«داعش» يفخخ المواقع الأثرية في تدمر تحسبًا لهجوم واسع

غارات التحالف على الرقة تخلف مجازر... ونزوح كبير للمدنيين

«داعش» يفخخ المواقع الأثرية في تدمر تحسبًا لهجوم واسع
TT

«داعش» يفخخ المواقع الأثرية في تدمر تحسبًا لهجوم واسع

«داعش» يفخخ المواقع الأثرية في تدمر تحسبًا لهجوم واسع

يتحضّر تنظيم داعش لأكثر من سيناريو عسكري في ظلّ ارتفاع وتيرة القصف الجوي الذي تنفذّه طائرات التحالف الدولي على معقله في مدينة الرقة السورية، وتحسبًا لهجوم واسع قد يشنّه النظام وحلفاؤه على مدينة تدمر الأثرية، حيث سارع التنظيم إلى إخراج عائلات قادته ومقاتليه من الرقة إلى مناطق أقلّ خطرًا، فيما عمد إلى تفخيخ مواقع أثرية في تدمر، تحسبًا لانسحاب مفاجئ.
ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مصادر وصفها بـ«الموثوقة»، تأكيدها أن التنظيم «عمد إلى تفخيخ عدد من المواقع الأثرية داخل مدينة تدمر وفي أطرافها»، مشيرًا إلى أن «هذه الخطوة توحي بأنها جاءت تحضيرًا لانسحاب التنظيم من المنطقة، مشابهة لما جرى في العام الماضي 2015، حيث أقدم حينذاك على تفخيخ وتفجير عدد من المواقع الأثرية في تدمر قبيل انسحابه من المنطقة إبان العملية العسكرية التي نفذتها قوات النظام والمسلحون الموالون لها بدعم من روسيا وطائراتها».
وأكد قيادي عسكري في الجيش الحرّ، لـ«الشرق الأوسط»، أن «سيطرة تنظيم داعش على مدينة تدمر الشهر الماضي بسهولة تامة، زعزعت ثقة الروس بجيش النظام، باعتبار أن خسارة تدمر بعد تحريرها، جعلت الأثمان التي دفعها الروس في تلك المعركة تذهب أدراج الرياح». وكشف عن معلومات تفيد بأن «رئاسة الأركان الروسية، أمرت قوات الأسد بإعادة هيكلة الأركان في الجيش، وشن حملة عسكرية واسعة لطرد التنظيم من تدمر بأي ثمن، خصوصا أن الأخير بات يحاصر مطار الـ(T4) الاستراتيجي». وقال القيادي في الجيش الحرّ، إن «تنظيم داعش تبلغ هذه المعلومات من عملاء له داخل قوات الأسد، ولجأ إلى تفخيخ المواقع الأثرية، بعدما أيقن أن الروس يريدون تدمر بعد حلب وبأي ثمن».
وكان التنظيم المذكور نفذ في الثامن من يناير (كانون الثاني) الماضي، هجومًا عنيفًا على منطقة تدمر والحقول النفطية والمواقع الأثرية والمنشآت القريبة منها، في الريف الشرقي لحمص، بعد وصول تعزيزات إليه قادمة من العراق، ومؤلفة من نحو 300 مقاتل وقادة ميدانيين، وتمكن على أثره من السيطرة على المنطقة، وعلى مطار تدمر العسكري وقلعة تدمر الأثرية.
ويبدو أن الغارات التي تشنّها طائرات التحالف الدولي ضدّ التنظيم في مدينة الرقة، بدأت تعطي نتائج عكسية، باعتبار أن معظم ضحاياها من المدنيين، وأفاد موقع «الدرر الشامية» الإخباري، بأن طائرات التحالف «ارتكبت خلال الساعات الـ24 الماضية ثلاث مجازر بحق المدنيين في مدينة الرقة وريفها الغربي الشمالي»، مؤكدًا أن «12 مدنيًّا قُتلوا ليل الثلاثاء، في قصف جوي لطائرات أميركية، منهم أربعة من قرية حرملة وثلاثة من قرية كبش وخمسة من أبناء قرية حتاش، فضلاً عن وقوع العشرات من الجرحى». وقال الموقع الإخباري المعارض، إن «هذه المجازر تأتي في ظل تراجع مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركيًا أمام التنظيم الدولة، واستعادة الأخير السيطرة على قرية وقلعة جعبر يوم الثلاثاء».
في هذا الوقت، أوضح القيادي العسكري في الجيش الحرّ، أن «مدنيي الرقة هم الأكثر تضررًا من القصف الجوي، منذ بدء الغارات على هذه المنطقة». وقال إن «أساليب قتال (داعش) صعبة ومعقدة، لأن التنظيم يتحصن بين المدنيين»، مؤكدًا أن «أفضل طرق قتال (داعش) هي الاقتحامات البرية».
ومع اشتداد المعارك في عدد من الجبهات التي يتمركز فيها التنظيم في الرقة، تحدث ناشطون عن «حركة نزوح كثيفة من المناطق القريبة من الجبهات، في ظل خوف المدنيين من استهدافهم من قبل القوات المهاجمة». وأكدوا أن «ما عزز خوف المدنيين، هو نقل عائلات قياديي التنظيم من المناطق التي تتعرّض للقصف، ما يوحي بأن الأيام المقبلة ستكون صعبة». وأفاد الناشطون، بأن «عشرات العائلات من المدنيين نزحت من مدينة الطبقة وأرياف الرقة الغربية والشمالية والشمالية الغربية، مع اقتراب قوات سوريا الديمقراطية المدعومة بالقوات الخاصة الأميركية وطائرات التحالف الدولي من سد الفرات الاستراتيجي ومدينة الطبقة بالريف الغربي للرقة، ولجأت إلى مناطق أقل خطورة».
وعلى صعيد متصل، أعلن مسؤول أميركي في البنتاغون، أن «العملية البرية النادرة التي شنتها وحدة كوماندوز أميركية قرب دير الزور في شرق سوريا الأحد، أفضت إلى مقتل اثنين من القياديين متوسطي المستوى في التنظيم الجهادي». وقال المسؤول الذي اشترط عدم ذكر اسمه، إن «أحد القتيلين هو أبو أنس العراقي، وقد كان الهدف الذي من أجله شنت هذه العملية. أما الآخر فقد أصبح هدفا أثناء سير العملية».
وكان البنتاغون كشف النقاب الاثنين الماضي عن هذه العملية، ولكن من دون أن يحدد حصيلتها. وأكد المسؤول الأميركي أن الهجوم «حصل على طريق معزول، ولم يكن هناك أحد قربها»، مشيرًا إلى أن العملية «نفذتها وحدة القوات الخاصة الأميركية المكلفة بملاحقة القادة المتطرفين في العراق وسوريا».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.