برودة الطقس لن تمنع الازدحام على «سخونة التخفيضات» في بروكسل

التجارة الإلكترونية حققت مبيعات بـ2.2 مليار يورو خلال أسابيع قليلة

أحد المحال في بروكسل تعرض تنزيلات (تصوير: عبد الله مصطفى)
أحد المحال في بروكسل تعرض تنزيلات (تصوير: عبد الله مصطفى)
TT

برودة الطقس لن تمنع الازدحام على «سخونة التخفيضات» في بروكسل

أحد المحال في بروكسل تعرض تنزيلات (تصوير: عبد الله مصطفى)
أحد المحال في بروكسل تعرض تنزيلات (تصوير: عبد الله مصطفى)

حرصت رشيدة، السيدة العربية المقيمة في بروكسل في العقد الخامس من عمرها، على الحضور مبكرًا إلى أحد المحلات التجارية، التي تبيع الملابس، لشراء ما تحتاجه هي وأبناؤها الأربعة، بمناسبة موسم التخفيضات الشتوية.
«ننتظر فرصة التخفيضات الشتوية وأيضًا الصيفية لشراء كل ما نحتاجه، خصوصا أن التخفيضات تكون كبيرة، وهذا أمر ضروري خصوصا للعائلات التي تضم عددا كبيرا من الأطفال ومن مراحل سنية مختلفة». هكذا بررت رشيدة لـ«الشرق الأوسط» الكم الهائل للمشترين في المحلات التجارية.
بينما ترى جاكلين، وهي بلجيكية في نهاية الأربعينات، أن موسم التخفيضات فرصة لها للتسوق، لأن كمية المعروض تكون كبيرة، وهناك متعة بالنسبة لها أن تأتي للمحلات وتتسوق برفقة صديقتها، وتحرص على فعل ذلك أكثر من مرة في الأسبوع على حسب الاحتياجات، فأحيانا تتوجه إلى محلات الملابس، وتارة إلى محلات الأجهزة الكهربائية، وتارة أخرى إلى محلات الهواتف أو أجهزة الحاسوب.
ولا يزال مشهد الازدحام على المحلات والأسواق التجارية في بروكسل يتكرر في موسم التخفيضات رغم وجود فرص للحصول على معظم السلع من خلال التسوق عبر الإنترنت، ولكن شتان ما بين الشعور بالحصول على هذه السلع وسط مكان مزدحم فيه الآلاف من الأشخاص، والجلوس وراء الحاسوب في المنزل لشراء هذه السلع، ففي الحالة الأولى يكون هناك شعور بالانتصار والفوز ببعض السلع قبل الآخرين، من الموجودين في المكان نفسه، وهو شعور لا يتوفر بالدرجة نفسها في حالة التسوق عبر الإنترنت.
وعرفت المحلات التجارية في بروكسل وغيرها من المدن البلجيكية المشهد المعتاد في موسم التخفيضات، لوحات إعلانية كبيرة تعلن عن وجود خصم بنسبة مختلفة تراوحت ما بين 20 في المائة ووصلت في بعض المحال إلى أكثر من 50 في المائة. وقال اتحاد التجارة والخدمات ببروكسل في بيان، إن التجار «راضون بشكل خاص» من أول أسبوع من موسم التخفيضات. ووفقا لدراسة أنجزها اتحاد التجارة والخدمات، باعت السلاسل التجارية في المتوسط 10 في المائة أكثر مقارنة بأول أسبوع من السنة الماضية.
وبحسب المصدر نفسه، فإن الطقس البارد لم يثن صائدي الصفقات الجيدة. وقال المدير التنفيذي للاتحاد دومينيك ميشال: «لقد مكنت موجة البرد التي شهدها الأسبوع الماضي في الحقيقة من بيع المواد الشتوية بشكل جيد»، موضحًا: «في المدن والمراكز التجارية، حقق تجارنا في المتوسط حتى أفضل من هذه الزيادة بـ10 في المائة. وفي الضواحي، بالمقابل، كانت الزيادة قليلة الأهمية». وحتى يوم الجمعة الماضي، سجل أغلب التجار الذين خضعوا للدراسة زيادة كبيرة في مبيعاتهم.
