أسبوع الموضة الرجالي في لندن خسر «بيربري» وكسب فيفيان ويستوود

مستقبله يتأرجح ما بين مخاوف «البريكست» والتفاؤل بإقبال الرجل على الموضة

من عرض دار «يو ماست كريايت»  -  من اقتراحات كريغ غرين
من عرض دار «يو ماست كريايت» - من اقتراحات كريغ غرين
TT

أسبوع الموضة الرجالي في لندن خسر «بيربري» وكسب فيفيان ويستوود

من عرض دار «يو ماست كريايت»  -  من اقتراحات كريغ غرين
من عرض دار «يو ماست كريايت» - من اقتراحات كريغ غرين

في يوم الجمعة الماضي، بدا عنوان «180 ذي ستراند» بلندن، مقر أسبوع الموضة البريطاني الجديد، كئيبا وباردا من الخارج. فالجو كان رماديا قاتما والطقس ليس في صالح من وصلوا المكان قبل العاشرة صباحًا، موعد افتتاح الأسبوع الرجالي لخريف وشتاء 2017. لحسن الحظ أن الإحساس تغير بعد دخول المبنى رغم معماره الوظيفي والصناعي، لأن وجود عمدة لندن، صادق خان فيه لافتتاحه أعطاه قوة كان في أمسّ الحاجة إليها بعد انسحاب أسماء كبيرة كانت تضخه بالبريق والأهمية، مثل «بيربري» وتوم فورد و«كوتش» الأميركية. فالأزمة الاقتصادية ثم تغير ثقافة الموضة، بدمج العروض النسائية والرجالية مع بعض، أصابت الأسبوع بوعكة ملموسة. ففي السنوات الأخيرة لاحظنا تفاؤلا متزايدا بمستقبل القطاع الرجالي تجسد في إطلاق عدد من مجلات الموضة الرجالية ومستحضرات تجميل خاصة بالجنس الخشن فضلا عن ولادة أسابيع موضة جديدة في عواصم عالمية على رأسها لندن ونيويورك. لكن اكتشف الجميع أخيرًا بأنهم اندفعوا في هذا التفاؤل، وبدأت الظروف الحالية تُحتم عليهم فرملة حماسهم.
الطريف أن عمدة لندن صادق خان لم يُعبر عن هذا الأمر لا من بعيد ولا من قريب، وكان خطابه حماسيا لم يبخل فيه بالمديح لا على قطاع الموضة ولا على منظمة الموضة البريطانية، إلى حد أنه بالغ بالقول إن الأسبوع اللندني سحب السجاد من كل من «ميلانو» و«باريس»، الأقدمين تاريخًا. ما كان محقًا فيه أن لندن لا تزال مهد الإبداع وتفريخ المواهب الصاعدة والواعدة بلا منازع، وهو ما أكدته العروض طوال الأسبوع. فهذا واقع لم تؤثر عليه لا الأزمة ولا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لحد الآن. والنتيجة أن قوة الموضة من الناحية الاقتصادية لم تضعف بعد، حسب قول صادق خان: «فهي لا تزال صناعة توظف 800 ألف شخص في بريطانيا، وهو أكبر رقم من بين كل المجالات الإبداعية، كما تصب ما لا يقل عن 28 مليار جنيه إسترليني في خزينة الاقتصاد البريطاني»، مُعربًا عن سعادته بدعمه المادي للمصممين الشباب.
بدوره أكد ديلان جونز، الرئيس التنفيذي للأسبوع الرجالي ورئيس تحرير مجلة «جي كيو» على أهمية لندن في مجال الموضة، لافتًا الانتباه إلى أن تناقضاتها، بين المتمرد والكلاسيكي، هي التي تعطيها نكهتها الخاصة وتميزها عن غيرها مشيرًا: «لهذا ليس غريبا أن تكتسب قوة أكبر كمركز للإبداع في الستة أشهر الأخيرة».
المتابع لأسابيع الموضة بلندن يعرف أنه على حق، فتفردها يتلخص فعلاً في تناقضاتها، أو بالأحرى احتضانها لكل الأساليب والمواهب على اختلاف جنسياتهم وثقافاتهم وأعمارهم. فإلى جانب عراقتها في التفصيل الرجالي، وهو ما يشهد عليه شارعها العريق «سافيل رو» الذي يتمركز فيه أهم خياطي العالم، هناك جنوح نحو الفني يخض التابوهات والتقاليد وتشجع عليه معاهدها الشهيرة.
