرك أن عمليات التهريب يعاني منها العالم كله، رغم ما تفرضه الدول من حراسات ومراقبة دورية لحدودها يظل التهريب موجودًا ومستمرًا، وبالنسبة للحدود اليمنية فإن عمليات التهريب تقلصت كثيرًا وتوقف دخول الصواريخ والأسلحة الثقيلة التي كانت تشكل عاملاً مهمًا في المواجهات العسكرية.
* ما الدور الذي تلعبه قوات التحالف لدعم الجيش في الجبهات؟
- التحالف العربي يقوم بأدوار كثيرة يصعب تحديدها لاستعادة الشرعية، ودعم اليمن في المجالات العسكرية كافة، ولم يبخل على الجيش بالمال أو بالسلاح.
والسعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أنقذت اليمن من مأزق كبير كان سيدخل البلاد في مستنقع لن يخرج منه، ولكن بفضل الله، ثم القرار الحكيم لخادم الحرمين الشريفين انطلقت عاصفة الحزم التي لم تكن نقطة تحول في اليمن بل في الأمة العربية والإسلامية، بتحالف عسكري عربي في ظل الظروف التي تمر بها الأمة.
* هل هناك خطة مشتركة لضبط الأمن في المدن المحررة؟
- الجهات الأمنية المعنية تقوم بدور مهم جدًا في ضبط الأمن في المدن المحررة كافة، ولكن تبقى بعض الأعمال الإرهابية التي تمول من عناصر خارجة عن القانون، لا يريدون الأمن والاستقرار للوطن، والقوات المسلحة تدعم الجهات الأمنية لفرض الأمن في المدن كافة بما في ذلك مدينة تعز التي تنعم بالأمن والاستقرار.
* هل تواصل معكم الحوثيون عبر وجهاء في اليمن لتبادل الأسرى؟
- نعم هناك وساطات كثيرة تلقاها الجيش سواء من الصليب الأحمر الدولي، أو بعض الوجهاء اليمن، للدخول في مفاوضات لإطلاق سراح عدد من الأسرى، وأوضحنا لهؤلاء أن القوات المسلحة غير مخولة بذلك، وهناك قنوات خاصة في الحكومة الشرعية هي التي تبحث هذا الجانب، وهي المخولة بإطلاق سراح من تشاء.
* هل سقط في قبضة الجيش قيادات عسكرية كبيرة من الانقلابيين؟
- غالبية القيادات الكبيرة من الانقلابيين قتلت في المعارك والمواجهات المباشرة مع الجيش الوطني، وهناك عدد منهم سقط في قبضة الجيش، وهؤلاء لا يمكن الاستفادة منهم في المرحلة المقبلة، لأن جميع المعلومات حول العدو مكشوفة للقوات المسلحة، خصوصًا أنهم الآن محاصرون في جميع الجبهات فلا يعول الجيش على معلومات من هؤلاء القيادات.
* ما الفترة الزمنية التي يحتاجه الجيش لفرض سيطرته على كامل اليمن؟
- عسكريًا من الصعب تحديد موعد لذلك، إذ لم تشهد اليمن في تاريخها أو تاريخ أي دول عربية مثل ما شهدتها اليمن في التاريخ المعاصر، من تدخل سافر لإيران في الشأن اليمني ونشر الفوضى وتهريب السلاح، ورغم ذلك لن يحقق الانقلابيون أي شيء في الفترة المقبلة، لأن الشعب الذي ينتظر دخول الجيش وتحرير المدن القابعة تحت سيطرة الميليشيا يقف مع الشرعية، واليمن سيحتفل قريبًا جدًا بالنصر في ظل هذه الانتصارات التي تحققت.



الحوثيون يتوجسون من اغتيالات إسرائيلية مقبلة

الهجمات الإسرائيلية ضد الحوثيين استهدفت منشآت الوقود والكهرباء في الحديدة (إعلام حوثي)
الهجمات الإسرائيلية ضد الحوثيين استهدفت منشآت الوقود والكهرباء في الحديدة (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يتوجسون من اغتيالات إسرائيلية مقبلة

الهجمات الإسرائيلية ضد الحوثيين استهدفت منشآت الوقود والكهرباء في الحديدة (إعلام حوثي)
الهجمات الإسرائيلية ضد الحوثيين استهدفت منشآت الوقود والكهرباء في الحديدة (إعلام حوثي)

إلى ما قبل تمكن إسرائيل من تصفية الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني ومجموعة من قيادات الحزب المدنية والعسكرية كانت الجماعة الحوثية في اليمن تعتقد أنها بعيدة عن الاستهداف المباشر من قبل إسرائيل لكن قادتها الآن باتوا يخشون أن يكونوا الهدف المقبل.

وفي حين اعتمدت الجماعة في بناء قدرتها العسكرية وحتى أدائها الإعلامي على الإشراف المباشر من «حزب الله» اللبناني والحرس الثوري الإيراني، إلا أن الاختراق الكبير الذي حدث للطرفين خلال الفترة الأخيرة أشاع أجواء من الخوف لدى قادتها، وفق مصادر قريبة من الجماعة، أفادت بأنه تم التخلص من كل أجهزة «البيجر» عقب تفجير هذه الأجهزة لدى جماعة «حزب الله».

