وثيقة رسمية تكشف خلافات بارزة في صفوف قيادات الانقلاب في اليمن

أعضاء التمرد يتلاومون بسبب ترقيات عسكرية تفوح منها روائح فساد

نسخة من الخطاب الموجه من وزير داخلية الانقلاب إلى رئيس اللجنة الثورية العليا بخصوص الترقيات المشبوهة
نسخة من الخطاب الموجه من وزير داخلية الانقلاب إلى رئيس اللجنة الثورية العليا بخصوص الترقيات المشبوهة
TT

وثيقة رسمية تكشف خلافات بارزة في صفوف قيادات الانقلاب في اليمن

نسخة من الخطاب الموجه من وزير داخلية الانقلاب إلى رئيس اللجنة الثورية العليا بخصوص الترقيات المشبوهة
نسخة من الخطاب الموجه من وزير داخلية الانقلاب إلى رئيس اللجنة الثورية العليا بخصوص الترقيات المشبوهة

كشفت وثيقة رسمية صادرة عن مكتب وزير داخلية الانقلاب في اليمن، عن وجود خلافات بارزة بين أعضاء في القيادة العليا للتمرد الحوثي التي تورطت في تعاملات مشبوهة وفساد واضح أدى إلى ترقية 146 عسكريا من أتباع التمرد دون سند قانوني، خاصة أن من بين الحاصلين على الترقية جنودا انتقلوا بين عشية وضحاها إلى مراتب العمداء، وهو ما جعل أعضاء في التمرد الحوثي يتلاومون على هذا الإجراء الذي تفوح منه روائح الفساد.
وبحسب الوثيقة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، تلقى محمد علي الحوثي الذي يشغل منصب رئيس اللجنة الثورية العليا خطابا رسميا صادرا عن وزارة داخلية الانقلاب مفاده أن الترقيات التي تم إقرارها لـ146 عسكريا، لم يتم تنفيذها بطريقة احترافية تضمن عدم الطعن فيها أمام الرأي العام والعارفين بالشؤون العسكرية.
وأفصحت الوثيقة عن أنه «من خلال مراجعة الكشف من قبل المختصين بقطاع الموارد، وردت عدة ملاحظات على البيانات ويجب تصحيحها»، موضحة أن من أهم هذه الملاحظات «خلو كشف المطلوب ترقيتهم من رتبة ملازم ثان، وعدم التقيد بتعبئة الاستمارات الخاصة بفئة الضباط والتي تشمل كافة البيانات والمعلومات الشخصية وخاصة العمر وتحديد تاريخ الميلاد وغيرها».
وركزت الوثيقة على «ضرورة خضوع كافة أعضاء اللجان الثورية المطلوب ترقيتهم إلى معيار العمر بما يتناسب والرتبة التي سيحصلون عليها»، مبينة أنه لا يمكن للعسكري الحصول على رتبة أعلى من رتبة ملازم ثان وهو لم يتجاوز الثلاثين من العمر، كما لا يحصل على رتبة مقدم من لم يبلغ 35 عاما، فيما لا يمكن بلوغ رتبة عميد لمن هو دون سن الـ40 عاما.
في هذه الأثناء، أوضح اللواء ناصر لخشع نائب وزير الداخلية اليمني لـ«الشرق الأوسط» أن مجلس الوزراء اليمني لن يعترف بأي ترقيات لمن يقاتلون في صفوف التمرد على الشرعية، مشددا على أن المجلس ناقش قائمة المرتبات في القطاع المدني وأقر صرفها حسب قائمة 2014، أما العاملون في القطاع العسكري تحت إمرة التمرد، الذين ارتضوا الانضمام إلى صفوف الانقلاب، فإن عليهم تحمل تبعات الخطوات التي ارتضوها لأنفسهم.
وشدد على أن «ما يحدث من ترقيات وتعيينات لم ولن تعترف بها الحكومة الشرعية، وأن كل ما يقومون به هو نوع من التفخيخ للمستقبل، والحكومة الشرعية على وعي تام بما يقومون به وغير معترفة إلا بقوائم الذين كانوا يعملون حتى عام 2014».
واتفق الخبير الاقتصادي الدكتور محمد حلبوب مع اللواء لخشع، ومع رأي الحكومة، وقال إن القرارات الصادرة من الحوثي ليست سوى نوع من تفخيخ المستقبل، مشددا على ضرورة فهم الأمم المتحدة والوسطاء لما يقوم به التمرد منذ استيلائه على الحكم، فهم ينظرون إلى التسوية السياسية على أنها إبقاء الأمور على حالها بمعنى أن كل من تمت ترقيته وتعيينه سيتم استيعابه في تلك المرحلة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن قائمة أسماء الأشخاص الذين تمت ترقيتهم وتعيينهم تؤكد أن فساد المجموعة الانقلابية بدأ يظهر بجلاء متجاوزا كل أنواع الفساد السابق، فالعدد الكلي للمرفعين وصل إلى 146، من بينهم من تمت ترقيته من جندي إلى لواء ومن مدني إلى عميد.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.