صحيح أن هذا الجنوح بدأ يخضع لمتطلبات السوق والتسويق في السنوات الأخيرة، إلا أنه لم يصل إلى حد تكبيل خيالهم ولا الحد من غرفهم من ثقافة الشارع. ثقافة طبعها هذا الموسم الأسلوب «السبور» الذي كان عنوانا لكثير من العروض، وكان واضحًا أنه يتوجه لشرائح الشباب بكل لغات العالم. أما احترام التقاليد فلم يظهر في البدلات والمعاطف المفصلة فحسب، بل أيضًا في إعادة إحياء بيوت أزياء قديمة مثل «برايفت وايت في سي» من قبل رجل الأعمال نيك آشلي، ودار «إي توتز» من قبل باتريك غرانت، إضافة إلى استثمار كثير من المصممين الآخرين في معامل بريطانية على أمل الإبقاء على صناعة الموضة البريطانية منتعشة، ربما استباقا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد تفعيل البند 50.
في خطابه الافتتاحي، لم يغفل صادق خان الإشارة إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو ما كانت له دلالاته، لأن معظم صناع الموضة، 90 في المائة من بين 290 منهم، كانوا مع البقاء، وأعربوا دون تحفظ عن رفضهم وخوفهم من تأثيرات «بريكست» السلبية على صناعة الموضة. صادق خان كان معهم طوال الحملة، لكنه، مثل الجميع، أذعن لنتيجة الاستفتاء قائلا لـ«رويترز»: «علينا أن نلتزم بالنتائج ونعمل على ضمان أن يصب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في مصلحة قطاع الموضة ومصلحة بلدنا أيضًا». لكن هذا لا يمنع أن التخوفات من المستقبل القريب لا تزال قائمة، فشهر العسل كان قصيرا بالنسبة للأسبوع الرجالي تحديدًا. فقد كان من المتوقع أن ينمو هذا القطاع بنحو 22.5 في المائة ما بين عامي 2015 و2020 ليصل إلى 17.3 مليار جنيه إسترليني حسب دراسة قامت بها شركة «مينتل» لأبحاث السوق في عام 2016. وحسب شركة «يورو مونيتور» كان من المتوقع أن تصل مبيعات المنتجات الرجالية إلى 480 مليار دولار، أي ما يعادل 325 مليار جنيه إسترليني، بحلول عام 2019 مقارنة بـ40 مليار دولار (ما يعادل 27 مليار جنيه إسترليني) في عام 2014. فهل يا ترى ستتغير هذه الأرقام بعد «بريكست»؟!
سؤال ستجيب عنه الأيام وإن كان المُطمئن في المشهد أن الرجل الشاب أدمن على الموضة بشكل لا رجعة فيه، وبالتالي فإن المبيعات لن تتأثر كثيرًا، وهو ما تشير إليه العروض بجرأة ألوانها وتصاميمها منذ يوم الجمعة إلى يوم الاثنين الماضيين. اليوم الأخير كان يوما حافلا بالمعاناة والمتعة. المعاناة بسبب إضراب سائقي القطارات بلندن الذي عرقل حركة السير وجعل التنقل من مكان إلى آخر وسط البلد أصعب وأطول من السفر إلى بلد أوروبي جوا. أما المتعة فندين بها للمشاركة الأولى للمخضرمة فيفيان ويستوود منذ عام 1982 التي أكدت فيها أن السنوات لم تنل من روحها الشابة والمتمردة شيئا.
افتتحت الأسبوع ماركة «توبمان ديزاين» بروح رياضية. فقد عادت بنا إلى حقبة التسعينات من خلال مجموعة من السترات الرياضية الواسعة التي تحمل شعارات حماسية طريفة، إضافة إلى تفاصيل تشمل أهدابا وشراشيب زينت حواشي سترات بألوان النيون، تم تنسيقها مع بنطلونات جينز واسعة. حقبة التسعينات ظهرت أيضًا في عرض بوبلي أبلي، وهو مصمم له قدرة عجيبة على مزج تصاميم حداثية عصرية بنقشات مرحة رسمها هذه المرة بألوان أكثر توهجا وجرأة. أما الأسلوب الـ«سبور» المستقى من ثقافة الشارع اللندني، الذي ظهر في عدة عروض، فأخذ بُعدًا مختلفًا في عرض كريستوفر شانون. سترات الجينز مثلاً اتسعت، كذلك البنطلونات، فيما وصفه المصمم بالموضة الديمقراطية التي تحاول احتضان الكل، مشيرًا إلى أنها «للكل لكن مع لمسة مشاكسة». ما يشفع لها مشاكستها أنها تتمتع أيضًا بجانب تجاري يناسب أرض الواقع ليس في بريطانيا وحدها بل في كل أنحاء أوروبا، حتى بعد «بريكست».