ويلاحظ اتحاد التجارة والخدمات أنه في «يوم السبت، كان هوس المستهلكين أقل، وذلك بسبب الظروف المناخية من دون شك، ولكن أغلب المحلات التجارية قد رفعت رقم مبيعاتها بأكثر من 10 في المائة». ومن جهتها، سجلت المتاجر الإلكترونية زيادة بـ20 في المائة من عدد الزوار مقارنة بالأسابيع السابقة. وتمكن الزبائن من الاستفادة من تخفيضات المتاجر الفعلية نفسها. وكانت النقابة المحايدة للمستقلين (SNI) قد قدرت الأسبوع الماضي، بأن معظم التجار الـ263 الذين شملهم استطلاع الرأي الذي أجرته قد حققوا رقم مبيعات مماثلا لرقم مبيعات السنة الماضية، خلال اليوم الأول من موسم تخفيضات الشتاء.
ويأتي ذلك بعد أن جرى الإعلان في بروكسل، أنه ما بين 11 نوفمبر (تشرين الثاني) و31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حققت التجارة الإلكترونية البلجيكية رقم مبيعات بـ2.2 مليار يورو، أي ما يعادل ربع (24.3 في المائة) مبيعاتها السنوية، وفقا لأرقام جمعتها الجمعية البلجيكية للمبيعات الإلكترونية «BeCommerce»، وفي سنة 2015 كانت الفترة نفسها قد بلغت 14 في المائة من رقم المبيعات في القطاع. وحقق يوما العمل التجاري «Black Friday»، و«Cyber Monday»، اللذان يمثلان مؤسسات حقيقية بالولايات المتحدة، طفرة جيدة ببلجيكا.
وحصد التسوق عبر الإنترنت أفضل نتائجه خلال آخر عطلة نهاية الأسبوع من شهر نوفمبر، وفقا للجمعية البلجيكية للمبيعات الإلكترونية. وتضيف المنظمة: «كما كانت فترة عيد الميلاد أفضل من المتوقع، فالمتاجر الإلكترونية حققت خلال هذه الفترة 9 في المائة من رقم مبيعاتها السنوية». وتشمل المنتجات الأكثر شعبية على الإنترنت مواد التجميل بـ35.2 في المائة من المبيعات، ثم المواد الغذائية والمشروبات بـ30.4 في المائة والملابس والإكسسوار بـ24.5 في المائة. وبالنسبة لشهر يناير (كانون الثاني)، فيتوقع أصحاب التجارة الإلكترونية زيادة أخرى في رقم المبيعات، تقدر بـ10.7 في المائة بمناسبة فترة التخفيضات. كما تخطط المواقع الإلكترونية للمواد المستعملة بالخصوص لإعادة بيع كثير من هدايا عيد الميلاد التي لم تكن مرضية بالنسبة لمتلقيها. وكانت المواقع الإلكترونية للمواد المستعملة ببلجيكا قد باعت بالفعل خلال الأسبوع الأول من يناير 20 في المائة أكثر من الفترة نفسها من السنة الماضية.
وقامت الجمعية البلجيكية للمبيعات الإلكترونية في فترة نهاية سنة 2016 بتحليل أرقام مبيعات المتاجر الإلكترونية، أي 82 في المائة من سوق التجارة الإلكترونية البلجيكية. من جهة أخرى، أعلنت الخدمة العامة الاتحادية للمالية في بلجيكا أن الدين الحكومي الإجمالي انخفض بـ3.425 مليار يورو في ديسمبر (كانون الأول) 2016. وارتفع إلى 405.197 مليار يورو في أواخر الشهر نفسه. وبالقيمة الصافية، أي بعد خصم الاستثمارات المالية وسندات الاستثمار، انخفض الدين الحكومي بـ3.821 مليار يورو ليصل إلى 392.585 مليار يورو في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول).
وتشير الإدارة العامة لخزينة الدولة (التابعة للخدمة العامة الاتحادية للمالية) إلى أن الدين الحكومي يشهد تأثيرات موسمية كبيرة.



