التفجيرات الانتحارية تطال أشهر مقهى للفنانين والإعلاميين في بغداد

«إرخيته» كان مقرا لمنظمي مظاهرات 2011 و2012 المطالبة بالإصلاح

عراقي يمر أمس أمام مقهى «إرخيته» في منطقة الكرادة ببغداد والذي استهدفه تفجير انتحاري مساء أول من أمس (رويترز)
عراقي يمر أمس أمام مقهى «إرخيته» في منطقة الكرادة ببغداد والذي استهدفه تفجير انتحاري مساء أول من أمس (رويترز)
TT

التفجيرات الانتحارية تطال أشهر مقهى للفنانين والإعلاميين في بغداد

عراقي يمر أمس أمام مقهى «إرخيته» في منطقة الكرادة ببغداد والذي استهدفه تفجير انتحاري مساء أول من أمس (رويترز)
عراقي يمر أمس أمام مقهى «إرخيته» في منطقة الكرادة ببغداد والذي استهدفه تفجير انتحاري مساء أول من أمس (رويترز)

طالت التفجيرات الانتحارية التي تصاعدت وتيرتها في الأيام الأخيرة أشهر مقهى في حي الكرادة شرق بغداد، يؤمه الفنانون والإعلاميون والرياضيون. وطبقا لما أعلنه مصدر في وزارة الداخلية العراقية فإن حصيلة التفجير الانتحاري الذي استهدف مقهى «إرخيته» مساء أول من أمس بلغت ستة قتلى و18 جريحا.
وفي هذا السياق، قال الإعلامي والشاعر حميد قاسم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه نجا من حادث التفجير بالمصادفة البحتة، مضيفا «كنت متوجها إلى المقهى كجزء من طقس شبه يومي إما بعد يوم عمل طويل أو استراحة بين وجبتي عمل، غير أن صديقا لي اتصل بي هاتفيا يطلب مني أن آتي إليه إلى منطقة أبي نواس القريبة من المقهى»، مشيرا إلى أنه حال وصوله «إلى المكان المتفق عليه سمعنا دوي انفجار ضخم لم نكن نتوقع أنه في المقهى نفسه الذي كان ينبغي أن نكون جزءا من رواده». ويضيف حميد «عندما عرفنا الحقيقة توجهنا إليه بعد نحو ساعة لأن القوات الأمنية كانت قد أغلقت المنطقة وتعرفنا على حقيقة ما جرى».
وأوضح قاسم أنه «من بين الإعلاميين والفنانين الذين أصيبوا بجروح في الحادث أحمد هاتف وباسل شبيب، بينما ذهب ضحية التفجير شقيق صاحب المقهى بالإضافة إلى مواطنين». وطبقا لرواية قاسم فإن «بعض الفنانين والأدباء، من بينهم المخرج المعروف كاظم النصار والروائي أحمد السعداوي (مؤلف رواية فرانكشتاين في بغداد المرشحة للفوز ضمن جائزة بوكر العربية)، كانوا قد خرجوا قبل نحو نصف ساعة من التفجير». وكشف قاسم عن أن «هذا المقهى كان يشهد التحضيرات الخاصة بالمظاهرات التي وقعت في العراق خلال عامي 2011 و2012 ضد الحكومة، ودعت إلى الإصلاح والتغيير»، مشيرا إلى أنه «من بين أشهر من كان يجلس في هذا المقهى ويخطط للمظاهرات الفنان هادي المهدي الذي قتل من قبل جهة غامضة عام 2012 قبل إحدى المظاهرات المهمة بيومين».
وأثار تفجير «إرخيته» موجة من الرعب داخل منطقة الكرادة وفي الأوساط الفنية والإعلامية والرياضية في العراق. وتعد منطقة الكرادة، وهي إحدى أشهر مناطق بغداد التجارية، من الأحياء الأكثر تعرضا للتفجيرات في بغداد. وفي هذا السياق، يرى حسن العلوي، النائب في البرلمان العراقي وأحد سكان الكرادة القدماء، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «استهداف الكرادة باستمرار يأتي في سياق تخريب ذاكرة بغداد الأصلية، إذ إن هذه المنطقة هي واحدة من أكثر المناطق أصالة في بغداد وأقدمها، حيث تعايش على مدى عقود العراقيون من كل المذاهب والأديان والقوميات». وأضاف العلوي أن «الكرادة تستهدف لأن هناك تقصيرا حكوميا واضحا في المحافظة على الدم العراقي وعلى الأحياء والمناطق ذات الأصالة والتاريخ المفعم بروح بغداد وإرثها الحقيقي وليس المستورد أو الذي حاول الأغراب أن يستولوا عليه كجزء من حملة استهدافهم ماضي بغداد الأصيل والعريق مثلما استهدفوا كل شيء».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.