الحنين إلى أسلوب التسعينات وحياتها الليلية وموسيقاها، ظهر أيضًا في عروض أستريد أندرسون، كوتوايلر وغريغ غرين وغيرهم.
في المقابل، اختار المصمم الصيني الأصل زاندر زو التوجه إلى المستقبل عوض الماضي، وأرسل مجموعة مستوحاة من ملابس العسكر وكأنه يُحضرنا لدخول حرب في الخريف والشتاء المقبلين. أما الإيحاءات المستقبلية فكانت مستمدة من الخيال العلمي، وظهرت بوضوح في تصاميمه المفصلة كما في القطع التي تشبعت بالإيحاءات الآسيوية. فقد ظهرت حينا في الخطوط الواسعة والقصيرة وحينا آخر في الأكتاف الصارمة إضافة إلى أسلوب الطبقات المتعددة.
* أهم التوجهات
رغم الجنون الواضح في بعض التصاميم، وهو جنون قد يثير الرهبة في نفوس بعض المتحفظين، فإن تشريح الإطلالة وتفكيكها، أي التعامل مع كل قطعة على حدة يحل المشكلة، ويُبين أنها ليست بذلك الجنون الذي ظهرت به على منصات العرض، وأن جنونها ينحصر على التنسيق الذي تتطلبه العروض عموما. في أرض الواقع وعندما تصل هذه القطع إلى المحلات فإنها تكون مناسبة للاستعمال اليومي إلى حد كبير ما دمنا سنستعملها بأسلوب يناسب شخصياتنا وحياتنا. من التوجهات التي تابعناها خلال الأسبوع:
- ألوان النيون التي يستهدف منها كسر قتامة الألوان الداكنة المرتبطة بالخريف والشتاء عموما. صحيح أنها مرعبة عندما تكون من الرأس إلى أخمص القدمين، لكن عندما تكون في قطعة صوفية واحدة فإنها مقبولة.
- الجلد نافس الصوف بقوة، حيث ظهر في عروض كثيرة نذكر منها عروض ماثيو ميللر، آغي أند سام وسيمون لي وكريستوفر شانون وغيرهم.
- البنطلونات الواسعة أيضًا ستكون حاضرة بأشكال متنوعة. فإذا كانت باريس أعطت الرجل البنطلونات الضيقة التي ترقص على إيقاعات الروك أند رول، وميلانو البنطلونات الواسعة ذات الطيات والبليسيهات عند الخصر التي تستحضر نجوم هوليوود في الخمسينات من القرن الماضي، فإن لندن أعطته بنطلونات واسعة ومريحة بأطوال متباينة. وهو أسلوب يتباين بين الشبابي والكلاسيكي، إذ إنه عندما يأتي قصيرا فهو شبابي يضج بالراحة لكن لا يناسب الكل، وعندما يأتي طويلا فهو كلاسيكي يمكن التعامل معه حسب طريقة تنسيقه مع باقي القطع.
- أسلوب الطبقات المتعددة لا يزال منتعشا وجاريا به العمل، حيث ظهر في عدة عروض.
- أسلوب الـ«سبور» كان قويا ومستقويا بثقافة الهيب هوب وغيرها، لكنه خضع على يد المصممين إلى عملية تجميل جعلته يناسب عصره. المصممة أستريد أندرسون مثلا طعمته بأقمشة ناعمة مثل الدانتيل كما غزلت الصوف بألوان متوهجة منحته ديناميكية. فمصممو لندن أجمعوا على أنه بإمكان الرجل الناجح أن يتبنى الأسلوب الـ«سبور» من دون أن يتعارض مع نجاحه ومصداقيته.
* أسبوع لندن رجالي بأنامل نسائية
قد يكون الأسبوع موجهًا للرجل، لكن نسبة المصممات المشاركات فيه كانت لافتة، من من لو دالتون إلى فيفيان ويستوود مرورا بأستريد أندرسون وكايتي إيري ومارغريت هاول وغيرهن.