تهديدات ترمب التجارية تضرب الأسواق العالمية قبل توليه الرئاسة

دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
TT

تهديدات ترمب التجارية تضرب الأسواق العالمية قبل توليه الرئاسة

دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)

من الصين إلى أوروبا، ومن كندا إلى المكسيك، بدأت الأسواق العالمية بالفعل الشعور بتأثير تهديدات دونالد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية بمجرد توليه الرئاسة في أقل من أسبوعين. فقد تعهّد ترمب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 10 في المائة على الواردات العالمية، و60 في المائة على السلع الصينية، بالإضافة إلى رسوم استيراد إضافية بنسبة 25 في المائة على المنتجات الكندية والمكسيكية، وهي تدابير يقول خبراء التجارة إنها ستعطّل تدفقات التجارة العالمية، وتؤدي إلى رفع التكاليف، وتستدعي ردود فعل انتقامية.

وعلى الرغم من أن نطاق هذه الرسوم وحجمها لا يزالان غير واضحَيْن، فإن الطريق يبدو شائكاً، وفق «رويترز».

فيما يلي نظرة على بعض الأسواق التي تثير الاهتمام:

1. الصين الهشّة

وفقاً لـ«غولدمان ساكس»، فمن المرجح أن تكون الصين الهدف الرئيسي لحروب ترمب التجارية الثانية. وبدأ المستثمرون بالفعل التحوط؛ مما أجبر البورصات والبنك المركزي في الصين على الدفاع عن اليوان المتراجع والأسواق المحلية. وقد بلغ اليوان أضعف مستوى له منذ 16 شهراً؛ إذ تمّ تداول الدولار فوق مستوى 7.3 يوان، وهو المستوى الذي دافعت عنه السلطات الصينية.

ويتوقع بنك «باركليز» أن يصل اليوان إلى 7.5 للدولار بحلول نهاية 2025، ثم يتراجع إلى 8.4 يوان إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 60 في المائة. وحتى دون هذه الرسوم، يعاني اليوان من ضعف الاقتصاد الصيني؛ مما دفع عوائد السندات الصينية إلى الانخفاض، وبالتالي اتساع الفجوة بين العوائد الصينية والأميركية. ويتوقع المحللون أن تسمح الصين لليوان بالضعف بشكل تدريجي لمساعدة المصدرين في التكيّف مع تأثير الرسوم الجمركية. إلا أن أي انخفاض مفاجئ قد يُثير مخاوف بشأن تدفقات رأس المال؛ مما قد يُعيد تسليط الضوء على هذه المخاوف ويؤدي إلى اهتزاز الثقة التي تضررت بالفعل، خصوصاً بعد أن شهدت الأسهم أكبر انخفاض أسبوعي لها في عامين. بالإضافة إلى ذلك، يشعر المستثمرون في الدول المصدرة الآسيوية الكبرى الأخرى، مثل: فيتنام وماليزيا، بالتوتر؛ حيث يعكف هؤلاء على تقييم المخاطر المحتملة على اقتصاداتهم نتيجة للتقلّبات الاقتصادية العالمية.

2. مزيج سام لليورو

منذ الانتخابات الأميركية، انخفض اليورو بأكثر من 5 في المائة، ليصل إلى أدنى مستوى له في عامين عند نحو 1.03 دولار. ويعتقد كل من «جيه بي مورغان» و«رابوبنك» أن اليورو قد يتراجع ليصل إلى مستوى الدولار الرئيسي هذا العام، بسبب حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن التعريفات الجمركية. وتُعدّ الولايات المتحدة الشريك التجاري الأكبر للاتحاد الأوروبي، مع تجارة تُقدّر بـ1.7 تريليون دولار في السلع والخدمات. وتتوقع الأسواق أن يخفّض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس هذا العام لدعم الاقتصاد الأوروبي الضعيف، في حين يتوقع المتداولون تخفيضاً محدوداً بنسبة 40 نقطة أساس من قِبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، مما يعزّز جاذبية الدولار مقارنة باليورو. كما أن تأثير ضعف الاقتصاد الصيني ينعكس على أوروبا، حيث يُعد فرض التعريفات على الصين والاتحاد الأوروبي معاً مزيجاً سلبياً لليورو.

