مصدر دبلوماسي: أنقرة تنتظر التأكد من وفاء بغداد بالتزامات محددة

تركيا لمحت بضرورة البقاء في بعشيقة... والسفير العراقي: لا ننتظر عمليات على أراضينا

عراقيون مدنيون هربوا من القتال الدائر في حي سكر شرق الموصل (رويترز)
عراقيون مدنيون هربوا من القتال الدائر في حي سكر شرق الموصل (رويترز)
TT

مصدر دبلوماسي: أنقرة تنتظر التأكد من وفاء بغداد بالتزامات محددة

عراقيون مدنيون هربوا من القتال الدائر في حي سكر شرق الموصل (رويترز)
عراقيون مدنيون هربوا من القتال الدائر في حي سكر شرق الموصل (رويترز)

لمحت تركيا برغبتها في بقاء قوات لها في معسكر بعشيقة، شمال العراق، باعتبار ذلك ضرورة، بعد أن يجري تحرير الموصل من قبضة «داعش»، فيما أكدت بغداد، على لسان سفيرها في أنقرة، هشام العلوي، أنها لا تحتاج من تركيا تنفيذ عمليات عسكرية داخل أراضيها، وأن هناك اتفاقا على الانسحاب التركي من بعشيقة. وقال وزير الدفاع التركي، فكري إيشيك، في تصريحات أمس، إن تركيا ستبحث مع العراق وجود قوات تابعة لها في معسكر بعشيقة، قرب الموصل، بعد تطهير المنطقة من عناصر تنظيم داعش الإرهابي وتمشيطها، لافتة إلى أنه سيجري التواصل مع المسؤولين العراقيين في هذا الشأن. وأكد إيشيك أن بلاده تحترم وحدة أراضي العراق، قائلا إن «وجود قواتنا في بعشيقة ليس اختيارا لكنه ضرورة»، لافتا إلى أن بلاده ستحل المسألة مع العراق بصورة ودية.
وأشار الوزير التركي إلى أن القوات التركية، الموجودة في بعشيقة منذ أكثر من عام، قتلت أكثر من 700 من عناصر تنظيم داعش، لافتا إلى أنها حققت نجاحا كبيرا في مكافحة الإرهاب في إطار عملياتها العسكرية، ومنها عملية «درع الفرات» التي تنفذها منذ 24 أغسطس (آب) الماضي في شمال سوريا.
وتخوض القوات العراقية، بالتنسيق مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، حربا شرسة ضد تنظيم داعش الذي سيطر على مناطق في العراق. وبدأت حملة منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، للقضاء على وجود التنظيم في الموصل، رغبت تركيا في المشاركة فيها بفاعلية، لكن المسألة أثارت توترا مع حكومة حيدر العبادي في بغداد، التي اعتبرت وجود عناصر من القوات التركية في بعشيقة، بمثابة احتلال وانتهاك للسيادة العراقية.
ومن المنتظر أن تنتهي عملية تحرير الموصل من «داعش» في غضون 3 أشهر، بحسب ما صرح به أمس، السفير العراقي في أنقرة، الذي أكد أن اتفاقا جرى مع الجانب التركي على انسحاب القوات التركية الموجودة في معسكر بعشيقة عقب الانتهاء من تحرير مدينة الموصل من تنظيم داعش. وقال السفير العراقي، إننا لا نحتاج لأن تقوم تركيا بأي عمليات في الأراضي العراقية، ولا نود ولا ننتظر أمرًا مثل هذا، كما أننا لن نسمح للتنظيمات الإرهابية باستخدام أراضينا لتهديد دول الجوار.
وأضاف العلوي، أنه سيجري تطهير مدينة سنجار العراقية من حزب العمال الكردستاني. وتابع: «في حال تم حل أمر معسكر بعشيقة، فسيتم اللقاء بين الجانبين التركي والعراقي للعمل على التعاون العسكري في باقي المواضيع».
وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أكد، خلال زيارته لبغداد، السبت الماضي، أن قوات بلاده ستبقى في بعشيقة حتى يجري تطهير مدينة الموصل من تنظيم داعش، مشددا على أن أمن العراق من أمن تركيا، وأن تركيا حريصة على وحدة أراضي العراق وسيادته.
وأكد مسؤول تركي لصحيفة «حريت» التركية، أمس، أن القوات الموجودة في معسكر زليقان، في منطقة بعشيقة، لن تنسحب قبل الانتهاء من عملية تحرير الموصل من قبضة «داعش».
وقال مصدر دبلوماسي لـ«الشرق الأوسط»، إن تركيا تريد أن تتأكد تماما من أنها لن تتعرض لأي خطر، سواء من الأكراد أو «داعش»، من جهة حدودها مع العراق، لذلك فإنها لم تحدد موعدا قاطعا لانسحاب قواتها من بعشيقة، وتريد أن تضمن ألا يبقى حزب العمال الكردستاني في سنجار، وأنه لن يجري المساس بديموغرافية مدينة تلعفر، ذات الأغلبية التركمانية، وأنها ستراقب مدى التزام حكومة العبادي بما اتفق عليه في هذا الشأن، وبعدها سيجري بحث أمر سحب قواتها من بعشيقة.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.