لو دالتون التي كانت وجهًا مألوفًا في الأسبوع منذ تخرجها قدمت عرضًا أكدت فيه نضجها وتطورها من خلال تشكيلة مستوحاة من الملابس العسكرية خففت الأقمشة التي تتفنن فيها المصممة من صرامتها، مثل الجينز المعالج والصوف المغلف بطبقة واقية من المطر وما شابه من التقنيات. المصممة أستريد أندرسون، في المقابل، قدمت تشكيلة تستوحي خطوطها وألوانها من عالم الرياضة ونوادي التسعينات الليلية، فيما أخذت المصممة كايتي إيري أيضًا عناصر من ثقافة الشارع صبت عليها جرعات قوية من الترف. من أهم الأحداث والعروض التي شهدها الأسبوع طبعا عودة فيفيان ويستوود إلى العاصمة البريطانية. وبدا واضحا يوم الاثنين الماضي أن السنين لم تنل من ملكة البانك شيئا ولا خففت من جموحها وجنوحها نحو التمرد والتحدي.
تزامن عرضها مع إضراب سائقي القطارات، ومع ذلك لم تمنع المعاناة ولا الصعوبات عشاقها عن الوجود في عين المكان قبل الوقت، خوفا أن تفوتهم هذه المناسبة التاريخية. فالسيدة ويستوود تعود إلى لندن بعد عدة عقود من العرض في كل من ميلانو وباريس. طبعا لا يمكن أن نتجاهل أنها شخصية عالمية مثيرة للجدل وتحب إحداث الجدل، وبالتالي فإن عروضها عادة بمثابة مسرحيات.
أول ما يلفت في مسرحيتها الأخيرة أنها لم تكن للرجل وحده بل لعبت فيها المرأة دورا مهما، حيث قدمت فيها المصممة مجموعة من الأزياء الرجالية والنسائية التفصيل القاسم المشترك بينهما. فإلى جانب فساتين السهرة المصنوعة من اللاميه حينا وأزياء النهار المصنوعة إما من الصوف أو التويد، كانت هناك الكثير من المعاطف والتايورات والبنطلونات المفصلة بأحجام مريحة تنسدل على الجسم بانسيابية. كانت هناك أيضًا لمسات من أسلوب البانك في قطع مصنوعة من صوف الموهير وأخرى مقطعة وممزقة في بعض أجزائها. لكن الأهم من كل هذا أنها كعادتها استعملت العرض لتسليط الضوء على قضية إنسانية أو بيئية لزيادة الوعي بها. كان واضحا من عنوان التشكيلة «إيكوتريسيتي» أنها تهتم بالبيئة، وهو ما أكدته الكلمات التي كُتبت على ورق وضعته على كراسي الضيوف وجاء فيها أن «ما يفيد كوكب الأرض يفيد الاقتصاد، وما يضر بالأرض يضر بالاقتصاد».
والطريف أن رسائلها، مثل تصاميمها، ليست مجنونة كما تبدو للوهلة الأولى أو مجرد عبارات حماسية لإحداث الصدمة، بل نابعة من شخصية بالفعل مسكونة بهذه القضايا، وسخرت نجاحها في بناء إمبراطورية تُقدر بمئات الملايين لخدمة هذه القضايا وإشباع ميولها الإنسانية والفنية على حد سواء. ربما هذا ما يحلم به أي مصمم شاب: تلك المرحلة التي يستطيع أن يقول فيها أي شيء وُيعبر عن نظرته الفنية من دون خوف من أي خسائر مادية، لأنه في هذه المرحلة يكون قد حقق المعادلة الصعبة مثلها، بين الفني والتجاري.
* تاريخ قصير... خبرات طويلة
* تجدر الإشارة إلى أن أسبوع لندن الرجالي ليس بقدم معرض «بيتي أومو» الفلورنسي ولا أسبوعي ميلانو والباريسي، إذ انطلق أول مرة في عام 2012 فقط، وكان يحمل حينها اسم «مجموعات لندن للرجال» (مينز كوليكشنز)، ويمتد ثلاثة أيام. في دورته العاشرة هذا العام تغير مكانه وكذلك اسمه إلى «أسبوع لندن لموضة الأزياء الرجالي » واستمر أربعة أيام شاركت فيه أسماء شابة وأخرى مخضرمة من «سافيل رو»، من دون أن ننسى عودة المتمردة فيفيان ويستوود التي كانت تعرض في ميلانو وباريس منذ عام 1982.



ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
TT

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)

ما الذي يمكن أن يجمع دوقة ساسكس، ميغان ماركل وكايلي جينر، صُغرى الأخوات كارداشيان؟ فالأولى ترتبط بالعائلة المالكة البريطانية بحكم زواجها من الأمير هاري، والثانية تنتمي إلى عائلة بَنَتْ شهرتها على تلفزيون الواقع. خبراء الموضة يجيبون بأن هناك فعلاً مجموعة من القواسم المُشتركة بينهما؛ فإلى جانب الجدل الذي تثيرانه لدى كل ظهور لإحداهما، بسبب ما تُمثلانه من ثقافة يرفضها بعض الناس ويدعمها بعضهم الآخر، فإن تأثيرهما على صناعة الموضة من الحقائق التي لا يختلف عليها اثنان. ما تلبسه ميغان يتصدر العناوين وصفحات المجلات البراقة وقد ينفد من المحلات، وما تنشره كايلي جينر على صفحاتها ينتشر انتشار النار في الهشيم، في دقائق، ويلهب رغبة متابعاتها في الشراء.

كايلي في فستان «فريز» من «غالفان» (خاص) وميغان في حفل بلوس أنجليس (أ.ب)

وهذا ما يجعل المصممين لا يمانعون ظهورهما بتصاميمهم، بغض النظر عما إذا اتفقوا مع الثقافة التي ترتبط بهما أم لا، على أساس أنه مهما وصلت نسبة الجدل والانتقادات؛ فهي نافعة تعود عليهم بالربح. أو، على أقل تقدير، تسلِّط الضوء عليهم.

في عام 2018، ظهرت كل منهما بفستان مستوحى من «التوكسيدو» باللون نفسه، ومن الماركة النيوزيلندية نفسها، ماغي مارلين. ظهرت به ماركل في زيارتها الرسمية لأستراليا ونيوزيلندا رفقة زوجها الأمير هاري، من دون أكمام، بعد أن طلبت من المصممة تعديله خصيصاً لها. كايلي، وبعد مدة قصيرة، ارتدته كما هو بأكمام، الأمر الذي يشي بأنها اشترته جاهزاً. في الحالتين، أسعدتا المصممة ماغي هيويت، التي تغنَّت بهما على صفحتها بالصورتين معبرة عن إعجابها بالشخصيتين؛ خصوصاً أن المبيعات زادت بشكل ملحوظ.

الجانب التجاري

لكن هناك أيضاً اختلافات بينهما؛ فكايلي تستفيد مادياً وترويجياً، لأنها تتلقى مبالغ طائلة لقاء منشور واحد، على العكس من ميغان التي لا تستطيع ذلك، لحد الآن على الأقل، لدواعي الحفاظ على صورة راقية تعكس لقبها كدوقة بريطانية، مع العلم بأن هذا اللقب لم يمنعها من دخول مضمار أعمال تجارية لم تحقق النجاح الذي تطمح إليه.

تغريدة واحدة من كايلي جينر تحقق ما لا يحققه عرض بكامله من ناحية تسليط الأضواء (رويترز)

في المقابل، فإن كايلي جينر، ورغم سنها الغضة، تجاوزت في فترة من الفترات حاجز المليار دولار لتُصبح واحدة من أصغر سيدات الأعمال بفضل علامتها «كاي (KHY)» لمستحضرات التجميل والعناية بالبشرة. أكدت، منذ بدايتها، أن الحس التجاري يجري في دمها؛ إذ شقت لنفسها خطأً مختلفاً عن أخواتها، ربما لأنها كانت تعرف أن منافستهن صعبة. ما نجحت فيه أنها استغلَّت اسم العائلة وشهرة أخواتها لتخاطب بنات جيلها بلغة تُدغدغ أحلامهن وطموحاتهن. وسرعان ما أصبحت نجمة قائمة بذاتها على وسائل التواصل الاجتماعي. تغريدة واحدة منها يمكن أن تغير مسار علامة تماماً.