3. مشكلات قطاع السيارات

في أوروبا، يُعدّ قطاع السيارات من القطاعات الحساسة بشكل خاص لأي تهديدات بفرض تعريفات جمركية. ويوم الاثنين، شهدت سلة من أسهم شركات السيارات ارتفاعاً مفاجئاً بنحو 5 في المائة، بعد تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» أفاد بأن مساعدي ترمب كانوا يستكشفون فرض رسوم جمركية على الواردات الحرجة فقط، لكن هذه الأسهم سرعان ما تراجعت بعد أن نفى ترمب ما ورد في التقرير. هذه التقلبات تسلّط الضوء على مدى حساسية المستثمرين تجاه القطاع الذي يعاني بالفعل من خسارة كبيرة في القيمة؛ إذ فقدت أسهمه ربع قيمتها منذ ذروتها في أبريل (نيسان) 2024، بالإضافة إلى تراجع تقييماتها النسبية.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في بنك «باركليز»، إيمانويل كاو، إن قطاع السيارات من بين القطاعات الاستهلاكية الأكثر تأثراً بالتجارة، وتجب مراقبته من كثب. ولفت إلى أن القطاعات الأخرى المعرّضة لهذه المخاطر تشمل السلع الأساسية، والسلع الفاخرة، والصناعات. وفي هذا السياق، انخفضت سلة «باركليز» من الأسهم الأوروبية الأكثر تعرضاً للتعريفات الجمركية بنحو 20 في المائة إلى 25 في المائة، مقارنة بالمؤشرات الرئيسية في الأشهر الستة الماضية. كما أن ضعف الاقتصاد في منطقة اليورو قد يؤدي إلى تمديد ضعف أداء الأسهم الأوروبية، حيث ارتفع مؤشر «ستوكس 600» بنسبة 6 في المائة في عام 2024، في حين سجّل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفاعاً بنسبة 23 في المائة في العام نفسه.

4. ارتفاع الدولار الكندي

يقترب الدولار الكندي من أضعف مستوياته منذ أكثر من أربع سنوات، بعد تراجع حاد إثر تهديد ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني) بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على كندا والمكسيك؛ حتى تتخذا إجراءات صارمة ضد المخدرات والمهاجرين. ومن المرجح أن يواصل الدولار الكندي انخفاضه؛ حيث يعتقد محللو «غولدمان» أن الأسواق لا تُسعّر سوى فرصة بنسبة 5 في المائة لفرض هذه الرسوم، ولكن المحادثات التجارية المطولة قد تُبقي المخاطر قائمة. وفي حال نشوب حرب تجارية شاملة، قد يضطر بنك «كندا» إلى تخفيض أسعار الفائدة أكثر، مما قد يدفع الدولار الكندي إلى مستوى 1.50 مقابل الدولار الأميركي، أي انخفاضاً إضافياً بنسبة 5 في المائة من نحو 1.44 الآن. وتزيد استقالة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو من تعقيد التوقعات.

5. البيزو المكسيكي المتقلّب

كان البيزو المكسيكي قد شهد بالفعل انخفاضاً بنسبة 16 في المائة مقابل الدولار في عام 2024 عقب انتخاب ترمب، مما جعل الكثير من الأخبار المتعلقة بالعملة قد تمّ تسعيرها بالفعل، سواء كانت تصب في مصلحة الدولار أو تضر بالبيزو. وكان أداء البيزو في 2024 هو الأضعف منذ عام 2008؛ حيث تراجع بنسبة 18.6 في المائة، وذلك في وقت كان يشهد فيه تهديدات من الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية، خصوصاً أن المكسيك تُعد الوجهة التي تذهب إليها 80 في المائة من صادراتها. بالإضافة إلى ذلك، أثر الإصلاح القضائي المثير للجدل في المكسيك أيضاً على العملة.

وبعد إعلان الرسوم الجمركية يوم الاثنين، التي نفى ترمب صحتها لاحقاً، ارتفع البيزو بنسبة 2 في المائة قبل أن يقلّص مكاسبه. ويسلّط هذا التقلب الضوء على احتمالية استمرار التقلبات في السوق، خصوصاً مع استمرار التجارة على طول الحدود الجنوبية للولايات المتحدة بصفتها هدفاً رئيسياً للرئيس المنتخب.