عبد الملك الحوثي يعيش متخفياً في كهوف صعدة (إعلام حوثي)

وباستثناء زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي الذي ظل مكان اختبائه في أحد الكهوف الجبلية سرياً وإن كان يتنقل بين صنعاء وصعدة فإن القيادات العسكرية للجماعة اعتادت التنقل في مناطق سيطرتها بحرية، بخاصة خلال سنوات التهدئة التي بدأت بهدنة أممية في أبريل (نيسان) الماضي.

كما أن هذه القيادات -وفق مصادر قريبة من الجماعة- تستخدم الهواتف الجوالة أو الاتصالات الأرضية لأن مراكز هذه الشركات في مناطق سيطرتها، لكن المصادر بينت أن الوضع الآن اختلف تماماً بعد تصفية معظم الصف القيادي لـ«حزب الله» اللبناني.

وبحسب رواية هذه المصادر فإن قادة الجماعة الحوثية وإن قرروا تصعيد إطلاق الصواريخ والمسيرات نحو إسرائيل إلا أنهم باتوا يدركون أنهم سيكونون الهدف المقبل، بخاصة مع فشل الفصائل العراقية الموالية لإيران في استهداف إسرائيل بعد الضربات التي تلقاها «حزب الله» اللبناني.

إشراف «حزب الله»

ويؤكد ضابط سابق في المخابرات اليمنية لـ«الشرق الأوسط» أن حسن نصر الله أشرف بشكل كامل على البناء التنظيمي للحوثيين، إذ تولت القيادة العسكرية لـ«حزب الله» مهمة تدريب مقاتلي الجماعة والإشراف على تهريب الأسلحة والأموال من إيران إلى اليمن استناداً إلى الخبرة الطويلة للحزب في هذا الجانب.

كما تولى «حزب الله» مهمة الإشراف على استخدام الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والأداء الإعلامي للحوثيين حيث لا تزال القناة الرسمية للجماعة (المسيرة) تبث حتى اليوم من بيروت ويتولى كوادر الحزب وفنيوه إدارتها مع قناة «الساحات» الرديفة لها.

«حزب الله» اللبناني أشرف على تدريب وتسليح الحوثيين وإدارة معاركهم منذ بداية تمردهم (رويترز)

وطبقاً لهذه الرواية فإن الوجود الفعلي لخبراء «حزب الله» اللبناني وعناصر الحرس الثوري في اليمن يعود إلى ما قبل عام 2006 خلال المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين الذين أعلنوا التمرد على السلطة المركزية في منتصف 2004 في محافظة صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

وذكر المصدر أنه بعد تمكن القوات الحكومية من محاصرة الحوثيين في مدينة صعدة القديمة وافقوا على الانسحاب منها ولكنهم اشترطوا خروجهم في حافلات معتمة حتى لا يعرف هوية الأشخاص الذين يستقلّونها.

وقال إن المخابرات اليمنية كانت على علم بأن هناك أعداداً من عناصر «حزب الله» والحرس الثوري في الموقع لكن القرار السياسي في صنعاء قبل بوساطة إقليمية ووافق على خروجهم بحافلات معتمة.

الخوف من انتفاضة شعبية

ربطت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» بين مخاوف الحوثيين وحملة الاعتقالات التي تواصل الجماعة تنفيذها حتى الآن ضد المحتفلين بالذكرى السنوية لـ«ثورة 26 سبتمبر» بعد أن شملت المئات من الشبان والأطفال معظمهم في محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) قبل أن تمتد إلى صنعاء ومحافظات حجة وذمار وعمران.

وجزمت المصادر بأن الجماعة الحوثية باتت تخشى من عملية إسرائيلية مشابهة لما حدث لـ«حزب الله» اللبناني وأن يرافق ذلك انتفاضة شعبية موازية نتيجة حالة الاحتقان الشعبي في مناطق سيطرتها.

الجماعة الحوثية شنت اعتقالات واسعة في مناطق سيطرتها خشية انتفاضة شعبية (رويترز)

ويقول أحد السكان في مديرية جبلة في محافظة إب إن حملة الاعتقالات مستمرة رغم انقضاء مناسبة الاحتفال بذكرى الثورة، حيث تم استدعاء أكثر من 100 شخص اتهموا بإشعال النيران احتفالاً بالمناسبة، وأرغموا على تحرير تعهدات بعدم الاحتفال مرة أخرى أو سماع الأناشيد الوطنية.

والأمر ذاته حدث مع العشرات من الأطفال المعتقلين في صنعاء حيث طلب منهم إحضار ضمين تجاري وأن تتعهد أسرهم خطياً بعدم السماح لهم بالاحتفال مرة أخرى أو سماع الأناشيد.

وفي هذا السياق طالب محمد المقالح القيادي السابق في اللجنة الثورية الحوثية بالإفراج عن جميع المعتقلين «قبل أن ينقلب السحر على الساحر»، وفق تعبيره.

وحذر المقالح من «أيام صعبة» مقبلة، وقال إن على الحوثيين «أن يحسبوا الحساب لشعبهم أكثر من أي خطر آخر»، وهو رأي يشاركه فيه آخرون من مؤيدي الجماعة إذ يعتقدون أن قيادتهم فقدت الصواب ولم يعد بينهم عقلاء وأنهم يغامرون بالسير نحو المجهول.