زِيّ من ماركة «ألتوزارا» الأميركية ظهرت بها خلال مناسبة خاصة بالصحة النفسية والعقل اعتبره كثيرون غير مناسب للمكان والزمان (رويترز)

ميغان ماركل، رغم استثماراتها ومغازلتها صُنَّاع الموضة، لا تزال تستمد بريق صورتها من ارتباطها بالأمير هاري. على المستوى الربحي، لم تنجح في أن تنتقل من رتبة مؤثرة إلى درجة سيدة أعمال، كما لم تنجح في كسب كل القلوب، وهذا ما يجعل شريحة مهمة ترفض وصفها بأيقونة موضة، وتصف اختياراتها بـ«غير الموفقة». هذه الشريحة تستشهد إما بارتدائها تصاميم بمقاسات أكبر أو أصغر من مقاسها الحقيقي، أو تصاميم من ماركات عالمية لا تناسب شكلها أو طولها، وهلمّ جرّا.

ميغان ماركل رغم تأثيرها تثير كثيراً من الجدل بين رافض ومعجب (كارولينا هيريرا)

بيد أن قوتها، بالنسبة للمعجبات بها، كانت، ولا تزال، تكمن في عيوبها؛ فلأنها لا تتمتع بمقاييس عارضات الأزياء، ولا تشبه «كنَّتها»، أميرة ويلز، كاثرين، رشاقةً وطولاً، فإنها تُعبِّر عنهن. كل فتاة أو امرأة، بغض النظر عن عيوبها ومقاييسها، ترى نفسها في إطلالاتها. فعندما ظهرت بصندل من شركة «كاستنر» الإسبانية مثلاً ارتفعت مبيعاتها بنسبة 44 في المائة مباشرة، لأنها خاطبت شرائح من الطبقات المتوسطة، نظراً لأسعارها المعقولة. علامات محلية كثيرة لم تكن معروفة اكتسبت عالمية بمجرد أن ظهرت بها، لا سيما في السنوات الأولى من زواجها، حين كانت بالنسبة للبعض بمثابة «سندريلا» معاصرة. ساهمت أيضاً في تسليط الضوء على علامة «Club Monaco»، بعد ظهورها بفستان مستوحى من القميص، أي بإزار من الصدر إلى الأسفل، حين ظهرت به أول مرة خلال زيارتها الرسمية لجنوب أفريقيا.

لم يكن التصميم ثورياً أو جديداً، لكنه فتح عيون المرأة عليه، ليزيد الإقبال عليه بنسبة 45 في المائة وينفذ من الأسواق خلال 24 ساعة. كان لها نفس التأثير الإيجابي على علامات مثل «جي كرو» و«جيفنشي» و«ستيلا ماكارتني» وغيرهم. منصة «ليست»، وهي أيضاً شركة تسوُّق أزياء عالمية تربط العملاء بتجار تجزئة الأزياء رشحتها «كأهم مؤثرة لعام 2018». بيد أن تأثيرها ظلَّ مستمراً حتى بعد خروجها من المؤسسة البريطانية في عام 2020، وإن خفَّ وهج صورتها بعض الشيء.

البحث عن الجاكيت الذي ظهرت به ميغان في ألمانيا لدى حضورها ألعاب «إنفيكتوس» عطل موقع «جي كرو» (رويترز)

موقع «جي كرو» مثلاً تعطَّل في سبتمبر (أيلول) 2023، بسبب البحث عن سترة بيضاء ظهرت بها لدى مرافقتها زوجها، الأمير هاري، إلى ألمانيا، لحضور ألعاب «إنفيكتوس».

ولأنها باتت تَعرِف قوة تأثيرها على الموضة، استثمرت مؤخراً في علامة «سيستا كوليكتيف»، وهي علامة حقائب تصنعها نساء من رواندا، وتكتمل تفاصيلها في إيطاليا، لتحمل صفة «صُنع باليد». قالت إنها اكتشفتها بالصدفة وهي تقوم بعملية بحث عبر الإنترنت على حقائب مستدامة. ظهرت بالحقيبة أول مرة في مايو (أيار) من عام 2023 لدى حضورها حفل عشاء مع كل من غوينيث بالترو وكاميرون دياز في لوس أنجليس.

عروض الأزياء العالمية

ومع ذلك، لم نرَ ميغان ماركل بأي عرض أزياء في نيويورك أو في باريس أو ميلانو حتى الآن، باستثناء حضورها في عام 2018 حفل توزيع جوائز الموضة البريطانية ضيفةَ شرفٍ لتقديم جائزة العام لمصممة فستان زفافها، كلير وايت كيلر، التي كانت مصممة «جيفنشي» آنذاك. لكن كان هذا حفلاً وليس عرض أزياء.

اختتمت عرض «كوبرني» كسندريلا في فستان من التافتا أسود (رويترز)

كايلي جينر، ورغم رفض الثقافة التي تمثلها هي وأخواتها من قبل شريحة مهمة، أصبحت في السنوات الأخيرة وجهاً مألوفاً في عروض باريس. تُستقبل فيها استقبال نجمات الصف الأول. في الموسم الماضي، وخلال «أسبوع باريس لربيع وصيف 2025»، سجَّلَت في 3 ظهورات لها فقط ما يوازي ما قيمته أكثر من 20.3 مليون دولار، حسب بيانات «إنستغرام» وحده، إذا أخذنا أن «لايك» واحداً يساوي دولاراً.

لهذا ليس غريباً أن يتهافت عليها المصممون. نعم، هي مثيرة للجدل وأسلوبها لا يروق لكل الزبونات، لكنها في آخر المطاف توفر المطلوب من ناحية تسليط الضوء عليهم. ففي عالم الموضة والتجارة «أي دعاية حتى وإن كانت سلبية هي دعاية مجدية وأفضل من لا شيء». لم يقتصر حضورها في الموسم الباريسي ضيفةً فحسب، بل عارضة في عرض «كوبرني» المستلهم من عالم «ديزني». كانت هي مَن اختتمته في فستان من التافتا بإيحاءات قوطية تستحضر صورة «سندريلا».

تأثير إيجابي

3 مقاطع فقط من فيديو العرض، ولقطات من خلف الكواليس حققت 14.4 مليون مشاهدة؛ ما جعل علامة «كوبرني» تحقق 66 في المائة من إجمالي قيمة التأثير الإعلامي. كانت مشاركتها مخاطرة، لكنها أعطت ثماراً جيدة حسب تصريح الدار. تجدر الإشارة إلى أن «كوبرني» لمست تأثيرها القوي في عام 2022، عندما ظهرت في دعاية لمستحضرات التجميل الخاصة بها، وهي تحمل حقيبة من «كوبرني». ما إن نُشرت الصور، حتى زادت مبيعات الحقيبة بشكل كبير. في عرض الدار لخريف وشتاء 2023. لم تتمكن كايلي من الحضور إلى باريس، لكنها لم تغب؛ إذ نشرت صورة لها في زي من التشكيلة المعروضة، شاهدها الملايين من متابعيها، وحقَّقت ما لم يحققه العرض بالكامل من ناحية المشاهدات و«اللايكات».

كايلي جينر لدى حضورها عرض «سكاباريلي» بباريس (سكاباريلي)

وإذا كان الشك لا يزال يراود البعض على مدى تأثيرها على أساس أن علامة «كوبرني» لها شعبيتها الخاصة التي تستمدها من قدرة مصمميها على الإبداع وخلق الإثارة المسرحية أمام الضيوف، فإن تأثيرها الإيجابي على علامة «أتلين» الفرنسية الناشئة تُفند هذه الشكوك. وجودها في عرضها لربيع وصيف 2025 كان له مفعول السحر؛ حيث حققت لها ما يوازي 11.6 مليون دولار من المشاهدات واللايكات. طبعاً لا ننسى حضورها عرض «سكاباريلي» بتصميمٍ أثار انتباه العالم لغرابته وسرياليته.

رغم محاولاتها أن تُصبح أيقونة موضة لا تزال ميغان تستمد بريقها وقوة تأثيرها من ارتباطها بالأمير هاري (أ.ف.ب)

«كايلي» لا تقوم بأي حركة أو فعل من دون مقابل. حتى عندما تختار علامات ناشئة للتعاون مع علامتها الخاصة «كاي (Khy)»؛ فهي تؤمن بأنه لا شيء بالمجان. وهذا تحديداً ما يجعلها تتفوق على ميغان ماركل من ناحية التأثير التجاري حسب الأرقام والخوارزميات. الفضل يعود أيضاً إلى نجاحها في استقطاب شريحة مهمة من بنات جيلها تخاطبهن بلغة تُدغدغ أحلامهن. ماركل في المقابل لم تنجح لحد الآن في الخروج من جلباب لقبها كدوقة ساسكس.